بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
اللهم لك الحمد خيراً ما نقول، ومثل ما نقول، وفوق ما نقول، لك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالإسلام، عزَّ جاهك، وجلَّ ثناؤك، وتقدَّست أسماؤك، والصلاة والسلام على معلم الخير، وهادي البشرية، ومزعزع كيان الوثنية صلى الله عليه وعلى
آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ، وبعد ...
أخواتي
السَّلام عليكُم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى "الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ" العنكبوت:1-3
آية تقشعرُ لها الأبدان وترتعد منها القلوب وتزيغ منها الأيصار
ولكِن أىُّ أبدان وأىُّ قلوب وأىُّ أبصار؟!
المؤمنين الصَّادقين المتَّقين الَّذين يخشوْن ربَّهم العارفين بالأمر وخطورته فلا يأمنون الفتنة على أنفسهم ولا يهابون الفتنة إلا أن تكون في دينهم فيخسرون الدُّنيا والآخرة وذلك هوالخسران المبين..
فمن منَّا يأمن ألا يخذله إيمانه ساعة أن يضل !
ـ عن أم سلمة رضىّ الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر في دعائه أن يقول : اللهم مقلب القلوب , ثبت قلبي على دينك قالت : قلت : يا رسول الله , أو إن القلوب لتتقلب ؟ قال : نعم , ما من خلق الله من بني آدم من بشر إلا أن قلبه بين إصبعين من أصابع الله , فإن شاء الله عز وجل أقامه , وإن شاء الله أزاغه" اسناده صحيح " عمدة التفسير "
وعن أنس بن مالِك رضىّ الله عنه قال : كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يكثر أن يقول : يا مقلب القلوب ! ثبت قلبي على دينك ، فقلت : يا نبي الله ! آمنا بك وبما جئت به ، فهل تخاف علينا ؟ ! ! قال : نعم ، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله ، يقلبها كيف يشاء " حسَّنَه الألباني على شرط مسلِم
يالله ... هذا حديث في غاية الخطورة،
والله لو أننا نحمل بين طيات جوارحنا إيماناً يلاصق قلوبنا مباشرةً وحقيقةً ،
وقرأنا هذا الحديث أو استمعنا إليه ؛
لتمزقت القلوب، وارتعدت الجوارح والأفئدة ،
فالذي يدعو بذلك هو رسول الله،
فماذا أقول أنا ؟! وماذا تقول أنت ؟!
الحبيب رسول الله يقول: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) ،
وهو المصطفى والمجتبى والمختار،
وه والذي كرمه الله جل وعلا على جميع المخلوقات، بل وعلى جميع الأنبياء والمرسلين،
وهو الذي ربَّاه الله على عينه،
وهو الذي قال له ربه: "مَاوَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " [الضحى:3]،
وهو الذي قالله ربه: " فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا" [الطور48]،
وهوالذي قال له ربه: " وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ" [المائدة:67]،
ومع هذا: (يا مقلب القلوب! ثبت قلبي على دينك)
ووالله إنَّه لإبتلاااااءٌعظيم
وقد يكون هذا الإبتلاء في الحياة الدنيا
بفتنة المال أو فتنة النساء أو فتنة الأبناء أو فتنة المنصب أو الجاه وقد يكون الإبتلاء بالتباس الحق بالباطل فلا يستطيع ضعيف الإيمان أن يُفرِّق بينهما فيقع في الباطل ويذل
، يقول حذيفة رضى الله عنه في حديث صحيح يرويه عن الرسول صلى الله عليه وسلم" تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عودا عودا ، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء ، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء ، حتى يصير القلب أبيض مثل الصفا ، لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض ، والآخر أسود مربدا كالكوز مجخيا ، لا يعرف معروفا ، ولا ينكر منكرا ، إلا ما أشرب من هواه "
صحيح الجامع
، أو قد يكون الافتتان ساعة الإحتضار..
ففي الحديث عن عبد الله ابن مسعود رضىَ الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنَّه قال " إنَّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنَّة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النَّار فيدخلها و إنَّ أحدكم ليعمل بعمل أهل النَّار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنَّة فيدخلها"
متفق عليه مشكاة المصابيح
هل تيقَّنتِ الآن يا أمة الله كم أنتِ مفتقرة إلى تثبيت الله لَكِ !..
في كل لحظة من حياتك ومع كل نفسٍ من أنفاسك ؟
فالسَّالك لطريق الله بحاجة إلى تثبيت ،
ومن هداه الله بحاجة إلى تثبيت
قال تعالى" الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُم" محَّمد:17
والفتن شهوات وشبهات
قال الشيخ السعدي رحمه الله في كتابه تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان:فتنة الشبهات المعارضة للعقيدة، والشهوات المعارضة للإرادة .
وما السبـبيل إلى النَّجاة إذن ؟؟؟
لابد وأن ندرك أولاً أن هذا الدين صعب المراس، وإنه لا يؤتى لكل أحد إلا بابتلاء، وإن من أسرار خلوده أن يستقر مع المبتلين في الأرض؛ فيظهر الله صدقهم ونصحهم ووضوحهم ويعلم الله ثباتهم ويُفرِّق بينهم وبين عبَّاد الدنيا والشهوات الزائلة الزائفة
قال تعالى " تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚالملك:1-2
والشاهد قوله سبحانه وتعالى : ليبلوكم أي ليمتحنكم وليمحصَّكم
نعم لنعلَم أنَّه لابد من الإبتلاء والتمحيص وهذا تطمين للمؤمنين كي يوطِِّّّنوا أنفسهم على الصبر..
يقول الدكتور عائض القرني أنَّه من ثمار الإبتلاء أن الله عز وجل جعل الابتلاء سنة؛ ليعلم الصادق من الكاذب، وليعلم المؤمن من المنافق، ولو كان الأمر للرخاء والسهولة واليسر؛ لادَّعى كل مدعٍَّ أنه صادق، ولكن ليظهر الله الصادقين
وقال سبحانه:" وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبَارَكُمْ"
[محمد:31].
فلا نجاة من الفتن إلا بالتزام الطريق واتباع الحبيب صلى الله عليه وسلَّم بإمتثال الأمر واجتناب النهى والوقوف عند الحد ولن يكون ذلِك إلا بسلامة العقيدة وصلاح القلب وصدق الإيمان بالله والإخلاص الجاد الَّذي لا تشوبه شائبة والإستعداد لِتحمُّل المشَاق في سبيل ذلك ، والتضحية بالغالي والنفيس من أجل هذه العقيدة التي تحملها بين جنبَيك ولو كان الثمن رُوحك التي هي أغلى لديك منكل شيء..
وما الثمـــن ؟
الثمن الجنَّة والجنة غالية ولا ينالها إلا من يستحقها
قال تعالى " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ "
[العنكبوت:69]
فأصحاب الجنَّة هُم الصادقين المتَّقين الَّذين جاهدوا الفتن وحاربوها
قال تعالى " هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " [المائدة:119]
هذا جزاء الصادقين.
والصدق يكون في القلب، ويكون في اللسان، ويكون في العمل،
فالصادق المؤمن صادق في قلبه.. في محبته لله، وإخلاصه له، وخوفه، ورجائه، وشوقه إليه، والحذر من محارمه.
وصادق في اللسان في ذكره لله، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، ودعائه وسائر أذكاره.
وصادق في الأعمال، في صلاته وصومه وزكاته وحجه وجهاده
فماذا أعدت يا أمة الله لهذا الإمتحان الذي هو آتٍ لامحالة ؟
هل أعدت له إيماناً راسخاً كرسوخ الجبال ؟
أم أعدت له يقيناً صادقاً صلباً كالحديد لا يلين؟
أم هل أعدت لذلك الإمتحان قلباً عامراً بذكر الله مشرقاً بنورالقرآن ؟
ولساناً تالياً لآيات الله آناء الليل وأطراف النهار؟
أم قد استعديَت له بصيام الهواجر وقيام الليل ؟
أم بالصدقة والسعي على الفقراء والأرامل والأيتام والمحتاجين ؟
إذا كان هذا شأنك فهنيئاً لك بالنجاح والفوز بالجنة،
وإن لم يكن عندك شيء من ذلك فتداركي نفسك فإنَّك على خطرعظيم .
أخواتي
من ظنَّ أنه كبير على الفتنة فهو مفتون ولا حول ولا قوة الا بالله ..
فكم من مرة خَانتُك نفسك فأقدمت على فعل ظنَّا منك أنَّه الحق وأنَّه واجبِك..
أو ربما استخرتِ الله فيه إلا أنّك إذا ما أتيتيه أصابك همُ وغمُ وضاقت عليكِ الدُّنيا بما رحبت ..
هنا أخواتي
فلنعلم أنَّه الذنب وأنّهَا الفتنة إذا ما أصابتك فالتبس عندكِ الحقّ بالباطل ، فلابد من وقفة صدق وتجديد نيّة وإخلاص بتوجيه القصد لله عزّوجلّ ...
اللّهم لا تجعـل مصيبـتَـنا في ديـننا، ولا تجعـل الدنيا أكبرَ هـمِنا،
ولا مبلغَ علمِنا ، ولا اٍلى النار مصيرنا ، واجعـل الجنة هي دارنا ،
ولا تُسلط عـلينا بذنوبـِنا من لا يخافـُـك فينا ولا يرحمـنا،
اللـهم أصلح لنا ديـنـَنا الذي هـو عـصمةُ أمرِنا،
وأصلح لنا دنيانا التي فـيها معـاشُنا، وأصلح لنا آخرتـَنا التي اٍليها معـادنـا،
واجعـل الحياة زيادةً لنا في كل خير واجعـل الموتَ راحةً لنا من كل ِشر.
الـلهم إنَّا نسألـُـك فعـلَ الخيرات، وتركَ المنكرات ، وحبَ المساكين ،
وأن تغـفـر لنا وترحمنا وتتوب علينا، واٍذا أردتَّ بقـومٍ فـتنةً فـتوَفَّـنا غـير
مفـتونين ، ونسألك حبَـك ، وحبَ مَن يُحـبـُـك،
وحب عـملٍ يقـربنا اٍلى حـبـِك ، يا رب العــالمـين..
اللّهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياةالدنيا وفي الآخرة ،
وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ،وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ،
و لاتجعله ملتبساً علينا فنضل إنَّك ولي ذلك والقادرعليه.
اللَّهُمَّ آمين ... آمين ... آمين .
صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
والسلام عليكُمـ ورحمة الله وبركاته
بقلم وإعداد أختكم في الله / شمس العفاف
مصادر متعددة
اللهم لك الحمد خيراً ما نقول، ومثل ما نقول، وفوق ما نقول، لك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالإسلام، عزَّ جاهك، وجلَّ ثناؤك، وتقدَّست أسماؤك، والصلاة والسلام على معلم الخير، وهادي البشرية، ومزعزع كيان الوثنية صلى الله عليه وعلى
آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ، وبعد ...
أخواتي
السَّلام عليكُم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى "الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ" العنكبوت:1-3
آية تقشعرُ لها الأبدان وترتعد منها القلوب وتزيغ منها الأيصار
ولكِن أىُّ أبدان وأىُّ قلوب وأىُّ أبصار؟!
المؤمنين الصَّادقين المتَّقين الَّذين يخشوْن ربَّهم العارفين بالأمر وخطورته فلا يأمنون الفتنة على أنفسهم ولا يهابون الفتنة إلا أن تكون في دينهم فيخسرون الدُّنيا والآخرة وذلك هوالخسران المبين..
فمن منَّا يأمن ألا يخذله إيمانه ساعة أن يضل !
ـ عن أم سلمة رضىّ الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر في دعائه أن يقول : اللهم مقلب القلوب , ثبت قلبي على دينك قالت : قلت : يا رسول الله , أو إن القلوب لتتقلب ؟ قال : نعم , ما من خلق الله من بني آدم من بشر إلا أن قلبه بين إصبعين من أصابع الله , فإن شاء الله عز وجل أقامه , وإن شاء الله أزاغه" اسناده صحيح " عمدة التفسير "
وعن أنس بن مالِك رضىّ الله عنه قال : كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يكثر أن يقول : يا مقلب القلوب ! ثبت قلبي على دينك ، فقلت : يا نبي الله ! آمنا بك وبما جئت به ، فهل تخاف علينا ؟ ! ! قال : نعم ، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله ، يقلبها كيف يشاء " حسَّنَه الألباني على شرط مسلِم
يالله ... هذا حديث في غاية الخطورة،
والله لو أننا نحمل بين طيات جوارحنا إيماناً يلاصق قلوبنا مباشرةً وحقيقةً ،
وقرأنا هذا الحديث أو استمعنا إليه ؛
لتمزقت القلوب، وارتعدت الجوارح والأفئدة ،
فالذي يدعو بذلك هو رسول الله،
فماذا أقول أنا ؟! وماذا تقول أنت ؟!
الحبيب رسول الله يقول: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) ،
وهو المصطفى والمجتبى والمختار،
وه والذي كرمه الله جل وعلا على جميع المخلوقات، بل وعلى جميع الأنبياء والمرسلين،
وهو الذي ربَّاه الله على عينه،
وهو الذي قال له ربه: "مَاوَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " [الضحى:3]،
وهو الذي قالله ربه: " فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا" [الطور48]،
وهوالذي قال له ربه: " وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ" [المائدة:67]،
ومع هذا: (يا مقلب القلوب! ثبت قلبي على دينك)
ووالله إنَّه لإبتلاااااءٌعظيم
وقد يكون هذا الإبتلاء في الحياة الدنيا
بفتنة المال أو فتنة النساء أو فتنة الأبناء أو فتنة المنصب أو الجاه وقد يكون الإبتلاء بالتباس الحق بالباطل فلا يستطيع ضعيف الإيمان أن يُفرِّق بينهما فيقع في الباطل ويذل
، يقول حذيفة رضى الله عنه في حديث صحيح يرويه عن الرسول صلى الله عليه وسلم" تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عودا عودا ، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء ، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء ، حتى يصير القلب أبيض مثل الصفا ، لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض ، والآخر أسود مربدا كالكوز مجخيا ، لا يعرف معروفا ، ولا ينكر منكرا ، إلا ما أشرب من هواه "
صحيح الجامع
، أو قد يكون الافتتان ساعة الإحتضار..
ففي الحديث عن عبد الله ابن مسعود رضىَ الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنَّه قال " إنَّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنَّة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النَّار فيدخلها و إنَّ أحدكم ليعمل بعمل أهل النَّار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنَّة فيدخلها"
متفق عليه مشكاة المصابيح
هل تيقَّنتِ الآن يا أمة الله كم أنتِ مفتقرة إلى تثبيت الله لَكِ !..
في كل لحظة من حياتك ومع كل نفسٍ من أنفاسك ؟
فالسَّالك لطريق الله بحاجة إلى تثبيت ،
ومن هداه الله بحاجة إلى تثبيت
قال تعالى" الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُم" محَّمد:17
والفتن شهوات وشبهات
قال الشيخ السعدي رحمه الله في كتابه تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان:فتنة الشبهات المعارضة للعقيدة، والشهوات المعارضة للإرادة .
وما السبـبيل إلى النَّجاة إذن ؟؟؟
لابد وأن ندرك أولاً أن هذا الدين صعب المراس، وإنه لا يؤتى لكل أحد إلا بابتلاء، وإن من أسرار خلوده أن يستقر مع المبتلين في الأرض؛ فيظهر الله صدقهم ونصحهم ووضوحهم ويعلم الله ثباتهم ويُفرِّق بينهم وبين عبَّاد الدنيا والشهوات الزائلة الزائفة
قال تعالى " تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚالملك:1-2
والشاهد قوله سبحانه وتعالى : ليبلوكم أي ليمتحنكم وليمحصَّكم
نعم لنعلَم أنَّه لابد من الإبتلاء والتمحيص وهذا تطمين للمؤمنين كي يوطِِّّّنوا أنفسهم على الصبر..
يقول الدكتور عائض القرني أنَّه من ثمار الإبتلاء أن الله عز وجل جعل الابتلاء سنة؛ ليعلم الصادق من الكاذب، وليعلم المؤمن من المنافق، ولو كان الأمر للرخاء والسهولة واليسر؛ لادَّعى كل مدعٍَّ أنه صادق، ولكن ليظهر الله الصادقين
وقال سبحانه:" وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبَارَكُمْ"
[محمد:31].
فلا نجاة من الفتن إلا بالتزام الطريق واتباع الحبيب صلى الله عليه وسلَّم بإمتثال الأمر واجتناب النهى والوقوف عند الحد ولن يكون ذلِك إلا بسلامة العقيدة وصلاح القلب وصدق الإيمان بالله والإخلاص الجاد الَّذي لا تشوبه شائبة والإستعداد لِتحمُّل المشَاق في سبيل ذلك ، والتضحية بالغالي والنفيس من أجل هذه العقيدة التي تحملها بين جنبَيك ولو كان الثمن رُوحك التي هي أغلى لديك منكل شيء..
وما الثمـــن ؟
الثمن الجنَّة والجنة غالية ولا ينالها إلا من يستحقها
قال تعالى " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ "
[العنكبوت:69]
فأصحاب الجنَّة هُم الصادقين المتَّقين الَّذين جاهدوا الفتن وحاربوها
قال تعالى " هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " [المائدة:119]
هذا جزاء الصادقين.
والصدق يكون في القلب، ويكون في اللسان، ويكون في العمل،
فالصادق المؤمن صادق في قلبه.. في محبته لله، وإخلاصه له، وخوفه، ورجائه، وشوقه إليه، والحذر من محارمه.
وصادق في اللسان في ذكره لله، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، ودعائه وسائر أذكاره.
وصادق في الأعمال، في صلاته وصومه وزكاته وحجه وجهاده
فماذا أعدت يا أمة الله لهذا الإمتحان الذي هو آتٍ لامحالة ؟
هل أعدت له إيماناً راسخاً كرسوخ الجبال ؟
أم أعدت له يقيناً صادقاً صلباً كالحديد لا يلين؟
أم هل أعدت لذلك الإمتحان قلباً عامراً بذكر الله مشرقاً بنورالقرآن ؟
ولساناً تالياً لآيات الله آناء الليل وأطراف النهار؟
أم قد استعديَت له بصيام الهواجر وقيام الليل ؟
أم بالصدقة والسعي على الفقراء والأرامل والأيتام والمحتاجين ؟
إذا كان هذا شأنك فهنيئاً لك بالنجاح والفوز بالجنة،
وإن لم يكن عندك شيء من ذلك فتداركي نفسك فإنَّك على خطرعظيم .
أخواتي
من ظنَّ أنه كبير على الفتنة فهو مفتون ولا حول ولا قوة الا بالله ..
فكم من مرة خَانتُك نفسك فأقدمت على فعل ظنَّا منك أنَّه الحق وأنَّه واجبِك..
أو ربما استخرتِ الله فيه إلا أنّك إذا ما أتيتيه أصابك همُ وغمُ وضاقت عليكِ الدُّنيا بما رحبت ..
هنا أخواتي
فلنعلم أنَّه الذنب وأنّهَا الفتنة إذا ما أصابتك فالتبس عندكِ الحقّ بالباطل ، فلابد من وقفة صدق وتجديد نيّة وإخلاص بتوجيه القصد لله عزّوجلّ ...
اللّهم لا تجعـل مصيبـتَـنا في ديـننا، ولا تجعـل الدنيا أكبرَ هـمِنا،
ولا مبلغَ علمِنا ، ولا اٍلى النار مصيرنا ، واجعـل الجنة هي دارنا ،
ولا تُسلط عـلينا بذنوبـِنا من لا يخافـُـك فينا ولا يرحمـنا،
اللـهم أصلح لنا ديـنـَنا الذي هـو عـصمةُ أمرِنا،
وأصلح لنا دنيانا التي فـيها معـاشُنا، وأصلح لنا آخرتـَنا التي اٍليها معـادنـا،
واجعـل الحياة زيادةً لنا في كل خير واجعـل الموتَ راحةً لنا من كل ِشر.
الـلهم إنَّا نسألـُـك فعـلَ الخيرات، وتركَ المنكرات ، وحبَ المساكين ،
وأن تغـفـر لنا وترحمنا وتتوب علينا، واٍذا أردتَّ بقـومٍ فـتنةً فـتوَفَّـنا غـير
مفـتونين ، ونسألك حبَـك ، وحبَ مَن يُحـبـُـك،
وحب عـملٍ يقـربنا اٍلى حـبـِك ، يا رب العــالمـين..
اللّهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياةالدنيا وفي الآخرة ،
وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ،وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ،
و لاتجعله ملتبساً علينا فنضل إنَّك ولي ذلك والقادرعليه.
اللَّهُمَّ آمين ... آمين ... آمين .
صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
والسلام عليكُمـ ورحمة الله وبركاته
بقلم وإعداد أختكم في الله / شمس العفاف
مصادر متعددة
تعليق