نسيان القرآن بين النعمة والنقمة
لقد يسر الله عز وجل لعباده حفظ القرآن وجعله أشد تفلتا من الإبل في عقلها
لكي يتعاهدوه بالتلاوة والمراجعة لأنه قوت القلوب وغذاء الأرواح ؛
فمن هنا كان التفلت نعمة لما يترتب عليه من كثرة التلاوة والمعاهدة.
وقد يكون نسيان القرآن نقمة إذا كان لذنب أحدثته، أو حق ضيعته،
قادك لهجره وحال بينك وبين تلاوته، فهذا بلاء وقع بذنب ولا يرفع إلا بتوبة.
قال ربنا سبحانه :
{ ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
[الأنفال : 53]
قال ابن كثير رحمه الله :
" يخبر تعالى عن تمام عدله ، وقسطه في حكمه ، بأنه تعالى لا يغير نعمة أنعمها على أحد إلا بسبب ذنب ارتكبه "
انتهى.
"وقال الضحاك : ما تعلم رجل القرآن ثم نسيه إلا بذنب ،
قال الله تعالى : {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ }(الشورى 30)
ثم قال : وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن ،
ذكره ابن المبارك عن عبد العزيز بن أبي رواد .
قال أبو عبيد : إنما هذا على الترك ، فأما الذي هو دائب في تلاوته حريص على حفظه إلا أن النسيان يغلبه فليس من ذلك في شيء .
ومما يحقق ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
كان ينسى الشيء من القرآن حتى يذكره ،
من ذلك حديث عائشة رضي الله عنها - سمع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟رجلًا يقرَأُ في سورةٍ بالليلِ فقال : ( يَرحَمُه اللهُ، لقد أذكَرَني كذا وكذا آيةً، كنتُ أُنسِيتُها من سورةِ كذا وكذا ) .
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
"
منقول من الشيخ أحمد جلال
تعليق