بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم،
أما بعد..
فمن حكمة الله تعالى في خلقه للناس أن جعل منهم أسْوِيَاء مُتَّقين أذكياء، وآخرين مُعْوَجِّين جاهلين أغبياء!!
من حكمة الله تعالى في خلقه أن جعل الناس مختلفين، كما قال سبحانه:
{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} هود: 118
سبحانه جلَّ في عُلاه؛ يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم أن لو شاء تعالى لجعل الناس جميعا أمة واحدة مجتمعة على الدين الحقّ،
ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك؛ ليتميز الخبيث من الطيب، كما جاء في قوله تعالى:
{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} يونس: 99
وقوله تعالى:
{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ} الأنعام: 35
سبحانه جلَّ في عُلاه؛ شاء بقدرته واقتضت حكمته، أن جعل من الناس فائزين بالجنة، وخاسرين في النار؛
فحكم سبحانه عليهم بألَّا يفوز منهم إلَّا كلّ سَويّ ذكي، وألَّا يخسر منهم إلَّا كلّ معْوَجّ غبي
جعلنا الله وإياكم من الأسوياء الأتقياء في الدنيا، ومن الفائزين يوم العرض عليه
فأما المُعوجِّين؛ فإنهم أغبياء لأنهم حادوا عن الطريق المستقيم
ومُعوَجّ: فاعل مِن اِعْوَجَّ ، أي: انحنى ، مال ، انثنى ، التوى.
وفي الحديث الصحيح : ( حتى تُقِيم به المِلَّة العَوْجاء ) [1]
يعني مِلَّة ابراهيم -على نبينا وعليه الصلاة والسلام- التي غيَّرَتْها العرَب عن استقامتها.
والعِوَجُ ، بكسر العين ، في الدِّين ، تقول : في دينه عِوَجٌ ، أي فسادٌ ومَيْلٌ.
عافانا الله وإياكم من العِوَجّ والفساد في ديننا
وأما الأسوياء -وهم صلب موضوعنا-؛ فإنهم الأذكياء حقًا، وهم عباد الله القليل، الذين اختصهم الله من الناس بفضله،
فسلكوا الطريق المستقيم دون اعوجاج، وسارعوا -بتوفيقٍ من الله لهم- إلى تحقيق دعائهم في صلواتهم: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}؛
فصاروا مثلًا يُقتدي بهم، كما قال تعالى:
{أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} الملك: 22
وهذا مثل ضربه الله لأهل الإيمان وأهل الكفر، وأهل الحق وأهل الباطل
فالكافر كمثل من يمشي مُنحنيا لا مُستويا على وجهه، أي : لا يدري أين يسلك، ولا كيف يذهب؟ بل تائه حائر ضال،
أهذا أهدى (أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا) أي : مُنتصِب القامة (عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) أي : على طريقٍ واضحٍ بَيِّنٍ، وهو في نفسه مُستقيم، وطريقه مُستقيمة.
هذا مثلُهُم في الدنيا، وكذلك يكونون في الآخرة.
فالمؤمن يُحشر يمشي سويًا على صراطٍ مستقيم، مُفْضَى به إلى الجنة الفيحاء، وأما الكافر فإنه يُحشر يمشي على وجهه إلى نار جهنم.
وقانا الله وإياكم عذاب جهنم ، وأدخلنا وإياكم الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب.
والأسْوِياءُ: جمع سَويّ ، والسَّوِيّ معناه: المُعتدِل ، المستقيم ، الصحيح.
فالسَّوِيّ إذن؛ هو من ينهج طَريقـًا سَوِيّـًا ، أي: طَريقـًا مُسْتَقيمـًا..
السَّويّ هو من يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم وجميع الأنبياء والمرسلين، ويستنير بهدي السابقين الصالحين.
تأملوا معي أيها الكرام الأفاضل في قوله تعالى:
{يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا} مريم: 43
وقوله تعالى:
{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} النحل: 123
ذَكَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّهُ أَوْحَى إِلَى نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَمْرَ بِاتِّبَاعِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
وَبَيَّنَ هَذَا أَيْضًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ; كَقَوْلِهِ:
{قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} الأنعام: 161
وَقَوْلِهِ:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، إِلَى قَوْلِهِ: {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ الْآيَةَ} الحج: 77 - 78
وَقَوْلِهِ:
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ الْآيَةَ } الممتحنة: 4، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَالْمِلَّةُ: الشَّرِيعَةُ ، وَالْحَنِيفُ: الْمَائِلُ عَنْ كُلِّ دِينٍ بَاطِلٍ إِلَى دِينِ الْحَقِّ.
و بـتـتـبـــع آيات القرآن الدالة على الاتـِّبـَـــاع؛ يظهر فيها أن الله قد أوحى لسيد الخلق وأكملهم أن يتبع ملة إبراهيم، و يـقـتـــدي بــهِ هـــو و أُمّـتــــــه.
بل إنَّ الله تبارك وتعالى أمر رسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بالأنبياء واتباع ملتهم، كما قال سبحانه:
{أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} الأنعام: 90
أي: امش -أيها الرسول الكريم- خلف هؤلاء الأنبياء الأخيار، واتبع ملتهم،
وقد امتثل صلى الله عليه وسلم؛ فاهتدى بهدي الرسل قبله، وجمع كل كمال فيهم.
وإذا كان هذا أمرا للرسول صلى الله عليه وسلم؛ فأمته تبع له فيما يُشرِّعه لهم ويأمرهم به.
أُمَّته صلى الله عليه وسلم تبعٌ له، يأتمرون بما أمر به وينتهون عمَّا نهى عنه؛ امتثالا لأمر الله تبارك وتعالى.
هؤلاء هم الأسوياء من الناس.. يقتدون بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو أسوتهم.
ويقتدون أيضًا بالأنبياء، ويقتدون بالصالحين ممن سبقوهم، كما قال تعالى:
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ...الآية} الممتحنة: 4
قد كان لكم يا معشر المؤمنين (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) أي: قدوة صالحة وائتمام ينفعكم، (فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ) من المؤمنين،
ويُكرر سبحانه حثَّ المؤمنين على الاقتداء في قوله:
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} الممتحنة: 6
وليس كل أحد تَسهُلَ عليه هذه الأُسوة، وإنما تَسهُلَ على من (كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ)
فإنَّ الإيمان واحتساب الأجر والثواب، يُسَهِّل على العبد كل عسير، ويُقلِّل لديه كل كثير،
ويُوجِب له الإكثار من الاقتداء بعباد الله الصالحين، والأنبياء والمرسلين، فإنه يرى نفسه مُفتقِرا ومُضطَّرا إلى ذلك غاية الاضطرار.
إنهم عباد الله الأسوياء، امتثلوا لأمر الله تعالى؛ إنهم حقًا هم الأذكياء.
فالأسوياء أذكياء لأنهم سلكوا طريق الاستقامة واقتادوا بسيد ولد آدم وسائر الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
والأسوياء الأذكياء أيضًا؛ هم من يستنيرون بهدي السلف الصالح من السابقين،
وهم: أهل السنة والجماعة وأهل الأثر، وأهل الحديث، والفرقة الناجية، والطائفة المنصورة وأهل الاتباع. [2]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(لَا عَيْبَ عَلَى مَنْ أَظْهَرَ مَذْهَبَ السَّلَفِ وَانْتَسَبَ إلَيْهِ وَاعْتَزَى إلَيْهِ بَلْ يَجِبُ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْهُ بِالِاتِّفَاقِ. فَإِنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ لَا يَكُونُ إلَّا حَقًّا). [3]
لذا تعالوا معًا أيها الكرام الأفاضل نتأمل ونتدبر هذه الآيات الكريمة،
قوله تعالى:
{فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا ۖ وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ ۖ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} البقرة: 137
فجعل الله سبحانه الإيمان بمثل ما آمن به الصحابة علامة على الهداية، وجعل التولي عن ذلك دليلاً على الشقاق والضلال.
وقوله تعالى:
{وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} النساء: 115
وسبيل المؤمنين ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام قولاً وعملاً واعتقاداً،
حرم الله الخروج عنها واتباع غيرها، وتوعد على ذلك بجهنم وسوء المصير.. أعاذنا الله وإياكم منها.
وقوله تعالى:
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ
ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُْ} التوبة: 100
فأثنى الله على من اقتدى بالصحابة بقوله: (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ)
وهذا لأن الصحابة رضي الله عنهم تلقوا الدين عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة ففهموا من مقاصِدِه صلى الله عليه وسلم،
وعاينوا من أقواله وسمعوا منه مشافهة ما لم يحصل لمن بعدهم.
فالأســويــاء أذكيــاء؛ وهــم الأتقيــاء..
لأنهم يمتثلون لقول الله تعالى:
{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} الحشر: 11
( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ )، يعني التابعين ومن دخل في الإسلام إلى يوم القيامة.
قال ابن أبي ليلى: الناس على ثلاثة منازل:
المهاجرون ، والذين تبوءوا الدار والإيمان (الأنصـار) ، والذين جاءوا من بعدهم؛ فـاجْتـهِـــدْ ألَّا تخرُج من هذه المنازل.
(يَقُولُونَ رَبَّنَا)، وهذا دعاء شامل لجميع المؤمنين، السابقين من الصحابة، ومن قبلهم ومن بعدهم،
وهذا من فضائل الإيمان أن المؤمنين ينتفع بعضهم ببعض؛ لمشاركتهم في الإيمان المقتضِي لعقد الأخوة بينهم؛
التي من فروعها أن يدعو بعضهم لبعض، وأن يحب بعضهم بعضا.
ولهذا ذكر الله في الدعاء نفي الغل عن قلوبهم، واستغفار بعضهم لبعض، واجتهادهم في إزالة الغل والحقد عن قلوبهم لإخوانهم المؤمنين،
لأن دعاءهم بذلك متضمنا لمحبة بعضهم بعضا، وأن يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه وأن ينصح له حاضرا وغائبا، حيا وميتا.
إذن !! فالناس على ثلاثة منازل :
الـمـهــــاجــــــرون ، والذين تبــــوءوا الـدار والإيمــان ، والذين جـــــــاءوا من بعدهم .
فلنجتهد بعون الله جميعــًا ألَّا نـخـــرج من هذه المنـــازل.
قال بعضهم:
كن شمسا، فإن لم تستطع فكن قمرا، فإن لم تستطع فكن كوكبا مضيئا، فإن لم تستطع فكن كوكبا صغيرا، ومن جهة النور لا تنقطع.
ومعنى هذا : كُن مُهاجريا . فإن قلت : لا أجد ، فكُن أنصاريا .
فإن لم تجد فاعمل كأعمالهم ، فإن لم تستطع فأحبهم واستغفر لهم كما أمرك الله .
وروى مصعب بن سعد قال:
الناس على ثلاثة منازل ، فمضت منزلتان وبقيت منزلة ؛ فأحسن ما أنتم عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت .
الأسوياء أذكياء لأنهم ساروا على نهج الصالحين من السلف الأتقياء.
الأســويــاء الأذكيــاء هم الأتقيــاء، وهم الأوليــاء..
فهم الذين ذكرهم الله تبارك وتعالى في قوله:
{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} يونس: 62
فأولياء الله هم أحباؤه والمتقربون إليه من العباد، والمراد بهم:
والقرب من الله إنما يتم إذا كان القلب مُستغرقا في نور معرفته،
فإن رأى رأى دلائل قدرته، وإن سمع سمع آيات وحدانيته، وإن نطق نطق بالثناء عليه، وإن تحرك تحرك في خدمته، وإن اجتهد اجتهد في طاعته،
فهنالك يكون في غاية القرب من الله تعالى ويكون وليًا له سبحانه.
الأســويــاء الأذكيــاء الأتقيــاء؛ هم الأوليــاء لرب الأرض والسماء..
ولهم الصفات الدالة على ذلك:
أولـــهـــــــــا: إخلاصهم للواحد الأحد.
ثــــانيـهـــــا: أنهم يرضون بالرسول صلى الله عليه وسلم إماماً وقدوة وأسوةً ومعلماً، ولا يرضون بغيره ولا يٌحكِّمون بعد كلام الله إلا كلامه.
ثـــالثــهــــا: يحبون في الله، ويبغضون في الله، ويوالون في الله، ويعادون في الله، ويعطون في الله، ويمنعون في الله.
رابعهــــــــا: سلامة صدورهم للمسلمين، فصدورهم للمؤمنين بيضاء وألسنتهم سليمة عفيفة من أعراض المسلمين.
خامسها: حرصهم على إتمام الفرائض وأداء النوافل، فيتقربون إلى الله بالسجود وبالعبادة والخشوع، وبالتلاوة والصدقة وصيام النوافل.
سادسها: معتقدهم معتقد السلف الصالح من أهل السنة والجماعة؛ فلا يتجمعون تحت مظلة بدعية، ولا يتنازلون في المعتقد.
سـابعـهــا: يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقولون الحق ويقبلونه ممن قاله، ويستضيئون بالحق.
ثــامنـهـــا: يحبون جماعة المسلمين ويكرهون الفُرقَة، ويسعون إلى جمع الشمل ونبذ الاختلاف.
تـاسعهــا: يتحاكمون إلى الكتاب والسنة إذا اختلفوا أو تنازعوا، ولا يرضون منهما بديلاً.
عاشرها: يقولون بالحق وبه يعملون وإليه يدعون، ثم إن لهم منهج تنظير مؤسس وهو الكتاب والسنة.
ثــــانيـهـــــا: أنهم يرضون بالرسول صلى الله عليه وسلم إماماً وقدوة وأسوةً ومعلماً، ولا يرضون بغيره ولا يٌحكِّمون بعد كلام الله إلا كلامه.
ثـــالثــهــــا: يحبون في الله، ويبغضون في الله، ويوالون في الله، ويعادون في الله، ويعطون في الله، ويمنعون في الله.
رابعهــــــــا: سلامة صدورهم للمسلمين، فصدورهم للمؤمنين بيضاء وألسنتهم سليمة عفيفة من أعراض المسلمين.
خامسها: حرصهم على إتمام الفرائض وأداء النوافل، فيتقربون إلى الله بالسجود وبالعبادة والخشوع، وبالتلاوة والصدقة وصيام النوافل.
سادسها: معتقدهم معتقد السلف الصالح من أهل السنة والجماعة؛ فلا يتجمعون تحت مظلة بدعية، ولا يتنازلون في المعتقد.
سـابعـهــا: يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقولون الحق ويقبلونه ممن قاله، ويستضيئون بالحق.
ثــامنـهـــا: يحبون جماعة المسلمين ويكرهون الفُرقَة، ويسعون إلى جمع الشمل ونبذ الاختلاف.
تـاسعهــا: يتحاكمون إلى الكتاب والسنة إذا اختلفوا أو تنازعوا، ولا يرضون منهما بديلاً.
عاشرها: يقولون بالحق وبه يعملون وإليه يدعون، ثم إن لهم منهج تنظير مؤسس وهو الكتاب والسنة.
الأســويــاء الأذكيــاء الأتقيــاء؛ هم الأوليــاء
إنهم أولياء الله الذين صدق إيمانهم، وحسن عملهم،
لا خوف عليهم من أهوال الموقف وعذاب الآخرة، ولا هم يحزنون على ما تركوا وراءهم من الدنيا؛
لأنَّ مقصدهم الأسمى رضا الله سبحانه؛ فمتى فعلوا ما يؤدى إلى ذلك هان كل ما سواه.
الأســويــاء الأذكيــاء الأتقيــاء؛ هم الأوليــاء
يتحابون في الله بلا قصدٍ لمنفعةٍ، بلا ذرة رياء
لا يخافون ولا يحزنون، ووجوههم مُشِعَّة كالضياء
فَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ ، وَلا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ ، وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ تعَالَى "،
قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، تُخْبِرْنَا مَنْ هُمْ ، قَالَ:
" هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلا أَمْوَالٍ يَتَعَاطُونَهَا ،
فَوَاللَّهِ إِنَّ وجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ لَعَلَى نُورٍ ، لا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ ، وَلا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ ".
وقَرَأَ هَذِهِ الآيَة :"أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ". [4]
في هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَضْلَ المحبَّةِ في اللهِ، وأنَّها تُثْمِرُ الفلاحَ في الدُّنيا والآخرةِ،
ويُبيِّنُ أنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ كَمَلَ إيمانُهم وإحسانُهم للهِ تعالى، وإضافتُهم للهِ إضافةَ تشريفٍ وتعظيمٍ،
فَهُمْ جماعةٌ من أولياءِ اللهِ تعالى، الذين يُحبُّونَ في اللهِ ويُعادونَ في اللهِ، وهُمْ بَشَرٌ كباقي البَشَرِ،
وهؤلاءِ: (يَغبِطُهم الأنبياءُ والشُّهداءُ يومَ القيامةِ)، أي: لقُرْبِهم من اللهِ تعالى يَتمنَّى الأنبياءُ والشُّهداءُ أنْ يكونوا مَكانَهم،
و"الغِبْطَةُ" تمنِّي المرءِ النِّعمةَ التي عِند غيرِه، من غيرِ تمنِّي زوالِها عنه؛ فهي تكون في الخيرِ.
ثُمَّ يَصِفُهُمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنَّ محبَّة بعضِهم بعضًا ليسَتْ للقَرابةِ والمنفعةِ والمصلحةِ؛ لأنَّها أغراضٌ مُفسِدةٌ للمحبَّةِ،
وإنَّما هي خالِصةٌ للهِ تعالى، ثم أخْبَرَ عن جزائِهم ومَنزلتِهم قائلًا:
(فواللهِ إنَّ وُجوهَهم لَنورٌ)، أي: مُنيرةٌ يَعْلوها النُّورُ، وهي مُبالَغةٌ من شِدَّةِ النُّورِ،
(وإنَّهم على نورٍ)، أي: على مَنابِرَ من نورٍ، فهُمْ نورٌ على نورٍ، وهي بيانٌ لحالِهم ومنزلتِهم عِندَ اللهِ،
(لا يَخافونَ إذا خافَ النَّاسُ، ولا يَحزَنونَ إذا حزِنَ النَّاسُ)، أي: يومَ القيامةِ، ثمَّ قرأ النَّبيُّ الآيةَ المذكورة بالحديث استشهادًا على قولِه الأخيرِ،
أي: إنَّ المُحبِّينَ المُتَّقينَ أولياءَ اللهِ تعالى لا خَوْفٌ عليهم من عقابٍ يَلْحَقُ بهم، ولا هُمْ يَحزَنونَ من فَواتِ ثَوابِهِمْ.
الأســويــاء الأذكيــاء الأتقيــاء؛ هم الأوليــاء
يجتنبون المنكرات ويؤدون العبادات حقَّ الأداء
قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ في حَجَّةِ الوداعِ:
" أَلَا إنَّ أولياءَ اللهِ المُصَلُّونَ؛ من يُقيمُ الصَّلاةَ، ويصومُ رَمَضانَ، ويُعطي زَكاةَ مَالِه يَحْتَسِبُها، ويجتَنِبُ الكبائِرَ التي نهى اللهُ عنها ". [5]
الأســويــاء الأذكيــاء الأتقيــاء؛ هم الأوليــاء، وفي أيامنا هذه؛ هم الغُــربــاء
قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ:
" بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ " [6]،
وفي روايةٍ: ..... قيل يا رسولَ اللهِ : مَن الغرباءُ؟
قال : " الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ " [7]
ومعنى الغرباء: هم أهل الاستقامة، وطوبى: تُفسَّرُ بالجنة وبشجرة عظيمة فيها.
فالجنة والسعادة للغرباء الذين يُصلحون عند فساد الناس..
وإذا تغيرت الأحوال والتبست الأمور وقلَّ أهل الخير؛ ثبتوا هم على الحق واستقاموا على دين الله، ووحدوا الله وأخلصوا له العبادة،
واستقاموا على الصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر أمور الدين.
وَفِي الْحَدِيث تَنْبِيه عَلَى أَنَّ نُصْرَة الإِسْلام وَالْقِيَام بِأَمْرِهِ يَصِير مُحْتَاجًا إِلَى التَّغَرُّب عَنْ الأَوْطَان وَالصَّبْر عَلَى مَشَاقّ الْغُرْبَة كَمَا كَانَ فِي أَوَّل الأَمْر.
الأســويــاء الأذكيــاء الأتقيــاء؛ هم الأوليــاء،
وهم الذين قال الله فيهم وفي أشباههم:
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ *
نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ} فصلت: [30 : 32]
اللهم ارزقنا تمام الاستقامة على الوجه الذي يرضيك عنا، واجعلنا بفضلك من أوليائك الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
اللهم نسألك تزكية لنفوسنا بتقواك،
ونسألك بفضلك أن نكون من عبادك القليل الذين يؤمنون بك حق الإيمان، ويداومون على شكرك وعلى العمل الصالح ليل نهار،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الهــوامـــش:
[1] متن الحديث:- عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ : لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قُلْتُ :
"أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ ، قَالَ :
أَجَلْ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي ، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ ،
وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ ، وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ ، بِأَنْ يَقُولُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا ".
رواه الإمام البخاري (2125)- كِتَاب الْبُيُوعِ - بَاب كَرَاهِيَةِ السَّخَبِ فِي السُّوقِ.[2] شرح الوصية الكبرى لابن تيمية - الراجحي.
[3] مجموع الفتاوى.
[4] صححه الإمام الألباني في: صحيح أبي داود (3527).
[5] صححه الإمام الذهبي في: الكبائر (460).
[6] رواه الإمام مسلم (145).
[7] مسند الإمام أحمد (16249).
المــراجـــع:
-1- التفسير
الوسيط للشيخ طنطاوي.
الإمام ابن كثير.
أضواء البيان للشيخ الشنقيطي.
الإمام السعدي.
الإمام القرطبي.
-2- شروح الحديث، بتصرف من:
موقع الدرر السنية.
موقع الإمام ابن باز.
موقع الشيخ محمد صالح المنجد.
-3- بتصرف شديد من محاضرة: صفات أولياء الله - للشيخ عائض القرني.
-4- بتصرف شديد من موقع اسلام ويب، مركز الفتوى.
تعليق