إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

داء ودواء هجر تلاوة القرآن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • داء ودواء هجر تلاوة القرآن


    داء هجر تلاوة القرآن

    خالد أبو شادي

    قال تعالى: {كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ}[الفرقان من الآية:32]
    فمن لم يحْتَمِ بحصن القرآن تزلزل في الشدائد، ولم يثبت على الحق عند المحن، وأنت على الخيار!
    هاجر القرآن يضطرب عند الشدائد، وهل الدنيا غير شدائد يعتريها بعض أوقات رخاء!



    قلب الهاجر خراب!
    قال رسول الله ﷺ: «إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخَرِب»
    الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث :
    الترمذي | المصدر : سنن الترمذي

    الصفحة أو الرقم: 2913 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح


    رأى النبي ﷺ ببصيرة قلبه قلوب العباد على حقيقتها، فمنهم البيت الخرب ولو كان جميل الظاهر فاخر الثياب، ومنهم البيت الفاخر العامر ولو كان أسود الوجه خلِق الثياب!

    نبينا رأى هاجر القرآن على حقيقته: بيت خرب، ولو كان وسيم الخلقة مُهابا بين الناس، فما شكلك اليوم في عيني نبيك؟!
    وهو الذي يرى -ببصيرة قلبه- ما لا نراه.


    والبيت الخرب هو قلب مريض، ولا يُعالج مرضه إلا بالقرآن:
    {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}[الإسراء:82]


    {من} ها هنا لبيان الجنس، لا للتبعيض، فجميع القرآن شفاء للمؤمنين. فموقعه منهم موقع الشفاء من المرضى.

    إنه شفاء للنفوس من الأمراض القلبية كالحسد والطمع والهوى ونزغات الشيطان والانحراف عن طريق الحق.

    وشفاء من الوسوسة والقلق والحيرة والاضطراب، لأنه يصل القلب بالله، فيسكن ويطمئن.

    وشفاء من العلل الاجتماعية التي تخلخل بناء الجماعات، وتذهب بسلامتها وأمنها وطمأنينتها.
    فتعيش الجماعة في ظل نظامه الاجتماعي وعدالته الشاملة في سلامة وأمن وطمأنينة. ومن ثم هو رحمة للمؤمنين.


    وشفاء من الأدواء والآلام الجسدية التي ورد تعيينها في الأخبار الصحيحة في قراءة آيات معينة للاستشفاء من أدواء موصوفة في (صحيح البخاري) و(جامع الترمذي).
    لكن ما الفارق بين الشفاء والرحمة؟

    الرحمة أن لا يبتلي الله الإنسان بمرض، إنها الوقاية، أما الشفاء فهو أن يزيل الحق أي مرض أصاب الإنسان.
    وهذا هو البرء بعد العلاج.
    إذن ففي القرآن شفاء ورحمة، أي وقاية وعلاج.
    والذي يلتزم بمنهج القرآن لا تصيبه الداءات الاجتماعية والنفسية أبدًا، والذي تغفل نفسه وتشرد منه يصاب بالداء الاجتماعي والنفسي، فإن عاد إلى منهج القرآن فهو يُشفى من أي داء، فهو طِبّ علاجيّ وطبّ وقائيّ في آنٍ واحد.



    أصغر البيوت بيتك!

    قال عبد الله بن مسعود: "إن أصغر البيوت بيت ليس فيه من كتاب الله شيء، فاقرؤوا القرآن فإنّكم تؤجرون عليه، بكلِّ حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول الم، ولكني أقول ألف، ولام، وميم".

    ضيق البيوت ليس بضيق مساحتها بل بضيق صدور سكانها وسوء أخلاقهم، وسعة البيوت بسعة صدور سكانها وحسن أخلاقهم، فهاجر القرآن في ضيق صدر وشدة ليس لها إلا دواء الوحي: القرآن.



    ● إنما يتزلزل الفؤاد من هجر الكتاب!

    قال تعالى: {كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ}[الفرقان من الآية:32]

    فمن لم يحْتَمِ بحصن القرآن تزلزل في الشدائد، ولم يثبت على الحق عند المحن، وأنت على الخيار!
    هاجر القرآن يضطرب عند الشدائد، وهل الدنيا غير شدائد يعتريها بعض أوقات رخاء!
    أما حامل القرآن فيتمتع بحصانة قوية، ومناعة شديدة ضد أي شدة، فيتحمل ما لا يتحمل غيره، ويصمد لعواصف الأهوال وألوان المُحال.
    ومن طبيعة طريق الحق أن يتعرض فيه الفؤاد لهزات من اللّدَد والخصومة والمغريات والشبهات والعناد والشعور بالغربة، لذا أنزل الله القرآن مفرَّقا لا جملة واحدة ليُثَبِّت فؤاد نبيه؛ فإنَّ تَعَب الفؤاد يحصل من معاناة الناس؛ فيكون الاتصال بالوحي هو الكفيل وحده بنفي هذه المتاعب، لأن صلة العبد بالسماء مفتاح راحة الفؤاد.



    ● ما أشد وحشة قلبٍ هجَر أعظم أنيس، فأسعَد قلب إبليس!
    قضية العالم اليوم هي السعادة.. والبحث عن كنز السعادة.
    وأمراض الاكتئاب والتردد على الأطباء النفسيين تتزايد يوما بعد يوم، وتحتل مكانا لا بأس به بين أمراض كل أسرة.
    وهاجر القرآن .. يبحث عن السكينة والطمأنينة في غير القرآن، ولن يصل إلى شيء.
    {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا}[طه من الآية:124]
    وكلُّ مَنْ شعر بالهم والغم عليه أن يسأل نفسه عن السبب، فقد يجد نفسه بعيدا عن الله، مُعرِضا عن ذكره، وبعضُهم يتداوى بأسباب مرضه، فإن أحَسَّ بالهموم تداوى بالسموم! فيستعين بالمخدِّرات والمحرَّمات والغرق في الشهوات، وهجر الصلوات، والأغاني والمسلسلات، ولسان حاله: "داوِني بالتي كانت هي الداء!"
    {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا}[طه من الآية:124]
    والمَحْ في قوله {ضَنكًا} التنكير مع التنوين للتعميم كما يقول أهل اللغة، مما يعني معيشة ضنكا في كل جانبٍ من جوانب الحياة، ضنكا اقتصاديا، وضنكا اجتماعيا، وضنكا مهنيا، وضنكا في علاقاته بمن حوله، فيمرُّ بكل صور الضنك التي يحس بها المكروبون على اختلاف مصائبهم.
    ولاحظ كذلك أن كلمة {ضَنكًا} لا تكاد تُقرَأ إلا بصعوبة، فالضاد حرفٌ ثقيل، ثم النون بين الضاد والكاف، فمعيشة هذا الإنسان صعبة كما أن نطق هذه الكلمة صعب.
    وهذا لأن الجزاء هنا من جنس العمل:
    من أعرض عن الله أعرض الله عنه، ومن أعرض الله عنه، فلن تكون عيشته إلا ضنكا، ولو ملك (المليارات)!
    الأموال ترفِّه عن الجسد، أما القلب فلا تريحه الشيكات، ولا فاخر القصور والفيلات..
    بحسب منظمة الصحة العالمية؛ فإنه بحلول سنة 2030 للميلاد، سيكون الاكتئاب ثاني أكبر سبب في العالم للأمراض المزمنة.
    ولأن قلب العبد هو أغلى ما يملِكه، كان مفتاحه غاليا؛ لا يُصنَع في الأرض بل في السماء {وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ } [الرعد من الآية:28]


    و {ضَنكًا}: ليست على نطاق الفرد فحسب، بل وعلى نطاق الأمة بأسرها، فالأمة كلها ستعاني الضنك الشديد إذا ابتعدت عن القرآن، وواقع اليوم يشهد.
    قال القاسم بن عبد الرحمن:
    "قلتُ لبعض النُسّاك:
    "ما ها هنا أحد نستأنس به؟!"
    فمدَّ يده إلى المصحف، ووضعه على حِجْرِه، وقال: "هذا!"



    ● ضعف قراءتك من آثار خطيئتك!
    قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: "لو طَهُرت قلوبكم؛ ما شبعتم من كلام الله عز وجل".
    قد يكون هجر القرآن نتيجة وأثرا لفعلٍ سابقٍ منك، مما يعني أنه نهاية وليست بداية!
    كيف؟
    وهذا وعيد الله الذي توعَّد به من أعرض عن ذكره.
    {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا} [الزخرف من الآية:36]
    واحدة بواحدة.. أعرَض عن ذِكر الرحمن، {
    وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}[الزخرف من الآية:36]
    أي: رفيقٌ وصاحب ، وما يفعل به الشيطان؟!
    هل يدله على خير؟!
    كلا والله .. بل يمسِك برقبته ويقوده لمقتله، ويكمل خطته: {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ..} [الزخرف من الآية:37]
    لن يهديك إلى الله، بل يضلك عن طريق الله، ثم يحدث الأخطر: يقلب الموازين عندك، فالحق باطل والباطل حق، وهذا أشد العقوبات الربانية، أن ترى النجاة في هلاكك، والهداية في ضلالك! {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} [الزخرف من الآية:37]
    قال الإمام ابن كثير في بيان حال هاجر القرآن:
    "في الدنيا فلا طمأنينة له، ولا انشراح لصدره، ضيِّق حرِج لضلاله، وإن تنعَّم ظاهره، ولبِس ما شاء، وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء، فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى فهو في قلق وحيرة وشك، فلا يزال في ريبه يتردد، فهذا من ضنك المعيشة".



    ● العذاب المتصل المتصاعد!

    قال تعالى: {وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} [الجن من الآية:17]

    يعاقب بعذاب متصاعد ينتقل من سيِّء إلى أسوأ، فتتضاعف هذه الآلام بمرور الزمن، وهذا مصيره المشؤوم، عذاب يتصاعد في الدنيا لكن لا ينتهي بالموت، بل يتزايد في القبر، ثم يتزايد أكثر في جهنم، وفى التعبير بقوله تعالى: {يَسْلُكْهُ} إشارة إلى اتصال هذا العذاب وعدم انقطاعه، وأنه فى اتصاله وتعدده أشبه بحبات العُقْد، ينتظمها سلك واحد، فالمعرض عن ذكر ربه فى دائرة مغلقة من العذاب المتزايد، يظل يدور فيها، دون أن يستطيع الإفلات منها، أو الخروج عنها، مع تدرُّجه فى هذا العذاب، وانتقاله من سيءٍ لما هو أسوأ، ومن شاق إلى أشقّ.
    وفي مقابل الإعراض عن كلام الله يأتي الإقبال اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي، وقضاء الساعات على الصفحات، والأُنْس بالخلق الذي احتل في القلب مكان الأُنْس بالخالق، وهنا يسقط التعلل بعذر ضيق الأوقات لتبرير عدم الانتظام في التلاوة؛ حيث يقضي صاحبنا أضعاف هذا الوقت متصفِّحا حسابه على الفيسبوك وتويتر، ولو كان مالك بن دينار بيننا اليوم لوجَّه إلينا الكلام محذِّرا ومندِّدا:
    "من لم يأنس بحديث اللَّه عن حديث المخلوقين فقد قَلَّ علمه، وعمي قلبه، وضيَّع عمره."



    ● شكوى الرسول الكريم لرب العالمين :

    {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان:30]

    قال الإمام الشنقيطي:
    "وهذه شكوى عظيمة، وفيها أعظم تخويف لمن هجر هذا القرآن العظيم، فلم يعمل بما فيه من الحلال والحرام والآداب والمكارم، ولم يعتقد ما فيه من العقائد، ويعتبر بما فيه من الزواجر والقصص والأمثال".
    فكيف يكون حال من هجر القرآن مع رسول الله ﷺ يوم القيامة؟
    وإذا به يتجه مع المسلمين -وكله شوق وحنين- لرؤية النبي الأمين ﷺ ليشرب من يده شربة لا يظمأ بعدها أبدا، فإذا بالملائكة تطرده عن الحوض،
    (إني فرَطُكُم على الحوضِ ، من مرَّ عليَّ شرب ، ومن شرب لم يظمأْ أبدًا ، ليَرِدَنَّ عليَّ أقوامٌ أعرفُهم ويعرفونني ، ثم يُحالُ بيني وبينهم . قال أبو حازمٍ : فسمعني النعمانُ بنُ أبي عياشٍ فقال : هكذا سمعتُ من سهلٍ ؟ فقلتُ : نعم ، فقال : أشهدُ على أبي سعيدٍ الخدريِّ ، لسمعتُه وهو يزيدُ فيها : فأقولُ : إنهم مِنِّي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدَثُوا بعدَك ، فأقولُ : سحقًا سحقًا لمن غيَّرَ بعدي).
    الراوي : سهل بن سعد الساعدي | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
    الصفحة أو الرقم: 6583 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]



    ● غياب السكينة:

    في الحديث الصحيح أن رجلاً من الصحابة كان يقرأ سورة الكهف وعنده فرس، فتغَشَّته سحابة، وجعل فرسه ينفر منها، فلما ذُكِر ذلك للنبي ﷺ قال: «تلك السكينة تنزَّلَت للقرآن» (صحيح مسلم [795]).

    والسكينة هي وعد الله لكل من اجتمع على تلاوة كتابه كما في الحديث: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة،...» (صحيح مسلم [2699]).

    والسكينة اليوم هي الكنز مفقود، والقلق هو المرض المعهود، فقلوب الأكثرين مرتعبة من المستقبل، وتخاف من عدوها، وتخاف على رزقها، وتخاف على أولادها، حتى كاد الناس يصرخون: "قد أُحيط بنا!"
    وما تفشى هذا القلق كالوباء إلا بغياب سكينة القرآن.
    تابعــــــــونا



    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 28-02-2017, 12:44 AM.


  • #2
    رد: داء ودواء هجر تلاوة القرآن

    دواء هجر تلاوة القرآن
    خالد أبو شادي
    نقط لعلاج داء هجر تلاوة القرآن:
    قراءة الورد اليومي مفرقًا أو مجمعًا، تعظيم كتاب الله تعالى،...


    ● اقرأ وِردك القرآني مفرَّقا أو مجمَّعا!


    (الوِرد) في اللغة هو الماء الذي يورَد، قال ربنا:{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} [القصص من الآية:23]، وقال: {فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ ۖ } [يوسف من الآية:19]،
    فيكون على هذا معنى وِرْد القرآن: سقيا القلب من نبع القرآن، وإليك وصايا للانتظام في ورد القرآن:


    - لا تقم من صلاة الفريضة إلا بعد أن تقرأ صفحة أو صفحتين من القرآن، ويا حبَذا من (مصحف الجيب) الذي لا يفارقك، يصاحبك في الدنيا لتقرأ منه، وفي الآخرة ليحرسك حتى يوصلك إلى قصرك الذي تنعم به.

    - أو اقرأ وِرْدك مجمَّعًا (وهو الأفضل) بأن تجعل لك وقتًا ثابتًا لقراءة وردك من القرآن، فذلك أعون لك في المحافظة عليه..

    - أكثر أوقات قراءة القرآن بركة ما كان في جوف الليل، وخاصة الثلث الأخير منه، ثم بعد الفجر، ثم عند ارتفاع الشمس وطلوع النهار.
    - إحالتك قراءة وِرد القرآن على وجود الفراغ وهْمٌ من الأوهام وخدعة شيطانية.

    - اجعل للقرآن كل يوم جزءا من أصل وقتك، وإلا فلا أمل في تعافيك من داء هجر كتاب الله.



    ● أعظم بركات القرآن في البكور!

    كلما بكَّرتَ بتلاوة وِردِك من القرآن كلما حافظت عليه، وحصدت ثمرة ما فيه، ومع التأخير تزداد فرص التقصير، فالتأخير يجعل المحافظة عليه أشق! التمس دعوة نبيك: «بُورِكَ لأُمَّتِي في بُكورِها» (صحيح الجامع [2841]).

    قال الإمام النووي:
    "أفضل القراءة ما كان في الصلاة، وأما في غير الصلاة فأفضلها قراءة الليل، والنصف الأخير منه أفضل من الأول، وأما قراءة النهار، فأفضلها ما بعد صلاة الصُّبح، ولا كراهة في القراءة في وقت من الأوقات، ولا في أوقات النَّهي عن الصلاة (أي النّافلة)".

    ورحم الله الإمام القدوة شيخ الإسلام حماد بن سلمة؛ فقد كان لا يحدِّث؛ حتى يقرأ مائة آية نظرا في المصحف! فلتجعل من ثوابت يومك: أن تبدأه بالقرآن.



    ● إيثارٌ بإيثار:
    من آثر القرآن آثره القرآن!
    - اقرأ القرآن بتدبُّر، فإنما يؤثرِك القرآن بمعانيه بقدر ما تؤثِره على مشاغلك لتسرح فيه!
    - تقدِّمُه على غيره.. تؤثره بوقتك، فيؤثرك بالمعاني التي تُسِعد قلبك، وتشحنك قوة وصلابة..
    والقاعدة تقول:
    "من آثر القرآن بوقته وقلبه آثره القرآن ببركة وقته وسكينة قلبه وقوة عزمه".


    فلا تزاحِم مع القرآن غيره، وآثِره بوقتك يؤثرك بفضله، وقدِّمه في أول اليوم يقدِّمك على سائر القوم.



    ● اقرأ القرآن كل يوم بنية: تلقي رسائل الله الخاصة!

    قال الحسن بن علي: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبَّرونها في الليل، ويتفقدونها في النهار".

    القرآن رسائل الله للصالحين؛ يستقبلونها ويتدبرونها بالليل ليعملوا بها في النهار!
    والله ما ضاقت بك الدنيا إلا واتسعت بآية تقرؤها في كتاب الله، وكأن الله يواسيك ويناديك: "أنا الأعلم بما يداويك!"
    عندك مشكلة؟!
    تعاني من أزمة؟!
    الحل:
    افتح مصحفك، واستقبل الحل الناجع في وصية قرآنية تجدها في ثنايا وِرد قرآنك، وكيف ستستلم رسائل الوحي لو لم تفتح مصحفك؟!



    ● اعتذر للأعذار ولا تعتذر للقرآن!
    هكذا كان يتوضأ الشيخ الشهيد أحمد ياسين الذي سموه زورا قعيدا لأنه عانى الشلل الرباعي، وما هو بقعيد لأن عزيمته فاقت عزائم آلاف الرجال!
    قال أحد تلامذته: "كان يقلِّب صفحات المصحف بلسانه إذا لم يجد من يقلِّبها له!"
    وأنت!
    أي شيء أصابك اليوم فمنعك من وِردك اليوم؟!
    تصبح جائعا فتأكل، وعطشان فتشرب، وهذا زاد جسدك، فماذا عن زاد الروح؟!
    إن القرآن هو الزاد الذي لو لم تتناوله روحك لماتت.
    هذا عروة بن الزبير ..
    أصابته الآكلة فبتروا ساقه، لكنه مع ذلك لم يترك وِرْدَه من القرآن في تلك الليلة..
    وأنت!
    أي شيء أصابك اليوم فمنعك من وِردك؟!
    تصبح جائعا فتأكل، وهذا زاد الجسد، فماذا عن زاد روحك؟!
    القرآن أهم زاد، والذي لو لم تأخذه لماتت روحك؟!
    ووالله لا يليق أن تقدِّم على القرآن غيره من العلوم، فكيف بغيره؟!
    دخل أحد فقهاء مصر على الإمام الشافعي في المسجد وبين يديه المصحف، فقال له الشافعي: "شغلكم الفقه عن القرآن! إني لأصلي العتمة وأضع المصحف في يدي فما أطبِّقه حتى الصبح!"



    ● الغناء من أسباب الإعراض عن القرآن!
    إن الكلام الطيب الذي يجري على اللسان يطرد الكلام السيء من على اللسان، فضلا عن أنه يطرد المعاني الخبيثة التي تتولد في القلب، والعكس صحيح، فالخبيث يطرد الطيِّب.
    جرِّب مثلا أن تدندن ليل نهار بالأغنيات، وستجد نفسك منصرِفا عن الآيات، وستترنم في خلوتك بالألحان بدلا من القرآن، وصدق ابن تيمية حين قال متحدِّثا عن قصائد الزهد (فكيف بالغناء الفاحش؟!): "من أكثر من سماع القصائد لطلب صلاح قلبه تَنْقص رغبته في سماع القرآن".


    ومثله تلميذه ابن القيِّم حين قرَّر جازمًا:
    "ما اجتمع في قلب عبد قط محبة الغناء ومحبة القرآن؛ إلا طردت إحداهما الأخرى".



    ● تعظيم الكتاب تابعٌ تعظيم ربِّ الكتاب!
    ومن تعظيم القرآن أن لا تقطع قراءتك في المصحف بالكلام مع أحد، وإذا أراد أحدهم الحديث معك فاعتذر له ، فإن كنت ولابد قاطعا تلاوتك فانتظر حتى تقف على رأس الآية، وغير لائق بك أن تقطع كلام ربك لتتابع كلام صحبك على تويتر وإنستجرام وغيرها من صفحات التواصل، فهذا يحرمك من تمام الفائدة فضلا أنه من قلة احترام الكتاب وتقديره قدره.



    ● قضاء وِردك من القرآن!
    عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:
    «من نام عن حِزبِه، أو عن شيٍء منه، فقرأَه فيما بين صلاةِ الفجرِ وصلاةِ الظهرِ، كُتِبَ له كأنما قرأَه من الليلِ» (صحيح مسلم [747]).
    وحزب القرآن هو الوِرْد، وهو ما يفرضه الإنسان على نفسه، يقْرَؤه كل يوم.
    قال العراقي:"وهل المراد به صلاة الليل، أو قراءة القرآن، في صلاة أو غير صلاة يحتمل كلاً من الأمرين".
    والحديث دليل على أنَّ كل وِرْدٍ من قول أو فعل يفوت الإنسان، يثبت له أجره كاملا إذا قضاه، وهو من لطف الله بعباده، فقد فتح له باب للاستدراك، ولم ينقصه من أجره العبد شيئًا.
    وقد امتثل عمر بن الخطاب –وهو راوي الحديث- الأمر، ومن يمتثل الأمر إن لم يكن عمر؟!
    واسمع:
    قال عبد الرحمن بن عبد القاري: استأذنتُ على عمر بالهاجرة، فحبسني طويلا، ثم أذن لي، وقال: "إني كنتُ في قضاء وردي".
    قال إبراهيم النخعي:
    "كان أحدهم إذا بقي عليه من جزئه شيء، فنشَط، قرأه بالنهار، أو قرأه من ليلة أخرى، وربما زاد أحدهم".






    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 03-03-2017, 07:42 PM.

    تعليق


    • #3
      رد: داء ودواء هجر تلاوة القرآن

      بارك الله فيكم موضوع رائع ونصائح (دواء هجر تلاوة القرآن) فعلًا مجربة وتؤتى ثمارها بإذن الله
      ● الغناء من أسباب الإعراض عن القرآن!
      إن الكلام الطيب الذي يجري على اللسان يطرد الكلام السيء من على اللسان، فضلا عن أنه يطرد المعاني الخبيثة التي تتولد في القلب، والعكس صحيح، فالخبيث يطرد الطيِّب.

      الدليل قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ

      وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)
      ((لقمان 6 و 7))
      اللهم ارحم أبى وأمى وأسكنهما الفردوس الأعلى من الجنة
      اللهم اعتق رقابنا من النار
      يا وهاب هب لنا من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء

      تعليق


      • #4
        رد: داء ودواء هجر تلاوة القرآن

        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا وتقبل منكم


        "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
        وتولني فيمن توليت"

        "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

        تعليق


        • #5
          رد: داء ودواء هجر تلاوة القرآن

          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
          [CENTER][B][URL="https://forums.way2allah.com/forum/%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85/%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8/4455003-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8A"][COLOR=#FF0000][SIZE=36px][FONT=times new roman]مشروع تحفيظ القرآن الكريم للشباب بشبكة الطريق إلى الله[/FONT][/SIZE][/COLOR][/URL][/B][/CENTER]
          [CENTER][B][URL="https://forums.way2allah.com/forum/%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85/%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8/4455003-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8A"][COLOR=#0000CD][SIZE=36px][FONT=times new roman](القرآن حياتي)[/FONT][/SIZE][/COLOR][/URL][/B][/CENTER]

          تعليق


          • #6
            رد: داء ودواء هجر تلاوة القرآن

            المشاركة الأصلية بواسطة م/ جيهان مشاهدة المشاركة
            بارك الله فيكم موضوع رائع ونصائح (دواء هجر تلاوة القرآن) فعلًا مجربة وتؤتى ثمارها بإذن الله

            الدليل قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ

            وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)
            ((لقمان 6 و 7))
            وفيكم بارك الله
            جعلنا الله وايّاكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه



            تعليق


            • #7
              رد: داء ودواء هجر تلاوة القرآن

              بارك الله فيكم
              أستغفر الله العظيم من كل ذنب أذنبته
              أستغفر الله العظيم من كل فرض تركته
              أستغفر الله العظيم من كل صالح جفوته
              أستغفر الله العظيم من كل برٍّ أجلته
              أستغفر الله العظيم من كل إنسان ظلمته
              أستغفر الله العظيم من كل ظالم صاحبته

              تعليق


              • #8
                رد: داء ودواء هجر تلاوة القرآن

                وفيكم بارك الله


                تعليق


                • #9
                  عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                  ما شاء الله
                  موضوع مبارك ،
                  جعله الله في موازين حسناتكم

                  تعليق

                  يعمل...
                  X