همسة في أذن حفظة كتاب الله ..
إن من أوجب الواجبات على المؤمن وأعظم الحقوق لهذا القرآن هو العمل بمقتضــاه
وتطبيق أوامر الله وتجنب نواهيه الواردة في آياته لأننا لو علمنا حق العلم الهدف
من هذا الكتاب الكريم وهذا الكلام العظيم لأيقنا أنه ما أنزل إلا لـنتدبره ونعمل بما جاء فيه:
{ كِتَـــابٌ أَنزَلنَـــاهُ إِلَيكَ مُبَــــارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَـــاتِهِ وَ لِيَتذَّكَّرَ أُولُوا الأَلبَابِ }( سورة ص : 29 )
فالغاية الأساسية من القرآن هو العمل بما فيه فهو ليس كتاباً للقراءة والحفظ في الصدر فقط،
مع ما في تلاوته من نور وهداية إلا أن العمل به هي ثمرة نزوله.
قال تعالى: ( وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا
( سورة الفرقان : 73 )
وقال تعالى : { وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }( سورة الأنعام : 155 ).
{ واتقوا } أي : احذروا الله في أنفسكم أن تضيِّعوا العمل بما فيه ، و تتعدوا حدوده وتستحلوا محارمه.
من هنا نعلم على أن حفظ القرآن لك أهم من حفظك له؛ وإنما حفظ القرآن لك يكون بتطبيقك أنت لأوامر الله فيه
والعمل بمقتضى شرع الله فيه، قال تعالى:
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِين)َ ( سورة ال عمران : 32 )
والعمل بالقرآن ينقسم إلى قسمين :
1- عمل القلب 2- عمل الجوارح
أما العمل القلبي فيكون :
بإخلاص تلاوته وحفظه لله وحده.
الخشية من الله عند التلاوة وتعظيم كلام الله والخوف من عقابه ورجاء ثوابه.
فالقرآن غذاء روحي ودواء قلبي يشفي القلوب ويسمو بالأرواح، ويكفينا في ذلك قول الله تعالى :
{ أَلَا بِذِكرِ اللهِ تَطمَئِنُّ القُلُوبُ }
أما عمل الجوارح فيشمل الأعمال الظاهرة من الأقوال والأفعال وتطبيق أوامر الله الفعلية فيه كإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة
والتحلي بالصدقوألا يسمع بأذنيه إلا ما يرضاه الله ولا يقول بلسانه إلا ما يرضاه الله
ولا يخطو بقدمه إلا لما يرضاه الله ولا يبطش بيده إلا لما فيه طاعة لله ويتجنب كل ما نهى الله عنه من الأعمال
والأقوال من الشرك الربا وشرب الخمر والزنا والفواحش والكذب والغيبة وكل تلك الأعمال والأقوال والأخلاق ذكرتها على سبيل المثال لا الحصر.
إن مما يُحزِن القلب حال بعض أخواننا ممن يحفظون اجزاء من كتاب الله ، تراه قد ختم المصحف كاملاً
وحفظه في صدره ولكنه لم يحفظ به جوارحه فاستهان بحدوده وارتكب ما وجب عليه تركه، نسأل الله الهداية والسلامة.
وقد ورد في الاثر - ليس بحديث عن النــبي صلــى الله علــيه وسلـم -
عن ميمون بن مهران قال:” كم مـن قارئ للقرآن والقرآن يلعنــه “
ومعنـى هذا : تحــذير المسلم الذي يقــرأ القـــرآن من ترك العمل به ، فإن من عباد الله من يمر
على ما ينهــى عنه القران كنهيه عن الربا ثم يتعامل بالربا ، وكنهيه عن الظـلم ثم يظلم ، وكنهيه عن الغيبة ثم يقـع فـيهــا ،
والتحذير من عقوق الولدين وهو عاق لوالديه او أحدهما … ونحــو ذلك ممـا في القـرآن الكـريم مـن الأوامـر والــنـــواهي .
يقول تبارك وتعالى في شأن بني اسرائيل والتحذير فيما وقعوا فيه:
( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) (سورة البقرة 85)
اخوتي في الله ..
ياحفظة القرآن خصوصًا وياقارئيه عمومًا
اقرأوا القرآن بـ أذن واعية وقلب حاضر وعقل متفتح وإذا سمعت{ يَأَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا }
فأصغ لخطاب الله فيها ثم طبق ما أمر الله وتجنب ما نهى الله عنه ..
قف عند حدوده واعمل بأوامره وواجباته وإياك إياك أن ترتكب ما نهى الله عنه فيه ابدأ ليبقى حفظ القرآن في صدرك.
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا
ودليـــلنا إليك وإلى جنــــــاتك جنـــات الخلود
اللهم اجعلنا ممن يقيم حروفه ويطبق حدوده ولاتجعلنا ممن يقيم حروفه ويضيع حدوده
اللهم آمين ...
تعليق