( رسالة وبيان لمن هجر القرآن )
هَل ما زِلتَ مُتردِّدًا ؟!
هَل ما زِلتَ ساكنًا في مكانِكَ لا تُحَدِّدُ موقِفَكَ ، ولا تَتَّخِذُ قرارًا ؟!
أَمَا أُخْبِرتَ أنَّ الطريقَ أمامكَ مُمَهَّدٌ ، ولكنَّ عينَكَ لا تراه !
أَمَا عَلِمتَ أنَّ السبيلَ مُيَسَّرٌ إن كُنتَ حقًّا تُريدُ النَّجاة !
لا تُفكِّر كثيرًا ، ولا تبحَث حولَك ،
فأمامكَ كتابُ الله ، فيه الخَيرُ والسَّعادةُ ،
لكنَّ الغُبارَ عَلاه ، فما عُدتَّ تراه :"
أتُراكَ تشعرُ بلَذَّةِ الحَياةِ وأنتَ عنه بعيدٌ !
أتُراكَ تنجو وأنتَ لا تفتحه طِيلةَ العام !
أتُراكَ تسعَدُ وأنتَ لا تعرفُ ما يحويه !
لا تدَّعي الانشغالَ ،
لا تُبرِّر هَجركَ ببُعْدِ الدار ،
فكُلَّما ابتعدتَّ عنه زادكَ اللهُ بُعدًا .
تلاوةُ القُرآن لم يُخَصُّ بها العُلماءُ والمُقرِئونَ ،
فنبيُّنا - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - يقولُ :
(( اقرأوا القُرآنَ )) رواه مُسلِم .
فلم يَخُصُّ بدَعوتِهِ وحَثِّه على القِراءةِ رَجُلًا ولا امرأةً ، ولا كبيرًا ولا صغيرًا ، ولا عالِمًا ولا جاهِلًا ، ولا جِنْسًا ولا لَونًا .
لكنَّ الخِطابَ للجميع .
كُلُّ مُسلِمٍ بإمكانه أن يفتحَ المُصحفَ ، أن يقرأ منه وإن كُنتَ أُمِّيًا لا تستطيعُ القِراءةَ ،
فعِندكَ القنواتُ تُتلَى فيها الآياتُ ليلَ نهار .
استمِع إليها ، وعِش بقلبِكَ معها
لا أُريدُكَ أن تقتصِرَ على القِراءةِ فقط ،
بل أُريدُكَ أن تَتَّخِذَ قرارًا جادًّا بحِفظِ القُرآن .
نعم ، ابدأ من الآن ، ولو حَفِظتَ كُلَّ يومٍ آيةً أو آيتين .
ليس الأمرُ صعبًا .
ليس الأمرُ مُعقَّدًا .
وليس الطريقُ طويلًا .
قال اللهُ تعالى :
(( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِر )) {القمر/17}.
كم من السَّنواتِ مَرَّت عليكَ دُونَ أن تُحَقِّقَ فيها إنجازًا يُذكَر !
ما رأيُكَ لو كانت تلك السَّنواتِ مع كتاب اللهِ سُبحانه ؟!
مع آياتِهِ وكلماتِهِ ؟!
بالتأكيدِ سيكونُ لها طَعمٌ آخَر ،
سيكونُ لها ذِكرَى طيِّبةٌ عندك ،
ستكونُ في مِيزان حسناتِكَ .
لا تجعَل سِنَّكَ يُعيقُكَ عن الإقبال على حِفظ القُرآن، فغَيرُكَ خَتَمَه وهو في السِّتين ، وبعضُهم جَاوَزَها .
لا تجعَل مُستواكَ التَّحصيليّ قَيْدًا يُقيِّدُكَ عن الخير ،فكم مِن مُعاقٍ إعاقةً ذِهنيَّةً حَفِظَ القُرآنَ وأتقنَه !
تأكَّد أنَّكَ تُؤجَرُ بنِيَّتِكَ ، فلا تحكُم على نَفسِكَ وأنتَ في مكانِكَ .
أقبِل ، تعلَّم ، رَدِّد ، كَرِّر ، حاوِل ،
لا تخَف من الفشل ، لا يُسيطِر عليكَ اليأس ،
جَرِّب ولا تكُن مُتكاسِلًا، ولا تُحَدِّد النتيجةَ قبل أن تسيرَ في الطريق .
واصطحِب معكَ حُسنَ الظَّنِّ بالله ،
واسأله سُبحانه التوفيقَ والسَّدادَ
وأن يُيَسِّرَ لكَ حِفظَ كتابِهِ وإتقانَه .
واعلَم أنَّ اللهَ لن يخذلك ،
لن يُضيع جُهدَكَ، وسيأجُرَكَ على سَعيكَ ونيَّتِكَ .
فإن وُفِّقتَ فالحَمدُ للهِ ، وإن صَعُبَ عليكَ الأمرُ فأجرُكَ محفوظٌ بحُسن نيَّتِكَ .
ويكفيكَ شرفًا أنَّكَ ابتغيتَ بسَعيكَ وَجهَ اللهِ ،
وطلبتَ بحِفظِكَ رِضاهُ سُبحانه .
ومِمَّا يَزيدُ في هِمَّتِكَ ويُقَوِّي عَزيمتَكَ
أن تعلَمَ أنَّ القُرآنَ يشفَعُ لصاحِبِهِ في الآخِرة ليَدخُلَ الجنَّةَ ،
أن تعلَمَ أنَّ قارئَ القُرآن يُقالُ له :
(( اقرأ وارتقِ ورَتِّل كما كُنتَ تُرتِّلُ في الدُّنيا ،
فإنَّ منزلتَكَ عند آخِر آيةٍ تقرأ بها ))
صحيح الترمذي للألباني
انظُر لأصحابِ الباطِل كيف يُدافعونَ عن باطِلهم ، وماذا يفعلون لنَصره ولنشره واستمراره ،
وكم يُسخِّرون جُهودَهم وأوقاتَهم وأموالَهم لذلك وهم في ذلك مأزورون.
:وأنتَ يا مُسلِم ، يا مَن تسيرُ على طريق الحَقِّ .. يا مَن رَضِيتَ باللهِ رَبًّا ،وبالإسلام دِينًا ، وبمُحمَّدٍ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - نبيًّا ،
ماذا فعلتَ لنصر دِينِكَ ؟! ماذا قَدَّمتَ له ؟!
أراكَ تكاسَلتَ وتأخَّرتَ .
أَمَا فَكَّرتَ أن تنصُرَ دِينَكَ ولو بحِفظ كتاب الله تعالى ومعرفةِ حُدوده وأحكامه ،وتحويلها إلى واقعٍ عمليٍّ في حياتِكَ ؟!
أَمَا علِمتَ أنَّ في إقبالِكَ على كتاب اللهِ إغاظَةٌ لأعداءِ دِينِكَ ؟!
لا تَقُل : هكذا الناسُ ، ولستُ الوحيد .
فأنتَ ستموتُ وَحدَكَ ، وستُبعَثُ وَحدكَ ،
وستُحاسَبُ وَحدكَ ، ولن ينفعَكَ إلَّا عملُكَ ،
ولن يبقى إلَّا ما قَدَّمتَ.
تعليق