سورة الإسراء
مقدمه
بين أيدينا اليوم سورة الإسراء تلك السورة التي نزلت على النبي صلّ الله عليه وسلم في مكة قبيل هجرته إلى المدينة بعام وبضعة أشهر. نزلت على النبي عليه الصلاة والسلام بعد وقوع معجزة الإسراء تلك المعجزة التي حدثت له وهو يمر بظروف عصيبة. فبعد سنوات من الدعوة المتواصلة لقومه وعشيرته لم يلقَ فيها سوى صنوف من العذاب والتنكيل والسخرية والإستهزاء والتكذيب من قبل قومه وعشيرته وما آمن معه سوى فئة قليلة كان الغالب عليها من المستضعفين والعبيد.
تلك الظروف التي مرت به عليه الصلاة والسلام إضافة إلى ما وقع إليه من قضية فقدانه لزوجته تلك السند والمعين له في دعوته السيدة خديجة رضي الله عنها إضافة إلى فقده لعمه أبي طالب الذي كان يدافع عنه أمام عدوان قريش وصدّهم وتكذيبهم، فقد كل هؤلاء واستمر في دعوته عليه الصلاة والسلام، ولكن في تلك الأثناء شعر بأن الأبواب قد غلِّقت أمامه وأن أهل الأرض قد ضاقوا عليه وضيقوا الخناق عليه فإذا بمعجزة الإسراء تحدث تسلية له عليه الصلاة والسلام تؤكد وتبين له أن يا محمد إن كانت أبواب الأرض قد غلِّقت دونك فإن أبواب السماء مفتوحة مشرعة أمامك وإن كان أهل الأرض قد صدّوا وكذّبوا وعنّفوا فإن أهل السماء يعرفون قدرك ولذا هم يحتفون بك أشدّ الحفاوة وأشدّ التكريم.
وهنا تأتي معجزة الإسراء التي جاءت في هذه السورة في آية واحدة فقط بقوله سبحانه مفتتحاً السورة بأسرها بالتسبيح والتمجيد والتقديس لمن قام بهذا الحدث العظيم، لمن أدّى هذه المعجزة سبحانه وتعالى حيث يقول
(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوالسَّمِيعُ البَصِيرُ (1) الإسراء).
الغاية من الإسراء والمعراج
كانت قريش تدرك وتعرف المسافة الواقعة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، كانت قوافلهم تمر بذلك الطريق ولكن هذه المرة روى لهم وحدثهم النبي صلّ الله عليه وسلم حتى بما كانت تمر به القافلة التي كانت قد أرسلوها في تلك الأثناء، حدثهم عن طريق واصفاً إياه بكل ذرّة فيه وبكل نقطة بل واصفاً كذلك المسجد الأقصى الذي لم يكن قد رأه النبي عليه الصلاة والسلام واصفاً إياه وكأنه ينظر إليه عياناً، وتلك كانت فعلاً معجزة ولا تزال هذه المعجزة، وجاءت المعجزة وحدثت في الليل لكي يؤمن بها من كان في قلبه ذرة من يقين وإيمان بالغيب ويبتعد عنها ويكذب بها من كان يحتاج أن يرى تلك المعجزة حسياً وعياناً ولذا إرتد الكثير من الناس بعد معجزة الإسراء ولكن في ذات الوقت ثبت في تلك المعجزة كأبي بكر الصديق من ثبت الذي قال قولته المشهورة حين جاءته قريش تقول له (أما سمعت بصاحبك ماذا يقول ويحدث الناس اليوم؟ قال وماذا يقول؟ قالوا: يقول أنه قد أُسريََ به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليلاً، فإذا بالصديق يقول إن كان قال فقد صدق لقد صدقته في خبره عن السماء فكيف لا أصدقه في هذا؟!)
وسمّي من ذلك الوقت بالصديق.
معجزة الإسراء كان الغرض الأساسى منها تسلية قلب النبي صلّ الله عليه وسلم صاحب الرسالة، صاحب الهمّ العظيم على دعوته ورسالته، أثّر في نفسه عليه الصلاة والسلام كثيراً وآلمه ألماً شديداً أن لا يؤمن به من قومه إلا القليل بعد سنوات من دعوة متواصلة، دعوة تحمل تلك الرسالة العظيمة بكل ما فيها من قيم.
ولم تكن تلك فقط الهدف الذي يأتي في قضية الأسراء وفي معجزة الإسراء، كانت من ورائه مقاصد. واحدة من أهم تلك المقاصد أن الإمامة قد إنتقلت من الأنبياء إلى النبي عليه الصلاة والسلام متمثلة في إمامته بالأنبياء بالمسجد الأقصى فقد صلّى بهم إماماً، صلّى بإبراهيم عليه السلام صلّى بموسى وعيسى وأخبر ذلك عن ما حدث ليبين لأمته من بعده أن الإمامة قد إنتقلت من كل أولئك الأنبياء لتكمل الرسالة مع هذه الأمة، أمة النبي صلى الله عليه وسلم. وكلنا يعلم أن الإمامة قد أوكلت في فترات من الزمن وعلى مدى أعوام وقرون طويلة لبني إسرائيل ولذا جاءت الآية التي تليها
(وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ (2) الإسراء)
كانت الإمامة والإصطفاء والإختيار في بني إسرائيل الذين آمنوا بموسى عليه السلام وآمنوا بكتابه الذي أُنزل عليه التوراة وآمنوا بما فيه من تعاليم وكان بنو إسرائيل هم الأمة الوحيدة الموحِّدة في العالم بأسره آنذاك. إختارهم الله عز وجل واصطفاهم على العالمين إختارهم تكليفاً وتشريفاً ولكن أمة بني إسرائيل لم تحمل تلك الأمانة كما كان ينبغي لها أن تحمل، لم تقف من تلك التعاليم الواردة في التوراة والتي أوضحتها سورة الإسراء “هدى ونور وبيان” لم تقف منها ذلك الموقف الصلب القوي الثابت وإنما وقفت مواقف متباينة فتارة تحرّف الكلم عن مواضعه وتارة تشترى بآيات الله ثمناً قليلاً وأخرى تبيع كلمات هذا الكتاب ولا تقف عنده سلوكاً ولا تطبيقاً في واقع حياتها وقد حكى القرآن في سور كثيرة العديد من تلك المواقف المتباينة لبني إسرائيل مع هذا الكتاب العظيم التوراة، وحكى عنهم كذلك المواقف التي كانوا يقفونها من أنبيائهم قتلاً وتكذيباً وتزويراً وتحريفاً.
مقدمه
بين أيدينا اليوم سورة الإسراء تلك السورة التي نزلت على النبي صلّ الله عليه وسلم في مكة قبيل هجرته إلى المدينة بعام وبضعة أشهر. نزلت على النبي عليه الصلاة والسلام بعد وقوع معجزة الإسراء تلك المعجزة التي حدثت له وهو يمر بظروف عصيبة. فبعد سنوات من الدعوة المتواصلة لقومه وعشيرته لم يلقَ فيها سوى صنوف من العذاب والتنكيل والسخرية والإستهزاء والتكذيب من قبل قومه وعشيرته وما آمن معه سوى فئة قليلة كان الغالب عليها من المستضعفين والعبيد.
تلك الظروف التي مرت به عليه الصلاة والسلام إضافة إلى ما وقع إليه من قضية فقدانه لزوجته تلك السند والمعين له في دعوته السيدة خديجة رضي الله عنها إضافة إلى فقده لعمه أبي طالب الذي كان يدافع عنه أمام عدوان قريش وصدّهم وتكذيبهم، فقد كل هؤلاء واستمر في دعوته عليه الصلاة والسلام، ولكن في تلك الأثناء شعر بأن الأبواب قد غلِّقت أمامه وأن أهل الأرض قد ضاقوا عليه وضيقوا الخناق عليه فإذا بمعجزة الإسراء تحدث تسلية له عليه الصلاة والسلام تؤكد وتبين له أن يا محمد إن كانت أبواب الأرض قد غلِّقت دونك فإن أبواب السماء مفتوحة مشرعة أمامك وإن كان أهل الأرض قد صدّوا وكذّبوا وعنّفوا فإن أهل السماء يعرفون قدرك ولذا هم يحتفون بك أشدّ الحفاوة وأشدّ التكريم.
وهنا تأتي معجزة الإسراء التي جاءت في هذه السورة في آية واحدة فقط بقوله سبحانه مفتتحاً السورة بأسرها بالتسبيح والتمجيد والتقديس لمن قام بهذا الحدث العظيم، لمن أدّى هذه المعجزة سبحانه وتعالى حيث يقول
(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوالسَّمِيعُ البَصِيرُ (1) الإسراء).
الغاية من الإسراء والمعراج
كانت قريش تدرك وتعرف المسافة الواقعة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، كانت قوافلهم تمر بذلك الطريق ولكن هذه المرة روى لهم وحدثهم النبي صلّ الله عليه وسلم حتى بما كانت تمر به القافلة التي كانت قد أرسلوها في تلك الأثناء، حدثهم عن طريق واصفاً إياه بكل ذرّة فيه وبكل نقطة بل واصفاً كذلك المسجد الأقصى الذي لم يكن قد رأه النبي عليه الصلاة والسلام واصفاً إياه وكأنه ينظر إليه عياناً، وتلك كانت فعلاً معجزة ولا تزال هذه المعجزة، وجاءت المعجزة وحدثت في الليل لكي يؤمن بها من كان في قلبه ذرة من يقين وإيمان بالغيب ويبتعد عنها ويكذب بها من كان يحتاج أن يرى تلك المعجزة حسياً وعياناً ولذا إرتد الكثير من الناس بعد معجزة الإسراء ولكن في ذات الوقت ثبت في تلك المعجزة كأبي بكر الصديق من ثبت الذي قال قولته المشهورة حين جاءته قريش تقول له (أما سمعت بصاحبك ماذا يقول ويحدث الناس اليوم؟ قال وماذا يقول؟ قالوا: يقول أنه قد أُسريََ به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليلاً، فإذا بالصديق يقول إن كان قال فقد صدق لقد صدقته في خبره عن السماء فكيف لا أصدقه في هذا؟!)
وسمّي من ذلك الوقت بالصديق.
معجزة الإسراء كان الغرض الأساسى منها تسلية قلب النبي صلّ الله عليه وسلم صاحب الرسالة، صاحب الهمّ العظيم على دعوته ورسالته، أثّر في نفسه عليه الصلاة والسلام كثيراً وآلمه ألماً شديداً أن لا يؤمن به من قومه إلا القليل بعد سنوات من دعوة متواصلة، دعوة تحمل تلك الرسالة العظيمة بكل ما فيها من قيم.
ولم تكن تلك فقط الهدف الذي يأتي في قضية الأسراء وفي معجزة الإسراء، كانت من ورائه مقاصد. واحدة من أهم تلك المقاصد أن الإمامة قد إنتقلت من الأنبياء إلى النبي عليه الصلاة والسلام متمثلة في إمامته بالأنبياء بالمسجد الأقصى فقد صلّى بهم إماماً، صلّى بإبراهيم عليه السلام صلّى بموسى وعيسى وأخبر ذلك عن ما حدث ليبين لأمته من بعده أن الإمامة قد إنتقلت من كل أولئك الأنبياء لتكمل الرسالة مع هذه الأمة، أمة النبي صلى الله عليه وسلم. وكلنا يعلم أن الإمامة قد أوكلت في فترات من الزمن وعلى مدى أعوام وقرون طويلة لبني إسرائيل ولذا جاءت الآية التي تليها
(وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ (2) الإسراء)
كانت الإمامة والإصطفاء والإختيار في بني إسرائيل الذين آمنوا بموسى عليه السلام وآمنوا بكتابه الذي أُنزل عليه التوراة وآمنوا بما فيه من تعاليم وكان بنو إسرائيل هم الأمة الوحيدة الموحِّدة في العالم بأسره آنذاك. إختارهم الله عز وجل واصطفاهم على العالمين إختارهم تكليفاً وتشريفاً ولكن أمة بني إسرائيل لم تحمل تلك الأمانة كما كان ينبغي لها أن تحمل، لم تقف من تلك التعاليم الواردة في التوراة والتي أوضحتها سورة الإسراء “هدى ونور وبيان” لم تقف منها ذلك الموقف الصلب القوي الثابت وإنما وقفت مواقف متباينة فتارة تحرّف الكلم عن مواضعه وتارة تشترى بآيات الله ثمناً قليلاً وأخرى تبيع كلمات هذا الكتاب ولا تقف عنده سلوكاً ولا تطبيقاً في واقع حياتها وقد حكى القرآن في سور كثيرة العديد من تلك المواقف المتباينة لبني إسرائيل مع هذا الكتاب العظيم التوراة، وحكى عنهم كذلك المواقف التي كانوا يقفونها من أنبيائهم قتلاً وتكذيباً وتزويراً وتحريفاً.
تعليق