من وظائف المربين
تحريض المؤمنين ثم تبوئتهم مقاعد
في سورة الأنفال التي نزلت بعد غزوة بدر قال ربنا:
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ....)
وقوله: حَرِّضِ من التحريض بمعنى الحث على الشيء بكثرة التزيين له
وتسهيل الأمر فيه حتى تقدم عليه النفس برغبة وحماس.
والمعنى: يا أيها النبي بالغ في حث المؤمنين وإحمائهم على القتال بصبر وجلد،
من أجل إحقاق الحق وإبطال الباطل. (تفسير الوسيط)
ثم بعدها في سورة آل عمران التي نزلت بعد غزوة أحد يقول ربنا :
(وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ......)
و(تُبَوِّئُ) معناه: تعين لهم مقاعد يتمكنون فيها ويثبتون
تقول: تبوأت مكان كذا، إذا حللته حلولا متمكنا تثبت فيه ( تفسير ابن عطية)
(تُبَوِّئُ المُؤْمِنِينَ): لتسوي وتهيئ لهم ( تفسير الإيجي )
وقوله تعالى: {مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} أي: مواطن.
قال ابن عباس: كل رجل لِمَقعَدِه الذي يصلح له.
وقد بيّنّا أن معنى القُعُود -في أصل اللغة-: الثُّبُوت، على أي حال كانت ( التفسير البسيط للواحدي)
ولم يقل: أماكن إشارة إلى ما قالوا من أن الرماة كانوا خمسين،
وأنه جعلهم خلفه من الخيل، وأمرهم أن يلبثوا هنالك
فلذلك عبر بلفظ المقاعد إشارة إلى الثبوت والقعود فيها ( تفسير ابن عرفة)
فمما سبق نجد الآتي:
-التحريض و التسخين على العمل للدين يكون قبل التبوئة
( تعيين وتبيين الثغور المتاحة للعمل ما أمكن ذلك)
-التحريض بدون تبوئة المؤمنين مقاعد يجعل الإنسان متحمسا
ثم لا يجد ما يفعله فتنطفأ جذوته وتخمد شعلته
وقد يصاب باﻹحباط واليأس
- التبوئة بدون تحريض يجعل الإنسان يعمل بدون حماس وهمة
كآلة تدور كلما طلب منها طلب
ثم تتوقف بمجرد رفع يدك من على الزر
- سمى الله أماكن القتال = مقاعد
للتمكن من الثغور واللبث فيها وعدم تركها للهو أو لتوسع في المباحات
وعدم التنقل بين الثغور لاعبا لاهيا بدون تحقيق شيء فيها،
أما الجمع بين أكثر من ثغر بجد واجتهاد فهو من نعم الله على عبده
تعليق