رد: تدبر آية....(الكلم الطيب)
كل بلاء نزل فبذنب وكل مؤاخذة فبمعصية وما هلك من هلك ولا عذب من عذب ولا شقي من شقي إلا بذنب. ذَكرَ اللهُ الأمم الهالكة قارون وفرعون وهامان وغيرهم ثم قال بعد ذلك مبينا سبب هلاكهم :{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت : 40] فالبذنوب هلكوا وما ظلمهم الله ولكن ظلموا أنفسهم.
{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت:51]أحيانا حقا ننسى أننا نمتلك أعظم وثيقة على ظهر الأرض..إنها القرآن..كلام الله..إن الإنسان ليعجب من إعراض الأمة عن هذا الكتاب فالواحد منا يحتفي بكتاب عالم ما ويهتم بقراءته يوصي الناس بتصفحه لأنه قد يكون غزير الفائدة فكيف إذا بكلام رب الكون؟! أما آن الأوان لأن نضع حدا لهذا الجحود؟!
{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ }[سبأ:6] هذا الكتاب هو الدليل إلى هذا الصراط. الدليل الذي وضعه خالق الإنسان وخالق الصراط، العارف بطبيعة هذا وذاك. وإنك لتكون حَسن الطالع وأنت تقوم برحلة في طريق لو حصلت على دليل من وضع المهندس الذي أنشأ هذا الطريق . فكيف بمنشئ الطريق ومنشئ السالك في الطريق؟!.الظلال
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة : 262] عطف الله في هذه الآية بثم وكان الظاهر أن يعطف بالواو إذ المقصود النهي عن اتباع الإنفاق بالمن والأذى لكن وجدنا أن الله عطف بثم هاهنا وهذا لمعنى عظيم وهو -والله أعلم-:كأن بالله يريد إظهار التفاوت والفرق بين الإنفاق عموما وبين الإنفاق الغير متبوع بمن وأذى إذ الإنفاق عموما قد تحمل عليه محامل كثيرة كأن يكون الإنسان نفسه كريما محبا للكرم محبا للثناء والمدح والمحمدة ففي هذا وجه لحظ النفس وأما ترك المن والأذى فلا وجه لحظ النفس فيه مطلقا يقول الزمخشري: ” لإظهار التفاوت بين الإنفاق وترك المن والأذى، وإن تركهما خير من نفس رتبة الصدقة، لأن العطاء قد يصدر عن كرم النفس وحب المحمدة فاللنفوس حظ فيه مع حظ المعطى، بخلاف ترك المن والأذى فلا حظ فيه لنفس المعطي، فإن الأكثر يميلون إلى التبجح والتطاول على المعطى…” فتقييد الإنفاق بعدم المن والأذى هو قمة تجريد القصد وتحقيق العبودية وتجريد النفس من كل حظوظها.
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }[التغابن: 14 ، 15] تنبيه المؤمنين أن أموالهم و أولادهم هي بوجه عام امتحان لهم بين واجبهم نحو الله وبين أموالهم وأولادهم، فكثير من الأزواج والأولاد يحولون بينهم وبين الطاعات التي تقرب إلى الله، وربما حملوهم على اكتساب الحرام، واقتناء الملاهي والمنكرات، وهذا واقع بكثرة. فلنكن على حذر
{فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:100] فأمر أُولي الألباب، أي: أهل العقول الوافية، والآراء الكاملة، فإن الله تعالى يوجه إليهم الخطاب. وهم الذين يؤبه لهم، ويرجى أن يكون فيهم خير. ثم أخبر أن الفلاح متوقف على التقوى التي هي موافقة الله في أمره ونهيه، فمن اتقاه أفلح كل الفلاح، ومن ترك تقواه حصل له الخسران وفاتته الأرباح. تفسير السعدي – (1 / 245)
لو أردت أن يفتح قلبك للقرآن فتفهمه وتتأثر به فهذا بابك..كن محسنا في حق نفسك وحق ربك وحق من حولك فقد قال سبحانه:{تلك آيات الكتاب الحكيم * هدى ورحمة للمحسنين}[لقمان:2،3]؛لأن القرآن إحسان من الله لخلقه فهم بما في قلوبهم من إحسان يحسون بالتوافق والتناسق ووحدة الاتجاه ووضوح الطريق مع مصدر الإحسان وهو القرآن.
تجد اقترانا لذكر آيات الجهاد مع آيات الحج، تكرر هذا في سورة البقرة والتوبة والحج، ولعل من مناسبة ذلك أن الحج نوع جهاد، بل هو جهاد كل ضعيف وامرأة. سورة الحج من أعاجيب سور القرآن، فيها: أول الحج (وأذن في الناس)، وآخره (وليطوفوا). فيها: الساعة والتوحيد، والصلاة والإخبات، والمواعظ والآداب. فيها: المكي والمدني، والليلي والنهاري، والسفري والحضري، والحربي والسلمي، والشتائي والصيفي، هي سورة عجب، وأعجب منها حاج يقصد الحج ولم يتدبر سورة الحج! [د.عصام العويد]
سورة الحج.. فيها من التوحيد والحكم والمواعظ على اختصارها ما هو بين لمن تدبره، وفيها ذكر الواجبات والمستحبات كلها: توحيدا وصلاة وزكاة وصياما؛ قد تضمن ذلك قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}[77]... فهذه الآية والتي بعدها لم تترك خيرا إلا جمعته ولا شرا إلا نفته. [ابن تيمية]
لب الحج هو الذكر، فمن وفق له فهو الموفق، واسمع برهان ذلك: {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا} [البقرة:200]، {واذكروا الله في أيام معدودات}[203]، {ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} [الحج:28]، وفي الحديث: (أفضل الحج العج والثج) والعج رفع الصوت بالتلبية. [د.محمد الخضيري]
علقت القلوب على محبة الكعبة البيت الحرام، حتى استطاب المحبون في الوصول إليها هجر الأوطان والأحباب، ولذ لهم فيها السفر الذي هو قطعة من العذاب، فركبوا الأخطار وجابوا المفاوز والقفار، واحتملوا في الوصول غاية المشاق، ولو أمكنهم لسعوا إليها ولو على الأحداق: نعم أسعى إليك على جفوني * وإن بعدت لمسراك الطريق! وسر هذه المحبة هي إضافة الرب سبحانه له إلى نفسه بقوله: {وطهر بيتي للطائفين} [الحج:26]. [ابن القيم]
عشر ذي الحجة من أعظم أيام الأشهر الحرم.. {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} [التوبة:36] ومن ظلم النفس: تضييعها في غير ما يقرب إلى الله، قال الحسن البصري: "أدركت أقواما كانوا على ساعاتهم أشفق منكم على دنانيركم ودراهمكم". [ابن عجيبة الفاسي]
{وليال عشر}: هي ليال معلومة للسامعين موصوفة بأنها عشر، ولم يقل (الليالي العشر) لأن في تنوينها تعظيما، وليس في ليالي السنة عشر ليال متتابعة عظيمة مثل عشر ذي الحجة التي هي وقت مناسك الحج، ففيها غالبا الإحرام ودخول مكة وأعمال الطواف، وفي ثامنتها ليلة التروية، وتاسعتها ليلة عرفة وعاشرتها ليلة النحر، فتعين أنها الليالي المرادة بليال عشر. [ابن عاشور]
{أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا} [الكهف: 71] هنا ملمح لطيف : فموسى عليه السلام قال: لتغرق أهلها، ولم يذكر نفسه ولا صاحبه، رغم أنهما كانا على ظهر السفينة؛ لأن هذه أخلاق الأنبياء: يهتمون بأوضاع الناس أكثر من اهتمامهم بأنفسهم، عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين. [د.عويض العطوي]
هل يسرك أن يعلم الناس ما في صدرك - مما تحرص على كتمانه ولا تحب نسبته إليك - ؟! قطعاً لا تحب، بل ستتبرأ منه لو ظهر؟ إذن قف مع هذه الآية متدبرا، وتأمل ذلك المشهد العظيم: (يوم تبلى السرائر) ، (وحصل ما في الصدور) أتريد النجاة من هذا كله؟ كن كإبراهيم عليه السلام: (إذ جاء ربه بقلب سليم) وهنا، لن تر ما يسوؤك. [أ.د.ناصر العمر]
أن ملكا أراد من أهل مملكته شيئا فماذا عساه أن يفعل أو لو أن رئيسا أراد أن يأمر أهل جمهوريته بأمر فماذا عساه أن يفعل؟سيرسل إليهم رسالة فيها أمره ونهيه فيها قوانينه وأحكامه هذا عندنا نحن البشر وقد عاملنا الله بما نعرف فأرسل إلينا رسالة فيها أمره ونهيه وفيها أحكامه ومطالبه ألا وهي القرآن فالقرآن هو رسالة من الله إلى الناس أرسلها الله ليبين للناس مايريده منهم {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل : 44]ويعلم الناس ما يحبه ومالا يحبه ويظهر للناس شيئا من حكمته ويكشف لهم عن بعض أسرار مملكته وجزائه وعقابه .فهذا هو القرآن!
القرءان حقيقة لا تحتاج إلى تحقيق فهي أعظم الحقائق وهو آية لا تحتاج إلى آية ولا برهان إذ هو أعظم آية وقد طلب الكفار آية على صدق ما جاء به النبي-صلى الله عليه وسلم-فقالوا:{لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ}[العنكبوت : 50]فأجابهم الله سبحانه بقوله:{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[العنكبوت: 51] سبحان الله هم طلبوا آية على صدق النبي وعلى صدق ما جاء به النبي, وما الذي جاء به النبي؟ جاء النبي بالقرآن فهم طلبوا إذن آية على القرآن فأجابهم الله بقوله{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ}فالقرآن آية نفسه لا يحتاج لآية تثبته وفي الأسلوب استفهام استنكاري تعجبي فكأنه يقول: كيف يطلبون آية والقرآن أعظم آية يتلى عليهم فأي آية بعد القرآن يطلبون؟! إن القرآن هو الكفاية وهو طريق الهداية لمن أرادها وسبيل الرشاد لمن ابتغاه هو الدليل لمن فقد الدليل وهو السبيل لمن فقد السبيل أو إن شئنا نقول هو الدليل على السبيل به يرجى الوصول إلى منزل السلامة:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}[الإسراء: 9] فمن أراد الهداية والكفاية فعليه بالقرآن.
كل بلاء نزل فبذنب وكل مؤاخذة فبمعصية وما هلك من هلك ولا عذب من عذب ولا شقي من شقي إلا بذنب. ذَكرَ اللهُ الأمم الهالكة قارون وفرعون وهامان وغيرهم ثم قال بعد ذلك مبينا سبب هلاكهم :{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت : 40] فالبذنوب هلكوا وما ظلمهم الله ولكن ظلموا أنفسهم.
{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت:51]أحيانا حقا ننسى أننا نمتلك أعظم وثيقة على ظهر الأرض..إنها القرآن..كلام الله..إن الإنسان ليعجب من إعراض الأمة عن هذا الكتاب فالواحد منا يحتفي بكتاب عالم ما ويهتم بقراءته يوصي الناس بتصفحه لأنه قد يكون غزير الفائدة فكيف إذا بكلام رب الكون؟! أما آن الأوان لأن نضع حدا لهذا الجحود؟!
{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ }[سبأ:6] هذا الكتاب هو الدليل إلى هذا الصراط. الدليل الذي وضعه خالق الإنسان وخالق الصراط، العارف بطبيعة هذا وذاك. وإنك لتكون حَسن الطالع وأنت تقوم برحلة في طريق لو حصلت على دليل من وضع المهندس الذي أنشأ هذا الطريق . فكيف بمنشئ الطريق ومنشئ السالك في الطريق؟!.الظلال
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة : 262] عطف الله في هذه الآية بثم وكان الظاهر أن يعطف بالواو إذ المقصود النهي عن اتباع الإنفاق بالمن والأذى لكن وجدنا أن الله عطف بثم هاهنا وهذا لمعنى عظيم وهو -والله أعلم-:كأن بالله يريد إظهار التفاوت والفرق بين الإنفاق عموما وبين الإنفاق الغير متبوع بمن وأذى إذ الإنفاق عموما قد تحمل عليه محامل كثيرة كأن يكون الإنسان نفسه كريما محبا للكرم محبا للثناء والمدح والمحمدة ففي هذا وجه لحظ النفس وأما ترك المن والأذى فلا وجه لحظ النفس فيه مطلقا يقول الزمخشري: ” لإظهار التفاوت بين الإنفاق وترك المن والأذى، وإن تركهما خير من نفس رتبة الصدقة، لأن العطاء قد يصدر عن كرم النفس وحب المحمدة فاللنفوس حظ فيه مع حظ المعطى، بخلاف ترك المن والأذى فلا حظ فيه لنفس المعطي، فإن الأكثر يميلون إلى التبجح والتطاول على المعطى…” فتقييد الإنفاق بعدم المن والأذى هو قمة تجريد القصد وتحقيق العبودية وتجريد النفس من كل حظوظها.
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }[التغابن: 14 ، 15] تنبيه المؤمنين أن أموالهم و أولادهم هي بوجه عام امتحان لهم بين واجبهم نحو الله وبين أموالهم وأولادهم، فكثير من الأزواج والأولاد يحولون بينهم وبين الطاعات التي تقرب إلى الله، وربما حملوهم على اكتساب الحرام، واقتناء الملاهي والمنكرات، وهذا واقع بكثرة. فلنكن على حذر
{فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:100] فأمر أُولي الألباب، أي: أهل العقول الوافية، والآراء الكاملة، فإن الله تعالى يوجه إليهم الخطاب. وهم الذين يؤبه لهم، ويرجى أن يكون فيهم خير. ثم أخبر أن الفلاح متوقف على التقوى التي هي موافقة الله في أمره ونهيه، فمن اتقاه أفلح كل الفلاح، ومن ترك تقواه حصل له الخسران وفاتته الأرباح. تفسير السعدي – (1 / 245)
لو أردت أن يفتح قلبك للقرآن فتفهمه وتتأثر به فهذا بابك..كن محسنا في حق نفسك وحق ربك وحق من حولك فقد قال سبحانه:{تلك آيات الكتاب الحكيم * هدى ورحمة للمحسنين}[لقمان:2،3]؛لأن القرآن إحسان من الله لخلقه فهم بما في قلوبهم من إحسان يحسون بالتوافق والتناسق ووحدة الاتجاه ووضوح الطريق مع مصدر الإحسان وهو القرآن.
كل بلاء نزل فبذنب وكل مؤاخذة فبمعصية وما هلك من هلك ولا عذب من عذب ولا شقي من شقي إلا بذنب. ذَكرَ اللهُ الأمم الهالكة قارون وفرعون وهامان وغيرهم ثم قال بعد ذلك مبينا سبب هلاكهم :{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت : 40] فالبذنوب هلكوا وما ظلمهم الله ولكن ظلموا أنفسهم.
{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت:51]أحيانا حقا ننسى أننا نمتلك أعظم وثيقة على ظهر الأرض..إنها القرآن..كلام الله..إن الإنسان ليعجب من إعراض الأمة عن هذا الكتاب فالواحد منا يحتفي بكتاب عالم ما ويهتم بقراءته يوصي الناس بتصفحه لأنه قد يكون غزير الفائدة فكيف إذا بكلام رب الكون؟! أما آن الأوان لأن نضع حدا لهذا الجحود؟!
{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ }[سبأ:6] هذا الكتاب هو الدليل إلى هذا الصراط. الدليل الذي وضعه خالق الإنسان وخالق الصراط، العارف بطبيعة هذا وذاك. وإنك لتكون حَسن الطالع وأنت تقوم برحلة في طريق لو حصلت على دليل من وضع المهندس الذي أنشأ هذا الطريق . فكيف بمنشئ الطريق ومنشئ السالك في الطريق؟!.الظلال
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة : 262] عطف الله في هذه الآية بثم وكان الظاهر أن يعطف بالواو إذ المقصود النهي عن اتباع الإنفاق بالمن والأذى لكن وجدنا أن الله عطف بثم هاهنا وهذا لمعنى عظيم وهو -والله أعلم-:كأن بالله يريد إظهار التفاوت والفرق بين الإنفاق عموما وبين الإنفاق الغير متبوع بمن وأذى إذ الإنفاق عموما قد تحمل عليه محامل كثيرة كأن يكون الإنسان نفسه كريما محبا للكرم محبا للثناء والمدح والمحمدة ففي هذا وجه لحظ النفس وأما ترك المن والأذى فلا وجه لحظ النفس فيه مطلقا يقول الزمخشري: ” لإظهار التفاوت بين الإنفاق وترك المن والأذى، وإن تركهما خير من نفس رتبة الصدقة، لأن العطاء قد يصدر عن كرم النفس وحب المحمدة فاللنفوس حظ فيه مع حظ المعطى، بخلاف ترك المن والأذى فلا حظ فيه لنفس المعطي، فإن الأكثر يميلون إلى التبجح والتطاول على المعطى…” فتقييد الإنفاق بعدم المن والأذى هو قمة تجريد القصد وتحقيق العبودية وتجريد النفس من كل حظوظها.
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }[التغابن: 14 ، 15] تنبيه المؤمنين أن أموالهم و أولادهم هي بوجه عام امتحان لهم بين واجبهم نحو الله وبين أموالهم وأولادهم، فكثير من الأزواج والأولاد يحولون بينهم وبين الطاعات التي تقرب إلى الله، وربما حملوهم على اكتساب الحرام، واقتناء الملاهي والمنكرات، وهذا واقع بكثرة. فلنكن على حذر
{فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:100] فأمر أُولي الألباب، أي: أهل العقول الوافية، والآراء الكاملة، فإن الله تعالى يوجه إليهم الخطاب. وهم الذين يؤبه لهم، ويرجى أن يكون فيهم خير. ثم أخبر أن الفلاح متوقف على التقوى التي هي موافقة الله في أمره ونهيه، فمن اتقاه أفلح كل الفلاح، ومن ترك تقواه حصل له الخسران وفاتته الأرباح. تفسير السعدي – (1 / 245)
لو أردت أن يفتح قلبك للقرآن فتفهمه وتتأثر به فهذا بابك..كن محسنا في حق نفسك وحق ربك وحق من حولك فقد قال سبحانه:{تلك آيات الكتاب الحكيم * هدى ورحمة للمحسنين}[لقمان:2،3]؛لأن القرآن إحسان من الله لخلقه فهم بما في قلوبهم من إحسان يحسون بالتوافق والتناسق ووحدة الاتجاه ووضوح الطريق مع مصدر الإحسان وهو القرآن.
تجد اقترانا لذكر آيات الجهاد مع آيات الحج، تكرر هذا في سورة البقرة والتوبة والحج، ولعل من مناسبة ذلك أن الحج نوع جهاد، بل هو جهاد كل ضعيف وامرأة. سورة الحج من أعاجيب سور القرآن، فيها: أول الحج (وأذن في الناس)، وآخره (وليطوفوا). فيها: الساعة والتوحيد، والصلاة والإخبات، والمواعظ والآداب. فيها: المكي والمدني، والليلي والنهاري، والسفري والحضري، والحربي والسلمي، والشتائي والصيفي، هي سورة عجب، وأعجب منها حاج يقصد الحج ولم يتدبر سورة الحج! [د.عصام العويد]
سورة الحج.. فيها من التوحيد والحكم والمواعظ على اختصارها ما هو بين لمن تدبره، وفيها ذكر الواجبات والمستحبات كلها: توحيدا وصلاة وزكاة وصياما؛ قد تضمن ذلك قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}[77]... فهذه الآية والتي بعدها لم تترك خيرا إلا جمعته ولا شرا إلا نفته. [ابن تيمية]
لب الحج هو الذكر، فمن وفق له فهو الموفق، واسمع برهان ذلك: {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا} [البقرة:200]، {واذكروا الله في أيام معدودات}[203]، {ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} [الحج:28]، وفي الحديث: (أفضل الحج العج والثج) والعج رفع الصوت بالتلبية. [د.محمد الخضيري]
علقت القلوب على محبة الكعبة البيت الحرام، حتى استطاب المحبون في الوصول إليها هجر الأوطان والأحباب، ولذ لهم فيها السفر الذي هو قطعة من العذاب، فركبوا الأخطار وجابوا المفاوز والقفار، واحتملوا في الوصول غاية المشاق، ولو أمكنهم لسعوا إليها ولو على الأحداق: نعم أسعى إليك على جفوني * وإن بعدت لمسراك الطريق! وسر هذه المحبة هي إضافة الرب سبحانه له إلى نفسه بقوله: {وطهر بيتي للطائفين} [الحج:26]. [ابن القيم]
عشر ذي الحجة من أعظم أيام الأشهر الحرم.. {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} [التوبة:36] ومن ظلم النفس: تضييعها في غير ما يقرب إلى الله، قال الحسن البصري: "أدركت أقواما كانوا على ساعاتهم أشفق منكم على دنانيركم ودراهمكم". [ابن عجيبة الفاسي]
{وليال عشر}: هي ليال معلومة للسامعين موصوفة بأنها عشر، ولم يقل (الليالي العشر) لأن في تنوينها تعظيما، وليس في ليالي السنة عشر ليال متتابعة عظيمة مثل عشر ذي الحجة التي هي وقت مناسك الحج، ففيها غالبا الإحرام ودخول مكة وأعمال الطواف، وفي ثامنتها ليلة التروية، وتاسعتها ليلة عرفة وعاشرتها ليلة النحر، فتعين أنها الليالي المرادة بليال عشر. [ابن عاشور]
{أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا} [الكهف: 71] هنا ملمح لطيف : فموسى عليه السلام قال: لتغرق أهلها، ولم يذكر نفسه ولا صاحبه، رغم أنهما كانا على ظهر السفينة؛ لأن هذه أخلاق الأنبياء: يهتمون بأوضاع الناس أكثر من اهتمامهم بأنفسهم، عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين. [د.عويض العطوي]
هل يسرك أن يعلم الناس ما في صدرك - مما تحرص على كتمانه ولا تحب نسبته إليك - ؟! قطعاً لا تحب، بل ستتبرأ منه لو ظهر؟ إذن قف مع هذه الآية متدبرا، وتأمل ذلك المشهد العظيم: (يوم تبلى السرائر) ، (وحصل ما في الصدور) أتريد النجاة من هذا كله؟ كن كإبراهيم عليه السلام: (إذ جاء ربه بقلب سليم) وهنا، لن تر ما يسوؤك. [أ.د.ناصر العمر]
أن ملكا أراد من أهل مملكته شيئا فماذا عساه أن يفعل أو لو أن رئيسا أراد أن يأمر أهل جمهوريته بأمر فماذا عساه أن يفعل؟سيرسل إليهم رسالة فيها أمره ونهيه فيها قوانينه وأحكامه هذا عندنا نحن البشر وقد عاملنا الله بما نعرف فأرسل إلينا رسالة فيها أمره ونهيه وفيها أحكامه ومطالبه ألا وهي القرآن فالقرآن هو رسالة من الله إلى الناس أرسلها الله ليبين للناس مايريده منهم {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل : 44]ويعلم الناس ما يحبه ومالا يحبه ويظهر للناس شيئا من حكمته ويكشف لهم عن بعض أسرار مملكته وجزائه وعقابه .فهذا هو القرآن!
القرءان حقيقة لا تحتاج إلى تحقيق فهي أعظم الحقائق وهو آية لا تحتاج إلى آية ولا برهان إذ هو أعظم آية وقد طلب الكفار آية على صدق ما جاء به النبي-صلى الله عليه وسلم-فقالوا:{لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ}[العنكبوت : 50]فأجابهم الله سبحانه بقوله:{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[العنكبوت: 51] سبحان الله هم طلبوا آية على صدق النبي وعلى صدق ما جاء به النبي, وما الذي جاء به النبي؟ جاء النبي بالقرآن فهم طلبوا إذن آية على القرآن فأجابهم الله بقوله{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ}فالقرآن آية نفسه لا يحتاج لآية تثبته وفي الأسلوب استفهام استنكاري تعجبي فكأنه يقول: كيف يطلبون آية والقرآن أعظم آية يتلى عليهم فأي آية بعد القرآن يطلبون؟! إن القرآن هو الكفاية وهو طريق الهداية لمن أرادها وسبيل الرشاد لمن ابتغاه هو الدليل لمن فقد الدليل وهو السبيل لمن فقد السبيل أو إن شئنا نقول هو الدليل على السبيل به يرجى الوصول إلى منزل السلامة:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}[الإسراء: 9] فمن أراد الهداية والكفاية فعليه بالقرآن.
كل بلاء نزل فبذنب وكل مؤاخذة فبمعصية وما هلك من هلك ولا عذب من عذب ولا شقي من شقي إلا بذنب. ذَكرَ اللهُ الأمم الهالكة قارون وفرعون وهامان وغيرهم ثم قال بعد ذلك مبينا سبب هلاكهم :{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت : 40] فالبذنوب هلكوا وما ظلمهم الله ولكن ظلموا أنفسهم.
{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت:51]أحيانا حقا ننسى أننا نمتلك أعظم وثيقة على ظهر الأرض..إنها القرآن..كلام الله..إن الإنسان ليعجب من إعراض الأمة عن هذا الكتاب فالواحد منا يحتفي بكتاب عالم ما ويهتم بقراءته يوصي الناس بتصفحه لأنه قد يكون غزير الفائدة فكيف إذا بكلام رب الكون؟! أما آن الأوان لأن نضع حدا لهذا الجحود؟!
{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ }[سبأ:6] هذا الكتاب هو الدليل إلى هذا الصراط. الدليل الذي وضعه خالق الإنسان وخالق الصراط، العارف بطبيعة هذا وذاك. وإنك لتكون حَسن الطالع وأنت تقوم برحلة في طريق لو حصلت على دليل من وضع المهندس الذي أنشأ هذا الطريق . فكيف بمنشئ الطريق ومنشئ السالك في الطريق؟!.الظلال
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة : 262] عطف الله في هذه الآية بثم وكان الظاهر أن يعطف بالواو إذ المقصود النهي عن اتباع الإنفاق بالمن والأذى لكن وجدنا أن الله عطف بثم هاهنا وهذا لمعنى عظيم وهو -والله أعلم-:كأن بالله يريد إظهار التفاوت والفرق بين الإنفاق عموما وبين الإنفاق الغير متبوع بمن وأذى إذ الإنفاق عموما قد تحمل عليه محامل كثيرة كأن يكون الإنسان نفسه كريما محبا للكرم محبا للثناء والمدح والمحمدة ففي هذا وجه لحظ النفس وأما ترك المن والأذى فلا وجه لحظ النفس فيه مطلقا يقول الزمخشري: ” لإظهار التفاوت بين الإنفاق وترك المن والأذى، وإن تركهما خير من نفس رتبة الصدقة، لأن العطاء قد يصدر عن كرم النفس وحب المحمدة فاللنفوس حظ فيه مع حظ المعطى، بخلاف ترك المن والأذى فلا حظ فيه لنفس المعطي، فإن الأكثر يميلون إلى التبجح والتطاول على المعطى…” فتقييد الإنفاق بعدم المن والأذى هو قمة تجريد القصد وتحقيق العبودية وتجريد النفس من كل حظوظها.
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }[التغابن: 14 ، 15] تنبيه المؤمنين أن أموالهم و أولادهم هي بوجه عام امتحان لهم بين واجبهم نحو الله وبين أموالهم وأولادهم، فكثير من الأزواج والأولاد يحولون بينهم وبين الطاعات التي تقرب إلى الله، وربما حملوهم على اكتساب الحرام، واقتناء الملاهي والمنكرات، وهذا واقع بكثرة. فلنكن على حذر
{فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:100] فأمر أُولي الألباب، أي: أهل العقول الوافية، والآراء الكاملة، فإن الله تعالى يوجه إليهم الخطاب. وهم الذين يؤبه لهم، ويرجى أن يكون فيهم خير. ثم أخبر أن الفلاح متوقف على التقوى التي هي موافقة الله في أمره ونهيه، فمن اتقاه أفلح كل الفلاح، ومن ترك تقواه حصل له الخسران وفاتته الأرباح. تفسير السعدي – (1 / 245)
لو أردت أن يفتح قلبك للقرآن فتفهمه وتتأثر به فهذا بابك..كن محسنا في حق نفسك وحق ربك وحق من حولك فقد قال سبحانه:{تلك آيات الكتاب الحكيم * هدى ورحمة للمحسنين}[لقمان:2،3]؛لأن القرآن إحسان من الله لخلقه فهم بما في قلوبهم من إحسان يحسون بالتوافق والتناسق ووحدة الاتجاه ووضوح الطريق مع مصدر الإحسان وهو القرآن.
تعليق