بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
أما بعد ..
فيا ربِّ إلى مَن أشتكِي ، وأنتَ العليمُ القادر ، أم إلى مَن ألتجِئُ ، وأنتَ الكريمُ الساتِر ، أم بمن أستَنصِرُ وأنتَ الوليُّ الناصِر ، أم بمن أستغِيثُ ، وأنتَ الوليُّ القاهِر ، أم مَن ذا الذي يجبُر كسري ، وأنتَ للقُلوبِ جابِر ، أم مَن ذا الذي يغفِرُ ذنبي ، وأنتَ الرحيم الغافر ؟! أنتَ العليمُ بالسرائِر ، الخبيرُ بالضمائِر ، المطّلعُ على الخواطِر .
تعالوا نتدبر في الجزء التاسع خواتيم سورة الأعراف
أولا : سورة الأعراف تناقش قضية ( الإنسان العادي ) الذي يقف على الجسر لا إلى الجنة ولا إلى النار ، وكثير من الناس يحب ذلك ، ويظن أن هذا له خير ، مع أن الأمر جد خطير .
ثانيًا : خواتيم السورة رصدت هذه القضية من قوله تعالى :
1- " إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ "
هناك من يتولى ( أي يعرض ) وهناك من يتولى الله فيجعل الله وليه وكفيله وناصره ومدبر أمره ، فمن أنت ؟
2- "وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ "
فاللهم انصرني ولا تنصر عليَّ .
3- "وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ " أصحاب القلوب العمياء دائما لا يرون الحقيقية ولا يهتدون سبيلا ، نعوذ بالله من عمى البصائر .
4- " خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ "
الأخلاق هي الوقاية من فتنة التعامل مع الناس
" وكذلك جعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون "
5- " وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "
طريقة التعامل مع عقبات الطريق ، وأخطرها الشيطان ، ومقاومته باللجوء لله تعالى ، فهو السميع لاستعاذتنا والعليم بقلب المستعيذ ، فلابد من توافق القلب واللسان .
6- " إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ " الفتنة قدر ، والإنسان خلق مفتنا توابا نسيا ، لكن المؤمن يعرف من الفاجر بأنه إذا ذُكر تذكر .
7- " وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ "
ائتلاف شياطين الجن والإنس لمقاومة المؤمنين .
8- " وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ "
هذه جرعة دواء تلاوة القرآن وتدبره وأثرها
" البصيرة " و" الهداية " و " الرحمة "
شريطة تحقق الإيمان واليقين
9- " وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ "
هذا وقود الإيمان
" لعلكم ترحمون "
ويتحقق بالإصغاء للقرآن فلاحظ هذا الدواء في قيام الليلة .
10- " وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ "
وصفة الذكر الفعالة لعلاج الغفلة بشروط خمسة لا تغفل عنها لتحقيق أفضل النتائج .
11- " إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ "
إنه علاج الآفة الثانية المسببة لظاهرة ( إنسان الأعراف ) إنه مرض الكبر وعلاجه بالتسبيح لله وأعني على نفسك بكثرة السجود .
أيها الأخوة والأخوات ...
صفة المتقين اليوم : الجد في مذاكرة القرآن كما طبقنا .
قال تعالى : " وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "
أما العمل :
فأريد اليوم أن تجتهدوا أكثر في ميدان الذكر ، مع التنويع بين الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتسبيح والتحميد والتهليل والحوقلة ونحو ذلك .
دعاء وتضرع :
اللهُمّ إنّي أستغفِرُكَ مِن كُلِّ ذنبٍ ، فإنّي ظلمتُ نفسِي ظُلماً كثيراً كبيراً ، ولا يَغفِرُ الذنُوبَ إلاّ أنتَ ، فاغفِر لي مَغفرةً مِن عندِك ، وارحمني إنّك أنتَ الغفُورُ الرحيمُ .
اللهُمّ إنّي أستغفِرُكَ مِن كُلِّ ذنبٍ ، إنّك أنتَ ربي ، لا إله إلاّ أنتَ ، وأنا عبدُك الأثيمُ ، يا مَن لا تَضرّه مَعصيتي ، ولا تنفعُه طاعتي ، إنّي ظلمتُ نفسِي بجهلي ، واعترفتُ بذنبي، وتُبتُ إليكَ مِن إصراري وتَفريطِي ، فاغفِر لي ، فإنّه لا يغفِرُ الذنُوبَ إلاّ أنتَ ، فَصَلِّ يَا رَبِّ وَسَلِّم وَبَارِك عَلَى سَيِّدِنا محمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا محمَّدٍ ، وَاغفِر لي يَا خَيرَ الغَافِرينَ .
وصايا ايمانية للشيخ هانى حلمى
الكلم الطيب
تعليق