لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ ( 12 ) لِيَوْمِ الْفَصْلِ ( 13 )سورة المرسلات
لن يتم حسم كل القضايا في الدنيا سيبقى الكثير منها عالقاً ليوم القيامة
فاحذروا الظلم وأعراض الناس وحقوقهم
إذا ما الظلوم استوطأ الظلم مركباً ... ولج عتواً في قبيح اكتسابه
فكله إلى صرف الزمان وعدله ... سيبدو له ما لم يكن في حسابه
( وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا )
وإن كان الذي من عمل الحسنات، أو عليه من السيئات وزن حبة من خردل أتينا بهايؤتي بها لك وعليك، ثم يعفو إن شاء أو يأخذ
قال أبو العيناء: "كان لي خصوم ظلمة، فشكوتهم إلى أحمد بن أبي داود، وقلت: قد تضافروا عليَّ وصاروا يدًا واحدة، فقال:{يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح من الآية:10]، فقلت له: إن لهم مكرًا، فقال: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ} [فاطر من الآية:43]، قلت: هم من فئة كثيرة، فقال: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة من الآية:249]".
{ ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون } (هود:113). لفظ (الركون) دال على النهي عن الميل إلى الذين جعلوا الظلم شعارهم، وتخطوا حدودهم، وجاوزا خط الاعتدال، وداسوا كرامة الحقوق، وجعلوا الدنيا أكبر همهم، ومبلغ علمهم، وتجردت قلوبهم من خشية الله.
{ الذين ظلموا } للمفسرين قولان مشهوران في تحديد المراد بـ { الذين ظلموا }،
الأول: أن المراد أهل الشرك تحديداً، فتكون الآية خطاب للمؤمنين باجتناب أهل الشرك والبعد عنهم.
الثاني: أن المراد أهل الظلم من المشركين والمسلمين، فيكون اللفظ عاماً، يشمل كل ظالم سواء أكان مؤمناً أم كافراً.
وقد رجح القرطبي أن المراد من الآية أهل الظلم عموماً، فقال: وهذا هو الصحيح في معنى الآية؛ وأنها دالة على هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم؛ فإن صحبتهم كفر أو معصية؛ إذ الصحبة لا تكون إلا عن مودة.
قول الحسن البصري المتعلق بهذه الآية الكريمة، حيث قال: جعل الله الدين بين لاَئين: { ولا تطغوا }،{ ولا تركنوا }. فقد لخص الحسن الدين كله بأمرين: النهي عن الطغيان، والنهي عن الركون إلى الظالمين. وفي هذا دلالة على أهمية تجنب الركون إلى أهل الظلم؛ لما في ذلك من توهين لأمر الدين، وإضعاف لشأنه.
ما أظن ظالما يتمعن في قول الله (هل يُهلك إلا القوم الظالمون) ثم تطيب نفسه أن يظلم أو يسكت عن ظلم.
من عقوبة الظلم أن يسلط الله على الظالم من هو أظلم منه ( وكذلك نولّي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون)
يشرع الحمد عند هلاك الطاغية وزوال دولة الظلم (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
آية نحتاجها إليها كثيرا في عصرنا. { وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ } حتى وإن طال الزمن فالنصر آت لا محالة.
قال سفيانُ بن عُيَيْنةَ : هي تَسليةٌ وتصبير للمَظلومِ وتَهديدٌ للظّالمِ
{فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ. فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ}. إنّ ما حدث لفرعون وقومه عبرة لكل ظالم ومتجبر في كل زمان ومكان،
وهو أيضاً عبرة لكل شيطان أخرس، ولكل ساكت عن الظلم...
بشرى لكل مظلوم
نعم بشراك ,,
بشرى لك إن صبرت ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ )
بشرى لك إن عفيت ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ..
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
بشرى لك
فالله منتصر لك
يقول الله سبحانه عز وجل فى الحديث القدسى : (( وعزتي وجلالي لانصرنك ولو بعد حين))
والله لتأخذن حقك يا مظلوم وان لم تأخذه في الدنيا فستأخذه يوم القيامه
ووالله لن تفلت بظلمك يا ظالم وسترد الحقوق الى اهلها مهما طال الزمان
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقضى بينها يوم القيامة: فقال: لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء -التي بدون قرون- من الشاة القرناء. رواه مسلم.
وقال ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً [النبأ: من الآية40].وقيل: إنما يود ذلك حين يحكم الله بين الحيوانات التي كانت في الدنيا فيفصل بينها بحكمه العدل الذي لا يجور، حتى إنه ليقتص للشاة الجماء من القرناء، فإذا فرغ من الحكم بينها قال لها: كوني تراباً فتصير تراباً، فعند ذلك يقول الكافر: ياليتني كنت تراباً أي كنت حيواناً فأرجع إلى التراب، وقد ورد معنى هذا في حديث الصور المشهور، وورد فيه آثار عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو وغيرهما.
{قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا } لماذا قال : ( مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ) ولم يقل : ما كتب الله علينا ؟.
لأن المصيبة للمؤمن دائماً تكون له ، أي : في حسناته ؛ لأنه يصبر ، فلا يصيب المؤمن شيء إلا وهو خيرٌ له ، ولذلك قال في الآية : ( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ) ولم يقل : علينا . أ.هـ
حديث أبي يحي صهيب بن سنان قال : قال رسول الله : ( عجبا لأمر المؤمن ، إن أمره كله له خير ؛ وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن : إن أصابته سرء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ) رواه مسلم .
الشيخ محمد المنجد
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا )إذا مررت بهذه الآية، فسل ربك الأُوليين، واستعذ به من الثالثة.
الشيخ/عمر المقبل
ينبغي أن تكون بطانة الحاكم محل شكّه كما أنها محل تصديقه ، فيختبر صدقها حتى لا تُضل الأمة ، قال سليمان للهدهد ( قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْكَاذِبِينَ )عبدالعزيز الطريفي
انبهار الهدهد بحضارة سبأ لم يحجبه عن رؤية كفرهم، قال: إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ( 23 ) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ الشيخ عبد العزيز الطريفي
(تأكد أنك مهما أخفيت في نفسك فسوف يظهره الله على فلتات لسانك أو حركات جوارحك ، قال تعالى ( والله مخرج ما كنتم تكتمون ) سلطان عبدالله العمري
*بالصدق بالأقوال و العدل بالأفعال تصلح جميع الأحوال،
( وقولوا قولا سديدا (70) يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ..)
لا يوجد في قاموس المؤمن حظ، ولا الأيام طحنته، ولا قلب الدهر له ظهر المِجَن، ولا حظُّه سيِّئ، لم يُعطَ حظًّا كما ينبغي، هذا كله كلام لا معنى له إطلاقاً..
لذلك سر إخفاق الكفَّار أنهم ما رأوا في الدنيا إلا أنها كل شيء، ما رأوها ممراً، رأوها مقرَّاً، ما رأوها دنيا، رأوها عُليا، ما رأوها فانية، رأوها باقية، لا تبقى لأحد..
﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا ﴾
« الدهر يُخلِق الأبدان ( أي يُتلفها )، ويُجدّد الآمال، ويُقرّب المَنيّة، ويُباعد الأُمنيّة. مَن ظَفِرَ به تَعِب، ومَن فاتَه نَصِب » ( بحار الأنوار 67:78 / ح 8 ـ عن: المناقب لابن الجوزي:77
قال ابن القيم:
أفضل ما اكتسبته القلوب هو العلم والإيمان، وقد جمعهما الله في أكثر من آية
(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )
ولا خير في علم لا يصدقه العمل ولا في أقوال لا تصدقها الأفعال :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ) الصف/2- 3
الإسلام يدعو إلى تعلم سائر العلوم النافعة والعلوم درجات فأفضلها علم الشريعة ثم بقية العلوم .
وأفضل العلوم على الإطلاق , علوم الشريعة التي يعرف بها الإنسان ربه , ونبيه ودينه , وهي التي أكرم الله بها رسوله وعلمه إياها ليعلمها الناس : ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) آل عمران/
﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْكَفُورًا ﴾قال صلى الله عليه وسلم:
( السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ) متفق عليه.
من الغبن الكبير والخسارة العظيمة أن يبيع المسلم دينه بدنيا غيره، أو أن يتخلى عن شرفه ومروءته وأخلاقه من أجل مالٍ قليل أو جاه زائل أو منصب لا يدوم.
﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾
يا من يذنب ويا من يظلم ويعمل أعمال السوء يدعوكم أن تتوبوا وتستغفروا وترجعوا، ويخبركم أنه قابل وغافر لكل ذلك، ثم يحذرنا أخيراً عن أمر في غايةِ السوء والقبح: وهو أن الإنسان يعمل السوءَ ثم يرمي به غيرَه ويحيلُه إلى سواه، ويوهمُ الناسَ أنه بريءٌ من ذلك، وهو الذي أجرم ، هو الذي تسبب في الأذية، هذا قد يمر عن الناس ويخفى عليهم، لكنه لا يخفى على الله:
﴿ وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ سوف يجده في ميزانه وصحيفته المظلمة التي يأخذها بشماله، وهناك سيقول: ﴿ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ﴾
﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)
إذا لم يتيسر لك الحج هذا العام !!
۞ قال ابن رجب رحمه الله تعالى:
●● من لم يستطع الوقوف بعرفة.
فليقف عند حدود الله الذي عرفه.
●● ومن لم يستطع المبيت بمزدلفة.
فليبت على طاعة الله ليقربه ويزلفه.
●● ومن لم يقدر على ذبح هديه بمنى.
فليذبح هواه ليبلغ به الُمنى.
●● ومن لم يستطع الوصول للبيت لأنه بعيد.
فليقصد رب البيت فإنه أقرب إليه من حبل الوريد.
[ لطائف المعارف ص 633 ]
قال تعالى في سورة الكهف : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ) .
قالت الحكماء : شبه الله سبحانه وتعالى الدنيا بالماء ؛ لأن الماء لا يستقر في موضع ، كذلك الدنيا لا تبقى على واحد ، ولأن الماء لا يستقيم على حالة واحدة ؛ كذلك الدنيا ، ولأن الماء لا يبقى ويذهب كذلك الدنيا تفنى . ولأن الماء لا يقدر أحد أن يدخله ولا يبتل كذلك الدنيا لا يسلم أحد دخلها من فتنتها وآفتها ، ولأن الماء إذا كان بقدر كان نافعاً منبتاً ، وإذا جاوز المقدار كان ضاراً مهلكاً ، وكذلك الدنيا الكفاف منها ينفع وفضولها يضر . الجامع لأحكام القرآن للقرطبي .
انظر إلى قلبك !
فأنت وحدك دون الناس من يبصره! قد ينظر الناس إلى هيئتِك، إلى عملك، إلى تصرّفاتك، إلى سلوكك، لكنهم لا يرون ما انطوى عليه قلبك، فانظر أنت إلى قلبك وفتشه، هل فيه غِش؟ هل فيه حِقد؟ هل فيه مرض؟ قبل أن يجيء العرض على ربك الذي لا تخفى عليه خافية {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق:9] هناك {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العاديات:10].
قال تعالى : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا.)
من طلب من الفقراء الدعاء أو الثناء خرج من هذه الآية ، ولهذا كانت عائشة إذا أرسلت إلى قوم بهدية تقول للمرسول :اسمع ما دعوا به لنا حتى ندعو لهم بمثل ما دعوا ويبقى أجرنا على الله ابن تيمية ـ مجموع الفتاوى .
قال تعالى في شأن الصدقات : ( وإن تخفوها وتأتوها الفقراء فهو خير لكم ) .
تأمل تقييده تعالى الإخفاء بإيتاء الفقراء خاصة ، ولم يقل : وإن تخفوها فهو خير لكم ، فإن من الصدقة ما لايمكن إخفاؤها كتجهيز جيش وبناء قنطرة وإجراء نهر أو غير ذلك . وأما إيتاؤها الفقراء ، ففي إخفائها من الفوائد : الستر عليه ، وعدم تخجيله بين الناس وإقامته مقام الفضيحة ، وأنه فقير لا شيء له فيزهدون في معاملته ومعاوضته . وهذا قدر زائد من الإحسان إليه بمجرد الصدقة . فكان إخفاؤها للفقراء خير من إظهارها بين الناس .
ابن القيم ـ طريق الهجرتين وباب السعادتين .
قال تعالى : ( وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ)
تأمل سياق هذه الآية العظيمة الواردة للتهديد والوعيد والتهويل تجده جاء بأسلوب بديع :
( المس ) هو الإصابة الخفيفة ، و ( النفحة ) القليل من الشيء ، و ( من ) دالة على التبعيض ، و( العذاب ) أخف من النكال ، و ( ربك ) هذا يدل على الشفقة .
إن من سيكون هذا واقعه عند أول نفحة تصيبه من بعض عذاب رب رحيم ، كيف سيصبر على أنكال لدى الجبار ؟ ! إنه لحري به أن يبادر إلى ما ينجيه منه .
صالح العايد ـ نظرات لغوية في القرآن الكريم
قد يسلم النائي من البلاء ويُبتلى المؤمن لمباشرته لأمر الله فيظن السالم من البلاء أنه كان مصيباً بحذره، حيث سلم وأُوذي غيره، والحق أنه مبتلى لأنه ابتلي في دينه بتركه أمر الله، ورأى سلامة دنياه فقط، وهكذا كان المنافقون يحللون نتائج السلامة مع النبي صلى الله عليه وسلم (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ ) أي قد أخذنا حذرنا فتخلفنا عنك يا محمد فنزل البلاء بك وحدك !
والسلامة من البلاء لا تعني سلامة المنهج، بل ربما تعنى عكسه..
(ثمن الاتباع ليس سلامة الدنيا بل سلامة الآخرة،ولو كانت السلامة الدنيوية بقدر الاتباع لما نُشر زكريا وقُتل ابنه يحيى وسُجن يوسف وضُرب محمد وحُوصر وطُرد، وكلهم أنبياء).
د.عبد العزيز الطريفي
( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ) هناك خصله من خصال النفاق تنفرد بها النساء دون الرجال .
ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (- خَيْرُ نِسائِكُمُ الوَدُودُ الوَلودُ ، المُوَاتِيَةُ ، المُوَاسِيَةُ ، إذا اتَّقَيْنَ اللهَ ، و شَرُّ نِسائِكُمُ المُتَبَرِّجَاتُ المُتَخَيِلاتُ ، وهُنَّ المُنافِقَاتُ ، لا يدخلُ الجنةَ مِنْهُنَّ إلَّا مثلُ الغُرَابِ الأَعْصَمِ )الراوي : أبو أذينة الصدفي | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحةالصفحة أو الرقم: 1849 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
عبد الرحمن السحيم
لما ذكر الله تعالى آيات الحجاب في سورة الأحزاب في قوله تعالى : { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} أعقبها بقوله { لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ...} وهكذا تجد آيات الحجاب مصاحبة لآيات التحذير من المنافقين ومرضى القلوب ، وقد تعدد هذا في سورة الأحزاب وسورة النور والواقع شاهد ذلك.
[باسل الرشود ].
كيف لنا بالأمان من النفاق !؟
وقد ذكر ربنا عاقبته الوخيمة المخزية الفضيعة أجارني الله وإياكم منها .. !
فقال -جل جلاله- : ( إِنَّ المُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) ففتِّش نفسَك: هل أنت سالم من ذلك؟
" إذا رأيت الصلاة ثقيلة عليك ، حتى ولو كانت نافلة ، فاعلم أن في قلبك نفاقاً ، لأن هذا شأن المنافقين ، الذين قال الله فيهم { وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى } النساء ، وإذا رأيت من قلبك خفة واستبشاراً فاعلم أن هذا دليل على قوة إيمانك .
ابن عثيمين ، شرح صحيح مسلم ( ح :15)
إذا وجدت من نفسك كسلاً عن الطاعات فاحذر أن يصيبك ما أصاب أهل هذه الآية: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة : 46].
د. عمر المقبل.
صدق الحسن البصري-رحمه الله-حينما قال: (لا يخاف النفاق إلا مؤمن،ولا يأمنه إلا منافق)
وهذا خير البشرية صلى الله عليه وسلم كان يقول يامقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك)
فما أحوجنا إلى أن نردد هذا الدعاء بعدد أنفاسِنا !
لن يُخيِّب اللهُ مؤمناً جاهد نفسه ليكون قلبه لله وإلى الله وكما يحبه الله ويرضاه والذينَ جاهَدوا فينَا لنهْدِيَنَّهُم سُبُلَنٓا)
قال الحافط ابن حجر [الفتح1/111] :
(والصحابة الذين أدركهم ابن أبي مليكة، مـن أجلِّهـم: عائشـة، وأختها أسمـاء، وأم سلمـة ، والعبادلة الأربعـة، وأبو هريرة،... فهؤلاء ممن سمع منهم، وقد أدرك بالسن جماعة أجلّ من هؤلاء، كعليّ، وسعد بن أبي وقاص، وقد جزم بأنهم كانوا يخافون النفاق في الأعمال، ولم ينقل عن غيرهم خلاف ذلك، فكأنه إجماع، وذلك لأن المؤمن قد يعرض عليه في عمله ما يشوبه مما يخالف الإخلاص، ولا يلزم من خوفهم من ذلك وقوعه منهم..).
أضعف الناس يقينا الذين يقولون ما لا يفعلون وهم الأقل ثباتا على أقوالهم وأكثرهم تقلبا وانتكاسا، وأكثر المنتكسين في التاريخ منظّرون بلا عمل،هذا ما ذكره الله قال: أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226)﴾ بل وينقلبون من وإلى نفس العقيدة والفكرة التي تركوها من قبل قال الله عن دورانهم (الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا)
د.عبد العزيز الطريفي
وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا النساء 140 وفي هذه الآيه الدلالة الواضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل من كل نوع ، من المنافقين والمبتدعة والفسقة ، عند خوضهم في باطلهم.
ولا يقل عن مجالستهم : الاستمتاع و الاعجاب بما يطرحونه عبر الشاشات ، والمذياع ، والصحف و المجلات ، فينطبق عليهم ما ينطبق على من يجالسهم وجهاً لوجه.
سليمان العجلان
( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ ).. هكذا المنافق : شر على المسلمين، فإن رأى أهل الخير لمزهم، وإن رأى المقصرين لمزهم، وهو أخبث عباد الله، فهو في الدرك الأسفل من النار .
والمنافقون في زمننا هذا إذا رأوا أهل الخير و أهل الدعوة و أهل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر قالوا : هؤلاء متزمتون،وهؤلاء متشددون،وهؤلاء أصوليون،وهؤلاء رجعيون،وما أشبه اليوم بالأمس.
ابن عثيمين:تفسير القرطبي
كثير من التعجبات البشرية التي جاءت في القرآن لا مكان لها أمام قدرة الله المطلقة
أنّى يُحيي هذه الله بعد موتها ؟! أنى لكِ هذا ؟! ... أنّى يكون لي ولد ؟! ... أنّى يكون لي غلام ؟!
كيف تُحيي الموتى ؟! ... كيف نكلم من كان المهد صبياً ؟!
هذه التساؤلات والتعجبات إجابتها واحدة ...(كَذَلِكَ اللَهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ).
قال تعالى في سورة أل عمران بعد أن ذكر ما حدث لمريم من مجيء الرزق وتعجب زكريا من ذلك وإجابة مريم له قال تعالى بعدها (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ .) (هنالك) لما رأى زكريا عليه السلام الرزق يأتي بغير حساب إلى مريم قال في هذه اللحاظات التي امتلأ قلبه باليقين (رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء ) ولما تذكر عليه السلام الأسباب المانعة قال (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ..) اشغل قلبك بالله ولا تشغل قلبك بالأسباب حتى تستطيع أن تدعوَ الله وأنت موقن بالإجابة
قَالَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلْ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، وَلَكِنْ لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ "
"حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ" لاحظ كلمة (أحدهم) أي واحد منهم.. لا نعلم من هو؟
يأتي الموت فجأة لأحد الأصدقاء لأحد الأقرباء ... لا ندري من هو ؟!
( رَبِّ ... ) الآن علمتَ أن لك رب ؟! .. ماذا تريد ؟
(رَبِّ ارْجِعُونِ ) يخاطب الله عز وجل بصيغة الجمع للتعظيم ... الآن تُعظم الله؟
لماذا يريد الرجوع ؟ .. هل ترك شهوة لم يفعلها؟ ... هل نسي مالاً يريد اصطحابه معه ؟
لا.. ولكن (لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً...)
يريد أن يعمل الصالحات التي كان يجادل في حكمها ويرفض ثبوتها
ولكن للأسف ... انتهى الوقت ونفد الرصيد وسُحبت الورقة وبدأ الحساب وتستمر رحلة العذاب (وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون).
(وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) سبحان الله ، هذا جزاء من تسبب في إحياء الأبدان
فكيف بمن تسبب في حياة الروح والقلوب والوجدان.
اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى
«انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه فوالله لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم» (رواه البخاري: [3498]، ومسلم: [2406]).
﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾[ سورة القيامة : 1ـ2]في العلاقة بين الآيتين:
إن وجود الإحساس الداخلي باللوم على بعض أفعالك هو دليل على وجود لوم أكبر منه سيأتي في يوم ما، وهو يوم القيامة.
فإذا كانت الحياة عبثا كما يدعي الملحد أو بدون آخرة كما يزعم المشرك فلماذا هذا الإحساس باللوم الذي يستشعره الإنسان
لماذا يلوم نفسه على بعض أفعاله ؟ لماذا يندم؟ لماذا يتمنى العودة للماضي ليغير من أفعاله؟
كل هذه المشاعر المفطورة بداخلنا تدلنا على مجيء ذلك اليوم الذي سوف يحاسب فيه الإنسان على كل أعماله
هذه المشاعر هي واعظ الله في قلب كل مسلم
هي ضمير الإنسان وفطرته الذي يحاول الملحد والمشرك قتله أو إسكاته أو الهروب منه حتى يستطيع أن يفعل ما يشاء من معاصي كما قال تعالى:
"بل يريد الإنسان ليفجر أمامه"
يقول الطبري في معنى هذه الآية وعلاقتها بالآية قبلها :
يقول تعالى ذكره: ما يجهل ابن آدم أن ربه قادر على أن يجمع عظامه، ولكنه يريد أن يمضي أمامه قُدُما في معاصي الله، لا يثنيه عنها شيء، ولا يتوب منها أبدا.
قال الإمام الحسن : " المؤمن قوَّامٌ على نفْسه ، يحاسب نفسَه لله ، وإنّما خفَّ الحسابُ يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسَهم في الدنيا ، وإنّما شقّ الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة "
قال الحسن : " إنَّ المؤمن والله ما تراه إلا يلوم نفسه على كل حالاته يستقصرها- أي يتهمها بالتقصير- في كل ما يفعل ، فيندم ويلوم نفسه ، وإن الفاجر ليمضي قُدماً لا يعاتب نفسه . "
عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
((الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ ))[ الترمذي عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ]
قول الله تعالى عن قصة إحياء الأرض وإخراج الثمرات: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا
بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ .....)
انظر متى يتحرك السحاب في اتجاه الأرض الميتة؟
عندما يصبح (ثقالا) أي محملا بالماء ... في هذه اللحظة يرسل الله الريح لتسوقه إلى بلد ميت فيفرغ السحاب الماء على الأرض الميتة فيحيها الله بإذنه ويخرج منها من كل الثمرات.
هكذا الإنسان عندما يصبح (ثقالا) بمعاني القرآن والسنة يستعمله الله إذا كان صادقا و يبعث له أسبابا تحمله إلى القلوب الميتة فيفيض عليها من ماء الوحي فيحيها الله بإذنه ويخرج منها أنواعا من العبوديات والطاعات.
اللهم استعملنا ولا تستبدلنا.
(قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّن......)
هذه الكلمة التي تملا القلب باليقين في قدرة الله المطلقة
قالها الله لزكريا لما تعجب من مجيء الولد على الكبر
وقالها الله لمريم لما تعجبت من مجيء الولد بغير أب
وهي موجهة لكل من استبعد قدرة الله أو يأس من أمر أو عجز عن شيء أو فقد الأمل في حلم
كل شيء عليه هين سبحانه وتعالى....
فمهما كان هذا الأمر عظيما عند الناس فتذكر هذه الآية
اتهم فرعون موسى عليه السلام بالسحر، واتهم المشركون النبي صلى الله عليه وسلم بالكذب و الجنون، ووقفت عائشة رضي الله عنها مندهشة من اتهام المنافقين لها بالفاحشة، و اتٌّهم كثير من المخلصين بالكذب والحرص على المناصب و وغيرها من التهم
وأحيانا لا يملك الإنسان القدرة ليدافع عن نفسه ولكن حينما يقرأ الإنسان هذه الآية يطمئن أنه: يومًا ما ستظهر الحقيقة للجميع يقول تعالى ( سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (26)
ماذا لو ذهب موسى عليه السلام إلى السحرة بدون العصا؟! وماذا لو أنه وقف أمام البحر بدون العصا؟!
هذا حال الدعاة حينما يواجهون سحرة الإعلام بدون القرآن،
وحالهم حينما يقفون أمام بحر الشبهات والشهوات والصعاب بدون قرآن.
قال الله لموسى عليه السلام (وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ) ... وكأن العصا لا تفارق يمينه ... فلا تفارق القرآن فستحتاج إليه في أي لحظة وفي كل لحظة
( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ )
( وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ )
معنى اقترابه أنه قريب عند الله لأنه محقق الوقوع.. أو قريب بالنسبة إلى ما مضى من مدة بقاء الدنيا كقول النبي صلى الله عليه وسلم "بُعِثتُ أنا والساعة كهاتين".يعني : إصبعين . أو اقترب الحساب كناية عن اقتراب موتهم لأنهم إذا ماتوا رأوْا جَزاء أعمالهم، وذلك من الحساب.. (ابن عاشور)
مطلع قوي يهز الغافلين هزاً. والحساب يقترب وهم في غفلة. والآيات تعرض وهم معرضون عن الهدى. والموقف جد وهم لا يشعرون بالموقف وخطورته.. إنها صورة للنفوس الفارغة التي لا تعرف الجد، فتلهو في أخطر المواقف، وتهزل في مواطن الجد؛ (الظلال)
قد جعل الله رضاه في تُقاه .. فقال تعالى : "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" [آل عمران : 102] وجعل غاية العبادات كلها هي الوصول إلى ذلك المعنى ... (التقوى) !
وقد حذر بني آدم أشد تحذير من أن يُنزع عنهم ذلك اللباس (لباس التقوى)
فتُصبح أنفسهم عاريةً أمامهم بعيوبها وما جُبلت عليه من نقص !
قال عز وجل : "يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا" [الأعراف : 27]
فما يكون لها حينئذ إلا طريقين :
إما أن تتجرأ على الله بعد أن خلعت عنها كل ما يربطها به ، فتكون جنداً من جنود إبليس -كما فعل هو- !
وإما أن تحاول أن تستر عيوبها -كما فعل آدم وزوجه- بأي شئ لتستطيع مواصلة الطريق !
ولكن .. لا ستر إلا بالتقوى ..
(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)
لأنه لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ،،
ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ..والتقوى ها هنا (في القلب) ..
فلا تزكي نفسك !
فهي الأمارة بالسوء .. التي تُخفي عنك من عيوبها ما لا تراه ، حتى توضع في الاختبار
فيظهر منك ما لم تكن تحتسب .. فما خفي عليك منها كان أعظم !
(إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)
وكأنما يقول له : فاتقِ الله ، واستقم على طريقه يكن لك من الله ما كان لي ،
فليس عند الله محاباة .. وإنما أكرم الناس على الله ، أتقاهم له !
«لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ»
موعظة للإنسان أو ذم لأخلاقه في غفلته وإعراضه عن داعي الله تعالى، وذلك أن القرآن نزل عليهم وفهموه وأعرضوا عنه، وهو لو نزل على جبل وفهم الجبل منه ما فهم الإنسان لخشع واستكان وتصدع خشية الله تعالى، وإذا كان الجبل على عظمه وقوته يفعل هذا فما عسى أن يحتاج ابن آدم يفعل؟
لكنه يعرض ويصد على ضعفه، وضرب الله تعالى هذا المثل ليتفكر فيه العاقل ويخشع ويلين قلبه
اتهم فرعون موسى عليه السلام بالسحر، واتهم المشركون النبي صلى الله عليه وسلم بالكذب و الجنون، ووقفت عائشة رضي الله عنها مندهشة من اتهام المنافقين لها بالفاحشة، و اتٌّهم كثير من المخلصين بالكذب والحرص على المناصب و وغيرها من التهم
وأحيانا لا يملك الإنسان القدرة ليدافع عن نفسه ولكن حينما يقرأ الإنسان هذه الآية يطمئن أنه: يومًا ما ستظهر الحقيقة للجميع يقول تعالى ( سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (26)
حينما تنظر في قوة أهل الباطل وما معهم من عدة وعتاد وتتأمل في استغنائهم واستكبارهم يكاد اليأس أن يتسرب إلى قلبك ...
ثم تقرأ هذا الاستفهام الرباني الذي يعيد الأمور مرة أخرى إلى نصابها ويذكرك بالحقائق الغائبة .. (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ ؟ قوله تعالى: (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّك)َ بمنزلة قوله: أم عندهم الاستغناء عن الله في جميع الأمور، لأن المال والصحة والقوة غير ذلك من الأشياء كلها من خزائن الله (تفسير ابن عطية)
قوله تعالى (أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُون) أيَ الأرباب الغالبون، حتى يدبروا أمر الربوبية ويبنوا الأمور على إرادتهم ومشيئتهم؟ ( تفسير الزمخشري)
أحيانا تمر على الإنسان ابتلاءات صعبة وأوقات شديدة قد يتمنى فيها الموت ولايعلم أن هذه اللحظات هي بداية الفرج وظهور النور. في هذه الآية تقول السيدة مريم (يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا) ولا تعلم أن هذه اللحظات هي ولادة عيسى عليه السلام من أولي العزم من الرسل يجدد من اندثر من الدين ويكون آية للناس. فمهما مرّت عليك من ابتلاءات فاعلم أنّ مع العسر يسرًا.
ذكر الله قصة نوح عليه السلام في أكثر من موضع في كتابه الكريم ولكن هذا الموضع اختصه الله بشيء خاص
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (15)
هذا الموضع من سورة العنكبوت (سورة مكية) لم يتجاوز الآيتين ولكن اختصه الله بمدة الدعوة (950 سنة) مدة طويلة جدا. تخيل وقع هذه الآية على الصحابة وما قد تحمله لهم من معاني . عندئذ لا يتعجل الإنسان النصر ويكل الأمر إلى الله كله إلى الله ... ولكن هل تعلم أن سورة العنكبوت آخر سورة مكية (تقريبا أو قبل الأخيرة) ثم جاءت بعدها الهجرة مباشرة ثم الدولة في أقل من بضع سنوات على الأكثر. وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)
"ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون (33) ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون (34) وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين (35) "
يخبرنا الله عز وجل أنه سبحانه لو كان أعطى للكافر جزاءً لكفره بالله زخارفَ الدنيا لدرجة أن يتحول أثاث بيته إلى ذهب وفضة ، لو كان فعل ذلك لتسارع أغلب الناس إلى الكفر وأصبحوا أمة واحدة مجتمعة على الكفر بالله لشدة حرص الناس على زخارف الدنيا حتى لو أدى هذا لكفرهم بالله والعياذ بالله.
وهذا يوضح شدة تأثير زخارف الدنيا على الناس وقدرتها على فتنتهم عن دينهم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ( أن الرجل يصبح مؤمنا ويُمسي كافرا) ما سبب هذا التحول المفاجئ؟!
يقول النبي صلى الله عليه وسلم (يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل)
فلو سألنا كيف يثبت الإنسان أمام هذه الزخرفة ولا يُفتن بها؟
يقول الله : وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)
أي ومن يتعامى عن القرآن يقيض الله له شيطانا يخدعه ويصاحبه ولا يتركه حتى يموت.
إذن كلما ارتبط الإنسان بالقرآن رأى هذه الزخارف على حقيقتها ولا يفتن بها
في الآيةِ كلمةٌ واحدةٌ لو عقلَها الإنسانُ لاقشعرَّ جلدُه، هذه الكلمةُ " و آثارهم " إنسانٌ طلَّق زوجتَه طلاقا تعسُّفِيًّا، الزوج له مظهرٌ ديني و كان طلاقُه تعسُّفِيًّا، فلما رأتْ زوجَها طلَّقها طلاقا تعسُّفيا أرادت أن تنتقم منه و من دينه فسكَرَتْ و انحرفتْ فإذا سقطتْ أو تزوّ*َجتْ من فاسقٍ أو أنجبتْ بنتا ربَّتْها على منوالها، فكلُّ الفساد الذي سيظهر من هذه المرأةِ بسبب الطلاق التعسُّفي الذي طالها من زوجها، فآثارُ هذا الطلاقِ وما جرَّ من انحرافٍ و إثمٍ و من فتياتٍ فاسداتٍ ومن ذرِّيةٍ فاسدةٍ إلى يوم القيامة هو بسب الطلاق التعسُّفي الذي أوقعه الزوجُ ظلمًا على زوجته، فانتقمت منه ومن دينه، هذه هي الآثارُ، إنسانٌ أراد أن يعلِّم ابنَه اللغةَ الأجنبيةَ فأرسله إلى بلدٍ وهو يعرف أن ابنَه ذو مقاومةٍ هشَّةٍ، فجالس مع أسرةٍ متفلِّتةٍ و زلَّتْ قدمُه فانحرفَ، و رجع إلى بلاد المسلمين في حالٍ أخرى، و رفض دينَ أُمَّتِه، و انحلَّتْ أخلاقُه و أتى بامرأةٍ أجنبيةٍ فسقتْ و فجرتْ في بلاده، كلُّ هذا الفسقُ و الفجورُ بسببِ قرار الأبِ غيرِ الحكيمِ، أحيانا الإنسانُ يسهِم في عملٍ يستمرُّ من بعده بشكلٍ سيئ كأنْ يؤَسِّس مشروعًا لا يرضِي اللهَ تعالى و مات بعد ذلك، فالآثارُ المترتِّبةُ عن هذا المشروع في صحيفة الذي أسَّسهُ إلى يوم القيامةِ،
سهرةٌ مختلَطةٌ صار فيها إعجابٌ و هاتفٌ و زيارةٌ مفاجئةٌ و بعدها خيانةٌ زوجيةٌ، فالذي دعا إلى وليمةٍ و قال: نحن هكذا علَّمنا أبونا و لم يعبأ بقواعد الشرعِ، و من خلال هذا اللقاءِ المختلَطِ انتهى الأمرُ إلى خيانةٍ زوجيَّةٍ و إلى طلاقٍ و إلى تشرُّد الأولادِ، وهذه الآثارُ في صحيفة الذي دعاهم
الإنسانُ إذا لم يربَّي ابنَه و ترك له مالًا وفسق به الابنُ لجهله فالأبُ محاسَبٌ عنه، ترك له مالا و لم يترك له علما، فالأبُ يقول:يا أهلي يا ولدي لا تلعبَنَّ بكم الدنيا كما لعبَتْ بي، جمعتُ المالَ مما حلَّ و حرم فأنفقْتُه في حِلِّه و في غير حِلِّه فالهناءُ لكم و التَّبِعةُ عليَّ، و قبل أن تجمع بين رجلٍ و امرأةٍ لا يحِلُّ لهما أن يجتمعا و قبل أن تطلِّق طلاقا تعسُّفِيا و قبل أن تبيعَ بضاعةً يمكن أن تُوَظَّف في الباطل فكلُّ ما يجري من هذه البضاعةِ من المعاصي في صحيفة الذي اشتراها و باعها و تاجر بها، فالمؤمن يقف وقفةً متأنيَّةً عند كلَّ عمل له آثارٌ لا يحكمها و لا يسيطر عليها، فأيُّ عمل أو سلوكٍ أدى إلى معصيةٍ واستمرَّتْ هذه المعصيةُ ففي صحيفة الذي فعله أوَّلَ مرةٍ، رجلٌ جاء من السعودية إلى الشام بسيارته، و دخل إلى ورشةِ الصيانةِ من أجلِ صيانةِ بعضِ أجزاء السيارةِ، صاحب المحلِّ كلَّف صانعا صغيرا أن يراقب الموضوعَ، هذا الصانعُ ما ضبط هذه الآلةَ هرب منها الزيتُ و بعد حينٍ توقَّفت السيارةُ، و الحَرُّ 57 درجة وخرج صاحبُ السيارة لينظر في الخللِ فأكل ضربةً من الشمسِ أودتْ بحياته، هذا الذي كل*فَ الصانعَ لضبط الخلل يُبنَى عليه سلامةُ أسرةٍ أليس محاسبًا عند الله عز وجل ؟ و أحدُ الأخوة الكرام أطلعني على رقبته تقريبا عشرون حبَّةٍ مخيفةٍ بقيَ يعالجها سنواتٍ، و السَّببُ أن شفرةَ الحلاقة كان ملوَّثا فسبَّبَ جرثومًا و لم تنتهِ هذه المشكلة، فالإنسانُ الذي لم يهتم بمصلحته و لم يعقِّم أدواته يحاسَبُ عند الله تعالى، فأيُّ مضاعفاتٍ تنتج عن سلوكٍ وعن وعيٍ فالإنسانُ محاسَبٌ عنه،
فمن عمل عملا أصرَّ عليه و لم يندم عليه و لم يستغفرْ منه و فعَلَه عن قصدٍ و تصميمٍ سُجِّلَ عليه، و آثارُ هذا العملِ باقيةٌ في صحيفته إلى يوم القيامةِ، و لو فرضنا أنَّ فتاةً بريئةً من الممكنِ أن تكون زوجةً ثم تغدو أمًّا، لها زوجٌ يحترمها و يحبُّها و يرعى شؤونَها و ينفق عليها و أنجبتْ له الأولادَ يحبُّون أمَّهم و يعطفون عليها ثم أصبحتْ جدَّةً لها أولادُ الأولادِ و هي في أعلى مكانةٍ، و لو أنَّ شابا أغوى فتاةً و زنى بها وهذه خافتْ الفضيحةَ فهربتْ و لا تملك من حطامِ الدنيا إلا جمالها و امتهنت الدَّعارةَ، هذه الفتاةُ إذا جاء من نسلها مليون فتاةٍ فاسدةٍ إلى يوم القيامة كلُّ هؤلاء الفتيات الفاسداتِ في صحيفة الذي زنى بها أول مرةٍ،
ويمكن لك أن تسافر إلى بلدٍ تهدي إنسانًا و تغيبُ عنه سنوات فتجدُ الآلافَ من الناسِ على الطريق المستقيمِ، كلُّهم من إنسانٍ واحدٍ و أنت سببُ هدايته، و كلُّهم في صحيفتك،
راتب النابلسى
موسوعة النابلسي للعلوم الاسلامية
- لا تُقْتَلُ نفسٌ ظُلْمًا ، إلا كان على ابنِ آدمَ الأولَ كِفْلٌ من دمها . لأنَّهُ كان أولُ من سَنَّ القتلَ
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 1677 | خلاصة حكم المحدث : صحيح |
انظر شرح الحديث رقم 14900
والحديث واضح في أن ابن آدم (قابيل) عليه نصيب وجزء من وزر كل قاتل يَقتل ظلماً ، لأنه أول من سن القتل ، وقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث جرير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ". وسن السنة السيئة على قسمين : قسم لم يكن موجوداً في الأصل ويكون صاحبه أول من عمله ، فهذا – إذا لم يتب منه – فعليه نصيب من وزر من عمل به كما كان من قابيل حيث إنه لم يتب من ذنبه الذي فعله "فأصبح من الخاسرين" وأما قوله تعالى "فأصبح من النادمين" فلم يكن هذا ندم توبة وإنما كان ندمه على فقده لأخيه لا على قتله إياه وارتكابه هذا الذنب ، قال ابن عباس: ولو كان ندامته على قتله لكانت الندامة توبة منه
اسلام ويب
قوله تعالى:” وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ"
العبرة ليست بعدد السنين التي نعيشها، بل بعدد الآثار التي نتركها، فلنحرص على ترك الأثر!
(ريم العمود )
تعليق