إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

آيات وأسرار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • آيات وأسرار

    نبه الله بقوله‏:‏ ‏{..َإِلَيْهِ النُّشُورُ}‏ .. على أنَّا في هذا المسكن غير مستوطنين ولا مقيمين، بل دخلناه عابري سبيل .. فلا يحسن أن نتخذه وطنًا ومستقرًّا، وإنما دخلناه لنتزوَّد منه إلى دار القرار ..فهو منزل عبور لا مستقر حبور، ومعبر وممر لا وطن ومستقر‏.‏



    قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]

    فأمرهم بالصبر: وهو حال الصابر في نفسه، والمصابرة: وهي حاله في الصبر مع خصمه، والمرابطة: وهي الثبات واللزوم والاقامة على الصبر والمصابرة.
    فقد يصبر العبد ولا يصابر، وقد يصابر ولا يرابط، وقد يصبر ويصابر ويرابط من غير تعبُّد بالتقوى .. فأخبر سبحانه أن ملاك ذلك كله التقوى، وأن الفلاح موقوف عليها فقال تعالى {.. وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
    فالمرابطة كما أنها لزوم الثغر الذي يُخاف هجوم العدو منه في الظاهر، فهي لزوم ثغر القلب لئلا يدخل منه الهوى والشيطان فيزيله عن مملكته.






    {..وَيَوْم حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتكُمْ ..} [التوبة: 25]


    قَالَ رَجُل يَوْم حُنَيْنٍ : لَنْ نُغْلَب الْيَوْم مِنْ قِلَّة , فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ الْهَزِيمَة .." رَوَاه يُونُس بْن بُكَيْر فِي " زِيَادَات الْمَغَازِي " عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس
    قال ابن القيم زاد المعاد (3/477) : " واقتضت حكمته سبحانه أن أذاق المسلمين أولاً مرارة الهزيمة والكسرة مع كثرة عَدَدِهم وعُدَدِهم وقوة شوكتهم ليضع رؤوسا رفعت بالفتح ولم تدخل بلده وحرمه كما دخله رسول الله واضعا رأسه منحنيا على فرسه حتى إن ذقنه تكاد تمس سرجه تواضعا لربه وخضوعا لعظمته واستكانة لعزته " انتهى .

    وقال الله تعالى : ( وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ) آل عمران/141

    قالبلاء درسٌ من دروس التوحيد والإيمان والتوكل
    يطلعك عمليّاً على حقيقة نفسك لتعلم أنك عبد ضعيف، لا حول لك ولا قوة إلا بربك، فتتوكل عليه حق التوكل، وتلجأ إليه حق اللجوء، حينها يسقط الجاه والتيه والخيلاء، والعجب والغرور والغفلة، وتفهم أنك مسكين يلوذ بمولاه، وضعيف يلجأ إلى القوي العزيز سبحانه.

    قال ابن القيم : " فلولا أنه سبحانه يداوي عباده بأدوية المحن والابتلاء لطغوا وبغوا وعتوا ، والله سبحانه إذا أراد بعبد خيراً سقاه دواء من الابتلاء والامتحان على قدر حاله ، يستفرغ به من الأدواء المهلكة ، حتى إذا هذبه ونقاه وصفاه : أهَّله لأشرف مراتب الدنيا ، وهي عبوديته ، وأرفع ثواب الآخرة وهو رؤيته وقربه " انتهى .

    " زاد المعاد " ( 4 / 195 ) .





    قوله تعالى {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 245]

    فصدَّر سبحانه الآية بألطف أنواع الخطاب، وهو الاستفهام المتضمن لمعنى الطلب .. وهو أبلغ في الطلب من صيغة الأمر.
    والمعنى: هل أحد يبذل هذا القرض الحسن فيجازى عليه أضعافًا مضاعفة؟
    وحيث جاء هذا القرض في القرآن قيَّده بكونه حسنًا، وذلك يجمع أمورًا ثلاثة:
    أحدها: أن يكون من طيب ماله لا من رديئه وخبيثه ..
    الثاني: أن يخرجه طيبة به نفسه ثابتة عند بذله ابتغاء مرضاة الله ..
    الثالث: أن لا يَمُنَّ به ولا يؤذي ..
    فالأول يتعلق بالمال، والثاني يتعلق بالمنفق بينه وبين الله، والثالث بينه وبين الآخذ،،




    قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ..} [العنكبوت: 69]
    عَلَّق سبحانه الهداية بالجهاد، فأكمل الناس هداية أعظمهم جهادًا ..
    وأفرض الجهاد: جهاد النفس، وجهاد الهوى، وجهاد الشيطان، وجهاد الدنيا ..
    فمن جاهد هذه الأربعة في الله هداه الله سُبُل رضاه الموصلة إلى جنته، ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطل من الجهاد.
    قال الجنيد: "والذين جاهدوا أهواءهم فينا بالتوبة، لنهدينهم سبل الإخلاص" .. ولا يتمكن من جهاد عدوه في الظاهر إلا من جاهد هذه الأعداء باطنًا ..
    فمن نُصِرَ عليها نُصِرَ على عدوه، ومن نُصِرَت عليه نُصِرَ عليه عدوه.
    أن الذنوب إذا تكاثرت، طُبِعَ على قلب صاحبها فكان من الغافلين ..


    يقول تعالى {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14]
    قال بعض السلف: هو الذنب بعد الذنب.
    وقال الحسن: هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب.
    وقال غيره: لما كثرت ذنوبهم ومعاصيهم أحاطت بقلوبهم.
    وأصل هذا أن القلب يصدأ من المعصية .. فإذا زادت غلب الصدأ حتى يصير رانًا، ثم يغلب حتى يصير طبعًا وقفلاً وختمًا فيصير القلب في غشاوة وغلاف .. فإذا حصل له ذلك بعد الهدى والبصيرة، انتكس فصار أعلاه أسفله فحينئذ يتولاه عدوه ويسوقه حيث أراد.


    قوله تعالى عن يوسف نبيه، أنه قال: {.. أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101]
    جمعت هذه الدعوة الإقرار بالتوحيد والاستسلام للربِّ، وإظهار الافتقار إليه والبراءة من موالاة غيره سبحانه .. وكون الوفاة على الإسلام أجلُّ غايات
    العبد وأن ذلك بيد الله لا بيد العبد، والاعتراف بالمعاد وطلب مرافقة السعداء .

    قوله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83]
    جمع في هذا الدعاء بين حقيقة التوحيد وإظهار الفقر والفاقة إلى ربِّه ووجود طعم المحبة في التملق له، والإقرار له بصفة الرحمة وأنه أرحم الراحمين والتوسل إليه بصفاته سبحانه وشدة حاجته هو وفقره، ومتى وجد المبتلى هذا كشفت عنه بلواه.



    قوله تعالى: { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر: 21]
    متضمن لكنز من الكنوز .. وهو أن كل شيء لا يطلب إلا ممن عنده خزائنه ومفاتيح تلك الخزائن بيده. وأن طلبه من غيره، طلب ممن ليس عنده ولا يقدر عليه.
    وقوله: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النجم: 42]
    متضمن لكنز عظيم .. وهو أن كل مراد إن لم يرد لأجله ويتصل به فهو مضمحل منقطع ..
    فإنه ليس إليه المنتهى وليس المنتهى إلا إلى الذي انتهت إليه الأمور كلها فانتهت إلى خلقه ومشيئته وحكمته وعلمه،

    فهو غاية كل مطلوب ..
    وكل محبوب لا يحب لأجله، فمحبته عناء وعذاب .. وكل عمل لا يراد لأجله فهو ضائع وباطل .. وكل قلب لا إليه، فهو شقي محجوب عن سعادته وفلاحه ..

    فاجتمع ما يراد منه كله في قوله: { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ ..} .. واجتمع ما يراد له كله في قوله: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} فليس وراءه سبحانه غاية تطلب وليس دونه غاية إليها المنتهى.




    قوله تعالى {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الجمعة: 5]

    فقاس من حمَّله سبحانه كتابه ليؤمن به ويتدبَّره ويعمل به ويدعو إليه، ثم خالف ذلك ولم يحمله إلا على ظهر قلب .. فقراءته بغير تدبُّر ولا تفهُّم ولا اتباع له ولا تحكيم له وعمل بموجبه، كحمار على ظهره زاملة أسفار لا يدري ما فيها وحظه منها حمله على ظهره ليس إلا.

    فحظه من كتاب الله كحظ هذا الحمار من الكتب التي على ظهره .. فهذا المثل وإن كان قد ضُرِبَ لليهود فهو متناول من حيث المعنى لمن حمل القرآن فترك العمل به ولم يؤد حقه ولم يرعه حق رعايته.






    الكلم الطيب


  • #2
    رد: آيات وأسرار

    جزاكم الله خيراً ،
    موضوع طيب ومبارك ،
    جعله الله في موازين حسناتكم

    تعليق

    يعمل...
    X