أمة الإسلام : لن أتحدث اليوم، عن غيرة البشر على دين الله، بل سيكون حديثنا اليوم عن مخلوق، صغير في حجمه، كبير في فعله، لم يمنعه كونه من عامة المخلوقات، ألا يغضب لربّ البريات، وخالق الأرض والسموات، لم يقل هذا المخلوق من أنا؟! وما قيمتي؟! وما وزني بين بني قومي، لم يقل هناك من هو أكبر مني، وأجل شأناً، وأعظم قدراً، بل تحرّك وفعل ما بوسعه وطاقته، فيا لله... فقه هذا المخلوق الصغير ما عجز عن فهمه كثير من البشر.
أحبتي الكرام؛ دعونا نحلق بكم في سماء قصة هذا البطل الغيور، الذي غار على التوحيد والإيمان، غار كيف يعبد غير الله في أرضه وتحت سمائه!
إنه الهدهد الصغير، الهدهد الذي ذكره الله تعالى في كتابه العظيم، وما ذاك إلا لعظم الدور الذي قام به هذا الطائر الصغير: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} [النمل:20]، فسليمان عليه السلام مع اتساع ملكه وكثرة جنده؛ إلا أنه لم يتركهم هَمَلاً دون متابعة فها هو يسأل عن طائر صغير، فيا لله... ماذا نقول للآباء، وماذا نقول لكل من تولى إدارة وفرط فيها وضيع، أين أنت من سليمان عليه السلام؟!
وما بينك وبينه كما بين السماء والأرض.
أيها المسلمون: ولما لم يجد سليمان عليه السلام الهدهد في الحاضرين قال: {مَالِيَ لاَ أَرَى الْهُدْهُدَ}، دَقّق النظر وتأكد من خُلوِّ مكانه بين الطيور، {أَمْ كَانَ مِنَ الْغَآئِبِينَ} إذن: لا بد من معاقبته: {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ} إن إيقاع العقوبة على المخالف أمر ضروري؛ لأن أيِّ مخالفة لا تُقابل بالجزاء المناسب لا بُدَّ أن تثمر مخالفات أخرى متعددة أعظم منها، فحين نرى المخالف والمقصر في حقوق الله أو حقوق خلقه، ولا يحاسبه أحد.
فسوف يكون الناس مثله، وتنتشر المنكرات والمخالفات بيننا، هنا وقفة رائعة من نبي الله سليمان عليه السلام تدل على عدله وإنصافه، فقال: {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} عليك صلاة الله وسلامه يا نبي الله، لم يستعجل في إيقاع العقوبة، ولم يستبد في تنفيذ التهديد، بل علق الأمر على السماع من الطرف الآخر فربما غيابه لأمر جلل، {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ} غاب الهدهد المحتسب قليلاً {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ} لم يغب عن عمله تلاعباً، لم يغب عن عمله كسلاً وتهاوناً، ولم يستغل غيابه، الذي كان لأمر عظيم، بدون فائدة؛ بل مكث غير بعيد أي مدة يسيرة: {فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ} طائر صغير جداً، يتحدث بكل قوة وثقة أمام أحد الأربعة الذين ملكوا الأرض، ويقول له بكل صراحة: {أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ}.
إن الهدهد يعلمنا درس الشجاعة والإقدام، ما دمت واثقاً أنك على الحق، والهدهد يعطي درساً رائعاً لكل ملك كبير أو عالم نحرير بأن هناك من مخلوقات الله من هو أعظم منه وأجل ملكاً وعلماً؛ لئلا يَغتر العبد بما وهبه الله من الخيرات، وسليمان عليه السلام يعلم كل مسؤول، هذا الخلق الكريم، فرغم غضبه من الهدهد، فقد صبر عليه، وأعطاه الفرصة الكاملة، ليقول ما يريد.
ثم قال الهدهد: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُه} لقد تعجب الهدهد المحتسب من امرأة تملك زمام شعب كامل!
كيف يكون هذا؟! ولذا بدأ الحديث مع سليمان عليه السلام بهذا الأمر: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهمْ}، وصدق الهدهد في تعجبه؛ فنبينا صلى الله عليه وسلم يقول: «لن يُفلِح قوم ولّوا أمرهم امرأة» (رواه البخاري).
ويستمر الهدهد يحكي ما رآه هناك في بلاد سبأ فيقول عن ملكة سبأ: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ}، نعم، أُوتيت من كل شيء، من أسباب الدنيا وخيراتها، وعندها عرش عظيم، ومع ذلك؛ مع هذه النعم العظيمة، والخيرات الجليلة؛ لم يشكروا الله تعالى عليها بل كما قال الهدهد: {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ} مع هذه النعم العظيمة عبدوا غير الله، عبدوا شمساً لا تملك نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشورا.
فالهدهد يغار على حرمات الله، يغار على التوحيد والإيمان، فالهدهد يعرف أن الله جل جلاله، هو المعبود بحقٍّ، بل ويعلم أيضاً أنَّ الشيطان هو سبب الانحراف عن عبادة الله {وَزَينَ لَهمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهمْ لَا يَهْتَدُونَ}، ويتعجب الهدهد تماماً، فيقول: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنونَ . اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل:25-26]
انظر إلى الأسلوب الرائع في إقامة الحجة وبيان المحجة على المخالفين، كيف لا يسجدون لله تعالى الذي ينزل لهم من بركات السماء ويخرج لهم من بركات الأرض؟!
كيف لا يسجدون لله تعالى وهو سبحانه يعلم السر وأخفى؟!
وإن كان عرش ملكة سبأ عظيما فعرش الرحمن أعظم: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الخطبة الثانية
أمة الإسلام؛ هدهد صغير يغار على دين الله تعالى، ويتحرك لينتصر للتوحيد، وفئام من الناس لا يُحرِّك ساكناً، يرى صباح مساء ما حرّم الله تعالى ولا يتمعر وجهه ولا يغضب لله تعالى؟!
لم يقل الهدهد من أنا؟! وما وزني في المجتمع؟! وهل سيسمع كلامي؟! بل بادر الإنكار؛ فالاحتساب يقوم به الجميع صغاراً وكباراً، ذكوراً وإناثاً كل في مجاله وبحسب قدرته.
لم يقل الهدهد ربما بلّغ سليمان عليه السلام غيري من الإنس أو الجن بحال هؤلاء البشر، ويتواكل كما يتواكل الكثيرون من الناس، فيقول قائلهم: يكفي أهل الحسبة! العلماء يقومون بالدور! الدعاة هم المسؤولون عن ذلك!
فكلنا شركاء في هذه السفينة العظيمة سفينة المجتمع، إن غرقت غرقنا، وإن نجت نجونا.
هدهد سليمان لما رأى الشرك والكفر بالله تعالى، لم يقل دع الخلق للخالق؟ أو لست وكيلا لآدم على ذريته؟! بل بادر بالاحتساب وفعل ما يمكنه فعله!
هدهد سليمان لما أنكر بقلبه كفر هؤلاء وشركهم بالله تعالى، وعجز عن الإنكار بلسانه ويده، لم يكتف بذلك؛ بل بادر بفعل ما يستطيع فنقل الخبر لسليمان عليه السلام.
فيا ترى كم من المنكرات نشاهدها اليوم عبر بعض وسائل الإعلام أو الأسواق أو المنتزهات أو في بيوتنا، فماذا فعلنا؟! وماذا صنعنا؟!
يعلمنا الهدهد درساً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن المنكرات على درجات؛ فبدأ بإنكار الشرك والكفر بالله تعالى، لأنه أعظم المنكر وأعلاه، وفي هذا درسٌ بليغ للمحتسبين أن يبدؤوا في إنكارهم بالأهم فالمهم.
أحبتي الكرام؛ دعونا نحلق بكم في سماء قصة هذا البطل الغيور، الذي غار على التوحيد والإيمان، غار كيف يعبد غير الله في أرضه وتحت سمائه!
إنه الهدهد الصغير، الهدهد الذي ذكره الله تعالى في كتابه العظيم، وما ذاك إلا لعظم الدور الذي قام به هذا الطائر الصغير: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} [النمل:20]، فسليمان عليه السلام مع اتساع ملكه وكثرة جنده؛ إلا أنه لم يتركهم هَمَلاً دون متابعة فها هو يسأل عن طائر صغير، فيا لله... ماذا نقول للآباء، وماذا نقول لكل من تولى إدارة وفرط فيها وضيع، أين أنت من سليمان عليه السلام؟!
وما بينك وبينه كما بين السماء والأرض.
أيها المسلمون: ولما لم يجد سليمان عليه السلام الهدهد في الحاضرين قال: {مَالِيَ لاَ أَرَى الْهُدْهُدَ}، دَقّق النظر وتأكد من خُلوِّ مكانه بين الطيور، {أَمْ كَانَ مِنَ الْغَآئِبِينَ} إذن: لا بد من معاقبته: {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ} إن إيقاع العقوبة على المخالف أمر ضروري؛ لأن أيِّ مخالفة لا تُقابل بالجزاء المناسب لا بُدَّ أن تثمر مخالفات أخرى متعددة أعظم منها، فحين نرى المخالف والمقصر في حقوق الله أو حقوق خلقه، ولا يحاسبه أحد.
فسوف يكون الناس مثله، وتنتشر المنكرات والمخالفات بيننا، هنا وقفة رائعة من نبي الله سليمان عليه السلام تدل على عدله وإنصافه، فقال: {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} عليك صلاة الله وسلامه يا نبي الله، لم يستعجل في إيقاع العقوبة، ولم يستبد في تنفيذ التهديد، بل علق الأمر على السماع من الطرف الآخر فربما غيابه لأمر جلل، {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ} غاب الهدهد المحتسب قليلاً {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ} لم يغب عن عمله تلاعباً، لم يغب عن عمله كسلاً وتهاوناً، ولم يستغل غيابه، الذي كان لأمر عظيم، بدون فائدة؛ بل مكث غير بعيد أي مدة يسيرة: {فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ} طائر صغير جداً، يتحدث بكل قوة وثقة أمام أحد الأربعة الذين ملكوا الأرض، ويقول له بكل صراحة: {أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ}.
إن الهدهد يعلمنا درس الشجاعة والإقدام، ما دمت واثقاً أنك على الحق، والهدهد يعطي درساً رائعاً لكل ملك كبير أو عالم نحرير بأن هناك من مخلوقات الله من هو أعظم منه وأجل ملكاً وعلماً؛ لئلا يَغتر العبد بما وهبه الله من الخيرات، وسليمان عليه السلام يعلم كل مسؤول، هذا الخلق الكريم، فرغم غضبه من الهدهد، فقد صبر عليه، وأعطاه الفرصة الكاملة، ليقول ما يريد.
ثم قال الهدهد: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُه} لقد تعجب الهدهد المحتسب من امرأة تملك زمام شعب كامل!
كيف يكون هذا؟! ولذا بدأ الحديث مع سليمان عليه السلام بهذا الأمر: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهمْ}، وصدق الهدهد في تعجبه؛ فنبينا صلى الله عليه وسلم يقول: «لن يُفلِح قوم ولّوا أمرهم امرأة» (رواه البخاري).
ويستمر الهدهد يحكي ما رآه هناك في بلاد سبأ فيقول عن ملكة سبأ: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ}، نعم، أُوتيت من كل شيء، من أسباب الدنيا وخيراتها، وعندها عرش عظيم، ومع ذلك؛ مع هذه النعم العظيمة، والخيرات الجليلة؛ لم يشكروا الله تعالى عليها بل كما قال الهدهد: {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ} مع هذه النعم العظيمة عبدوا غير الله، عبدوا شمساً لا تملك نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشورا.
فالهدهد يغار على حرمات الله، يغار على التوحيد والإيمان، فالهدهد يعرف أن الله جل جلاله، هو المعبود بحقٍّ، بل ويعلم أيضاً أنَّ الشيطان هو سبب الانحراف عن عبادة الله {وَزَينَ لَهمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهمْ لَا يَهْتَدُونَ}، ويتعجب الهدهد تماماً، فيقول: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنونَ . اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل:25-26]
انظر إلى الأسلوب الرائع في إقامة الحجة وبيان المحجة على المخالفين، كيف لا يسجدون لله تعالى الذي ينزل لهم من بركات السماء ويخرج لهم من بركات الأرض؟!
كيف لا يسجدون لله تعالى وهو سبحانه يعلم السر وأخفى؟!
وإن كان عرش ملكة سبأ عظيما فعرش الرحمن أعظم: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الخطبة الثانية
أمة الإسلام؛ هدهد صغير يغار على دين الله تعالى، ويتحرك لينتصر للتوحيد، وفئام من الناس لا يُحرِّك ساكناً، يرى صباح مساء ما حرّم الله تعالى ولا يتمعر وجهه ولا يغضب لله تعالى؟!
لم يقل الهدهد من أنا؟! وما وزني في المجتمع؟! وهل سيسمع كلامي؟! بل بادر الإنكار؛ فالاحتساب يقوم به الجميع صغاراً وكباراً، ذكوراً وإناثاً كل في مجاله وبحسب قدرته.
لم يقل الهدهد ربما بلّغ سليمان عليه السلام غيري من الإنس أو الجن بحال هؤلاء البشر، ويتواكل كما يتواكل الكثيرون من الناس، فيقول قائلهم: يكفي أهل الحسبة! العلماء يقومون بالدور! الدعاة هم المسؤولون عن ذلك!
فكلنا شركاء في هذه السفينة العظيمة سفينة المجتمع، إن غرقت غرقنا، وإن نجت نجونا.
هدهد سليمان لما رأى الشرك والكفر بالله تعالى، لم يقل دع الخلق للخالق؟ أو لست وكيلا لآدم على ذريته؟! بل بادر بالاحتساب وفعل ما يمكنه فعله!
هدهد سليمان لما أنكر بقلبه كفر هؤلاء وشركهم بالله تعالى، وعجز عن الإنكار بلسانه ويده، لم يكتف بذلك؛ بل بادر بفعل ما يستطيع فنقل الخبر لسليمان عليه السلام.
فيا ترى كم من المنكرات نشاهدها اليوم عبر بعض وسائل الإعلام أو الأسواق أو المنتزهات أو في بيوتنا، فماذا فعلنا؟! وماذا صنعنا؟!
يعلمنا الهدهد درساً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن المنكرات على درجات؛ فبدأ بإنكار الشرك والكفر بالله تعالى، لأنه أعظم المنكر وأعلاه، وفي هذا درسٌ بليغ للمحتسبين أن يبدؤوا في إنكارهم بالأهم فالمهم.
تعليق