إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أفلا يتدبرون القرءان ؟!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مقال] أفلا يتدبرون القرءان ؟!

    أفلا نتدبر القرآن !
    الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ورسوله ومصطفاه، أما بعد:
    فكثيرًا ما تَعْرِض لنا مشكلات ومُعضلات، وطريق كشفها وعلاجها في القرآن.

    اتصل أحدُ الإخوة ممن يُعالج بالرقية، وقال: إني سمعتُ أحد طلاب العلم يقول: إن مَ، واجهته المشكلات، فعليه بتدبر أول سورة الطلاق:
    ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا
    ) [الطلاق: 2، 3]
    يقول: فبدأتُ أصفها للناس بعد أن أرقيَهم، وأقول لهم: تدبَّروها وطبِّقوها.
    يقول: فاتصل بي خلالَ أيام قلائل ثلاثة أشخاص، وقالوا: واللهِ لقد تغيَّرت حياتنا، وقد ذهب ما نشكو، ولله الحمد !
    (
    أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) [محمد: 24]
    ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا )
    [النساء: 82]
    (
    أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ ) [المؤمنون: 68]
    (
    كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) [ص: 29]
    نقف مع هذه الآيات؛ لنتدبَّرَ كلام الله جل وعلا، ونقف مع دلالاته ومعانيه !

    وإن مما يَسُرُّ ويُفْرِحُ القلبَ، الإقبال الكبير على تلاوة القرآن، وفي شهر رمضان بالذات، ولكن؛ أهذا الإقبال على القرآن بألسنتنا أم بقلوبنا ؟!
    لنتأمل في قوله تعالى: (
    قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ ) [البقرة: 97]. فلم يقل (فإنه نزله على سمعك)، ولا على بصرك، ولكن على قلبك !

    فلْنواجِه أنفسَنا بهذا السؤال: هل تتجاوزُ الآياتُ ـ التي نتلوها ونسمعُها ـ أسماعَنا وأبصارَنا وألسنتنا، إلى قلوبنا ؟!
    هذا هو الأمل المُرتجى، وبه نجتني ثمراتِ القرآن، ذلك الكتاب العزيز الذي جعله الله نورًا للقلوب، وهدايةً للبشرية:

    نورٌ على مَرِّ الزمانِ تألَّقا وأضاءَ للدُّنيا طريقًا مُشرقا
    وهُدىً من الرَّحمن يَهدينا به للصَّالحاتِ وللمكارم والتُّقى
    هذا كتابُ الله زادُ قلوبنا وشفاؤنا من كلِّ داءٍ أرهقا
    هذا هو القرآنُ مصدرُ عزِّنا فَبِهِ تبوَّأنا المكانَ الأسمقا
    يا حافظَ القرآنِ لستَ بحافظٍ حتى تكونَ لما حفظتَ مُطبِّقا


    فينبغي أن تكونَ غايتنا من تلاوة القرآن وسماعه، هي التدبر، وفرعٌ عنه العمل.

    إن الله عز وجل نعى على المنافقين فقال: (
    أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا
    ) ونعى على الكفار فقال: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)، وقال: (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ) ؟!!
    فهذا استفهامٌ إنكاريٌّ، ومعناه: لو كانوا يتدبرون القرآن، لما وقعوا فيما هم واقعون فيه من الضلال، فإذا كان القرآن يَنْعى على الكفار والمنافقين عدم تدبرهم للقرآن، فعوامُّ المسلمين ليسوا أقلَّ من الكفار والمنافقين فَهْمًا وقدرة على التدبر ؟!

    إذن، التدبر يكون: للكبير والصغير، للذكر وللأنثى، للعالم وللعامي، فكلُّ مَن يفهم لغة الخطاب ثم يقرأ آيات وعدٍ أو وعيد يفهم إلى ما تَرْمي إجمالاً، وإن لم يُدرك معاني بعض الألفاظ، أو تفاصيلَ ما تضمّنته من الأحكام، فإن هو انزَجَرَ للزواجر عند سماع آيات الوعيد، وانبعث لفعل الخيرات والفضائل عند سماع آيات الوعد، فله من التدبُّر حظٌّ وقدرٌ يُحمَدُ عليه بحسبه.
    وحقيقة التدبر: هو النظر والتفكر المؤدِّ للعيش مع دلالات القرآن، فإن القرآن مقاصدُه جليّة، وغاياتُه واضحة، بدءً من تقرير التوحيد ونبذِ الشرك، إلى آخرِ خَصْلةٍ من خِصال الخير، والعكسُ صحيح !

    فهل نحن نتدبر القرآن عند تلاوتنا له وسماعنا إيّاه، أم أن حالَنا قد صارت كحال بعض أهل الكتاب الذين قال الله فيهم: (
    وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) [البقرة: 78]، أي أحاديث يقولونها ويكذبون فيها، كما ذكر ذلك المفسرون.

    اتصل عليَّ أحدُ الأخوة في يومٍ ما، وقا لي: أمامي مشكلة كبرى في حياتي، أنا على مُفترق طرق، أنقذني، ساعدني !
    فقلتُ له: اقرأ هذه الآية وتدبَّرها: (
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
    ) [الأنفال: 29]. فما هي إلا لحظات ويُرسل لي رسالةً عجيبة، قال فيها: سبحان الله ! النورُ بين يديَّ ولم أنتبِهْ له !، أنا أحفظ أكثر القرآن، ومنه هذه السورة؛ سورة الأنفال، فكأني لأول مرةً أقرؤها !
    فقلتُ له: هل تحتاج إلى أحدٍ بعد هذه الآية ؟
    فردَّ عليَّ: لا والله، لا أحتاجُ إلى أحدٍ بعدها، والله إني أعيش أسعدَ أيام حياتي !
    أيها المؤمنون: إن تدبّرَ القرآن ضرورة؛ لأنه مصدرُ عِزِّنا ! ولأنه منهج النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكما قال الإمامُ مالك، فإنه: "لن يصلُحَ آخر هذه الأمة، إلا بما صلح به أولُها"، وهل صلحَ أولها إلا بالكتاب والسنة، فالتدبر في معانيهما هو السبيل للإصلاح بهما، وهو السيل لِربْط واقع الأمة بالكتاب والسنة.

    وكما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (تركتُ فيكم أمرين لن تَضِلُّوا ما تمسَّكتُم بهما كتابَ الله وسنةَ نبيه)

    ولا تمسُّك بلا فَهْمٍ وتدبر وهما سبيل الفقه في الدين، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما أن يُعلِّمه التأويل، وأن يُفقِّهَه في الدين، فكان حَبْرَ الأمة وترجمانَ القرآن.
    وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَن يُرِدِ الله به خيرًا يُفَقِّه في الدين) ، وتدبُّر القرآن من أعظم سبل الفقه في الدين.

    ولنتأمل ـ أيها المؤمنون ـ هذه الآيات جيدًا: يقول الله تعالى: (
    أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ
    ) [الرعد: 28]، (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ) [هود: 120]، (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) [الإسراء: 82]

    وواللهِ لن تتحقق هذه الطمأنية وهذا التثبيت وهذه الرحمة وهذا الشفاء، إلا بالاستماع والإنصات والتدبر: (
    وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
    ) [الأعراف: 204]

    وتدبر القرآن من أعظم الوسائل في بيان الفرقان بين الحق والباطل: (
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الأنفال: 29]

    ثم أين نحن من نداء الرسول صلى الله عليه وسلم لربه، وشكواه: (
    وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا
    ) [الفرقان: 30]، وهذا وإن كان في المشركين المكذبين، غيرَ أنه يُعرِّض بمَن أعرض عن تدبر القرآن في هذه الأمة !

    وقد ذكر ابنُ القيم ـ رحمه الله ـ أن مِن هَجْر القرآن: هجر تدبره، وهجر الاستشفاء به.
    فيا أيها المؤمن المحب لكتاب ربه، إن أدرت التنعم بالتدبر، فاحذر من العَجَلة في التلاوة، وقد قال بعض السلف: كيف يَرِقُّ قلبُك، وأنت هِمَتُك في آخر السورة !

    فعليك أن تتدبر القرآن عند قراءتك له، وأن تترسل، وأن تخشع، وتخضع !
    وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولاسيما حينما يلقاه جبريل في رمضان فيُدارسه القرآن.

    وفي الصحيح: (وما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلَت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمَن عنده)
    فتدبروا القرآن وتدارسوه بينكم فتلك سنة نبيكم.

    اللهم اجعلنا لكتابك من التالين، وبه من العاملين، ولآياته من المتدبرين، واغفر اللهم لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    (أبو عبد الرحمن محمد خميس)
    التعديل الأخير تم بواسطة مهاجر إلى الله ورسوله; الساعة 29-04-2015, 01:56 PM. سبب آخر: تشكيل الآيات بوركتم

  • #2
    رد: أفلا يتدبرون القرءان ؟!

    جزاك الله خير الجزاء أخي الكريم
    ونفع الله بك

    تعليق

    يعمل...
    X