إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أنْصِتْ لكلامِ اللهِ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أنْصِتْ لكلامِ اللهِ



    أنْصِتْ لكلامِ اللهِ


    عائض بن عبد الله القرني

    هدِّئ أعصابك بالإنصاتِ إلى كتابِ ربِّك، تلاوةً مُمتعةً حسنةً مؤثِّرةً منْ كتابِ اللهِ، تسمعُها منْ قارئٍ مجوِّدٍ حَسَنِ الصوتِ، تصلُك على رضوانِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وتُضفي على نفسِك السكينة، وعلى قلبِك يقيناً وبرداً وسلاماً.

    كان صلى الله عليه وسلم يحبُّ أنْ يسمع القرآن منْ غيرِهِ، وكان صلى الله عليه وسلم يتأثَّرُ إذا سمع القرآن منْ سواهُ، وكان يطلُبُ منْ أصحابِه أنْ يقرؤوا عليهِ، وقد أُنزل عليهِ القرآنُ هو، فيستأنسُ صلى الله عليه وسلم ويخشعُ ويرتاحُ.

    إنَّ لك فيهِ أسوةً أنْ يكون لك دقائقُ، أو وقتٌ من اليومِ أو الليلِ، تفتحُ فيهِ المذياع أو مسجّلاً، لتستمع إلى القارئِ الذي يعجبُك، وهو يتلو كلام اللهِ عزَّ وجلَّ.

    إنَّ ضجَّة الحياةِ وبلبلة الناسِ، وتشويش الآخرين، كفيلٌ بإزعاجِك، وهدِّ قُواك، وبتشتيتِ خاطرِك.
    وليس لك سكينةٌ ولا طمأنينةٌ، إلاَّ في كتابِ ربِّك وفي ذكرِ مولاك:
    {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.

    يأمرُ صلى الله عليه وسلم ابن مسعودٍ، فيقرأ عليه منْ سورةِ النساءِ، فيبكي صلى الله عليه وسلم حتى تنهمر دموعُه على خدِّه، ويقولُ:
    «حسْبُك الآن».

    ويمرُّ بأبي موسى الأشعريِّ، وهو يقرأُ في المسجدِ، فيُنصتُ لهُ، فيقولُ له في الصباحِ:
    «لو رأيتني البارحة وأنا أستمعُ لقراءتِك»، قال أبو موسى: لو أعلمُ يا رسول الله أنك تستمعُ لي، لحبَّرْتُهُ لك تحبيراً.

    عند ابن أبي حاتم يمرُّ صلى الله عليه وسلم بعجوزٍ، فيُنصت إليها منْ وراءِ بابها، وهي تقرأُ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِتعيدُها وتكرِّرُها، فيقولُ: «نعم أتاني، نعم أتاني».
    إنَّ للاستماعِ حلاوةً، وللإنصاتِ طلاوةً.

    أحدُ الكُتاّبِ اللامعين المسلمين سافر إلى أوربا، فأبحر في سفينةٍ، وركبتُ معه امرأةٌ منْ يوغسلافيا، شيوعيَّةٌ فرَّتْ منْ ظُلمٍ ومنْ قهرِ تيتو، فأدركتْه صلاةُ الجمعةِ مع زملائِه، فقام فخطبهم، ثم صلَّى بهمْ وقرأ سورة الأعلى والغاشية، وكانتِالمرأةُ لا تجيدُ العربية، كانتْ تُنصتُ إلى الكلام وإلى الجرْسِ وإلى النَّغمةِ، وبعد الصلاةِ سألتْ هذا الكاتب عن هذهِ الآياتِ؟ فأخبرها أنها من كلامِ اللهِ عزَّ وجَّل، فبقيتْ مدهوشةً مذهولةً، قال: ولم تمكنّي لغتي لأدعُوها إلى الإسلامِ: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}.

    إنَّ للقرآنِ سلطاناً على القلوبِ، وهيبةٌ على الأرواحِ، وقوةً مؤثَّرةً فاعلةً على النفوسِ.
    عجبتُ لأناسٍ من السلفِ الأخبارِ، ومن المتقدِّمين الأبرار، انهدُّوا أمام تأثيرِ القرآن، وأمام إيقاعاتِه الهائلةِ الصادقةِ النافذةِ: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}.

    فذاك عليُّ بنُ الفُضيل بن عياضٍ يموتُ لمَّا سمع أباه يقرأُ: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ . مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ}.

    وعمرُ رضي اللهُ عنه وأرضاهُ منْ سماعِه لآيةٍ، ويبقى مريضاً شهراً كاملاً يُعادُ، كما يُعادُ المريضُ، كما ذكر ذلك ابنُ كثيرٍ. {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى}.

    وعبدُاللهِ بنُ وهبٍ، مرَّ يوم الجمعةِ فسمع غلاماً يقرأُ:
    {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ} فأُغمي عليه، ونُقل إلى بيتهِ، وبقي ثلاثة أيامٍ مريضاً، ومات في اليوم الرابعِ. ذَكَرَه الذهبيُّ.

    وأخبرني عالمٌ أنه صلَّى في المدينةِ، فقرأ القارئُ بسورةِ الواقعةِ، قال: فأصابني من الذهولِ ومن الوجلِ ما جعلني اهتزُّ مكاني، وأتحرَّكُ بغيرِ إرادةٍ مني، مع بكاءٍ، ودمعِ غزيرٍ.
    {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}.

    ولكنْ ما علاقةُ هذا الحديثِ بموضوعِنا عنِ السعادةِ ؟!
    إنَّ التشويش الذي يعيشُه الإنسانُ في الأربعِ والعشرين ساعةً كفيلٌ أنْ يُفقِده وعيهُ، وأن يُقلقه، وأن يُصيبه بالإحباطِ، فإذا رَجَعَ وأنصت وسَمَعَ وتدبَّر كلام المولى، بصوتٍ حسنٍ منْ قارئٍ خاشعٍ، ثاب إليه رُشدُه، وعادتْ إليه نفسهُ، وقرَّتْ بلابلهُ، وسكنتْ لواعِجُه. إنني أُحذَّرك بهذا الكلامِ عنْ قومٍ جعلُوا الموسيقى أسباب أُنسِهمْ وسعادتِهمْ وارتياحِهم، وكتبُوا في ذلك كُتُباً، وتبجَّح كثيرٌ منهمْ بأنَّ أجمل الأوقات وأفضل الساعات يوم يُنصت إلى الموسيقى، بلْ إنَّ الكُتَّاب الغربيين الذين كتبُوا عن السعادةِ وطردِ القلقِ يجعلون منْ عواملِ السعادةِ الموسيقى.{وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً}، {سَامِراً تَهْجُرُونَ}.

    إنَّ هذا بديلٌ آثِم، واستماعٌ محرَّم، وعندنا الخيْرُ الذي نزل على محمدٍ صلى الله عليه وسلم، والصِّدقُ والتوجيهُ الرَّاشدُ الحكيمُ، الذي تضمَّنه كتاب اللهِ عزَّ وجلَّ:
    {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}.

    فسماعٌنا للقرآنِ سماعٌ إيمانيٌّ شرعيٌّ محمديٌّ سنيٌّ
    {تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ}، وسماعُهم للموسيقى سماعٌ لاهٍ عابثٌ، لا يقومُ به إلا الجَهَلةُ والحمقى والسُّفهاءُ من الناسِ {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ}.


    والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
    اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات وللمسلمين وللمسلمات الاحياء والاموات



    التعديل الأخير تم بواسطة محبة العلم والدعوة; الساعة 24-04-2015, 05:51 PM. سبب آخر: إضافة فواصل القسم

  • #2
    رد: أنْصِتْ لكلامِ اللهِ

    جزاكِ الله خيراا اختي نعمة
    بعد اذنك ينقل لقسم
    القرآن حياتي لانه انسب هناك
    بوركتِ


    تعليق


    • #3
      رد: أنْصِتْ لكلامِ اللهِ

      جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم ونفع الله بكم
      وحفظ الله علمائنا والشيخ : عائض القرني جزاه الله خيرا

      تعليق

      يعمل...
      X