تفسير جامع لطيف لقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُالْحَيَاةَ الدُّنْيَا } الإمام محمد بن عبدالوهاب..
قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُالْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُــــــمْ فِيهَاوَهُـمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُـمْ فِي الْآخِرَةِإِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوايَعْمَلُونَ} [ سورة هود آية: 15-16 ]*
قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ - رحمه الله تعالى-
في " فتح المجيد شرح كتاب التوحيـد " (307 - 308) :" سئل شيخنا المصنف[يعني الإمام محمدبن عبدالوهاب مصنف كتاب التوحيد ]-رحمه الله-
عن هذه الآيـــة
فأجاب بما حاصلــه:*ذكر عن السلف فيها أنواع مما يفعلــــه الناس اليوم ولايعرفون معناه :فمن ذلك
النوع الأول
العمل الصالح الذي يفعله كثير من الناس ابتغاء وجـه الله: من صدقة وصلاة،
وصلة وإحسان إلى الناس، وترك ظلم،
ونحو ذلك مما يفعله الإنسان أو يتركه خالصا لله،
لكنــه لايريد ثوابـه في الآخرة، إنما يريدأن يجازيـــه الله بحفظ ماله وتنميتــه، أو حفظ أهلـه وعياله،
أو إدامة النعمة عليهـم،
ولا همة له في طلب الجنة والهرب من النار،
فهذا يعطى ثواب عمله في الدنيا وليس لـــــــــــه في الآخرة من نصيب.
وهذا النــــــوع ذكره ابن عباس
النوع الثاني:
وهو أكبر من الأول وأخوف،
وهو الذي ذكره مجاهد في الآيــــــــــــة أنها نزلت فيه: وهوأن يعمل أعمالا صالحـــــــــــــة ونيتـــــــــه رياء الناس،
لا طلب ثواب الآخــــرة.
النـوع الثالث:
أن يعمل أعمالا صالحة يقصـــد بها مالا، مثل أن يحج لمال يأخــــــــذه أو يهاجر لدنيا يصيبها،
أو امرأة يتزوجها، أو يجاهــــد لأجل المغنم،
فقد ذكر أيضا هذا النوع في تفسيرهــذه الآية، كما يتعلـــــــم الرجل لأجل مدرسة أهله أو مكسبهـــــم أو رياستهــــــم،
أو يتعلم القرآن ويواظب على الصلاة لأجــل وظيفة المسجد،
كما هو واقع كثيرا.
النوع الرابع:
أن يعمل بطاعـــــــــة الله مخلصا في ذلك لله وحده لا شريك له، لكنــــــــــه على عمل يكفّره كفرا يخرجه عن الإسلام، مثل اليهود والنصارى إذا عبدوا الله، أو تصدقوا أو صامواا
بتغاء وجــــــه الله والدار الآخرة، ومثل كثير من هذه الأمة الذين فيهــــــــم كفر أو شرك أكبريخرجهم من الإسلام بالكليـــة،
إذا أطاعوا الله طاعة خالصة يريدون بها ثـواب الله في الدار الآخرة، لكنهـم على أعمال تخرجهم من الإسلام وتمنع قبول أعمالهـم،
فهذا النـوع أيضا قد ذكر في هذه الآية عن أنس بن مالك وغيره.
*وكان السلف يخافون منها، فقال بعضهم: لو أعلم أن الله تقبل مني سجدة واحدة لتمنيت الموت؛
لأن الله تعالى يقول: {إِنَّمَايَتَقَبَّــــــلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [1]
.ثم قــال:بقي أن يقال: إذا عمــل الرجل الصلوات الخمس والزكاة والصـوم والحج ابتغاء وجــه الله،
طالبا ثواب الآخرة،
ثم بعـــد ذلك عمل أعمالا قاصدا بها الدنيا، مثل أن يحج فرضــــــــه لله،
ثم يحج بعده لأجــل الدنيا
كما هو واقع،
فهو لما غلب عليــه منهما.
*وقد قال بعضهــــــــــــم:القرآن كثيرا ما يذكر أهل الجنة الخلّص وأهل النار الخلص،
ويسكت عن صاحب الشائبتين، وهو هـذا وأمثاله
تعليق