الجنة دار المؤمنين ومنازل المتقين، جعلها الله محلاً لكرامته،
ومنزلاً لأهل سعادته، ممن مات على الإيمان والعمل الصالح، وقد توسع القرآن في
ذكر أوصافها، وبيان فضلها، وشرح أصناف النعيم فيها، ترغيباً في نيلها، وشحذاً
للهمم في طلبها، حتى كأن المؤمنين – لوضوح وصفها - يرونها رأي العين، فذكر
الحق سبحانه درجاتها وأبوابها، وطعام أهلها، وأكلهم وشرابهم، وأنواع مياههم
وأنهارهم، وبيّن لباسهم وحليهم، في وصف يتقاطر روعة وجمالاً
.
وقد
عرض سبحانه على عباده دخول الجنة بمقابل يبذلونه وبثمن يدفعونه، فقال تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}(التوبة: 111)
وقال تعالى:
{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}، وقال تعالى:
{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم}(الحديد:21)
واتفقت
الرسل من أولهم إلى خاتمهم - صلوات الله وسلامه عليهم – أن طريق الجنة طريق واحد هو
طريق الإيمان والعمل الصالح،
قال تعالى:
{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(الأنعام: 153 )،
فهو صراط واحد وطرق النار سبل متعددة . وقال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}(النحل: 9)، أي: ومن الطرق ما هو خارج معوج عن سبيل
الحق والهدى وهي سبيل الغي والكفر. وقال سبحانه: { قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ }(الحجر: 41)، وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطاً ثم قال:
( هذا سبيل الله ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله، ثم قال:
هذه سبل متفرقة على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}رواه أحمد وغيره
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: البوصيري- المصدر: إتحاف الخيرة المهرة - الصفحة أو الرقم: 6/208
خلاصة حكم المحدث: [فيه] مجالد ضعيف
. فمن أراد الجنة فليسلك على هذا السبيل،
وهو يسير على من يسره الله عليه.
وبيّن القرآن الكريم أن الجنة قد خُلقت وزُينت وأُعدت للمؤمنين، قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }(آل عمران: 133)
، وقال تعالى: { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}(الحديد: 21)،
والإعداد يقتضي التهيئة والوجود، ومما يدل في السنة على وجودها تصريحه – صلى الله
عليه وسلم – برؤيتها، ففي الصحيحين من حديث عبدالله بن عباس
- رضي الله عنهما - قال: قال – صلى الله عليه وسلم – ( إني رأيت الجنة ) متفق عليه .
وبيّن
القرآن موضعها ومكانها الذي هي فيه الآن، قال تعالى: {وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى}(النجم: 13,14) ، روى الطبري في تفسيره عن هلال بن
يساف ، قال: سأل ابن عباس كعباً ، عن سدرة
المنتهى وأنا حاضر، فقال كعب: إنها سدرة – شجرة النبق - على رؤوس حملة العرش،
وإليها ينتهي علم الخلائق، ثم ليس لأحد وراءها علم، ولذلك سميت سدرة المنتهى،
لانتهاء العلم إليها. وقال تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ }(الذاريات: 22) روى الطبري عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد
يقول: "الجنة في السماء".
وبيّن
القرآن أن للجنة أبواباً يدخل المؤمنون منها، قال الله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ }(الزمر: 73)، وفي الصحيحين من
حديث أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول الله قال: ( إن في الجنة ثمانية أبواب ) متفق
عليه.
وبيّن
القرآن أن الجنة درجات بعضها فوق بعض، قال تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا
(٩٥) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}(النساء: 95-96)
، وقد ثبت في الصحيحين عن أبي
سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن في الجنة مائة
درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، ما بين كل درجتين كما بين السماء
والأرض".
الراوي: أبو سعيد الخدري و أبو هريرة المحدث: ابن تيمية - المصدر: مجموع الفتاوى - الصفحة أو الرقم: 14/125
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وبين القرآن
أسماء الجنة الدالة على معانيها وصفاتها فمن تلك
الأسماء:
الجنة،
قال تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}(الزخرف: 72 )، وهو الاسم
العام المتناول لتلك الدار وما اشتملت عليه من أنواع النعيم واللذة والبهجة والسرور
وقرة الأعين، وأصل اشتقاق هذه اللفظة من الستر والتغطية، ومنه الجنين لاستتاره في
البطن والجان لاستتاره عن العيون .
دار
السلام، قال تعالى: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }(الأنعام:127)،
وقال تعالى أيضاً: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(يونس:25)،
وهي الأحق بهذا الاسم، والأسعد بهذا الوصف، فإنها
دار السلامة من كل بلية وآفة ومكروه، وهي دار الله، واسمه سبحانه وتعالى السلام
الذي سلمها وسلم أهلها، وتحيتهم فيها سلام وتحية الملائكة لهم السلام
{ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ (23)عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}
(الرعد:23-24)
، والربُّ تعالى يسلم عليهم: { سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ }(يس:58).
دار الخلد، وسميت بذلك لأن أهلها لا يظعنون عنها أبداً كما قال تعالى:
{ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا }(النساء:57)
جنة المأوى، قال تعالى: { عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى }(النجم: 15)،
والمأوى من أوى يأوي إذا انضم إلى المكان وصار إليه واستقر به، والجنة دار
مستقر ومأوى المؤمنين
جنات عدن، قال تعالى: { جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا }(مريم: 61)، وقال تعالى:
{ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ }(الحج: 23)، ومعنى عدْن أي
إقامة، يقال عَدَنَ بالمكان إذا أقام به . فالجنة هي دار الإقامة الدائمة
الفردوس، قال تعالى: { أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ(١٠)الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }(المؤمنون:10-11)، وقال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا }(الكهف:107)، والفردوس
اسم يقال على جميع الجنة، ويقال على أفضلها وأعلاها، وأصل الفردوس البستان
والفراديس البساتين .
جنات النعيم، قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ }(لقمان: 8)، وهو أيضاً اسم جامع لجميع الجنات لما تضمنته من
الأنواع التي يُتَنَعم بها من مأكول ومشروب وملبوس ورائحة طيبة ومنظر بهيج ومساكن
واسعة، وغير ذلك من النعيم الظاهر والباطن.
المقام الأمين، قال تعالى: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ }(الدخان: 51)
، والمقام موضع الإقامة، والأمين الآمن من كل سوء وآفة ومكروه
مقعد صدق، قال تعالى: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ }
(القمر: 54– 55)، فسمى الله جنته مقعد صدق لأنها مجلس حق لا لغو
فيه ولا تأثيم .
وقد بيّن القرآن أن الجنان أنواع مختلفة في درجاتها، قال تعالى: { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}(الرحمن:46)
، فذكرهما ثم قال: { وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ }(الرحمن:62)، فهذه أربع جنان، ولكل جنة أهلها فالأعلى من الجنان للأعلى منزلة إيمانا وعملاً .
وذكر
القرآن أن لأهل الجنة مساكن وبيوتاً وغرفاً مبنية بعضها فوق بعض، قال تعالى:
{ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ }(الزمر:20)،
وقال تعالى: { وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ}(سبأ:37)،
وقال تعالى:
{ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }
(الصف:12)
، وقال تعالى عن امرأة فرعون أنها قالت:{ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ }(التحريم:11)، وروى الترمذي عن
علي - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ( إن في الجنة غرفاً يرىظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها، فقام أعرابي فقال: يا رسول الله لمن هي ؟ قال: لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلى بالليل والناس نيام )
الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 1984
خلاصة حكم المحدث: غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق تكلم فيه بعض أهل الحديث من قبل حفظه.
وبيّن
القرآن أن في الجنة جميع الملذات الحسية والمعنوية وما لا يوجد مما يشتهيه أهلها
يخلقه الله لهم، قال تعالى : { وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ } وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن
النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتحدث - وعنده رجلٌ من أهل البادية – ( أن رجلاً استأذن ربه في الزرع، فقال له ألست فيما شئت، قال: بلى،
ولكن أحب أن أزرع، فبذر فبادر الطرف نباتُه واستواؤه واستحصاده، فكان أمثال الجبال
– أي أن نباته واستواءه واستحصاده يحصل سريعاً -، فيقول الله: دونك يا ابن آدم فإنه
لا يشبعك شيءٌ ) فقال الأعرابي: والله لا تجده إلا قرشياً أو أنصارياً
فإنهم أصحاب زرع، أما نحن فلسنا بأصحاب زرع، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
رواه البخاري .
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني- المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2080خلاصة حكم المحدث: صحيح
وبيّن القرآن أن في الجنة أنهارا وعيوناً يشرب
منها أهل الجنة، وأن هذه الأنهار والعيون متنوعة في أصنافها ومجراها، قال تعالى:
{جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ }(البقرة:25)، أي أنها
تحت غرفهم وقصورهم وبساتينهم كما هو المعهود في أنهار الدنيا. وقال تعالى:
{ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ }(الرحمن:66)، أي: فوّارتان بالماء . وقال
تعالى: { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى}(محمد: 15 )
، فذكر سبحانه هذه الأجناس الأربعة، ونفى عن كل واحد منها الآفة
التي تعرض له في الدنيا، فآفة الماء أن يتغير من طول مكثه، وآفة اللبن أن يتحول
طعمه إلى الحموضة، وآفة الخمر كراهة مذاقها وتغييرها للعقول، وآفة العسل عدم
تصفيته، وهذا من آيات الله تعالى أن يجري أنهاراً من أجناس لم تجر العادة في الدنيا
بإجرائها، وينفي عنها الآفات التي تمنع كمال اللذة
بها.
وذكر
القرآن طعام أهل الجنة، وأن طعامهم الفاكهة واللحم وما يشتهون من سائر الطعام
الطيب، وأن شرابهم الماء واللبن والعسل والخمر التي لا داء فيها، قال تعالى
: { وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ(٢٢) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ }(الطور: 22-23)،
وقال تعالى: { يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ }(المطففين: 25-26)،
وقال تعالى: { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى }(محمد: 15)
وذكر
القرآن آنية أهل الجنة التي يأكلون ويشربون فيها، وأنها صحاف وأكواب وكؤوس، قال
تعالى: { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ }(الزخرف: 71)
، وقال تعالى: { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ( ١٧)بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ }(الواقعة: 17-18).
وذكر
القرآن لباس أهل الجنة وحليهم، وأن لباسهم الحرير، وحليهم الذهب، قال تعالى: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١)فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ }(الدخان: 51-53)،
وقال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا
( ٣٠ ) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا}(الكهف:30-31)،
قال جماعة من المفسرين: السندس
الرقيق من الحرير، والإستبرق الغليظ منه .
وذكر القرآن أن لأهل الجنة خياماً، قال تعالى: { حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ }(الرحمن:72)، وفي الصحيحين من حديث أبي موسى
الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:
( إن للمؤمن فى الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلا للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا ) رواه مسلم .
الراوي: أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2838
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وهذه الخيام غير الغرف والقصور، بل هي خيام منصوبة
في البساتين، وعلى شواطئ الأنهار .
وذكر
القرآن أن لأهل الجنة خدماً من الغلمان، قال تعالى
: { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ( ١٧)
بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ }(الواقعة: 17-18)، وقال
تعالى: { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا }(الإنسان:19)، قال ابن عباس : غلمان
لا يموتون، وكذلك قال مجاهد والكلبي ومقاتل
.
وذكر
القرآن نساء أهل الجنة وأصنافهن وجمالهن الظاهر والباطن، قال تعالى: { وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }(البقرة:25)،
مطهرة من كل أذى وعيب
ظاهراً وباطناً، فطهرت من قذر نساء الدنيا، وطهر باطنها من الأخلاق السيئة والصفات
المذمومة، وطهر لسانها من الفحش والبذاءة، وطَهُرَ طرفها من أن تطمح به إلى غير
زوجها، وطهرت أثوابها من أن يعرض لها دنس أو وسخ
.
وقال
تعالى: { كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ }(الدخان:54)، قال
مجاهد : " الحوراء التي يحار فيها الطرف من رقة الجلد
وصفاء اللون" وقال الحسن : "الحوراء شديدة بياض العين
شديدة سواد العين ".
وقال
تعالى: { فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ
(٥٦)فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
(٥٧)كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ }(الرحمن: 56-58) فوصفهن
بقَصْر طرفهن عن أن ينظرن لغير أزوجهن، ووصفهن بأنهن أبكار لم يوطأن، وشبههن
بالياقوت في صفائهن، وبالمرجان في جمالهن
وحسنهن.
وذكر
القرآن سماع أهل الجنة وغناء الحور لهم، وما فيه من الطرب واللذة، قال تعالى:
{ فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ }(الروم:15)، روى الطبري عن
يحيى بن أبي كثير : فهم في روضة يحبرون، قال: الحبرة اللذة والسماع . وعن
علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – قال: قال رسول
الله – صلى الله عليه وسلم –: ( إن في الجنة لمجتمعاً للحور العين يرفعن بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها، يقلن: نحن الخالدات فلا نبيد، ونحن الناعمات فلا نبأس، و نحن الراضيات فلا نسخط، طوبى لمن كان لنا وكنا له ) رواه الترمذي
الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2231
خلاصة حكم المحدث: منكر.
وذكر القرآن أن أهل الجنة يلتقي بعضهم بعضاً، يتذاكرون أخبار الدنيا، ويشكرون الله على
نعمه وفضله، قال تعالى: { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ(٥٠) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ(٥١)يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ(٥٢) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ(٥٣)قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ(٥٤)فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ(٥٥)قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ(٥٦)وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ }(الصافات:50-57)، وقال تعالى:
{ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ
(٢٥)قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ(٢٦)فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ(٢٧)إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}(الطور:25-28).
وذكر القرآن أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة في المحشر، وفي الجنة، قال تعالى عن
الكفار: { كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}(المطففين: 15)، فدل على المؤمنين يرونه يوم القيامة، وقال تعالى: {جُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ
(٢٢)إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ }(القيامة: 22-23)، وقال تعالى:{ لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد } وقد فسر المزيد جماعة من الصحابة
والتابعين بالنظر إلى وجه الله تعالى منهم أبو بكر الصديق،
وعلي بن أبي طالب، وأنس بن مالك – رضي الله عنهم - وغيرهم
.
وذكر
القرآن من نعيم أهل الجنة إلحاق ذريتهم بهم ممن مات صغيراً ولم يأت من العمل ما
يبلغه درجة والديه، قال تعالى: { وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}(الطور:21)، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما
– قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله ليرفع ذرية المؤمن إليه في درجته و إن كانوا دونه في العمل لتقرَّ بهم عينه ) ، ثم قرأ: { و وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } أي: ما نقصنا الآباء مما أعطينا البنين.
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 2490
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
تلك بعض
أوصاف الجنة التي وردت في كتاب الله تعالى، وهي أوصاف تشحذ الهمم، وتعظم العزائم،
في طلبها، والسعي إليها، وتحصليها، والمنافسة في دخولها، فيكفي الجنة أنها دار لا
هم فيها ولا غم، ولا خوف، ولا تعب ولا نصب، وهي بعد ذلك دار السرور الدائم والنعيم
الممتد، والعيش الخالد، والمجد التالد، جمعت كل سرور، وحوت كل نعيم، واستبدت بكل
خير، جعلنا الله من أهلها وسكانها.
تعليق