إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإساءة للآخرين في ضوء المعالجة القرآنية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإساءة للآخرين في ضوء المعالجة القرآنية



    لم يزل خلق الله منذ النشأة الأولى مختلفين فيما بينهم أعراقا وقبائل وإثنيات؛ ومن ثم نزعات وتوجهات وأفكارا، وقد نبهت نصوص الوحي المحفوظ إلى سرمدية هذا الاختلاف وأنه من السنن الكونية التي غرسها الله في نفوس ساكنة هذه الدار الدنيا؛ فهم لن يزالوا مختلفين حتى ينتقلوا إلى دار الفصل والجزاء؛ قال تعالى:
    {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 118، 119]
    إذا فالخلق وجميع أمم العالم لن تتوحد أفكارهم مهما بذلنا السبيل لذلك لأن الإرادة الإلهية لم تشأ ذلك بل جعلت الخلق ممتدون في هذه الدار على سماطين ومتفرقون على نجدين طريق للخير وأخرى للشر، وستقوم الساعة عندما يتمحض الشر في الدنيا ولا يبقى فيها إلا شرار الناس يتهارجون تهارج الحُمُر كما دلت على ذلك نصوص السنة النبوية المطهرة .

    لكن مع ذلك فالخلق على اختلاف مشاربهم مضطرون إلى التعامل مع بعضهم البعض ومحتاجون إلى إعانة بعضهم بعضا، ليَلْتئم قِوام العالَم، لأجل ذلك كان لا بد من دساتير عامة تحكم التعاملات بين الناس جميعا مسلمهم وكافرهم فاسقهم ومهتديهم وإذا ما تلمسنا منهج الإسلام في ضبط التعاملات التي تتعلق بالآخر - مهما كان حجم الاختلاف معه - فسنجد أنها كانت إرشادات حكيمة في غاية النبل والرقي؛ تكبح الجماح عن التسلط والاستبداد على حرمات الغير أو الإساءة إلى معتقداتهم وإن لم تكن مقدسة في المنظور الإسلامي، كل ذلك جاء مسطورا في نصوص محكمة من الوحيين الكتاب والسنة؛ نستعرض في الأسطر التالية قراءة تحليلية لنماذج من هذه النصوص التي ترسم حدود المعالجة الإسلامية لنزوة الاعتداء والإساءة إلى الآخرين المكبوتة في نزعات النفس البشرية:

    قال الله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 108] .
    تضمنت هذه الآية الكريمة نهي للمسلمين عن سبّ معبودات المشركين وعقائدهم، وتنبيه إلى أن هذا قد يحملهم على المقابلة فيسبون الله تعالى بغيا وجهلا واندفاعا في العصبية والحمية الجاهلية، وتقرير بأن الله تعالى قد جبل الناس على طبيعة استحسان ما يعملون أو أن من مقتضى النظام الذي أقام الله عليه الاجتماع البشري أن يستحسن الناس ما يعملون، وأن مرد الجميع إليه حيث ينبئهم بما عملوا ويوفيهم عليه بما استحقوا.
    وهنا مبدأ آخر – بعد مبدأ عدم جواز سب عقيدة الآخر – يعتبر من مبادئ الاجتماع الإنساني وهو أن الله قد زين لكل جماعة اجتمعت على حق أو باطل عملهم من خير أو شر ومن ثم فإنهم حساسون تجاه المساس بمقدساتهم أو تحقيرها فليس من الحكمة مهاجمتها أو الإساءة إليها وإنما المجادلة بالتي هي أحسن .


    وهذا المبدأ السامي الذي تنوه به هذه الآية الكريمة من الواضح أنه يستهدف تحقيق غايات عدة منها:
    - صيانة جناب الذات الإلهية ومقدسات الإسلام عن أن تطالها ألسنة السفهاء جهلا منهم بعظيم حرمتها .
    - سد الوسائل والسبل التي قد تؤدي إلى فتح باب السفاهة والمشاتمة لأن المبدأ القرآني صريح في دفع خطاب الجهالة من لدن السفهاء بالإعراض والإغضاء والسلام .
    - اكتساب احترام الآخرين وعدم تنفيرهم عن قبول الدين أو إدخال الغيظ والغضب في قلوبهم لأن الغاية الأسمى لدعوة الإسلام تتمثل في استخلاص الناس من حبالة الشيطان وإنقاذهم من الضلالة إلى الهدى ومن الغي إلى الرشاد لا إيغار صدورهم وإثارة نعراتهم .


    الإساءة إلى الآخرين والسب والشتم لا تترتب عليها مصلحة دنيوية ولا دينية لأن المقصود من الدعوة هو الاستدلال على إبطال الباطل وفساد حججه، فذلك هو الذي يتميز به الحق عن الباطل، وينهض به المحق ولا يستطيعه المبطل، فأما السب فإنه مقدور للمحق وللمبطل فيظهر بمظهر التساوي بينهما، بل ربما استطاع المبطل بوقاحته وفحشه ما لا يستطيعه المحق فيلوح للناس أنه تغلب على المحق.
    وليست هذه الآية التي ذكرنا وحيدة في مجال إثبات هذا المبدإ الإسلامي النبيل فقد روى ابن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
    " إنَّ مِن أَكبَرِ الكبائِرِ أن يَلْعَنَ الرَّجُلُ والدَيهِ قيلَ : يا رسولَ اللَّهِ ، وَكيفَ يَلعنُ الرَّجُلُ والديهِ ؟ قالَ : يَسبُّ الرَّجلُ أبا الرَّجلِ ، فيسُبُّ أباهُ ، ويسبُّ أمَّهُ فيَسبُّ أُمَّهُ "

    الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5973- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

    من كل ذلك نستنتج أن نصوص الوحي جعلت المتسبب في الفعل فاعلا، وغير المحترز من تبعات ردة أفعاله فاعلا، وأحاطت معتقدات ومقدسات الآخرين بسياج متين من الحرمة فلم تسمح بسبها بمبرر فسادها أو ضلالها – رغم أنها كذلك في ما نعتقد - أو حتى بمبرر الدعوة إلى الله، وفي هذا قدر كبير من الجلال والروعة التأديبية التي تهدف إلى إبعاد المسلم عن الفحش والبذاءة وإثارة الغير وجرح عاطفته الدينية مهما كانت، كذلك يمكننا أن نلمح أن المعالجة الإسلامية لهذه الركيزة الأساسية من ركائز الاجتماع الإنساني كانت متميزة فلم تقع في وحل الازدواجية الذي وقعت فيه الدعوات الحقوقية المعاصرة التي سمحت بالإساءة لمعتقدات بعض المخالفين بحجة أن ذلك من قبيل حرية الرأي التي لا تحدها حدود، ومنعته في حق البعض الآخر بحجة أن فيه معاداة للسامية وتغذية لمشاعر الكراهية والعنف .
    على أنه لا بد هنا من التنبيه إلى أنه ليس من السب ولا يعتبر من الإساءة النسبة إلى خطأ في الرأي أو العمل، وليس منه إبطال ما يخالف الإسلام من عقائد ونسبتها إلى الضلال في مقام المجادلة ولكن السب أن نباشرهم في غير مقام المناظرة بذلك .
    المصدر : إسلام ويب

    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 13-11-2017, 09:05 PM.


  • #2
    رد: الإساءة للآخرين في ضوء المعالجة القرآنية

    عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

    تعليق


    • #3
      رد: الإساءة للآخرين في ضوء المعالجة القرآنية


      بسم الله الرحمن الرحيم
      عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      بارك الله فيكم ونفع بكم
      محمود خليل الحصري حفص ورش قالون مجود معلم مرتل هنا
      أقرأ القرآن أون لاين
      هنا
      لحفظ القرآن هذا أفضل برنامج محفظ للقرآن أون لاين هنا
      و نرجوا الدخول هنا


      تعليق


      • #4
        رد: الإساءة للآخرين في ضوء المعالجة القرآنية

        عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيراً ونفع الله بكم وجعل عملكم في موازين حسناتكم

        تعليق


        • #5
          رد: الإساءة للآخرين في ضوء المعالجة القرآنية

          المشاركة الأصلية بواسطة ام هالة30 مشاهدة المشاركة
          عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

          جزانا الله وإيّاكم أختي
          وبوركتم لمروركم الكريم


          تعليق


          • #6
            رد: الإساءة للآخرين في ضوء المعالجة القرآنية

            المشاركة الأصلية بواسطة محبة العلم والدعوة مشاهدة المشاركة

            بسم الله الرحمن الرحيم
            عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
            بارك الله فيكم ونفع بكم

            اللهم آمين وإيّاكم أختي
            وبوركتم لمروركم الكريم


            تعليق


            • #7
              رد: الإساءة للآخرين في ضوء المعالجة القرآنية

              عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
              جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

              "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
              وتولني فيمن توليت"

              "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

              تعليق


              • #8
                رد: الإساءة للآخرين في ضوء المعالجة القرآنية

                عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                بارك الله فيكم ونفع بكم
                رحمك الله يا أمي
                ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق!".الشافعي رحمه الله
                وظني بكـَ لايخيبُ

                تعليق


                • #9
                  رد: الإساءة للآخرين في ضوء المعالجة القرآنية

                  وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                  بارك الله فيكم ونفع بكم وجزاكم كل الخير

                  إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
                  والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
                  يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

                  الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

                  تعليق


                  • #10
                    رد: الإساءة للآخرين في ضوء المعالجة القرآنية

                    جزانا الله وإيّاكم جميعًا خيرا
                    وبوركتم لمروركم الكريم


                    تعليق

                    يعمل...
                    X