إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين



    المشهد الثالث:
    ..
    مشهد السجن؛ يُسجن في ذاتِ الله، ويُمَحَّصُ ليخرج برضوان الله



    مـَـنْ مِنّـا يُحِــبُّ السِّــجْـــن؟!
    قَطْعــاً لا أحــد..
    لكنَّ نبي الله يوسف عليه السلام أحبَّ ذلك!!

    برغم أنَّ حياة السجون عالم عجيب وأهله في نهاية العجب -في لغتهم وأقوالهم وتصرفاتهم وتعاملهم
    ورغم قسوة هذه الحياة وشدَّة آلامها مع أمثال هؤلاء؛
    إلا أن نفس يوسف الأبِيَّة الكريمة قد اختارتها على حياة القصور والترف والنعيم والعبث والمجون.
    فهي على ما فيها أحبُّ إليه من حياة يُستخَّفُ فيها بالقيم والأخلاق ولو كانت في قصور!!

    يُبيِّن ذلك ربنا تبارك وتعالى في قوله:
    {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ} يوسف: 33
    ..
    وهذا يدل على أن النسوة، جعلن يُشِرْنَ على يوسف في مطاوعة سيدته، وجعلن يكدنه في ذلك.
    فاستحبَّ السجن والعذاب الدنيوي على لذة حاضرة تُوجِب العذاب الشديد،

    { وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ }
    أي: أَمِلْ إليهن،
    وأطاوعهن على ما يردنه منى؛ فإني ضعيف عاجز، إن لم تدفع عني السوء،
    { وَأَكُنْ } إن صبوتُ إليهن { مِنَ الْجَاهِلِينَ } فإنَّ هذا جهل..
    جَهْــلٌ؛ لأنه آثر لذة قليلة مُنَغِّصة، على لذاتٍ متتابعاتٍ وشهواتٍ متنوعاتٍ في جنَّات النعيم،
    ومَنْ آثر هذا على هذا، فمن أجهل منه؟!
    فإن العلم والعقل يدعو إلى تقديم أعظم المصلحتين وأعظم
    اللَّذَّتين، ويؤْثِرُ ما كان محمود العاقبة.

    وهنا نقف معًا وندقِّق في معنى الآيات بتدبر وفهم، ولنقرأ مرة أخرى قوله تعالى:
    {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا...}
    يوسف: 22
    وقوله تعالى:
    {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ}
    يوسف: 33
    إختار يوسف عليه السلام السجن -الذي رآه أحبّ إليه- لينأي ويبتعد تماما عن ضغوط امرأة العزيز والنسوة عليه؛
    ليس لأنه ضعيف، بل لأنه أُوتيَ حُكْمًا وَعِلْمًا

    حُكْماً أى: حكمة، وهي الإصابة في القول والعمل، أو هي النبوة.
    وعِلْماً أى: فقهًا في الدين، وفهما سليما لتفسير الرؤى، وإدراكًا واسعًا لشئون الدِّين والدنيا.

    لذا قال الإمام السعدي رحمه الله:
    فإنَّ العلم والعقل يدعو إلى تقديم أعظم المصلحتين وأعظم اللَّذَّتين، ويؤْثِرُ ما كان محمود العاقبة.




    وهكذا يهب الله تعالى ليوسف عليه السلام منحة التمكين في الأرض على مرحلتين؛

    الأولى: بالتمكــين الصغــير..



    في قوله تعالى:
    {
    وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ
    وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
    } يوسف: ٢١
    حيث أخرجه الله تعالى من مِحنة غَيابَةِ الجُبِّ سالماً، يُباع عبداً في مصر، فيشتريه عزيز مصر -الرجل الثاني فيها بعد الملك-،
    وهيأ له الإقامة في بيت العزيز الذي أوصى به امرأته خيراً.

    فعل الله ذلك بيوسف عليه السلام ليُعلّمه من تأويل الأحاديث، وتعبير الرؤى، وهذا كله تهيئة للأحداث الأخيرة في حياته، التي يتحقق فيها وعد الله له.


    إذن فالعلم سبب الرفعة في الدنيا والآخرة، وسبب صلاح الدِّين والدُّنيا.

    وبالعلم تأتي الحكمة للعبد بتوفيق الله له؛
    فيوسف صلى الله عليه وسلم لم ينل ما نال إلا بالعلم.. ولهذا قال له أبوه:
    {وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ}
    يوسف: 6
    إمتنَّ الله على يوسف عليه السلام وقت مُكثِه عند عزيز مصر بالتجرد للعلــم،
    وحاز مقام الإحسان بالعلم، وخرج من السجن في حال العزّ والكرامة بالعلــم،
    وتمكَّن عند ملك مصر واستخلصه لنفسه حين كلَّمه وعرف ما عنده من العلــم،
    ودبَّر أحوال الخلق في الممالك المصرية بإصلاح دنياهم وحسن تدبيره في حفظ خزائن الأرض وتصريفها وتوزيعها بالعلــم،
    وعند نهاية أمره توسل إلى ربه أن يتولاه في الدنيا بالعلــم:
    {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}
    يوسف: 101

    ففضائل العلم وثمراته الجليلة العاجلة والآجلة لا تُعد ولا تُحصى.


    وفضائل العلم وردت في أحاديث عديدة، منها مارواه الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه،
    عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
    " فَضْلُ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ فَضْلِ الْعِبَادَةِ ، وَخَيْرُ دِينِكُمُ الْوَرَعُ "
    صححه الإمام الألباني في: صحيح الترغيب.

    ومنها
    ما أخبر به صلى الله عليه وسلم:

    "
    وإنَّ فضلَ العالِمِ على العابِدِ كفَضلِ القَمرِ علَى سائرِ الكواكِبِ،...
    " (1)


    المرحلة الثانية: بالتمكــين الكبــير..


    في قوله تعالى:

    {
    وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ} يوسف: 56

    لما تعرّض يوسف في بيت العزيز لفتنة امرأته الطاغية، التي طمعت فيه واشتهته، وراودته عن نفسه، ولكنه استعصم بالله، واستعلى على فتنتها،
    فأُدخل السجن ظلماً، ولبث فيه بضع سنين، وأوّل لصاحبيه السجينين رؤيا كل منهما، ثم أوّل الرؤيا المثيرة للملك، الذي أُعجب به،
    وأمر بإخراجه من السجن، والإتيان به إليه، وعندما اطمأن إليه الملك، جعله (
    عــزيــزاً ) لمصر، وسلّمه خزائن الأرض.
    وبذلك صار يوسف الرجل الثاني بعد الملك..





    وبداية مشهد السجن؛ تأتـــــــي:

    1- بعـدمــا تَحقَّـق للعزيز
    صدق يوسف عليه السلام وبــراءته، وأنَّ امـرأتـه هي الكاذبة:
    {فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ ۖ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} يوسف: 28

    2-
    ثم ظهر للعزيز وحاشيته -من بعد ما رأوا صِدق يوسف عليه السلام وطهارة عرضه
    أن يغيروا رأيهم في شأنه، وأن يسجنوه ظُلمًا إلى مدة غير معلومة من الزمان:

    {ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ} يوسف: 35

    فكيف كان يوسف عليه السلام في السجن؟

    يقول ابن كثير رحمه الله:

    لقد اشتهر بالجود والأمانة، وصِدق الحديث وكثرة العبادة. حتى قال ابن عباس رضي الله عنهما، كما ذكر القرطبي، قال:
    كان يوسف يعزي الحزين في السجن، ويعود المريض ويداوي الجريح، ويصلي الليل كله ويبكي عليه السلام.
    حتى استأنس به أهل السجن وأحبوه حباً عظيماً.





    والمشهد الآن في السجن، كما قال تعالى:

    {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ
    نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
    }
    يوسف: 36
    دخل يوسف السجن، ودَخل معه شابان، فرأى كل واحد منهما رؤيا، فقصَّها على يوسف ليفسرها؛
    فماذا فعل وماذا قال لهما؟!

    من كمال يوسف عليه السلام ونصحه وفطنته العجيبة أنهما لما قصَّا عليه رؤياهما تأنَّى في تفسيرها ووعدهما بتفسيرها بأسرع وقت،
    كما بيَّن ربنا تبارك وتعالى:
    {لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا}
    يوسف: 37
    فوعدهما بتفسيرها قبل أول طعام يأتيهما من خارج السجن ليطمئنا ويشتاقا إلى تفسيرها،
    وليتمكن من دعوتهما قبل التفسير ليكون أدعى لقبول الدعوة إلى الله؛ لأن الدعوة لهما إلى الله أهم من تفسير رؤياهما.

    فدعاهما إلى الله بأمرين:

    أحدهما: بحاله وما هو عليه من الوصف الجميل الذي أوصله إلى هذه الحال الرفيعة، بقوله:
    {ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ۚ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ *
    وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ۚ ذَٰلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ
    }
    يوسف: [37 , 38]

    الأمر الثاني: دعاهما بالبرهان الحقيقي الفطري، فقال:
    {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ
    إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
    }
    يوسف: [39 , 40]

    فإنَّ من تـَــوَحَّدَ بالكمال من كل وجه, وبالقهر للعالم العلوي والسفلي, المُستَحِقُّ للألوهية الكاملة,
    الذي خلق الخلق لعبادته وأمرهم بها وله الحكم على عباده في الدنيا والآخرة هـُــوَ الذي لا ينبغي العبادة إلا له وحده دون المعبودات الناقصة المتفرقة,
    التي كل قوم يدعون إِلَٰهِيَّتها, وليس فيها من معاني الإلَٰهِيَّة شيء ولا استحقاق, وإنما هي أسماء اصطلحوا على تسميتها؛
    أسماء بلا معانٍ، فرأى صلى الله عليه وسلم دعوتهما إلى الله أولى بالتقديم على تفسير رؤياهما وأنفع لهما ولغيرهما.




    وأما رؤيا الفتيين في قوله تعالى:

    {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ}
    يوسف: 36
    فقد تلطَّفوا ليوسف أن يبلغهما بتأويل رؤياهما لما شاهدوا من إحسانه للأشياء وإحسانه إلى الخلق.
    ففَسَّر رؤيا من رأى أنه يعصر خمرًا أنه ينجو من سجنه ويعود إلى مرتبته وخدمته لسيده؛ فيعصر له العنب الذي يؤول إلى الخمر،
    وفسَّر رؤيا الآخر؛ فيُقتَل ثم يُصْلَب فتأكل الطير من رأسه.

    هذا ما وهبه الله ليوسف عليه السلام من الفهم العجيب والغوص على المعاني الدقيقة
    بما جعله يفهم أن الآخر سيُقتَل ولا يُدفن سريعا حتى يصل إلى هذه الحال، ثم قال لهما:
    {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ}
    يوسف: 41
    وهذا من كمال علمه للتعبير الذي لا يُعبِّر عن ظنّ وتوهُّم وإنما يُعبِّر عن علم ويقين.

    وتستمر التهيئة للتمكين، وتتوالى الأحداث بمشيئة الله رب العالمين، ومازال يوسف عليه السلام يقضي في السجن بضع سنين
    ..
    {
    وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ}
    يوسف: 42
    وقال يوسف للذي علم أنه ناجٍ من صاحبيه: اذكرني عند سيِّدك الملك وأخبره بأني مظلوم محبوس بلا ذنب،
    فأنسى الشيطان ذلك الرجل أن يذكر للملك حال يوسف، فمكث يوسف بعد ذلك في السجن عدة سنوات.
    (2)





    بعد سنوات طوال تكتمل بفضل الله مِنحة التمكين لنبيه يوسف عليه السلام،
    فلما أراد الله أن يتم أمره، ويأذن بإخراج يوسف من السجن، قدَّر بمشيئته سبحانه لذلك سببـًا لإخراجه وارتفاع شأنه وإعلاء قدره،
    وهــــو رؤيــــا المــــلك
    {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ
    يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ
    }
    يوسف: 43

    وقال الملك لعلماء قومه وذوي الرأي منهم:
    إني رأيت في منامي سبع بقرات سمان، يأكلهن سبع بقرات نحيلات من الهُزال، ورأيت سبع سنبلات خضر، وسبع سنبلات يابسات،
    فتحيَّروا، ولم يعرفوا لهذه الرؤيا تأويل قائلين:
    رؤياك هذه أخلاط أحلام لا تأويل لها، وما نحن بتفسير الأحلام بعالمين.


    حِينَـئِــذٍ، يُقــدِّرُ الله لنبيه يوسف عليه السلام الخروج من السجن

    ف
    بعد هذه السنين؛ يتذكَّر الفتى
    الذي نجا قُدرة من كان معه في السجن على تفسير هذه الرؤيا، إنه يوسف عليه السلام:

    {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} يوسف: ٤٥

    بعد سنوات طوال؛ يتذكر ساقي الملك -الفتى الذي نجا- كيف فسَّر له يوسف رؤياه تفسيرًا صادقًا أيام أن كان معه في السجن،
    فيطلب من الملك ومن معه قائلا: أنا أخبركم بتأويل هذه الرؤيا، فابعثوني إلى يوسف لآتيكم بتفسيرها،
    ويلتقي الساقي بيوسف عليه السلام داخل السجن طالبا منه تفسير رؤيا الملك..
    {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} يوسف: ٤٦

    ومن كمال إخلاص يوسف وكمال خُلقه أنه لم يعاتب هذا الذي وصَّاه أن يذكره عند ربه فنسي , وجاءه يسأله عن رؤيا الملك؛
    فأجابه، ولم يعاتبه أو يعنِّفَهُ أو يعامله بسوء خلق.
    هذه هي الأخلاق التي يجب أن نقتدي بها.
    فبحسن الخلق تحصل للعبد الحياة الطيبة العاجلة والآجلة.


    فسَّر يوسف عليه السلام الرؤيا للساقي بصدق وتحليل لما سيحدث وما يجب الاستعداد له:
    {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ ﴿٤٧﴾ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ ﴿٤٨﴾ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴿٤٩﴾} يوسف

    قال يوسف عليه السلام مُفسرًا لرؤيا الملك:
    تزرعون سبع سنين متتابعة جادِّين ليَكْثُر العطاء، فما حصدتم منه في كل مرة فادَّخِروه، واتركوه في سنبله؛ ليتمَّ حفظه من التسوُّس، وليكون أبقى، إلا قليلا مما تأكلونه من الحبوب، ثم يأتي بعد هذه السنين الخِصْبة سبع سنين شديدة الجَدْب، يأكل أهلها كل ما ادَّخرتم لهن من قبل، إلا قليلا مما تحفظونه وتدَّخرونه ليكون بذورًا للزراعة، ثم يأتي من بعد هذه السنين عام يغاث فيه الناس بالمطر، فيرفع الله تعالى عنهم الشدّة، ويعصرون فيه الثمار من كثرة الخِصْب والنماء.






    وهكذا فسَّر يوسف عليه السلام الرؤيا المثيرة للملك، الذي أُعجِب به، وأمر بإخراجه من السجن، والإتيان به إليه:

    {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ۚ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} يوسف:٥٠

    ولنتأمل معًا حكمة سيدنا يوسف عليه السلام!! إنها حكمة بالغة:
    يقول تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ} لمن عنده {ائْتُونِي بِهِ} أي: بيوسف عليه السلام، بأن يخرجوه من السجن ويحضروه إليه،
    فلما جاء يوسف الرسول وأمره بالحضور عند الملك، امتنع عن المبادرة إلى الخروج، حتى تتبين براءته التامة، وهذا من صبره وعقله ورأيه التام.


    رفَضَ يوسف عليه السلام أمر الملك بالحضور إليه والخروج من السجن بعد كل هذه السنين إلا بعد ظهور براءته..
    أبَىَ نبيّ الله يوسف عليه السلام إلا أن تظهر براءته التامة التي لا شبهة فيها؛ فلم يخرج من السجن لمواجهة الملك إلا في حالة براءته وهيبته ورفعته،
    وتعظيمٍ منهم لعِلمِه وفضله ونزاهته عليه الصلاة والسلام.

    تظهر براءة يوسف عليه السلام كما شاء الله وقدَّر له، فتشهد له امرأة العزيز بصدقه، وتعترف اعترافا تامَّــًا ببراءته:

    {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّـهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ ۚ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} يوسف:٥١






    عندئذٍ؛ اطمأن الملك ليوسف عليه السلام، وعرف قدره جيدًا -عِلمــًا وخُلقــًا وأمَانــًة-، فجعله (
    عــزيــزاً) لمصر، وسلّمه خزائن الأرض.
    وبذلك صار يوسف الرجل الثاني بعد الملك
    ..
    وقد علَّقت الآيات على ترتيب الأحداث بتقدير الله، لتوصل يوسف عليه السلام إلى ما وصل إليه بتقدير الحكيم الخبير.

    هذا هو التمكين الثاني الكبير، الذي مكَّنه الله ليوسف،
    وهذا التمكين تحقيقٌ لما استشرفه له أبوه من مستقبل واعدٍ مشرق.




    وللحديث بقية بأمر الله رب البرية، ليتبقى المشهد الرابع وملك مصر...
    فتابعونا بإذن الله تعالى





    _________________________
    (1) متن الحديث:
    عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
    " مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ عِلمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ، وإنَّ الملائِكَةَ لتَضعُ أجنحَتَها رضًا لطالبِ العلمِ،
    وإنَّ طالِبَ العِلمِ يستَغفرُ لَهُ مَن في السَّماءِ والأرضِ، حتَّى الحيتانِ في الماءِ، وإنَّ فضلَ العالِمِ على العابِدِ كفَضلِ القَمرِ علَى سائرِ الكواكِبِ،
    إنَّ العُلَماءَ هُمْ ورَثةُ الأنبياءِ، إنَّ الأنبياءَ لم يُوَرِّثوا دينارًا ولا دِرهمًا، إنَّما ورَّثوا العِلمَ، فمَن أخذَهُ أخذَ بِحَظٍّ وافرٍ
    "

    المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 183 - خلاصة حكم المحدث: صحيح

    (2) للفـائـدة.. يرجى قراءة هذا الموضوع: إشكال حول قول يوسف عليه السلام: اذكرني عند ربك

    المراجع:
    1- التفسير الميسر
    2- تفسير الإمام السعدي رحمه الله
    3-
    تفسير الإمام القرطبي رحمه الله
    4- تفسير الوسيط للشيخ سيد طنطاوي رحمه الله
    5- من كتاب: فوائد مستنبطة من قصة يوسف عليه السلام، للإمام السعدي رحمه الله
    6- من خطبة يوسف في السجن، للشيخ فواز الثبيتي

    7- من كتاب: وعود القرآن بالتمكين للإسلام،
    للكاتب:
    د صلاح الخالدي-الفصل الخامس، للتعرف على سيرته الذاتية أدخل على هذا الرابط: هنـــــــا

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو أحمد خالد المصرى; الساعة 18-01-2015, 10:27 AM.
    إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
    والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
    يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

    الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

    تعليق


    • #17
      رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

      ​المشهد الرابع:
      مشهد مُلْكُ مصر؛ يمْلِكُ الدولة بأَسْرِهَا، ويتحدَّثُ من مركز القوة، بعد الفراق والسجن والعناء.

      __________________________________________________ _________________

      تتوالى الأحداث، ويأذن الله تعالى بخروج يوسف عليه السلام من السجن عَـزيـزًا مُـعَــزَّزًا، نَـزيـهــًا مُبــرَّءًا أمام الجميع،
      فصار ذو مكانةٍ خاصَّةٍ عند الملك وَرِفْعَةِ شَــأْنٍ، وصار مُكــرَّمــًا.

      وبذلك يَصِل يوسف عليه السلام إلى ما وصل إليه بتقدير الحكيم الخبير، ويَمُنّ الله عليه بالتمكين الكبير؛
      مُـــلْـــكُ مِـصْـــــر
      ليس بمعنى تتويجَهُ مَلِكَـًا على مصر؛ لكن بالمعنى الذي ورد في سياق الآيات الكريمة الآتية من سورة يوسف:

      (1) إختيار الملك له، فاختَصَّهُ وجعله ذو مكانة رفيعة و نفوذ أمر،
      __________________________________________________ __________________________________________________ _
      كما ورد في قوله تعالى:
      {
      وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ}
      (54)
      هذا الاستخلاص قد جاء بعد أن تيقَّن الملك -من بعد الحوار مع يوسف عليه السلام- أنه رجل قد حفظ نفسه من أعنف الغرائز؛ غريزة الجنس.
      رأى الملك فيه أخلاق رفيعة؛ وسِعَة عِلْم؛ حيث تقبّل السجن، وعاش فيه لفترة طالتْ، وقد ثبُت ذلك بتأويل الــرُّؤيــا؛ وقد فعل ذلك وهو سجين،
      ولم يقبل الخروج من السجن إلا بعد إثبات براءته.
      ولكلِّ ذلك صار من أهل الثقة عند الملك، الذي أعلن الأمر بقوله:
      {إِنَّكَ
      الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ}
      وذلك ليسُدَّ باب الوِشَاية به، أو التآمر عليه. ومكانة «المكين» هي المكانة التي لا ينال منها أيُّ أحد.
      فالمعنى: أن يوسف عليه السلام أَهْل ٌللثقة عند الحاكم؛ وهو الذي سيُنفذ الأمور، وله صِلَة بالمحكومين،
      وإذا كان هو المُمَكَّنُ من عِند الحاكم؛ فهو أيضاً أمينٌ مع المحكومين.
      - والمشكلة في مجتمعاتنا المعاصرة إنّما تحدث عندما يُرجِّحُ الحاكمُ من يراهم أهلَ الثقة على أهل الخبرة والأمانة، فتختَّل موازين العدل.
      وعلى الحاكم الذكيّ أن يختار الذين يتمتعون بالأمرين معاً:

      أمانــًة على المحكوم؛ وثِقــًة عند الحاكم.
      وبهذا تعتدل الحياة على منهج الله.



      ولعل من أسباب عزل عزيز مصر الأول -في اجتهادي الشخصي، والله أعلم-:

      -
      أن موقف العزيز من امرأته كان موقفا ضعيفا متراخيا! وهذا الموقف هو الذي جعل تلك المرأة المتحكمة في زمام زوجها،
      تقول بعد ذلك بكل تبجح وتكشف واستهتار:

      {وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ۖ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ } يوسف: 32
      - ثم ظهور براءة يوسف عليه السلام بشهادة امرأة العزيز له بصدقه وطهارته، وتبرئته مما أُلصق به كذبًا وافتراءً، كما ورد في قوله تعالى:
      {قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}
      يوسف: 51
      مما وضع زوجها في موقف الغير مؤتمن على المحكومين، والغير جدير بثقة الملك الذي قرر عزله جزاءً له على ذلك، وتعيين يوسف عليه السلام بدلا منه.

      هذا مجرد إجتهاد مني في الفهم؛ رجوعًا إلى تفسير العلماء؛
      [1]
      لو أسقطناه على واقع الدول المتقدمة التي تحكم بالعدل وإن كانت كافرة؛ لوجدناه حقيقي ويحدث بين حين وآخر!
      وياليت أمتنا الإسلامية المؤمنة بالله وحده يتبع حكامها نفس هذا المنهج في الحكم!




      حين سمع يوسف عليه السلام هذا الكلام من الحاكم:
      {
      إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ}
      قرر أن يطلب منه شيئاً يتعلق بتعبيره لرُؤْياه، التي سبق أن أوَّلها، وهذه عملية اقتصادية تحتاج إلى تخطيط وتطبيق ومتابعة وحُسْن تدبير وحزم وعِلْم.



      (2) مطلب يوسف عليه السلام من الملك،

      __________________________________________________ __________
      كما ورد في قوله تعالى:
      {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}
      (55)
      وهذا القول تأكيد لثقة يوسف أن القادم في هذا البلد يحتاج لحكمة إدارة، لا تبعثر ما سوف يأتي في سنين الخصب؛
      لتضمن الاطمئنان في سنين الشدة، وتلك مهمة تتطلب الحفظ والعلم.
      وقد تقدم ما يثبت أن هاتين الصفتين يتحلَّى بهما يوسف عليه السلام.
      وقد يقول قائل: أليس في قول يوسف شبهة طلب الولاية؟، و القاعدة تقول: إنَّ طالب الولاية لا يُولَّى.

      فيوسف عليه السلام لم يطلب ولاية، وإنما طلب الإصلاح ليتخذ من إصلاحه سبيلاً لدعوته وتحقيقاً لرسالته، حيث أنه كان آمراً فيُسْتَجَاب،
      ولم يكن مأموراً للإيجاب حيث أنه كان واثقاً بالإيمان ومؤمناً بوثوق.

      وقد تأتي ظروف لا تحتمل التجربة مع الناس، فمن يثق بنفسه أنه قادر على القيام بالمهمة فله أن يَعرِضَ نفسه.

      إذن: فمن حقِّ الإنسان أن يطلب الولاية إذا تعيَّن عليه ذلك، بأن يرى أمراً يتعرض له غير ذي خبرة يُفسد هذا الأمر، وهو يعلم وَجْه الصلاح فيه.
      وهنا يكون التدخل فرضُ عَيْنٍ من أجل إنقاذ المجتمع.

      وفي مثل هذه الحالة نجد مَنْ طلب الولاية وهو يملك شجاعتين:
      الشجاعة الأولى: أنَّه طلب الولاية لنفسه؛ لثقته في إنجاح المهمة.
      و الشجاعة الثانية: إنَّه حَجَبَ من ليس له خبرة أن يتولَّى منصِباً لا يعلم إدارته، فيصيرُ الباطل مُتصرِفاً.
      وبذلك يُظهر وَجْه الحق؛ ويُزيل سيطرة الباطل.

      ولذلك نجد يوسف عليه السلام يقول للملك:
      {اجعلني على خَزَآئِنِ الأرض إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}
      والخزائن يوجد فيها ما يُمكّن المُسيطِر عليها من قيادة الاقتصاد.
      وقالوا: إن يوسف طلب من الملك أن يجعله على خزائن الأرض، لوضع سياسة اقتصادية يواجهون بها سبع سنين من الجَدْب،
      وتلك مسألة تتطلب حِكمَــًة وحِفْظــًا وعِلْمــًا.

      وكان يوسف عليه السلام يُحسِنُ إدارة الأمر في سنوات الجَدْب ليشُدَّ كلَّ إنسان الحزام على البطن،
      فلا يأكُل الواحد في سبعة أمعاء، بل يأكُل في مِعيٍّ واحد، كما يقول رسولنا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الحديث الشريف:
      «
      الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ» رواه الإمام مسلم




      (3) ثمَّ يأذن الله بالتمكين ليوسف عليه السلام،
      __________________________________________________ _______
      كما ورد في قوله تعالى:
      {وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (56)
      (
      مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) يعني: ملَّكْنَاهُ أرض مِصر (يَتَبَوَّأُ مِنْهَا) أي: ينزِلُ (حَيْثُ يَشَاءُ) ويصنعُ فيها ما يشاء.
      وهكذا كان تمكين الله ليوسف عليه السلام في أرض مصر؛
      بحيث كانت له القدره على التصرف والتنقل في جميع أراضيها، وبحيث أدار شئون مصر بصورة حـــازِمــــة؛ عـــادِلــــة؛
      فلمَّا جاء الجَدْب؛ لم يَأتِهَا وحدها؛ بل عَمَّ البلاد التي حولها. بدليل أن هناك أُنَاساً من بلاد أخرى لجئوا يطلبون رزقهم منها؛
      والمَثَل: إخوة يوسف الذين جاءوا من الشام يطلبون طعاماً لهم ولمن ينتظرهم في بلادهم، فهذا دليل على أن رُقْعة الشِدَّة كانت شاسِعة.
      مكَّنَ الله ليوسف عليه السلام؛ فجعل الملك يطمئن له بعدما عرف قدره جيدًا وجعله (عــزيــزاً) لمصر، وسلّمه خزائن الأرض.
      وبذلك صار يوسف الرجل الثاني بعد الملك، وله حرية التصرف بعد أن مكَّنه الله ووهبه هذا المنصب الرفيع بالدولة المصرية؛ منصب العزيز.... [2]




      يوسف الصِّدِّيق؛ عـــزيــــز مصر؛ مكنَّه الله بفضله، وحقَّق رؤيته

      والمشهد الآن؛ بعد هذه السنوات الطوال وبعد كل ما لاقاه نبي الله يوسف عليه السلام من وحشة الجبّ وعناء الفراق -عُنوة من إخوته ظلمًا وحسدًا-،
      وما لاقاه من ظلم امرأة العزيز له، وما لاقاه من شدة الظلم بإدخاله السجن لسنوات وسنوات، ثم نُصرَة الله له بإظهار الحق وتمكينه من أرض مصر،
      المشهد الآن يبدأ بالطريق إلى تحقيق رؤياه وهو صبي؛ التي قصَّها على أبيه يعقوب عليه السلام،
      المشهد الآن؛ يوسف عليه السلام يبدأ بلقاء إخوته، ثمَّ يواجِههُم:
      ساق الله له إخوته العشرة، الذين ألقوه في غيابة الجب، وتعاملوا معه على أنه عزيز مصر، ولا يوجد عند أي واحد منهم احتمال أن يكون هذا العزيز هو أخاهم الصغير؛ قال الله تعالى:
      {وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ} (58)
      وتتابعت الأحداث بينه وبينهم، حيث طلب إحضار أخيه الصغير، وأخذ أخاه بعد أن اتهمه فتيانه بسرقة صواع الملك، وعاد الإخوة إلى أبيهم بِهَمٍّ وحزن،
      وطلب منهم أبوهم أن يعودوا إلى مصر، وأن يتحسَّسوا من يوسف وأخيه، ودخلوا عليه مُتعَبين، فَرَقَّ لهُم، وذكّرهُم بما فعلوه به وهو صغير، وتعرَّفوا عليه،
      وعــفـــا عنـهـــم.
      قال الله تعالى:
      {
      قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ ﴿٨٩﴾ قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٩٠﴾}
      وعده الله وهو صغير مُلقى في غيابة الجب، أن يخبرهم في المستقبل بجريمتهم معه: (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ).
      والآن وبعد سنوات عديدة، حقق الله له وعده السابق، في الوقت الذي حدده الله، والذي رتب الأحداث التي توصل إليه، وها هو ينبئهم بأمرهم السابق،
      وهم لا يشعرون، ولا يتوقعون أن يكون عزيز مصر، الجالس أمامهم الآن، هو أخاهم الصغير، الذي ألقوه في غيابة الجب، قبل سنين وسنين!!
      وسبحان الله، الغالب على أمره، الصادق لوعده، المُنفِّذ لإرادته.

      بعدما تعرف الإخوة على يوسف عليه السلام، أعطاهم قميصه بشارة لأبيه، وأمرهم أن يأتوا بأهلهم أجمعين..
      ولما دخلوا جميعاً عليه، خروا له سُجَّدًا؛ الأحد عشر أخاً وأبواه.. وبذلك تم تأويل رؤياه، التي رآها قبل سنين عديدة، لا يعلم مقدارها إلا الله.
      قال تعالى:
      {
      وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (100)

      لقد كانت الرؤيا التي رآها وهو طفل صغير وعداً وبشرى من الله له، وبقي الوعد مُعلَّقاً سنين عديدة، ومرَّ يوسف الموعود بتجارب مثيرة، وأحداث عديدة،
      قدّرها الله له، وساق خُطاه فيها، ورتَّب له الأمور، وهيأ له الأسباب، وأخذ بيده حتى المشهد الأخير،
      مشهد تأويل الرؤيا عملياً، ودخول أهله عليه، وسجودهم أمامه..
      وبذلك صَدَقَ الله له وعده، وهو سبحانه لا يُخلِف الميعاد.




      وهكذا نتعلم من قصة سيدنا يوسف عليه السلام فوائد وعبر كثيرة جدًا:
      أولها؛ اليقين التام بتحقيق وعد الله لعباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات بحسن الجزاء منه سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة،
      ثم نتعلم ونعتبر بالآتي:

      العبر للمعتبرين والزواجر للمتقين
      عاقبة الإخلاص والصدق، والفرج بعد شدة الإياس
      القدوة للمؤمنين المخلصين
      القدوة للصابرين المبتلين
      القدوة للدعاة الناصحين المصلحين
      القدوة للحكام العادلين
      القدوة للشباب الطائع العفيف





      والآيات الأخيرة من سورة يوسف، بل السورة كلها فيها وعد عريض بالمستقبل الكبير للإسلام،
      وهذا ما استوعبه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكان زاداً لهم على تجاوز الفترة الحرجة، ونيل النصر الموعود بفضل الله.
      فما أحوجنا للإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وبصحابته رضوان الله عليهم.

      وما أحوجنا أيضًا لفهم وتدبُّر سنَّة الله في الدعوات بأن يعيش الرسل والدعاة في شدائد ومحن وابتلاءات، وأن يزداد ضغط الكفار عليهم،
      حيث كان الرسل يواجهون هذا بالصبر والثبات، واليقين بالفرج والنصر، والتصميم على الدعوة والمواجهة وتحدي الكفار..
      فإذا كان الله الحكيم العليم يؤخر النصر، فإنَّ النصر يأتي في النهاية، كما نجَّي المؤمنين ودمَّر الكافرين.
      وهذا وعد من الله للرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه، يعدهم فيه بزوال الكرب، وانفراج الشدَّة، وتحقّق النصر، وهو ما حدث بعد الهجرة.
      وهو أيضًا ما سيحدث في زمننا هذا بحول الله وقوته؛ إذا حقَّق المسلمون شرط الله بالإيمان الخالص والعمل الصالح


      جعلني الله وإياكم من عباده المؤمنين حقَّ الإيمان، ومن عباده الدائمين على عمل الصالحات
      اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأعلى بفضلك كلمتي الحق والدين، ودمِّر أعداء الدين، إنك على كل شيء قدير

      اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك برحمتك يا أرحم الراحمين

      وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين





      ...
      _______________________________________

      [1] إستنباط شخصي إستنتجته فقط من مراجعتي للتفاسير، فاجتهدت في ربط معاني الآيات لأصل إلى هذا الفهم، ولا أعلم إذا كنت مصيبًا في الفهم أو مخطئًا؛ لكني إستندت إلى أقوال المفسرين:
      فقد قيل أن العزيز قد عُزِل وتولَّى منصبه يوسف عليه السلام بعد سنوات، وقيل أنه قد مات قبل وصول نبي الله يوسف عليه السلام إلى منصب العزيز.
      وقال الإمام القرطبي في تفسيره: خاطبوه باسم العزيز إذ كان في تلك اللحظة عزيزاً لمصر بعد عزل الأول أو موته.
      تفسيرًا لقوله تعالى: {قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ}، ..... والله أعلم.

      [2] معنى العزيز هنا: (قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ)، هو:
      لقب أُطلق على الوزير الأكبر في الدَّولة المصريّة القديمة.
      معجم: اللغة العربية المعاصر

      المراجع

      - تفسير الوسيط
      - تفسير الشعراوي رحمه الله

      - تفسير الإمام البغوي رحمه الله
      - من كتاب: وعود القرآن بالتمكين للإسلام، للكاتب: د صلاح الخالدي-الفصل الخامس
      التعديل الأخير تم بواسطة أبو أحمد خالد المصرى; الساعة 13-01-2015, 12:08 PM.
      إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
      والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
      يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

      الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

      تعليق


      • #18
        رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

        بسم الله الرحمن الرحيم
        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيراً
        محمود خليل الحصري حفص ورش قالون مجود معلم مرتل هنا
        أقرأ القرآن أون لاين
        هنا
        لحفظ القرآن هذا أفضل برنامج محفظ للقرآن أون لاين هنا
        و نرجوا الدخول هنا


        تعليق


        • #19
          رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

          المشاركة الأصلية بواسطة محبة العلم والدعوة مشاهدة المشاركة
          بسم الله الرحمن الرحيم
          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيراً
          جزانا وجزاكم الله خير الجزاء
          إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
          والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
          يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

          الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

          تعليق


          • #20
            رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

            جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
            طرح طيب، جعله الله في ميزان حسناتكم

            تعليق


            • #21
              رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

              المشاركة الأصلية بواسطة حوراء الجنان مشاهدة المشاركة
              جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
              طرح طيب، جعله الله في ميزان حسناتكم
              بارك الله فيكم وحفظكم وجزاكم خير الجزاء
              إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
              والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
              يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

              الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

              تعليق


              • #22
                رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

                عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                اللهم بـارك
                جزاكم الله خيرًا

                تعليق


                • #23
                  رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

                  المشاركة الأصلية بواسطة ام هالة30 مشاهدة المشاركة
                  عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                  اللهم بـارك
                  جزاكم الله خيرًا
                  وجزاكم الله خير الجزاء ورفع قدركم
                  إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
                  والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
                  يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

                  الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

                  تعليق


                  • #24
                    رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

                    موضوع ممتاز
                    جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم
                    زادك الله فهما وعلما
                    اللهم ارحم أبي رحمة واسعة وجميع موتانا وموتى المسلمين

                    تعليق


                    • #25
                      رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

                      المشاركة الأصلية بواسطة أبوسلمى المصري مشاهدة المشاركة
                      موضوع ممتاز
                      جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم
                      زادك الله فهما وعلما
                      اللهم آمين آمين، ولكم بمثل إن شاء الله
                      بارك الله فيكم ولدي الكريم الفاضل وأعزَّكم ورفع قدركم
                      إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
                      والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
                      يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

                      الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

                      تعليق


                      • #26
                        رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

                        جزاكم الله خيرا والدنا الفاضل

                        اسئلكم الدعاء ﻻخي بالشفاء العاجل وان يمده الله بالصحة والعمر الطويل والعمل الصالح

                        تعليق


                        • #27
                          رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

                          المشاركة الأصلية بواسطة راجية حب الرحمن مشاهدة المشاركة
                          جزاكم الله خيرا والدنا الفاضل
                          بارك الله فيكم وجزاكم كل الخير
                          إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
                          والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
                          يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

                          الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

                          تعليق


                          • #28
                            رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين
                            عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                            جزاك الله خير الجزاء والدي الفاضل وبارك فيك ونفع بك
                            وجعل عملك هذا في موازين حسناتك
                            التعديل الأخير تم بواسطة مهاجر إلى الله ورسوله; الساعة 29-01-2019, 11:20 PM.

                            تعليق


                            • #29
                              رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

                              المشاركة الأصلية بواسطة متبع أهل السنة والجماعة مشاهدة المشاركة
                              عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                              جزاك الله خير الجزاء والدي الفاضل وبارك فيك ونفع بك
                              وجعل عملك هذا في موازين حسناتك

                              اللهم آمين، ولكم بمثل يا ولدي الفاضل
                              بارك الله فيك وحفظك ورفع قدرك

                              إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
                              والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
                              يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

                              الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

                              تعليق


                              • #30
                                عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                                جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
                                اللهم ارحم أبى وأمى وأسكنهما الفردوس الأعلى من الجنة
                                اللهم اعتق رقابنا من النار
                                يا وهاب هب لنا من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء

                                تعليق

                                يعمل...
                                X