إن الله عز وجل قد أخبر في كتابه الكريم أنه أهلك أممًا وقرى كثيرة، فلم يبق لهم أثرًا، بل صاروا أثرًا بعد عين، وعبرة لمن أعتبر..
فما هي هي تلك الأمم والقرى؟ وما هي الأسباب التى أهلكهم الله تعالى لأجلها ؟
لكن بداية علينا أن نعلم، أن :
من سنن الله تعالى في كونه تعذيب الظالمين والمكذبين، وقد أهلك الله وأباد عددا لا يحصى ولا يعد من الأمم الغابرة
وأذاقها شتى أنواع العذاب .. فعذب أقواما بالرياح وأقواما بالصيحة وأخرى بالخسف والحجارة ومنها من أهلكها بالغرق والطوفان
وإلى آخره من صور وأنواع العذاب ،وفنيت تلك الأمم ولم يبق مـنها ســوى آيات وعظات لمن يتفكر، مصداقاً لقوله تـعالى:
{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [العنكبوت:40]·
والمتأمل في كتاب الله يجد دعوات متعددة للنظر في أحوال تلك الأمم،ودعوات للتأمل في حالهم كيف كان وهلاكهم كيف صار ،
ومن ذلك :
1. قال تعالى : { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ }[آل عمران 137] .
2. وقال تعالى :{ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } الحج
3. وقال تعالى : { أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ
مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [الروم/ 9 ].
يحضرنا الأن سؤال : لماذا نقرأ قصص الأمم السابقة ؟
لـأن مـعرفة أحــوال الأمــم الســابقة ، وخــاصة المكـذبة لـلـرسل والطــاغية في الأرض ، فـيـه فـوائد جـمة ، و مــن أعــــظمها :
أخذ المواعظ والعبر من هلاكهم وعقوبتهم، والسعي لعدم السير على طريقهم وإلا أصاب المشابهين لهم ما أصاب أسلافهم
فـالأمثلة الحية الواقعية والنماذج التي كانت ملء السمع والبصر, تؤثر في النفوس فيرعي المقصر المفرط حين يرى المثلات
التي نزلت بالناس من قبله,
و القرآن الكريم يركز في قصصه على الفوائد ولا يهتم كثيرا بالأزمنة أو الأمكنة أو الأشخاص ولهذا قال سبحانه وتعالى:
{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف:111]
لذا سنقف في هذا الموضوع على هلاك الأمم الغابرة وأسباب هلاكها حتى نرى أنواع العذاب الذي أنـزله الله بـها، فيكون لـنا
في هذه الوقفة صرخة نذير أن يصيبنا ما أصابهم، وبشارة بشير بقرب هلاك الكبر والطغيان
{ وَلِكُلّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف:34].
الفهرس :
-غفلة الأمم عن عذاب الله لهـا.
- استدراج الله للأمم بالنعم.
- من أسباب هلاك الأمم.
- مَن الأقوام التى أهلكها الله {قوم هود، قوم صالح، قوم لوط، قوم شعيب}.
- هل يصيب هذه الأمة عذاب الأمم السابقة؟
- خاتمة.
تعليق