أمر الله عز وجل موسى- عليه السلام- بالذهاب إلى فرعون وتبليغه رسالة فحواها:
أنه سبحانه هو ربه، ورب كل شيء ومليكه، وهو وحده المستحق للعبادة، وأنه يكره الظلم والطغيان،
وأيد الله- جل ثناؤه- موسى عليه السلام بآية عظيمة تدل على صدقه، وأنه مبعوث من رب العالمين..
هذه الآية هي تحويل عصاه التي يتكئ عليها إلى حية عظيمة بإذن الله.
.. رأى فرعون الآية الكبرى لكنه لم يستسلم لله رب العالمين..
منعه الكبر،
والخوف على مصالحه وامتيازاته التي توفرها له مكانته بين رعيته.
استشار بطانته في كيفية إبطال ما جاء به موسى- عليه السلام-
فطرأت له ولهم فكرة اتهامه بالسحر، وراقت لفرعون الفكرة، وانساق وراءها،
فطلب ممن حوله إحضار جميع السحرة لمنازلة موسى- عليه السلام-
وإبطال سحره
قال تعالى :
﴿قَالَ لِلْمَلأِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ﴾
[الشعراء:34-37].
يأتي السحرة، ويجتمعون في مكان فسيح،
وتخرج جموع الناس لمشاهدة هذا الأمر المثير،
ويأتي موسى عليه السلام ويطلب منهم أن يُظهروا ما عندهم من فنون السحر ...
يُلقي السحرة عصيهم وحبالهم، فإذا بها تبدو للناس وكأنها تتحرك
قال تعالى :
﴿سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾
[الأعراف: 116].
فماذا فعل موسى- عليه السلام-
تجاه ما رآه وهو يعلم أن العصا التي معه يمكنها أن تتحول إلى حية عظيمة
- بإذن الله-
فتحطم سحرهم؟!
هل استهزأ بما فعلوه وقال لهم:
سترون الفارق بين عصاي وعصيكم،
وستعلمون من الأقوى،
فالحية التي سترونها لا مثيل لها؟!
.. لا،
لم يقل لهم هذا،
بل قال لهم:
قال الله تعالى :
﴿مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ﴾
[يونس: 81].
لقد قفز بهذه الجملة عبر كل الحواجز والمألوفات الأرضية،
ووضعهم أمام الحقيقة الكبرى التي تقوم على أساسها السماء والأرض وما فيهن،
فلن يُبطل السحر عصا أو حية،
بل سيبطله الله عز وجل..
.. نعم،
هناك عصا ستتحول إلى حية بإذن الله،
هذه الحية ستلتهم جميع الحيَّات المزيفة،
ولكن كل هذا لن يتم إلا بأمر الله،
وإمداداته المتوالية.
فجوهر الأمر أن الله عز وجل هو الفاعل،
وأنه -سبحانه-
هو الذي سيُبطل السحر،
وما الحية، وما العصا
إلا صور وأشكال لا قيمة لها بدون المدد الإلهي المتواصل.
لله الأمر جميعاً
د.مجدي الهلالي
تعليق