إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلسلة مبادئ فهم القرآن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سلسلة مبادئ فهم القرآن





    سلسلة "مبادئ فهم القرآن" (1)
    الشيخ عصام بن صـــــــــــــــــــالح العويّد

    مقدّمة
    {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا} و{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه ،،، أما بعد:
    يا أيها الإنسان! اسمع نداء رب الناس للناس:
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} [النساء:174]
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس:57]
    { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} [يونس: 108]
    في هذه الآيات الثلاثِ فقط؛ تجيء هذه الأوصاف العظام بأنه؛ هو البرهان، هو النور، هو الموعظة، هو الشفاء، هو الهدى، هو الرحمة، هو الحق !
    فأين قلوب المؤمنين والمؤمنات عن كتاب ربهم ؟!
    لذا فهذه رسالة "مبادئ فهم القرآن"! وهي الرسالة الأولى ضمن مشروع (تقريب فهم القرآن)، كتبتها لعموم المسلمين، لكل قارئ للقرآن يلتمس منه الحياة والهداية، والعلم والنور، والانشراح والسعادة، والمفاز في الدنيا والآخرة، وهي تمثل "المستوى الأول" لمن أراد أن يكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته!
    وقد توخيت فيها الوضوح ما استطعت إلى ذلك سبيلاً. فأسأل الله أن يتقبلها بقبول حسن، وأن يجعلها ذُخراً أفرح بها حين ألقاه.
    تمهيد
    تأملت في أحوال أمة القرآن؛ فوجدت أنهم في موقفهم من كتاب الله على أقسام ثلاثة؛
    أ*. قسم أعرض عن كتاب الله وهؤلاء خصماء رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
    { وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: 30].
    وليس الحديث معهم في هذه الرسالة.
    ب*. قسم يتلو كتاب الله تعالى؛ لكنه لم يستشعر عظمته، ولم يدرك حقيقته، ولم يقف على سلطانه، ولم يدرِ أين إعجازه، ومن أجله كتبت هذه الرسالة.
    ت*. قسم يراجع كتب التفسير، وله همة في فهم كتاب الله، لكنه يشعر ما زال بعيداً عن التدبر الحق لهذا الكتاب العظيم، وهذا كتبت له رسالة "المراحل الثمان لطالب فهم القرآن".

    وقد كتبت وأنا أقلب الفكر في هذا الأمر؛ أعجب –كما عجب أسلافنا- من مقولٍ بليغٍ لِعَرَبِيٍّ جاهليٍّ صنديدٍ عنيدٍ وهو يصف القرآن المجيد، يقول:
    "والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يعلى عليه".
    فلما قرأت قول بليغٍ أعجميٍّ فرنسيٍّ فيلسوفٍ ملحدٍ – وهو جوزيف آرنست رنان- زال واللهِ عجبي منهم، وبقي عجبي منّا، واسمع لما يقول:
    "تضم مكتبتي آلاف الكتب السياسية والاجتماعية والأدبية وغيرها والتي لم أقرأها أكثر من مرة واحدة، وما أكثر الكتب التي للزينة فقط، ولكن هناك كتاب واحد تؤنسني قراءته دائماً هو كتاب المسلمين القرآن، فكلما أحسست بالإجهاد وأردت أن تنفتح لي أبواب المعاني والكمالات طالعت القرآن حيث إنني لا أحس بالتعب أو الملل بمطالعته بكثرة، لو أراد أحد أن يعتقد بكتاب نزل من السماء فإن ذلك الكتاب هو القرآن لا غير، إذ إن الكتب الأخرى ليست لها خصائص القرآن".
    أليست هي بنفسها مقولة الوليد بن المغيرة ؟!
    فما الذي جعل الوليد وجوزيف يتفقان على أن القرآن "يعلو ولا يعلى عليه" ؟!
    إنه قول الله جل جلاله: {وَإِنَّهُ فيِ أُمِّ الكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف:4].
    وما أجمل قول الشاطبي –رحمه الله- واصفاً كتاب الله تعالى في ألفيته المشهورة:
    وإن كتاب الله أوثق شافعٍ *** وأغنى غَنَاءٍ واهباً متفضلاً
    وخير جليسٍ لا يُملُّ حديثُه *** وترداده يزداد فيه تجمّلاً
    وحيث الفتى يرتاع في ظلماته *** من القبر يلقاه سناً متهلِّلاً
    أخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان؛ قال ابن مسعود رضي الله عنه:
    "من أراد العلم فليثوّر القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين".
    قال شمر: تثوير القرآن قراءته ومفاتشة العلماء به في تفسيره ومعانيه.
    والعجيب أننا نؤمن جميعاً بأن هذا القرآن هو النور .. هو الروح .. هو الهدى .. هو الشفاء .. هو الفرقان ... جمع أنواع السلطان كلها، ثم بعد هذا كرّر النظر وأرجع البصر في حال أمة القرآن مع القرآن، فماذا عساك ترى ؟! الأمر لا يحتاج إلى كثير بيان !!



    سلسلة "مبادئ فهم القرآن" (2(

    [تساؤلات المقصّرين مع القرآن]
    وهذه نصوص أسئلة تتابعت أذكرها كما هي، يقول أصحابها:
    1. أنا أقرأ القرآن وأقرأ في كتب التفسير ولا أدرك هذا المعنى العظيم الذي تتحدثون عنه في آيات القرآن؟
    2. عندي يقين تام بأن القرآن معجز لكن لا أدري أين هذا الإعجاز؟
    3. لا أجد لذة عند قراءة القرآن؟
    4. هل يمكن أن يحكمنا القرآن في كل قضايانا حتى الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والسياسية والإعلامية وغير ذلك؟
    5. أخت داعية تسأل وتقول: ندعو الناس إلى الأنفع لهم أو إلى ما يرغبون فيه؟ هل نعلّم الناس الإيمان أو العاطفة؟
    6. أخرى تقول: أليست دراستنا لعلم التوحيد أو الفقه أو الحديث هي المقصودة بتدبر القرآن؟
    7. الأمة اختلفت في فهم القرآن كثيراً، أما تخشى من هذا؟
    8. لماذا القرآن؟ مشكلات الأمة أهم .. السياسة أهم .. الفقه أهم .. الدعوة أهم .. الجهاد أهم .. الاقتصاد أهم ..
    والجواب عن هذه كلّها هو جواب واحد: وهو عدم الفهم الحق لهذا القرآن المنزّل من لدن حكيم عليم؛
    {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} [النمل: 6]
    فلا بد من هذا الفهم – بقدر طاقتك – وإلا والرحمنِ الذي أنزل القرآن لن تبلغ مرادَك في الصلاح والإصلاح في الدنيا، ولا في الرفعة والدرجات في الآخرة !!
    وأدلة ذلك مبسوطة ستأتي فيما نستقبل –بإذن الله-، ولكن أنبّه هنا أن الفهم الحق الذي لا بد منه نوعان:
    1) فهم ذهني معرفي ..
    2) فهم قلبي إيماني ..
    والفهم الثاني هو الغاية، والأول إنما هو وسيلة. قال الحسن البصري –رحمه الله-: "العلم علمان؛
    1- علم في القلب، فذاك العلم النافع.
    2- وعلم في اللسان، فتلك حجة الله على خلقه".
    فتنبه إلى ذلك –يا أخا القرآن- فإنه سورُ ما بين الفريقين. فإن قلت: فكيف تحقيق ذلك؟
    فالجواب: باتباع منهج الذين قال الله عز وجلّ فيهم:
    {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} الآية [الفتح: 29].
    وقال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم –كما في الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    "خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".
    فلا محيد ولا مناص من اتباع منهجهم في تعلمنا وتعليمنا للقرآن. فإن قلت: وهل خالفناهم في طريق تعلّمنا أو تعليمنا القرآن؟
    فأقول: نعم –غفر الله لي ولك- قد فعلنا شيئاً من ذلك. فقد كان السلف –رحمهم الله- من عظيم فقههم يتعلمون الإيمان قبل أن يتعلموا القرآن، يتعلمون صغار العلم قبل كباره، يمتثلون قبل أن يستكثروا.
    فإن سألت: وكيف نسلك طريقهم؟
    فالجواب: يا أخا القرآن، إنما رقمت هذه المراحل من أجل بيان ذلك، فخذها غُنمها وعلى كاتبها غُرمها ولا حول لي ولا قوة إلا بالله.



    يتبع...
    منقول من الجامعة العالمية للقرآن



    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 30-07-2015, 09:09 PM.
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.


  • #2
    سلسلة مبادئ فهم القرآن




    سلسلة مبادئ فهم القرآن (3)- المرحلة الأولى
    مبادئ فهم القرآن


    وهي على خمسة مراحل

    1- لا بد من اليقين التام أنك مع القرآن حيٌّ وبدونه ميِّتٌ، معه مُبْصِر وبدونه أعمى، معه مهتدٍ وبدونه ضالٌّ !!

    2- الأصل في خطاب القرآن أنه موجّه إلى القلب.
    3- كيف نقرأ القرآن؟

    4- بـــــــــــأي القرآن نبدأ؟

    5- كيف نستفيدمن كتب التفسير؟


    المرحلة الأولى:

    لا بد من اليقين التام أنك مع القرآن حيٌّ وبدونه ميّت، مع القرآن مبصرٌ وبدونه أعمى، مع القرآن مهتدٍ وبدونه ضالٌّ !!

    كل قارئ للقرآن لا بد له من هذا اليقين قبل قراءة آياته وسُوَرِه، ولذا يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الكتب المنزّلة – سورة طه-:
    {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 123-124]

    وأعظم الذِّكْرِ هو هذا الكتاب الخاتـــــــــم !!
    فالقرآن هوالروح،وبدونه أنت ميّت؛
    {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى:52]



    والقرآن هوالنور، وبدونه أنت أعمى؛
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًامُبِينًا}[النساء:174]
    {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَاأُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُأُولُو الأَلْبَابِ}[الرعد:19]

    والقرآن هو الهــــــــــــــدى،وبدونه أنت ضالٌّ؛
    {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} [يونس:108].
    والحق هنا هو القرآن كما قاله ابن جرير وغيره، وكل ما عداه من الحق المبيّن للناس فإنه تابع له.

    ولذا كان وصف القرآن للمعرضين عنه في غاية الشدة من التنقص والذم. وخذ مثلاَ واحداَ على ذلك:
    يقول الله سبحانه وتعالى:
    {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ(51)}[المدثر].

    فهل تأملت يا قارئ القرآن- بم وصف الله المعرضين عن القرآن ؟
    أرجو أن تأذن لي لأقرب لك الأمر قليلاً فـــــــــــــأقول:
    "الحُمُر" جمع "حمــــــــــــار"،وهو معروف.
    "مستنفرة" هي الشديـــــــدة النِّفار،وهي الهاربة ذُعراً وخوفاً.
    "القَسْوَرَة" هوالأســــــــــد أو الرامي ونحوهما.


    والمعنى: أن المعرض عن القرآن كأنه –عند ربه الذي خلقه- حمار! وليس هذا فقط، بل هو حمار هائج خائف مذعور!وصفٌ –واللهِ- مُخزٍ، أجارني الله وإياك من ذلك.




    ولعلك تتأمل هذه الأوصاف التي وصف بها سبحانه وتعالى هذا الكلام الصادر منه جل وعلا، فقد وصف الله تعالى كتابه بأنه:

    1) هوالحــق؛ { وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَالْحَقُّ}[فاطر:31].

    2) الهـــــــدى؛ {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً} [الأعراف:52].

    3) العلــــــــــــــم؛ {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة:120].

    4) البرهـــــــــان؛ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [النساء:174].

    5) المهيمـــــــن؛ { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: 48].

    6) البركـــــــــة؛ {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ} [ص:29].

    7) الموعظــــــــة؛{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْجَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [يونس:57].

    8) الشفاء؛ { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء:82].

    9) التذكرة؛ { فَمَالَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} [المدثر:49].

    10) النور؛{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْجَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًامُبِينًا} [النساء:174].

    11) الرحمـــــــــة؛ { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍوَهُدًى وَرَحْمَةً} [النحل:89].

    12) الصِّـــــــدق؛{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر:33].

    13) المصـــــــــدّق؛{ وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [فاطر:31].

    14) العليّ؛{وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: 4].

    15) الكريـــم؛{إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ} [الواقعة:77].

    16) العزيز؛{وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} [فصلت:41]

    17) المجيــــــــــد؛ {بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ} [البروج:21].

    18) الفرقــــــــــان؛{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُون َلِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان:1].

    19) فيه بصـــــــائر؛{هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون ) الجاثية 20

    20) وأنه محكم؛ { وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: 4].
    21) وأنه مفصّل؛ {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [فصلت:3].
    22) وأنه عَجَب؛ { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا} [الجن:1].
    23) وأنه بلاغُ؛ {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ} [الأنبياء:106].
    24) وأنه بشير ونذير؛ {بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [فصلت:4].
    25) وأنه بيان وتبيان؛ { هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 138]، { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل:89].
    أما تكفي هذه الأوصاف لندرك ما الذي نجنيه على أنفسنا بابتعادنا عن القرآن ؟!
    **********
    يتبع...
    منقول من الجامعة العالمية للقرآن

    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 14-05-2015, 06:12 PM.
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

    تعليق


    • #3
      رد: سلسلة مبادئ فهم القرآن

      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      بارك الله فيكم ونفع بكم

      تعليق


      • #4
        رد: سلسلة مبادئ فهم القرآن

        بارك الله فيكم
        وجزاكم الله خيرا

        يا الله
        علّمني خبيئة الصَّدر حتّى أستقيم بِكَ لك، أستغفر الله مِن كُلِّ مَيلٍ لا يَليق، ومِن كُلّ مسارٍ لا يُوافق رضاك، يا رب ثبِّتني اليومَ وغدًا، إنَّ الخُطى دونَك مائلة

        تعليق


        • #5
          رد: سلسلة مبادئ فهم القرآن

          عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرًا أختنا الفاضلة
          متابعون معكم بإذن الله


          "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
          وتولني فيمن توليت"

          "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

          تعليق


          • #6
            رد: سلسلة مبادئ فهم القرآن

            سلسلة "مبادئ فهم القرآن"

            (4) – المرحلة الثانية: الأصل في خطاب القرآن أنه موجّه إلى القلب

            القلب أمره جلل وهو سرّ من أسرار الله في الأرض كما قال القائل:

            للقلب سرّ ليس يعرف قدره *** إلا الذي آتاه للإنسان

            ولذا في هذه الشريعة الخاتم جاء التعظيم لشأن هذه الجارحة كثيراً، ولو لم يأت إلا ما ثبت في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" لكان كافياً.
            يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالمقصود تقوى القلوب لله، وهو عبادتها له وحده دون ما سواه بغاية العبودية له، والعبودية فيها غاية المحبة وغاية الذل والإخلاص، وهذه ملة إبراهيم الخليل، وهذا كله مما يبين أن عبادة القلوب هي الأصل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في الجسد مضغة ..." الحديث.
            ورحم الله ابن القيم إذ يقول في نونيته:

            قطع المسافة بالقلوب إليه [أي: إلى الله] لا *** بالسير فوق مقاعد الركبان
            وما أشبعَ كلمات أحمد بن خضرويه حين قال: "القلوب أوعية فإذا امتلأت من الحق؛ أظهرت زيادة أنوارها على الجوارح، وإذا امتلأت من الباطل؛ أظهرت زيادة ظلمتها على الجوارح.
            وقد وُصفت قراءة الفضيل بن عياض –رحمه الله- فقيل: "كانت قراءته للقرآن قراءةً حزينة شهية مترسلة، كأنه يخاطب إنساناً".
            ومما يبين أن القلب هو المخاطب بدءاً بالقرآن أمورٌ منها:
            أولاً: أن القرآن نزل أولاً على القلب؛
            يقول الله تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين (192) نزل به الروح الأمين (193) على قلبك لتكون من المنذرين (194) بلسان عربي مبين}[سورة الشعراء].
            فقال {عَلَى قَلْبِكَ} ولم يقل على سمعك أو بصرك أو ذهنك ونحو ذلك، بل: {عَلَى قَلْبِكَ}، وهذا ظاهر الدلالة.
            ويقول تعالى: {قُلْ مَن كَانَ عَدُواً لِجِبْرِيلَ فَإِنّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ}[البقرة:97].
            فأول جارحة تخاطب بهذا القرآن هي القلب، فإن أنصت القلب أنصتت تبعاً له بقية الجوارح، وإن أعرض كانت كالرعية بلا راعٍ.
            يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في التحفة العراقية (1/42) -بعد كلام له طويل عن أحوال القلب-:
            "وهذا الذي ذكرنا مما يبين أن أصل الدين في الحقيقة هو الأمور الباطنة من العلوم والأعمال وأن الأعمال الظاهرة لا تنفع بدونها".
            ولذا هُيِّئَ قلب النبي صلى الله عليه وسلم لتلقي القرآن قبل نزوله عليه فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغِلمان فأخذه فصرعه فشقّ عن قلبه فاستخرج القلبَ فاستخرج منه علقةً فقال: "هذا حظ الشيطان منكَ
            ...". رواه مسلم وللبخاري نحوه.
            وقد وصف الصحابة حال قلوبهم أوّل سماعهم للقرآن، ففي الصحيحين عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية: {أم خُلِقوا من غير شيء أم هم الخالقون (35) أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون (36) أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون}، قال جبير رضي الله عنه: "كاد قلبي أن يطير".
            وجاء عن السلف مثل ذلك في أول سماع بالقلب للقرآن:
            فعن يونس البلخي قال: "كان إبراهيم بن أدهم من الأشراف، وكان أبوه كثير المال والخدم والمراكب والجنائب والبزاة، فبينا إبراهيم في الصيد على فرسه يركّضه إذا هو بصوت من فوقه يا إبراهيم ما هذا العبث {أفحسبتم أنّما خلقناكم عبثاً وأنّكم إلينا لا ترجعون} [المؤمنون:115]، اتق الله! عليك بالزاد ليوم الفاقة فنزل عن دابته وأخذ في عمل الآخرة". [مسند إبراهيم بن أدهم: 1/18].
            وقال الفضل بن موسى: كان الفضيل بن عياض شاطراً يقطع الطريق، وكان سبب توبته أنه عشق جارية فبينا هو يرتقي الجدران إليها سمع رجلاً يتلو {
            أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد:16]. فقال: يا رب قد آن، فرجع، فأواه الليل إلى خربة، فإذا فيها رفقة فقال بعضهم: نرتحل، وقال قوم: حتى نصبح فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا، فتاب الفضيل وأمّنهم، وجاور بالحرم حتى مات [تاريخ الإسلام:12/334].
            =======
            سلسلة مبادئ فهم القرآن (5)

            تتمة المرحلة الثانية: كثرة تكرار لفظ القلب في القرآن
            الأمر الثاني مما يبين أن القلب هو المخاطب بالقرآن: كثرة تكرار لفظ القلب بالقرآن، بل أسند إليه في الآيات ما لم يسند إلى غيره من الجوارح.
            لفظ القلب والفؤاد والصدر في القرآن تكرر كثيراً، وأسند إليه في تلك الآيات ما لم يسند إلى غيره من الجوارح. وقد وقفت –ولم أستقص- على أربعين وصفاً أسنده القرآن إلى القلب. وهي أوصاف جليلة الأثر، أسوقها من أجل أمر واحد فقط؛ وهو أن الوقوف عليها مجتمعة يوقظ الفؤاد لهذا الأمر الجلل، أما الإحاطة بعلم هذه الأوصاف ودلالاتها فهو فيما نستقبل إن شاء الله، وأذكر معها شاهداً واحداً من القرآن.
            فمن هذه الأوصاف:
            1) وصف التقوى ؛ { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ }[الحج:32]
            2) الخشوع ؛ { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} الآية [الحديد:16].
            3) الهداية؛ { وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن:11].
            4) الرأفة والرحمة ؛ { وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً} الآية [الحديد:27].
            5) الألفة ؛ { وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} الآية [الأنفال؛62].
            6) الانشراح ؛ { أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} الآية [الزمر:22].
            7) السلامة ؛ { إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [الشعراء:89].
            8) الإنابة ؛ { مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} [ق:33].
            9) الطهارة ؛ { أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} الآية [المائدة:41].
            10) الربط ؛ { وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} [الأنفال:11].
            11) العقل ؛ { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} الآية [الحج:46].
            12) الاطمئنان ؛ { الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28].
            13) الإخبات ؛ { وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} الآية [الحج:54].
            14) تزيين الإيمان ؛ { وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} الآية [الحجرات: 7]ز
            15) إنزال السكينة ؛ { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} الآية [الفتح:4].
            16) الكسب ؛ { وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة:225].
            17) الرّان ؛ { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:14].
            18) الغفلة ؛ { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} الآية [الكهف:28].
            19) المرض ؛ { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} الآية [البقرة:10].
            20) الختم ؛ { خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة:7].
            21) الرُّعب ؛ { سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} الآية [آل عمران:151].
            22) الزيغ ؛ { رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} الآية [آل عمران:8].
            23) العَمى : { فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:46].
            24) التقلّب؛ { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} الآية [الأنعام:110].
            25) الاشمئزاز ؛ { وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ} الآية [الزمر:45].
            26) القُفل: { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24].
            27) ضعف الإيمان ؛ { وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} الآية [الحجرات:14].
            28) الطبع ؛ { الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} [غافر:35].
            29) الوَجَل ؛ { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} الآية [الأنفال:2].
            30) الرّيب؛ { إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} [التوبة:45].
            31) القسوة ؛ { وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام:43].
            32) الغيظ ؛ { وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:15].
            33) اللهو ؛ { لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} الآية [الأنبياء:3].
            34) الكفر؛ { وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل:106].
            35) النفاق ؛ { فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة:77].
            36) الغِلّ ؛ { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر:47].
            37) الكِبر ؛ { إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} الآية [غافر:56].
            38) الوسوسة ؛ { الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} [الناس:5].
            39) الحسرة ؛ { لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ} الآية [آل عمران:156].
            40) عدم الفقه ؛ { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا} الآية [الأعراف:179].
            يا أخا القرآن ! هذه أربعون وصفاً، أربعة منها تكفي لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فكرّر النظر فيها – ثانية وثالثة – وتفكر في هذا الارتباط الوثيق والميثاق الغليظ بين القرآن والقلب، ثم تأمل في أثر ذلك على قلبك !
            يتبع...

            التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 14-05-2015, 06:19 PM.
            اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

            تعليق


            • #7
              رد: سلسلة مبادئ فهم القرآن

              سلسلة مبادئ فهم القرآن (6):
              تكملة المرحلة الثانية:

              الأصل في خطاب القرآن: أنه موجه إلى القلب
              الأمر الثالث مما بين أن القلب هو المخاطب بالقرآن: أن أعظم أثر للقرآن إنما هو في القلب:
              فأعظم ما يحدثه الإقبال على القرآن هو حياة القلب وصلاحه، وأعظم داء يصاب به المعرض عن القرآن هو موت القلب وقسوته!
              ولذا قُصرت الذكرى على من كان له قلب أو اجتهد في إحضار قلبه مع القرآن، كما قال تعالى:
              {إِنَّ فيِ ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:37].
              وقد نبّه سبحانه وتعالى على عظم أثر الإعراض عن القرآن وأن ذلك يَحرم القلبَ من أنوار الوحي،
              فقال تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلىَ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24]
              وقال الإمام عبد الأعلى التميمي في قوله تعالى:
              {قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذاَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَان سُجَّداً} [الإسراء:107].
              قال: إن من أوتي من العلم ما لا يبكيه لَخليقٌ أن قد أوتي من العلم ما لا ينفعه لأن الله نعت أهل العلم فقال: {يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً}.
              وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "إن هذه القلوب أوعية فأشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بغيره".
              واشتهر عن السلف قولهم: "إنما العلم الخشية".
              وقال الحسن في قوله تعالى:{بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فيِ صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ} [العنكبوت:49].
              قال: "{بل هو آيات بينات} هو القرآن، {في صدور الذين أوتوا العلم} يعني المؤمنين".
              قال ابن كثير رحمه الله :"لأنه محفوظ في الصدور ميسّر على الألسنة مهيمن على القلوب معجز لفظاً ومعنىً" [تفسير ابن كثير: 3/418].
              وفي مرسل الحسن رضي الله عنه قال:
              "العلم علمان: (1) علم في القلب فذاك العلم النافعـ (2) وعلم على اللسان فتلك حجة الله على خلقه".
              فليس العلم ولا الإيمان عندهم بكثرة القراءة، بل بخشوع القلب وخشيته.
              وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التقوى ها هنا" وأشار إلى صدره ثلاث مرات".
              والنصوص في الباب كثيرة، لكني أذكر بعض البيان العملي للرسول صلى الله عليه وسلم ثم بعض أتباعه –رضي الله عنهم-.
              ففي السنن عن عبد الله بن الشخِّير رضي الله عنه قال:"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا وفي صدره أزيز كأزيز المِرْجَلِ من البكاء" [صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: إسناده قوي].
              وثبت عند أحمد والنسائي والحاكم وصححاه وقال البوصيري: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وصححه ابن القيم من حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه رضي الله عنه قام بآية يرددها حتى الصباح وهي قوله تعالى:{إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:118].
              وفي الدرّ المنثور عند تفسير قوله تعالى: {أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ} الآية [الأعراف:50] أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه شرب ماءً بارداً فبكى فاشتد بكاؤه فقيل له: ما يبكيك؟ قال: "ذكرت آية في كتاب الله {وحِيلَ بينهم وبين ما يشتهون} [سبأ:54] فعرفت أن أهل النار لا يشتهون إلا الماء البارد وقد قال الله عزّ وجلّ: {أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله} الآية. [تفسير الدر المنثور 2/239].
              وفي صفة الصفوة عن سعد بن زنبور رحمه الله تعالى قال: كنا على باب الفضيل بن عياض فاستأذنّا عليه فلم يؤذن لنا، فقيل لنا: إنه لا يخرج إليكم أو يسمع القرآن، قال: وكان معنا رجا مؤذن –وكان صيّتاً- فقلنا له: اقرأ {ألهاكم التكاثر} ورفع بها صوته، فأشرف علينا الفضيل وقد بكى حتى بَلَّ لحيته بالدموع، وأنشأ يقول:
              بلغتُ الثمانـين أو جزتُها *** فماذا أؤمل أو أنتظر ؟!
              أتى لِي ثَمانون من مولدي *** وبعد الثمانين ما ينتَظر
              علتني السنون فأبلينـنـي **
              * ....................
              قال : ثم خنقته العَبرة، وكان معنا علي بن خشرَم فأتمه لنا فقال:
              عَلتني السنون فأبلينني *** فرقّت عظامي وكَلَّ البصر
              [راجع كتاب صفة الصفوة؛ 2/239]
              الأمر الرابع: المقصود الأعظم من القرآن هو تدبر القلب له ؛
              قال الإمام السيوطي في "الإتقان": "وتُسَنّ القراءة بالتدبّر والتفهم، فهو المقصود الأعظم والمطلوب الأهم، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب.
              وقد أبان الله سبحانه وتعالى عن الحكمة من تنزيل هذا الكتاب فقال:
              {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَلْبَابِ} [ص:29]
              واللام في قوله {ليدبروا} هي لام العلة فهو لن يكون مباركاً مباركة تامة إلا بالتدبر. وقال تعالى:{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلىَ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24]
              فإما التدبر أو الأقفال – وليس قفلاً واحداً- على القلب!
              هما طريقان ما للمرء غيرهما *** فانظر لنفسك ماذا أنت تختار
              ولذا ذم النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ بعض الآيات ولو يتفكر بقلبه، فثبت عند ابن حبان في صحيحه وغيره عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد أنزلت علي الليلة آيات؛ ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكر فيها:
              {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} الآيات من آخر سورة آل عمران.
              ولعلنا لا نحصي كم سمعنا وقرأنا هذه الآيات، لكن لو تأملنا مليّاً قوله صلى الله عليه وسلم: "ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكر فيها" لتغيّر الحال، والله المستعان.
              وهذا ريحانة القراء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنُ مسعود رضي الله عنه يقول عن القرآن: "قفوا عند عجائبه وحرّكوا به القلوب! ولا يكن هم أحدكم آخر السورة".
              وأختم بمحكم من القول للإمام محمد بن الحسين الآجري رحمه الله يقول فيه:"والقليل من الدرس للقرآن مع الفكر فيه وتدبره أحب إلي من كثير من القرآن بغير تدبر ولا تفكر فيه، فظاهر القرآن يدل على ذلك، والسنة وأقوال أئمة المسلمين.
              ولذا في مثل هذه المواطن استوقف النفس وحاسبها، وانظر في حال السلف مع القرآن، ثم في حالها هي مع القرآن، قِسْ هذا إلى ذاك وقارِنْ بين الحالين، ثم اختر لنفسك، وفّقك الله لصلاح قلبك.
              فيا أخا القرآن؛ إذا أردت أن تفتح صفحات هذا القرآن المجيد؛ فقبل هذا تفقّدْ قلبَك هل فتحت صفحاته أيضاً؟ أم على قلوب أقفالها؟
              وفقّك الله لهداه !

              ********************
              يتبع..
              اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

              تعليق


              • #8
                رد: سلسلة مبادئ فهم القرآن

                سلسلة "مبادئ فهم القرآن" –الحلقة (7): المرحلة الثالثة: كيف نقرأ القرآن؟
                من عظيم شأن القرآن عند الذي تكلم به سبحانه؛ أن كيفية القراءة لم تترك لنا، بل جاء القرآن بالكيفية التي تكون عليها قراءته، ومن ذلك:
                قوله تعالى: {وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً} [الإسراء:106].
                وهو أمر بالمكث وترك العجلة عند القراءة، فعن مجاهد بن جبر –رحمه الله تعالى- سئل عن رجلين أحدهما قرأ البقرة وآل عمران والآخر قرأ البقرة، وقيامهما واحد، وركوعهما وسجودهما واحد، وجلوسهما واحد؛ أيهما أفضل؟
                قال: الذي قرأ البقرة وحدها أفضل، ثم قرأ: {وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ}.
                فهلاّ استوقفت قلوبَنا أمثال هذه الفتاوى من هؤلاء الأئمة وأيقظتها من غفلتها؟
                وقال تعالى: { وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلاً} [المزمّل:4].
                قال ابن عباس –رضي الله عنهما-: "يقرأ آيتين، ثلاثة، ثم يقطع، لا يُهَذرِم".
                وقال مجاهد: "ترسّلْ فيها ترسّلاً". وقد امتثل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر؛
                ففي صحيح البخاري عن أنس -رضي الله عنه- أنه سئل عن قراءة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقال: "كانت مدّاً" ثم قرأ {بسم الله الرحم الرحيم} يمد "الله"، ويمد "الرحمن" ويمد "الرحيم".
                وروى أبو داود والترمذي وغيرهما عن أم سلمة أنها نعتت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بأنها "قراءة مفسّرة حرفاً حرفاً"[1]. قال الترمذي: حسن صحيح غريب.
                وقال قتادة: "بلغنا أن عامة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم كانت المدّ".
                ومن الأدلة على كيفية القراءة قوله تعالى في سورة القيامة:
                {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة:16-19].
                هذه الآيات سبب نزولها معروف، لكنها جاءت في سياق الكلام عن القيامة، فالسباق في يوم القيامة وأهواله وحال الإنسان فيه، واللحاق في العاجلة والآخرة والموت والبعث، فلأي شيء جاءت هذه الآيات الأربع في هذا السياق؟
                إنه النهي عن العجلة في القراءة وتحريك اللسان بها سريعاً، خصوصاً في مثل هذه الآيات العظيمات عن مقدمات القيامة وأهوالها.
                وأما الآثار عن السلف؛ ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلاً قال له: إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة، فقال:
                "هذّاً كهذّ الشعر؟! إن قوماً يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم. ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع!".
                وقال ابن أبي مليكة رحمه الله تعالى:
                "سافرت مع ابن عباس رضي الله عنهما فكان يقوم نصف الليل فيقرأ القرآن حرفاً حرفاً ثم يبكي حتى تسمع له نشيجاً".
                وقال إسحاق بن إبراهيم الطبري:"ما رأيت أحداً أخوف على نفسه ولا أرجى للناس من الفضيل! كانت قراءته حزينة شهية بطيئة مترسّلة كأنه يخاطب إنساناً".
                فيا أخا القرآن! هكذا ينبغي أن تكون كيفية قراءتنا لهذا القرآن العظيم حزينةً شهيةً بطيئةً مترسّلةً! وفقك الله لهداه.
                ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
                [1] وأما لفظ "كان يقطع قراءته آية آية" فلا يثبت بل هو مرسل، كما أشار إلى ذلك الترمذي وغيره. والفرق بينهما ظاهر من جهة المعنى، وهذا اللفظ هو عمدة من استحب الوقوف على رؤوس الآي في كل حال دوم مراعاة المعنى، وهو قول مرجوح.

                اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

                تعليق


                • #9
                  رد: سلسلة مبادئ فهم القرآن

                  سلسلة "مبادئ فهم القرآن" – الحلقة (8) – المرحلة الرابعة: بأي القرآن نبدأ ؟
                  هذه مسألة جليلة كبيرة القدر جداً، قد خفي على كثير من أهل القرآن وجه الصواب فيها، فوقعوا في خلاف منهج النبي صلى الله عليه وسلم ومنهج أصحابه رضي الله عنهم. ومنهج النبي صلى الله عليه وسلم في تعليم أصحابه القرآن هو تعليم الإيمان أولاًً قبل تعليم الأحكام، وهي داخلة ضمن القاعدة المشهورة عند السلف في التعليم "العالم الرباني: هو الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره".
                  وقد جاء في تعليم الإيمان قبل الأحكام آثار مشهورة:
                  • فعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا"[1].
                  • وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيماناً، وأنتم تتعلمون القرآن ثم تتعلمون الإيمان".
                  • وعنه رضي الله عنه قال: "لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فنتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يقف عنده منها، كما تعلمون أنتم اليوم القرآن، ثم لقد رأيت اليوم رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه" [2].
                  • وفي لفظ عنه رضي الله عنه قال: إنا كنا صدور هذه الأمة وكان الرجل من خيار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصالحيهم ما يقيم إلا سورة من القرآن أو شبه ذلك، وكان القرآن ثقيلاً عليهم، ورزقوا علماً به وعملاً، وإن آخر هذه الأمة يخف عليهم القرآن حتى يقرأه الصبي والعجمي لا يعلمون منه شيئاً"[3].
                  • وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السنة" متفق عليه. قال ابن تيمية: والأمانة هي الإيمان، أنزلها في أصل قلوب الرجال"[4].
                  ويقرر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في كلام ماتع له في بيان حقائق الدين، ويستشهد لذلك بآيات من كتاب الله، منها:
                  1. قوله تعالى:{أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ}[سورة هود،الآية:17].فالبينةمن الله هي الإيمان,والذي يتلوه هو شاهد القرآن.
                  2 وقوله تعالى: {نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ}[سورة النور،الآية:35]النور الأول هو نور الإيمان والذي يأتي بعده هو نور القرآن.
                  يقول رحمه الله: "فتبين أن قوله {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ} يعني: هدى الإيمان، {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} أي: من الله، يعني القرآن؛ شاهد من الله يوافق الإيمان ويتبعه وقال: {وَيَتْلُوهُ} لأن الإيمان هو المقصود، لأنه إنما يراد بإنزال القرآن الإيمان وزيادته.
                  قال: ولهذا كان الإيمان بدون قراءة القرآن ينفع صاحبه ويدخل به الجنة، والقرآن بلا إيمان لا ينفع في الآخرة بل صاحبه منافق، كما في الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها..." الحديث[5].
                  وقال رحمه الله: "وقال بعضهم في قوله تعالى: {نُورٌ عَلَى نُورٍ}: نور القرآن على نور الإيمان، كما قال تعالى: {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [سورة الشورى،الآية: 52]. وقال السدي في قوله: {نُورٌ عَلَى نُورٍ}؛ نور القرآن ونور الإيمان حين اجتمعا فلا يكون واحد منهما إلا بصاحبه".
                  وقال: "ولهذا دخل في معنى قوله صلى الله عليه وسلم : "خيركم من تعلم القرآن وعلّمه" ؛ تعليم حروفه ومعانيه جميعاً، بل تعلم معانيه هو المقصود الأول بتعليم حروفه، وذلك هو الذي يزيد الإيمان كما قال جندب بن عبد الله وعبد الله بن عمر وغيرهما – رضي الله عنهم -: "تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيماناً، وإنكم تتعلمون القرآن ثم تتعلمون الإيمان"[6].
                  فإن سألت: ما الإيمان الذي نتعلمه أولاً قبل الأحكام؟
                  فالجواب: هو أوائل ما علّمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، وهو أوائل ما نزل من القرآن. فالإيمان الذي تكرر ذكره والتأكيد عليه في ابتداء دعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم هو ثلاثة أقسام: الأول: الإيمان بالله (بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته).
                  الثاني: الإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم.
                  الثالث: الإيمان بالبعث لليوم الآخر.
                  فإن قيل: وكيف نتعلم هذا الإيمان؟
                  الجواب: نتعلمه من طريقين: الأول: بالتفكر في آيات الله المرئية، وهذا له محلُّ آخر غير هذه الرسالة.
                  الثاني: بالتفكر في أوائل ما نزل من الآيات المتلوّة، التي غرست الإيمان كالجبال في قلوب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
                  وقد جمعهما الله عز وجل في أوّل ما نزّل على نبيه صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)}
                  فجمع له بين القراءة باسم الله وبين التذكير بنعم الرب على عباده.
                  فإن قلت: قد قرأنا أوائل ما نزل بل وحفظناه ولم نر أثر ذلك في إيماننا.
                  فالجواب –يا أخا القرآن-؛ أننا لم نأخذ القرآن كما أخذوه رضي الله عنهم.
                  فإن سألت عن أخذهم للقرآن فأقول:
                  اعلم –وفّقك الله لهداه-؛ إن القرآن تنزيل رب العالمين، وهو كتاب عظيم كما قال جل وعلا: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ}[ص:67]، وثقيلٌ كما قال: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً}[المزمل:5]، بل بلغ الغاية في الإعجاز والتأثير كما قال: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} أي: لكان هذا القرآن ! قاله قتادة والفراء وابن قتيبة وابن عطية وابن كثير والسّعدي وغيرهم[7].
                  وقد أدرك سلفنا الصالح هذه المسألة، وهذا مالك يُسأل عن مسألة فقال: لا أدري، فقيل له: غنها مسألة خفيفة سهلة، فغضب وقال: ليس في العلم شيء خفيف، ألم تسمع قول الله جل ثناؤه: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} ؟!
                  ولذا كانوا يأمرون بأن يؤخذ القرآن كما نزل متدرجاً، ويحذرون من ضده أشد التحذير لأمور، منها:
                  1) لأن ذلك لا يستطاع أبداً لعظم القرآن وثقله كما سبق
                  2) ولأن أخذه كما نزل يثبت الفؤاد كما قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً}[الفرقان:32].
                  3) ولأن أخذه متدرجاً يوطّن النفس على قبول ما يأتي بعد الآيات الأول من الشرائع والحلال والحرام، كما أخرج البخاري في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت:
                  "إنما نزل أول ما نزل سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس للإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء "لا تشربوا الخمر" لقالوا: لا ندع شرب الخمر، ولو نزل أول شيء "لا تزنوا" لقالوا: لا ندع الزنا، وإنه أنزلت {والساعة أدهى وأمرّ}[القمر:46] بمكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني جارية ألعب، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده".
                  وهذا الوصف منها رضي الله عنها لبيان أثر المنهج الذي تنـزّل به القرآن من أعظم ما يكون خطراً على من خالفه ولم يلتفت إليه، فإن قولها رضي الله عنها: ولو نزل أول شيء "لا تشربوا الخمر" لقالوا: لا ندع شرب الخمر..." بيان لحال صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نهي الله ورسوله، فالآمر هو الله والمبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمأمور أصحاب رسول الله رضي الله عنهم، ثم بعد هذا – لو أن منهج التدرج في تنزّل القرآن خُولف – يكون الرد "لا ندع شرب الخمر، لا ندع الزنا".
                  فما بالك بجواب غيرهم من بقية الأمة حين يقال لهم أولاً "لا تشربوا الخمر، لا تزنوا، لا تفعلوا كذا وكذا"؟
                  الجواب: نراه عياناً بياناً في موقف الأمة من أوامر ربها وأوامر رسولها صلى الله عليه وسلم ، ولا شك أن هذا ليس هو السبب الأوحد، لكنه سبب رئيس لا بد من التفطن له.
                  فإن قال قائل: فما المنهج الذي تعلم وعلّم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه القرآن؟
                  الجواب: هو البدء بالمفصل أولاً، وهو الذي ذكرته عائشة رضي الله عنها في الحديث السابق حين قالت: "إنما نزل أول ما نزل سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار"، وحين قالت: "وإنه أنزلت {والساعة أدهى وأمرّ}[القمر:46] بمكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني جارية ألعب، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده".
                  وهذا هو منهج الصحابة رضوان الله عليهم.

                  [1] أخرجه ابن ماجه وغيره، قال في مصباح الزجاجة: "هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات" (1/12).
                  [2] أخرجه الحاكم وصححه على شرط الشيخين، ورواه البيهقي (3/120) والطبراني في الأوسط وقال الهيثمي "رجاله رجال الصحيح" (مجمع الزوائد:2/165).
                  [3] ذكره شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (5/332)، وفي بيان تلبيس الجهمية (2/403).
                  [4] مجموع الفتاوى (12/249).
                  [5] مجموع الفتاوى: (15/71).
                  [6] الفتاوى الكبرى (1/381).
                  [7] يُنظر: زاد المسير (4/330)، والمحرر الوجيز (3/313)، وتفسير ابن كثير (2/516)، وتفسير السعدي (1/418) وغيرها.

                  اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

                  تعليق


                  • #10
                    رد: سلسلة مبادئ فهم القرآن

                    سلسلة مبادئ فهم القرآن – الحلقة (9) – تتمة المرحلة الرابعة مع المرحلة الخامسة: كيف نستفيد من كتب التفسير؟
                    فإن قال قائل: فما المنهج الذي تعلّم وعلّم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه القرآن؟
                    فالجواب: هو البدء بالمفصّل أولاً، وهو الذي ذكرته عائشة رضي الله عنها في الحديث السابق حين قالت:
                    "إنما نزل أول ما نزل سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار".
                    وحين قالت: "وإنه أنزلت: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمرّ} [القمر:46] بمكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني جارية ألعب، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده". وهذا هو منهج الصحابة رضي الله عنهم.
                    ففي مصنف عبد الرزاق: أن عمر كان لا يأمر بنيه بتعليم القرآن ويقول: إن كان أحد منكم متعلماً فليتعلم من المفصل فإنه أيسر. [3/381].
                    وفي صحيح البخاري: باب تعليم الصبيان القرآن؛ عن سعيد بن جبير قال: إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم، قال: وقال ابن عباس رضي الله عنهما: جمعت المحكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: وما المحكم؟ قال: المفصل.
                    وقال رضي الله عنهما: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم. [4/1922].
                    فابن عباس رضي الله عنهما حين بدأ في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بالمفصل المحكم.
                    فالبدء بالمفصل له ميزات عدّة منها ما يلي:
                    أولاً: أنه هو الذي يغرس الإيمان في القلب كأمثال الجبال.
                    وهذا هو الذي أشارت إليه عائشة رضي الله عنها في الحديث السابق حين قالت: "لقد نزلت أول ما نزل سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس للإسلام نزل الحلال والحرام".
                    فسور المفصل هي التي تجعل القلب يثوب ويطمئن بالإيمان فإذا جاء الحلال والحرام بعد ذلك كان السمع والطاعة لرب العالمين ولرسوله الأمين صلى الله عليه وسلم.
                    وبين أيدينا شاهد حي لا يغيب و هم: صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من السابقين الأولين حين زكّت نفوسهم هذه الآيات العظيمة من هذا الكتاب العظيم حتى أصبح الإيمان في قلوبهم كالجبال الرواسي.
                    وتأمل معي هذه السور التي هي من أوائل ما نزل من القرآن باتفاق أهل التفسير؛ تأملها سورة سورة ولا تعجل –شرح الله صدرك بكتابه-؛
                    1- سورة { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}
                    2- سورة { ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ }
                    3- سورة { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}
                    4- سورة { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}
                    5- سورة { وَالضُّحَى}
                    6- سورة { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}
                    7- سورة { إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ }
                    8- سورة { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى }
                    9- سورة { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}
                    10- سورة { وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا}
                    11- سورة { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}
                    12- سورة { أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ }
                    13- سورة { الْقَارِعَةُ}
                    14- سورة { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}
                    15- سورة { لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} وغيرها.
                    فتأمل ما الذي تغرسه هذه السور ي القلب لو قرأناها وفهمناها كما يريده الله منّا؟
                    الأمر عظيم جليل فتدبر فيما نزلت –وفقك الله لهداه-!
                    ومما ينبغي التنبيه عليه في مثل هذا الموطن أن حزب المفصل من كتاب الله تعالى جاء لتقرير ثلاث حقائق:
                    1) توحيد الله في ربوبيته وألوهيته
                    2) إثبات البعث والدار الآخرة
                    3) الأمر بمكارم الأخلاق
                    وبيان هذا وذكر أدلته من الكتاب والسنة ثم من كلام أهل العلم ليس هذا محله، وإنما أردت الإشارة إليه، لعل قارئ المفصل يفيد منه حين تدبره لهذا الحزب من القرآن.
                    ثانياً: أنه أيسر في الفهم، لأنه محكم ليس فيه متشابه إلا ما ندر.
                    وقد سبق قول عمر رضي الله عنه: "إن كان أحد منكم متعلماً فليتعلم من المفصل فإنه أيسر".
                    وقول ابن عباس رضي الله عنهما: "جمعت المحكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل له: وما المحكم؟ قال: المفصل، فهو محكم ظاهر، بخلاف غيره من القرآن ففيه متشابه.
                    وأخرج الدارمي وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
                    "إن لكل شيء سناماً وإن سنام القرآن سورة البقرة، وإن لكل شيء لباباً وإن لباب القرآن المفصل".
                    أفيبتغى الوصول للسنام قبل اللباب الميسّر؟!

                    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

                    تعليق


                    • #11
                      رد: سلسلة مبادئ فهم القرآن

                      المرحلة الخامسة:
                      كيف نستفيد من كتب التفسير؟
                      كتب التفسير المناسبة لهذا المستوى كثيرة، منها:
                      1. المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير، للشيخ المباركفوري.
                      2. تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للشيخ العلامة السعدي.
                      3. زبدة التفسير من تفسير فتح القدير، للشيخ د.محمد بن سليمان الأشقر.
                      4. التفسير الوجيز للدكتور وهبة الزحيليي، ومعه أسباب النزول وقواعد الترتيل.
                      5. أيسر التفاسير، للشيخ أبي بكر الجزائري.
                      والذي أراه لعموم المسلمين أن يجمعوا بين كتابين هما:
                      - المصباح المنير، وهو تفسير مختصر يعتني بالآثار ويرتبها، وهو يفيد في بيان معنى الكلمة عند السلف، رضوان الله عليهم أجمعين. فإن كان المصباح المنير فيه عُسرٌ فـ"زبدة التفسير" للشيخ محمد الأشقر فيه نفع كبير.
                      - تيسر الكريم الرحمن، للشيخ السعدي، لأنه يعتني بالمعاني العامة، وبمسائل الإيمان والتربية ونحو ذلك. ويصرّح بالعقيدة الصحيحة وينبه على مخالفة المخالفين لها، وغيري ذلك مما يحتاجه عموم المسلمين.
                      فيقرأ أولاً في "المصباح المنير" أو "زبدة التفسير" فيأخذ معاني الكلمات ثم في تفسير السعدي فيأخذ المعاني العامة.

                      فإن شق على أحدٍ الجمع بين كتابين فعليه بكتاب "أيسر التفاسير" فإنه جمع بين بيان اللفظ والمعنى، وإن كان دون ما تقدم في التحرير لكنه مفيد، وقد نفع الله به في مشارق الأرض ومغاربها.
                      سلسلة "مبادئ فهم القرآن" (10): خاتمة مهمة: العناية بالاستشهاد بقصص الأئمة مع القرآن
                      هذه خاتمة تتعلق بالعناية بتدوين أخبار وقصص الأئمة سلفاً وخلفاً مع القرآن ثم الاستشهاد بها في محلّها من التفسير
                      وهذا مع عظيم فائدته إلا أنه من مُلَح التفسير لا من متينه.
                      أختم هذه المراحل بلطيفة مؤثرة في المتلقي اعتنى بها أهل التفسير بالمأثور، وهي ذكر ما يحضرهم من أخبار وقصص العلماء والصالحين سلفاً وخلفاً المتعلقة بالآية المفسَّرة في محلِّها من التفسير، لا على سبيل الاستقصاء وإنما متى خال له أن في ذلك فائدة إما في إحقاق حق أو ردع مبطل، وإما تأثراً وخشية أو إنابة وتوبة، أو تزكية وتربية، أو تفقهاً واستنباطاً ونحو ذلك كثير، ثم يذكرها مع الآية التي وردت القصة فيها.
                      وهذا النوع من البيان العملي له أثره البالغ في زيادة الإيمان، وفي التهذيب والتربية، وفي الجدال والإقناع ونحو ذلك.
                      لذا أذكر بعضاً مما وقفت في هذا المعنى:
                      1) في سورة البقرة:- أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: تعلم عمر رضي الله عنه سورة البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلما ختمها نحر جزوراً.
                      - وذكر مالك في الموطأ أنه بلغه أن ابن عمر رضي الله عنهما مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها.
                      - وعن مجاهد أنه سئل عن رجلين قرأ أحدهما البقرة وآل عمران والآخر البقرة وحدها وزمنهما وركوعهما وسجودهما وجلوسهما سواء؟ فقال: "الذي قرأ البقرة وحدها أفضل. (هذا في بيان فضل التدبر على الإكثار من القراءة).
                      2) في سورة النساء: ـ في قوله تعالى: {فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} الآية[النساء:140]؛ ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية عن عمر بن عبد العزيز بأنه رفع إليه قومٌ يشربون الخمر وكان فيهم جليس لهم صائم، فقال: "ابدؤوا به في الجلد! ألم تسمع الله يقول: {فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ} ؟!".
                      3) في سورة الأعراف:- ذكر الإمام السيوطي في الدر المنثور عند قوله تعالى: {أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ} الآية [الأعراف:50]؛ قال عقيل بن شهر الرياحي: شرب عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فبكى فاشتد بكاؤه فقيل له: ما يبكيك؟ قال: ذكرت آية في كتاب الله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} [سبأ:54] فعرفت أن أهل النار لا يشتهون إلا الماء البارد وقد قال الله عز وجل { أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أو مما رزقكم الله}.
                      - ما ذكره ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:80] قال ابن كثير: قال الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي –باني جامع دمشق-: "لو لا أن الله عز وجل قص علينا خبر قوم لوط ما ظننت أن ذكراً يعلو ذكراً!".
                      4) في سورة يوسف:- في قوله تعالى: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ}[يوسف:84]؛ عن سعيد بن جبير رحمه الله قال: لقد أعطيت هذه الأمة عند المصيبة شيئاً لم تعطه الأنبياء من قبلهم – يعني قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}[البقرة:156]. قال: "ولو أعطيها الأنبياء لأعطيها يعقوب إذ يقول: {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ}!".
                      - ومن جميل ما يذكر: أن الشيخ محمد رشيد رضا –رحمه الله- قد توفي عند تفسيره أواخر سورة يوسف لقوله تعالى: { رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}.
                      5) في سورة النحل:- ما ذكره البغوي في تفسيره عند قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[النحل:90]. قال البغوي رحمه الله: وعن عكرمة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على الوليد بن المغيرة قول الله عز وجل { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} الآية، فقال له الوليد: يا ابن أخي، أَعِد ؟ فأعاد عليه، فقال: "إن له والله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وما هو بقول البشر!".
                      6) في سورة المؤمنون:- عن يونس البلخي قال: كان إبراهيم بن أدهم -من الأشراف- وكان أبوه كثير المال والخدم والمراكب، فبينا إبراهيم في الصيد على فرسه يُركِّضه إذا هو بصوت من فوقه: "يا إبراهيم! ما هذا العبث؟! { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ }؟![المؤمنون:115] اتق الله! عليك بالزاد ليوم الفاقة!"، فنزل من دابته وأخذ في عمل الآخرة.
                      - وفي الطبقات لابن سعد (7/164) وغيره عن الحسن البصري رحم الله قال: إن الحَجاج من عذاب الله، فلا تدفعوا عذاب الله بسيوفكم! ولكن عليكم بالاستعانة والتضرع، فإنه تعالى يقول: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ}[المؤمنون:76].
                      سلسلة مبادئ فهم القرآن – الحلقة الأخيرة: تكملة الخاتمة في أهمية الاعتناء بقصص الأئمة مع القرآن
                      7) في سورة العنكبوت : قال ميمون بن مهران رحمه الله: ما أتي قوم في ناديهم المنكر إلا حق هلاكهم (البداية والنهاية:9/318). يشير إلى قوله عز وجل: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} إلى قوله: {إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}[العنكبوت:29-31]. وفي الحديث المتفق على صحته: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين".
                      8) وفي سورة يس : في البداية والنهاية للإمام ابن كثير رحمه الله أن ميمون بن مهران رحمه الله قرأ قوله تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ}[يس:59] فبكى طويلاً ثم قال: "ما سمع الخلائق بنعت قط أشد منه!"
                      9) وفي سورة الزمر : كان الضحاك رحمه الله إذا تلا قوله تعالى: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر:16] رددها إلى السحر.
                      10) وفي سورة الجاثية : أخرج ابن المبارك وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي الضحى قال: "قرأ تميم الداري رضي الله عنه سورة الجاثية، فلما أتى على هذه الآية: { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } [الجاثية:21] لم يزل يكررها ويبكي حتى أصبح وهو عند المقام"[13/357].
                      11) وفي سورة الطور؛- ذكر ابن كثير رحمه الله في تفسيره عند قوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} [الطور:7]؛ "أن عمر رضي الله عنه خرج يعس المدينة ليلة فمرّ بدار رجل من المسلمين فوافقه قائماً يصلي فوقف يستمع قراءته، فقرأ {وَالطّورِ} حتى بلغ {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ}، فقال عمر رضي الله عنه: "قسمٌ ورب الكعبة حق"، فنزل عن حماره واستند إلى حائط فمكث ملياً ثم رجع إلى منزله فمكث شهراً يعوده الناس لا يدرون ما مرضه رضي الله عنه.
                      - وعن الحسن أن عمر رضي الله عنه قرأ {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ} فربا لها ربوة عيد منها عشرين يوماً. [4/241].
                      - وعن عبادة بن حمزة رحمه الله قال: دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ}[الطور:27] فوقفت عندها فجعلت تعيدها وتدعو فطال علي ذلك فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي تعيدها.
                      - وفي تاريخ بغداد: قال زائدة رحمه الله: صليت مع أبي حنيفة رحمه الله في مسجده عشاء الآخرة وخرج الناس ولم يعلم أني في المسجد وأردت أن أسأله عن مسألة من حيث لا يراني أحد، قال: فقام فقرأ وقد افتتح الصلاة حتى بلغ إلى هذه الآية {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} فأقمت في المسجد أنتظر فراغه، فلم يزل يرددها حتى أذن المؤذن لصلاة الفجر.[13/357].
                      - وفي الصحيحين عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ} كاد قلبي أن يطير!".
                      12) وفي سورة القمر:- قال القاسم بن معين رحمه الله: "قام أبو حنيفة رحمه الله ليلة بهذه الآية {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ}[القمر:46] يرددها ويبكي ويتضرع".
                      - ومما ذكره ابن كثير عن وفاة شيخ الإسلام ابن تيمية: "... وأخبر الحاضرين أخوه زين الدين عبد الرحمن أنه قرأ هو والشيخ منذ دخول القلعة ثمانين ختمة، وشرعا في الحادية والثمانين "فانتهينا فيها إلى آخر {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} عند قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} فتوفي الشيخ عندها".
                      13) وفي سورة الحديد:- قال الفضل بن موسى: كان الفضيل بن عياض شاطراً يقطع الطريق وكان سبب توبته أنه عشق جارية فبينا هو يرتقي الجدران إليها سمع رجلاً يتلو {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} فقال: "يا رب قد آن" فرجع فآواه الليل إلى خربة فإذا فيها رفقة فقال بعضهم: نرتحل، وقال قوم: لا حتى نصبح، فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا، فتاب الفضيل وأمّنهم، وجاور بالحرم حتى مات"[انظر: تاريخ الإسلام للذهبي: 12/334].
                      14) وفي سورة المزمّل:- سئل مالك عن مسألة فقال: "لا أدري"، فقيل له: إنها مسألة خفيفة سهلة، فغضب وقال: ليس في العلم شيء خفيف، ألم تسمع قول الله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}؟!".
                      15) وفي سورة الزلزلة:- قال محمد بن كعب -الإمام الرباني-: "لأن أقرأ {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} و{الْقَارِعَةُ} أرددهما وأتفكر أحب إلي من أن أهُذّ القرآن".
                      - وحين نزلت {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} بكى أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: "يبكيني هذه السورة".[تفسير الطبري:30/270].
                      - وعن إبراهيم التيمي قال: أدركت سبعين من أصحاب ابن مسعود أصغرهم الحارث بن سويد، سمعته يقرأ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} حتى بلغ إلى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} قال: إن هذا إحصاء شديد".
                      - وقال يزيد بن الكميت: قرأ بنا علي بن الحسين المؤذن في عشاء الآخرة {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} وأبو حنيفة خلفه، فلما قضى الصلاة وخرج الناس نظرت إلى أبي حنيفة وهو جالس يفكر ويتنفس، فقلت: أقوم ولا يشتغل قلبه بي، فجئت وقد طلع الفجر وهو قائم قد أخذ بلحية نفسه وهو يقول: "يا من يجزئ بمثقال ذرة خير خيراً ويا من يجزئ بمثقال ذرة شر شراً أجِر النعمان عبدَك النار وما يقرب منها من السوء وأدخله في سعة رحمتك". قال: فأذنت فإذا القنديل يزهر وهو قائم، فلما دخلت قال: تريد أن تأخذ القنديل؟ قلت: قد أذنت لصلاة الغداة! قال: اكتُم علي ما رأيت!"[13/357].
                      16) وفي سورة التكاثر:- قال رجل لابن المبارك: قرأت البارحة القرآن في ركعة، فقال: "لكني أعرف رجلاً لم يزل البارحة يقرأ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} إلى الصبح ما قدر أن يجاوزها!" يعني نفسه[تاريخ دمشق:32/435].
                      وختاماً:
                      أسأل الله جلّ جلاله أن يرزقنا جميعاً الفقه في دينه وأن يعلمنا تأويل كتابه.
                      اللهم إنا نسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك؛ أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا.
                      اللهم اجعل لنا من كتابك العظيم في قلوبنا نوراً، وفي أسماعنا نوراً، وفي أبصارنا نوراً، وفي ألسنتنا نوراً، واجعل لنا منه نوراً يا نور السموات والأرض!
                      اللهم علّمنا منه ما جهلنا، وذكرنا منه ما نُسّينا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا.
                      هذا ما تيسرت كتابته على عجالة من الأمر [ليلة الثلاثاء:18/7/1426هـ] فأسأل الله العَفُوّ الغفور أن يتقبلها بقبول حسن، وأن جعلها ذُخراً أفرح بها حين ألقاه.
                      وبهذا تنتهي رسالة "مبادئ فهم القرآن"، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وزوجاته، وعلى التابعين، ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين".

                      منقول من ملتقى الحديث والجامعة العالمية للقران
                      جعلها الله ثقلا في ميزان كاتبها
                      اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

                      تعليق


                      • #12
                        رد: سلسلة مبادئ فهم القرآن

                        جزاكم الله خيرا

                        تعليق


                        • #13
                          رد: سلسلة مبادئ فهم القرآن
                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                          جزاكم الله خيراً وبارك الله فيكم علي مروركم الكريم وتعقيبكم الطيب

                          اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

                          تعليق


                          • #14
                            رد: سلسلة مبادئ فهم القرآن

                            جزاكم الله خيرا
                            ​اللهم فهمنا القرآن

                            تعليق


                            • #15
                              رد: سلسلة مبادئ فهم القرآن

                              عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                              جزاكم الله خيرًا أختنا الفاضلة

                              وجعله الله في ميزان حسناتكم ونفع بكم

                              _________
                              قال الحسن البصرى رحمه الله :
                              عظ الناس
                              بفعلك .. ولا تعظهم بقولك


                              تعليق

                              يعمل...
                              X