السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- ما جاء في خلق السماء والأرض باعتبار التقدم والتأخر:
ذكر الآيات التي قد يوهم ظاهرها التعارض:
أولا: الآيات الدالة على تقدم خلق الأرض على خلق السماء؛
كقوله تعالى: "قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ* وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ* ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ* فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ".فصلت 9: 12
ثانيا: الآية الدالة على تأخر دحو (بسط وتمهيد) الأرض عن خلق السماء؛
كما في قوله تعالى: "أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا. رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا. وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا. وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا".النازعات 27: 30
الجواب عن التعارض:
يجمع بين هذه الآيات بأن يقال: إن الله سبحانه خلق الأرض أولا غير مدحوة وقدّر أقواتها، ثم استوى إلى السماء، فسواهن سبع سموات، ثم دحا الأرض بعد ذلك، فأخرج منها ماءها ومرعاها، وأرسى جبالها.
- عدد أيام خلق السماوات والأرض وما بينهما:
ذكر الآيات التي قد يوهم ظاهرها التعارض:
أولا: الآيات المصرّحة بأن خلق السماوات والأرض وما بينهما كان في ستة أيام؛
كقوله تعالى: "إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ".يونس:3
ثانيا: الآيات التي يفهم من ظاهرها أن خلق السماوات والأرض وما بينهما كان في ثمانية أيام؛
كما في قوله تعالى: "قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ* وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ* ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ* فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ".فصلت 9: 12
الجواب عن التعارض:
يجمع بين هذه الآيات بأن يقال: إن الله سبحانه خلق السماوات والأرض وما بينهما كان في ستة أيام كما صرحت بذلك العديد من الآيات، وأما ما ذكر في سورة فصلت من جعل الرواسي وتقدير الأقوات في أربعة أيام؛ فمعناه في تتمة أربعة أيام، وتتمة الأربعة حاصلة بيومين فقط مع يومي خلق الأرض، فهو سبحانه خلق الأرض في يومين، وجعل الرواسي فيها والبركة وتقدير الأقوات في يومين؛ فيكون مجموع الأيام التي خلقت فيها الأرض، وما يتعلق بها أربعة أيام، وقضى الله سبحانه السماوات السبع في يومين، وبذا يكون المجموع ستة، وعليه فلا تعارض بين هذه الآيات أصلا.
- خلق آدم -عليه السلام- وذريته:
ذكر الآيات التي قد يوهم ظاهرها التعارض:
أولا: الآيات التي تفيد أن الإنسان خلق من تراب؛ كما في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ".الحج:5
ثانيا: الآيات التي تفيد أن الإنسان خلق من طين؛ كما في قوله تعالى: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ".المؤمنون:12
ثالثا: الآيات التي تفيد أن الإنسان خلق من صلصال كالفخار؛ كما في قوله تعالى: "خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ".الرحمن:14
رابعا: الآيات التي تفيد أن الإنسان خلق من ماء؛ كما في قوله تعالى: " وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا".الفرقان:54
الجواب عن التعارض:
الآية الدالة على خلق الإنسان من ماء تشير إلى خلق ذرية آدم، وأما الآيات الدالة على خلق الإنسان من تراب أو من طين أو من صلصال فهي تشير إلى خلق آدم أبي البشر، وهذه الآيات لا تتعارض؛ لأن المادة التي خلق منها آدم -عليه السلام- واحدة مرت بمراحل متعددة، وكل آية تتحدث عن مرحلة منها.
تفرد الله -عز وجل- بالخلق:
ذكر الآيات التي قد يوهم ظاهرها التعارض:
أولا: الآيات الدالة على ان الله وحده الخالق لكل شيء، وتنفي الخالقية عن غيره تعالى؛ كقوله تعالى: "هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ".فاطر:3
ثانيا: الآيات التي يوهم ظاهرها أن بعض المخلوقين ربما خلقوا؛ كما في قوله تعالى حكاية عن عيسى -عليه السلام-: "أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّه" آل عمران:49، وقوله تعالى: "فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ".المؤمنون:14
الجواب عن التعارض:
يجمع بين هذه الآيات بأن يقال: إن الخلق يأتي بمعنى الإيجاد والإنشاء من العدم، ولا موجد سوى الله سبحانه، ويأتي بمعنى التقدير، ولذلك يسمى صانع الأديم ونحوه خالقا؛ لأنه يقدره.
- عموم ملك الله سبحانه وتعالى:
ذكر الآيات التي قد يوهم ظاهرها التعارض:
أولا: الآيات التي أفرد فيها سبحانه ذكر المشرق والمغرب؛ كما في قوله تعالى: "وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه"البقرة:115.
ثانيا: الآية التي جمع فيها سبحانه ذكر المشرق والمغرب كما في قوله تعالى: "فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ".المعارج:40
ثالثا: الآية التي جمع ذكر المشرق وحذف مقابله، وهي قوله تعالى: "رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ".الصافات:5
الجواب عن التعارض:
أفرد -سبحانه- وأجمل في بعض الآيات وأراد مشرق الشمس ومغربها بشكل عام على الكرة الأرضية، فهناك جهة تشرق منها الشمس، وجهة مقابلة تغيب فيها سواء كان صيفا أو شتاء، فالمشرق هو موضع الشروق، والمغرب هو موضع الغروب، وهما وما بينهما من الجهات والمخلوقات ملك لله سبحانه، وثنى وفصل في سورة الرحمن وأراد مشرقي الصيف والشتاء ومغربيهما؛ فالشمس تشرق من نقطتين؛ نقطة نلاحظها في الصيف، ونقطة نلاحظها بعيدا عنها في الشتاء.
وجمع -سبحانه- وفصل في سورة المعارج والصافات وأراد جميع مشارق السنة ومغاربها، فالشمس أثناء تنقلها بين المدارين تمر بنقاط متسلسلة عديدة ولا تمر قفزا، فكل نقطة أثناء التنقل بين المدارين في الذهاب والإياب تعتبر مشرقا يقابلها مغرب، وبذلك تكون مشارق يقابلها مغارب.
المصدر: كتاب "آيات العقيدة التي قد يوهم ظاهرها التعارض"،
وهي عبارة عن ثلاث رسائل ماجستير، من إعداد/ خالد الدميجي، حياة المحمادي، حنان العمري.
تعليق