يروي لنا الدكتور سعيد حمزة قصته مع الشيخ شبيب قائلاً:
ما زلت أذكر نظرات زجر الشيخ شبيب - حفظه الله وأطال عمره -
وهو رجل من صعيد مصر جاء إلى الإسكندرية منذ زمن بعيد ،
وجارنا ووالد صديق لي
كنت أتساءل في نفسي
وأنا أجلس بين يديه - وكنت آنذاك في الصف الثالث الثانوي : هل الشيخ شبيب لا يعرف كيف يبتسم ؟!
كنت أستعد للقائه بكل ما أوتيت من قوة مستعينا بالله لأنجو من تقريعي بنظراته الحادة عند الخطأ لا سيما الجلي ! لقد كان لا يقبل إلا الحفظ المطمئن الراسخ ولم يكن في قاموسه الخاص كلمة ( معلش) ؛ وهي كلمة اعتذار مصرية غالبا ما تكون عند الأشياء التي يقف خلفها أسباب تافهة أو كسل وغيره.
كان يعجبني منه (الشخصية المحددة) والفصل بين العلاقات ؛ فهو إن كان جارنا وصديق لوالدي وأنا صديق لولده
إلا أنه أثناء الدرس : الشيخ شبيب وفقط وكأنه لا يعرفني
وبعد الدرس
إن لقيني في الطريق رفع يده لي بالتحية - وهو الشيخ الكبير - (بالعامية الصعيدية) :
عامل إيه يا سعيد؟ سلم على أبوك ....
وكنت كثيرًا ما أنتظر هديته الجميلة في آخر كل قراءة
وقد كانت ابتسامة عريضة مع باقة ورد تمثلت في قوله: أحسنت يا سعيد ... عندما سألني مذيع إذاعة الإسكندرية - في حوار أجراه معي
خلال حلقات عدة - عن أهم من أثر في من شيوخ القرآن ،
قفز إلى ذهني فورا
ذكر فضيلة الشيخ شبيب أطال الله بقاءه وشفاه وعافاه ،
وإن كنت لم أستمرمعه إلا إلى قوله تعالى في سورة النساء:
"وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا" النساء:57 ، ولكن أن أجلس بين يدي هذه القيمة القرآنية كان له عظيم الأثر في نفسي .. لم يكن بيننا اتفاق على إجازة بالسند أو غيره ، وإنما كان محض تعلم القرآن الكريم وتعليمه ..
ولا أملك حين ألقاه الآن إلا تقبيل يديه حبًا له وتقديرًا له أبًا وشيخًا ومعلمًا
وكم حدثتني نفسي أن أجلس بين يديه مرة أخرى أعرض عليه القرآن كاملًا شوقًا مني لنظراته الزاجرة المربيَّة وطلبا لهديته القيمة: أحسنت يا سعيد !
لا تحزن... إن لم يكن حفظك كالفاتحة ،
سيكون بإذن الله
مع كثير من الاجتهاد وقليل من النوم
وقبل ذلك إدراك أن حفظك بالفعل لم يرق بعد لأن يكون مثل الفاتحة ؛
ذاك المقام الرفيع.
لا تحزن... إن أوقفك أحد على حقيقة حفظك
وأنها دون الفاتحة
ويجب عليك شكره فقد أسدى إليك معروفا ؛
إذ صحح مسارك قبل فوات الأوان. لا تحزن... عندما تجد من حفظ القرآن في عامين فقط
أقوم منك حفظا وأفضل استحضارا
وقد حفظته أنت في خمس سنوات حسوما ؛
اجلس معه واسأله ماذا صنع ،
بالتأكيد أنه كان أكثر اعتناءً بالأوقات وأقل كلفة. لا تحزن... عندما (تقتني) إجازة في (لمح بالبصر)
ويكتب لك فيها بـ (أغلى الأحبار)
أنك ذاك الحافظ المتقن
ثم إذا قيل لك غدا مسابقة في حفظ القرآن كاملا
فتعاين حفظك
فلا تجد في جعبة ذاكرتك إلا حطاما وآثارة من حفظ ،
واعلم أن العبرة بما تعلمه عن نفسك
وليس بما يقوله الناس عنك ؛
فالناس لا تراك حين تراجع وحين تقوم.
فقد راسلتني ذات مرة فاضلة بشكوى حارة:
حفظت - زعموا -
وحملت أعلى الشهادات
وترقيت في مركز التحفيظ حتى صرت مشرفة تعليم
الحقيقة أن حفظي كان كسراب بقيعة إذا أردته لم أجده شيئا .....
تعليق