الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
سيدنا وقدوتنا وأمامنا محمد
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد..
فقد قال الله تعالى:
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}
الأحزاب: 36
يقول الإمام السعدي رحمه الله:
أي: لا ينبغي ولا يليق، ممن اتصف بالإيمان، إلا الإسراع في مرضاة اللّه ورسوله، والهرب من سخط اللّه ورسوله، وامتثال أمرهما، واجتناب نهيهما،
فلا يليق بمؤمن ولا مؤمنة { إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا ْ} من الأمور، وحتَّما به وألزما به { أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ْ} أي: الخيار، هل يفعلونه أم لا؟
بل يعلم المؤمن والمؤمنة، أن الرسول أولى به من نفسه، فلا يجعل بعض أهواء نفسه حجابًا بينه وبين أمر اللّه ورسوله.
{ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ْ}
أي: بَيِّنًا، لأنه ترك الصراط المستقيم الموصلة إلى كرامة اللّه، إلى غيرها، من الطرق الموصلة للعذاب الأليم،
فذكر أولاً السبب الموجب لعدم معارضته أمر اللّه ورسوله، وهو الإيمان،
ثم ذكر المانع من ذلك، وهو التخويف بالضلال، الدال على العقوبة والنكال.
فلنتأمل معا قوله سبحانه وتعالى:
{ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا }
ولنحذر أيضا من هذا الطريق
طريق المعصية الذي لا يوصل صاحبه إلا لمآلٍ واحدٍ عياذا بالله
الضلال المبين
وقانا الله وإياكم شر هذا الطريق
لذا فإنَّ المعصية هى الشرُّ ذاته على العبد، و أيضاً هى شؤمٌ على صاحبها
فقد قال الإمام بن عثيمين رحمه الله:
نعيش في الدنيا ونحن نعصي الله ليلا ونهارا ونحن ضامنين دخول الجنة!!
و نسينا أن آدم حُرِم من دخول الجنه بمعصية واحدة.. !
وقال سفيان الثوري رحمه الله:
حُرِمْتُ قِيامَ الليلِ خَمسَةَ أشْهُرٍ بسببِ ذَنْبٌ أذْنَبْتُه
كما قال بعض السلف:
أصلُ الإنتكاسات ذُنوبُ الخَلَوَات
وقال ابن عمر رضي الله عنهما:
مُنتهى الخيبة أن يُحبّك الناس في الله لِما يظهرُ لهُم مِنكَ؛
لكنَّ اللهَ يُبغِضُكَ لِما يظهَرُ له مِنكَ في السرّ
اللهم إنا نعوذ بك من الذنوب والمعاصي
اللهم آتِ نفوسنا تقواها وزكّها أنت خير من زكّاها
اللهم اجعلنا لك توابين أوابين منيبين مستغفرين، وتقبل منا يا رب العالمين
اللهم لا تحرمنا بذنوبنا لذة القرب إليك، ولا تحرمنا لذة النظر إلى وجهك الكريم
برحمتك يا أرحم الراحمين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
تعليق