أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وصلى الله وسلم وبارك على النبي المصطفى وآله المستكملين الشرفا
أما بعد :
"خصائص القران "" هذا أمر ينبغي الإلمام به، لأن المفسر والمتدبر لكلام الله تعالى ينبغي أن يعلم خصائص هذا الكتاب وما يختلف به عن سائر الكتب.
أول هذه الخصائص:
أن القران الكريم فيه علم تام واسع محيط يقول الله جل وعلا في سورة الفرقان : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6)
فالله الذي أنزل هذا الكلام هو رب عليم بكل شيء محيط بكل شيء ، ففي هذا الكلام تبيان لكل شيء، قال الله : لَٰكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ ۖ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا (166)النساء
إذا هذا القرآن الكريم فيه علم واسع محيط تام .
الخصيصة الثانية : أن القرآن فيه الحكمة التامة فذلك العلم الكامل التام قد وضع في مواضعه فرق بين العلم والحكمة من أجل ذلك يقول عليم حكيم ، علم إحاطة تامة ، وحكيم يضع الشيء في مواضعه فأحكامه تتناسب مع كل زمان ومكان لأن القران يضع الشيء في نصابه لأنه كلام حكيم .
يقول الله جل وعلا : الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)هود
فالله جل وعلا هو الحكيم ،ومقتضى الحكمة وضع الشيء في نصابه ،وهذا كلام حكيم محكم متقن في لفظه وفي معناه يضع الأمور في مواضعها .
الخصيصة الثالثة : التي اختص بها القرآن أنه مع وجود العلم التام فيه والحكمة المطلقة، فيه رحمة واسعة بالعباد ،فهذا التشريع الذي جاء في القرآن فيه رحمة بهم والله سبحانه وتعالى أرحم بنا من والدتنا ومن سائر الخلق ، فالله جل وعلا هو الذي أنزل هذا الكتاب ففيه رحمة يقول الله :وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(52)الأعراف
أحد الخصائص التي اختص بها القران أنه كتاب هداية، وكتاب رحمة أيضا هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ويقول تعالى في سورة العنكبوت : وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ ۖ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51)
إذا هذا الكتاب اختص بأن فيه رحمة واسعة بالعباد.
الأمر الرابع: أن القران كلام الله ، وهذا التشريع مستمد من الله فالله سبحانه وتعالى خالق هذا الإنسان، وخالق هذا الكون بأجمعه، فإذا كان هذا القرآن هو كلام الله ، ومستمد ممن خلق الإنسان ففيه العلاج وفيه النور الذي يضيء للبشرية طريقها .
أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)الملك
يقول الله جل وعلا:إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (9)الإسراء
إذا في هذه الخصيصة أن القرآن كلام الله يقتضي ذلك أن فيه الهداية للبشر وفي تنفيذهم لأحكامه سعادتهم.
إذا علم تام ،حكمة تامة ، في ذلك رحمة للعباد، هذا القرآن مستمد من الله خالقنا فهو كلامه .
ويترتب على هذه الأمور الأربعة أو على هذه الخصائص الأربعة التي اختص بها القران أمور أربعة أيضا :
أولاً: لمّا تقدم أن هذا الكتاب فيه الهدى والنور والإرشاد للعباد إلى أقوم الأمور، وأنه منزل من عند الله العليم بكل شيء ذو الحكمة، وهو رحيم بعباده إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ فهو لعقولنا كالشمس لأعيننا، وإذا كانت الأعين لاترى بدون نور حسي ولاتهتدي بدون شمس فهكذا عقول البشرية لاتهتدي ولاتخرج إلى الرشد والصواب إلا بنور العزيز الوهاب.
يقول جل وعلا مخبراً عن هذا في أول سورة البقرة فيقول : ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)
فترتب على ذلك هذه الخصيصة أن فيه الهداية ،وفيه النور
إذاً المعاني هذه انتبهوا إليها سنستأنس بها حال التفسير لأنك عندما تأتي وتقرأ الآية المفترض أن الوظيفة الأساسية للقرآن هذا، الوظيفة الأساسية أنه كتاب هداية ،فإذا أخرجته عن ذلك وبدأنا نجعله عن طريق مثلا التفسير العلمي نجعله كتاب يُدرس لنا النظريات العلمية ليست هذه وظيفة القرآن ،لابأس أن يكون هناك بعض الإشارات العلمية التي فيها نوع من الإعجاز العلمي لابأس، لكن هذه ليست الوظيفة الأساسية التي جعل من أجلها القرآن، فلا نجعلها أكبر همنا في التفسير، أو استخراج بعض النكت الفلسفية التي يخرجها بعض الناس في تفاسيرهم أو غير ذلك، أو حتى النكت البلاغية أو غير هذا.
هذا كله يوظف لخدمة الهدف ، الهدف الأساس انه كتاب هدى، كتاب هداية
إذا هذه الخصيصة الخامسة أنه كتاب هداية.
الثاني المترتب على الأمور الأربعة الأمر الأُول:
أن هذا القرآن فيه خير وبركة فمن أقبل عليه حصل عز الدنيا وسعادة الآخرة ،وحصل الحياة الهادئة المطمئنة في الدنيا ،ناهيك عما أعده الله عز وجل لمن امتثل لأوامره واستمسك بهذا القرآن فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(43)الزخرف
.
يقول الله جل وعلا :
وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ۗ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ ۖ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا ۖ وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ(92) الأنعام
فهذا كتاب مبارك من أخذ به حصّل البركة والخير.
يقول الإمام الرازي في تفسيره للآية المتقدمة في سورة الأنعام : جرت سنة الله بين العباد أن من اشتغل بهذا القران وخدمه حصل عز الدنيا وسعادة الآخرة ،ثم أخبر عن نفسه فقال : ولقد اشتغلت في كثير من أنواع العلوم العقلية والنقلية فما حصل لي بسبب شيء من هذه العلوم من السعادات الدنيوية كما حصل لي بسبب خدمتي لهذا القران ، وهكذا الرازي كان معروفا انه من الفلاسفة والمتكلمين، ولو كان مضى في هذا الطريق ولم يخدم كتاب رب العالمين ويترك لنا هذا التفسير الكبير التفسير القيم كان عدّ في المهملات ، لولا أنه امتن الله سبحانه و تعالى عليه في أُخريات عمره فخدم هذا القرآن، وقال كلمته المشهورة: لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن .
أقرأ في الإثبات الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ (5) طه
إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ(10)فاطر
وأقرأ في النفي: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ(11) الشورى
هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا(65)مريم
فالرجل أنصف وقال في أخريات عمره: أن هذا المنهج الكلامي والمنهج الفلسفي هذا ما أدى إلى أن وصل إلى الحقيقة التي يبحث عنها أي طالب علم ، وإنما طريقة القرآن هي الطريقة السديدة القويمة .
الإمام الألوسي عندما فسر هذه الآية من سورة الأنعام في تفسيره الماتع"تفسير روح المعاني"بعد أن نقل كلام الرازي عقب عليه وقال: وقد شاهدنا ثمرة خدمتنا لكلام ربنا في هذه الحياة فنسأل الله ألا يحرمنا سعادة الآخرة .
ونحن معه نقول نسأل الله تعالى ألا يحرمنا من خدمة القرآن وأن نرى ثمرة ذلك من باب عاجل بشرى المؤمنين.
إذاً هذا القرآن كتاب خير وبركة هذه الخصيصة السادسة.
الخصيصة السابعة والثالثة المترتبة على الأربعة الأولى: أن هذا الكتاب أصدق الحديث، فهو منزل من عند الله العليم الحكيم الرحيم ومن لدن رب العالمين ، فكلامه حق وصدق ،وبالتالي لايتطرق إليه شك أبداً يقول الله تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ۚ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22) اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)الزمر
الخصيصة الثامنة أو الصفة الثامنة لهذا الكتاب: أن هذا القرآن روح الحياة، هو حياة العالم ، هو حياة القلوب، يامن تقول قلبي مات قلبي قاسي لاأعرف كيف أصلح حالي مع الله أتيك بالبشارة يقول الله جل وعلا : وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ۚ(52)الشورى
ويقول الله جل وعلا : أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(122)الأنعام
إذاً ترتب على الأمور الأربعة الأولى :
*أن هذا القران منزل من الله العليم الحكيم الرحيم رب العالمين ففيه العلم وفيه الحكمة وفيه الرحمة ،وهو من قِبَل الله سبحانه وتعالى كلامه سبحانه جل في علاه.
*وترتب على هذا أن هذا القران فيه الهدى والنور، وأنه فيه الخير والبركة، وهو أحسن الحديث ، وهو حياة العالم وهو الروح لها .
هذه الأمور الثمانية ترتب عليها أمران اثنان :
فمجموع هذه الصفات عشرة توجد في كلام ربنا ولايوجد واحد منها في كلام غيره .
الأمر التاسع أو المترتب على الأمور الثمانية: أن كلام الله لاشك فيه ولاتضارب ولاتناقض، لاتناقض في هذا الكلام من أجل ذلك سيأتي علم من علوم القرآن اسمه ""مشكل القران" وسيؤلف في ذلك ابن قتيبة كتابه الماتع"تأويل مشكل القرآن" لبعض الأمور التي أُشكلت على العلماء .
آيات أشكل تفسيرها على العلماء فظنوا أن ثمة تعارض ، فجاء العلماء وقاموا بهذا الأمر البالغ النفع وألفوا مصنفات في كيفية الجمع بين هذه الآيات التي تبدوا في الظاهر أنها فيها بعض التناقض وليس ثمة في كتاب الله شيء من قبل ذلك ،و إنما هي قصور في الفهم وضحه أهل العلم في هذه المصنفات .
"و ابن قتيبة له كتاب آخر في نفس هذا العلم لكن في الحديث له كتاب" تأويل مختلف الحديث " أيضا يشرح فيه التناقضات التي ذكرها بعض الناس في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا علم من أنفس العلوم ولا يستطيعه إلا جهابذة العلماء لأن كيفية الجمع مابين الآيات والرد على هذه الشبهات هذه تحتاج إلى خبير
إذاً هذا الكلام لاشك فيه لاتضارب فيه لاتناقض فيه يقول الله جل وعلا أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا(82)النساء
إذاً لأنه من عند الله ليس فيه اختلاف ،وقل أن تجد مصنف قل أن تجد مؤلف ليس فيه تعارض ليس فيه تناقض ليس فيه أخطاء.
الأمر العاشر : أن هذا الكتاب كتاب مهيمن على ماسواه ، فهو السند الرسمي وعليه المعتمد وعليه الاعتماد عند المسلمين في بيان الحق والباطل، وفي تقييم الأفكار وفي تقييم الكتب وفي تقييم ماكان وفي تقييم مايكون ،هو الميزان،" القرآن هو الميزان"فكلما كنت على بينة من أمرك وعلى كل سكنة وحركة دليل من القرآن على صدق ماتصنع فأنت على الجادة وأنت على الحق المبين ،وأما إن بعدت عنه وليس لك حظ فيه فكل ماشغلك عن القرآن فهو مشغلة وأنت على ضلال مبين.
إذاً هذه وصية تقال لطلبة العلم ياطلبة العلم القرآن أولا القرآن حفظ القرآن تلاوة القرآن آناء الليل وأطراف النهار القيام بالقرآن في الليل هو هذا الذي سيسكب المعاني والفهم السديد في قلبك أما ماسوى ذلك أنك تبتدئ يقرأ كتاب كذا وكتاب كذا ويتكون لديه ثقافات مختلفة ثم بعد ذلك يأتي بثقافته فيعرضها على القرآن يعمل العكس لاء القران هو الذي يقيم ليس ما ترسخ في ذهنك هو هذا وهذه الطريقة دائما تعرفها مباشرة تعرف طريقة المبتدع من طريقة من هو على الجادة من أهل السنة أن دائما المبتدع تتكون لديه فكر وبعد ذلك يبحث عنها ،أما الآخر فيستضيء بضوء الوحي ويأخذ من القرآن الأصول التي بها يستطيع أن يعرف الأمور ويعرف الحق من الباطل.
القرآن منهج فكرى متكامل في كل شيء .
القرآن يعتمد على بعض الأمور يعتمد على نداء الفطرة عندما يتكلم في أمور الاعتقاد هناك أصل يبني عليه فيخاطب الفطرة هكذا طريقة القرآن هذه إقرأوا لابن الوزير اليمان له كتاب في ذلك اسمه "في طريقة القران"كتاب مشهور له لابن الوزير اليماني يتكلم فيه عن الفرق في طريقة القرآن في أسلوبه في الجدل وفي أسلوبه في المناظرة وفي الأسس الفكرية التي يضعها القرآن للمناظر ولكيفية التفكير بين طريقة القرآن وبين طريقة غيره كطريقة المتكلمين وطريقة الفلاسفة وغير هذا ..، ويخرج في النهاية إلى هذه الحقيقة الأساسية بتفضيل طريقة القرآن . الشيخ عبد الخالق عظيمة له كتاب ماتع اسمه "دراسات حول أسلوب القران الكريم "ووقع في تسع مجلدات .
في مقدمته يتكلم عن هذا الأمر قال : القرآن هو المهيمن، القرآن هو الذي يضع القواعد النحوية وليس العكس فنحن نوظف الأمر القاعدة توظف تؤخذ من القرآن وبعد ذلك ماعداها نقول هو الشاذ و ليس العكس، ارجعوا إلى مقدمة هذا الكتاب للشيخ محمود شاكر كلام وتعليق على هذا الأمر أيضا .
مهيمن على سائر الأمر يقول الله جل وعلا :
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ(48) المائدة
فهو مهيمن على سائر الكتب هو مهيمن على التوراة هو مهيمن على الإنجيل، ماجاء في القرآن هو الحق المبين وهو ماجعله الله عز وجل ختاما للرسالات لتمضي البشرية في ضوء هذا الكتاب على نور من هذا الكتاب الكريم .
يقول جل وعلا :إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76) وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (77) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (78)النمل
إذا هذه الخصائص العشر لكتاب ربنا جعلت هناك واجبات ينبغي أن نمر عليها بين يدي هذا الكلام واجبات تجاه كتاب ربنا الكريم.
أول هذا الأمر: هو تلاوة كلام ربنا العزيز الغفور فينبغي أن يُقرأ هذا القران وأن يولى الاهتمام، كتب عمر ابن الخطاب رضي الله عنه كما ذكر ذلك ابن عبد البر في الاستيعاب هو القرطبي في تفسيره كتب إلى أبي موسى الأشعري عامله على ببلاد البصرى وكان أميراً عليها فقال: سلماً قِبلك من الشعراء هل يقولون الشعر ؟ فجمعهم أبو موسى وفيهم لبيد الذي هو أشعر الشعراء وأعظمهم شأن فقال هل تقولون الشعر ؟ فسكتوا فقال يالبيد هل تقول الشعر؟ قال: كيف أقول شعرا وقد أكرمني الله بسورة البقرة ،فلما أُنزل القرآن أحجم الشعراء عن الكلام وصار القران ديدنهم لايصنعون شيئا إلا قراءته والنهل من معينه .
النبي صلى الله عليه وسلم قال ((مثَلُ المؤمِنِ الَّذي يَقرأُ القرآنَ كمِثلِ الأترُجَّةِ ، طعمُها طيِّبٌ ، وريحُها طيِّبٌ )) صححه الألبانى الأُترجّة هذه مثل التفاح رائحتها فواحة وطعمها حلو،(( ومثَلُ المؤمِنِ الَّذي لا يقرَأُ القرآنَ كمَثَلِ التَّمرةِ ، طعمُها طيِّبٌ ، ولا ريحَ لَها )) صححه الألبانى
وأنا في سلسلة أمراض القلوب تكلمت وتوقفت عند هذا منافق ويقرأ القرآن والذي لايقرأ أبداً ماذا يكون.
((ومثلُ المُنافِقِ الَّذي يقرَأُ القرآنَ كمثلِ الرَّيحانةِ ، ريحُها طيِّبٌ ، وطَعمُها مرٌّ ، ومثَلُ المُنافقِ الَّذي لا يَقرأُ القرآنَ كمَثلِ الحنظَلةِ ، طعمُها مرٌّ ، ولا ريحَ لَها)) صححه الألبانى
فهذا الأمر الأول وهو: إدمان تلاوة القرآن ،والقلب الذي ليس فيه شيء من القرآن كالبيت الخرب.
الأمر الثاني الذي ينبغي علينا تجاه كلام رب العالمين : هو مسالة التدبر.. التدبر وسوف نضع عشرة أمور عليها مدار التدبر الأمثل ، وضعها بعض الأساتذة في هذا العصر الدكتور خالد اللآحم له كتاب ماتع"مفاتيح تدبر القرآن والنجاح في الحياة "
قال أن مدار التدبر الأمثل على عشرة أمور:
الأمر الأول: أن يكون هذا الكلام مخاطب به القلب بمعنى أنت تنزله على قلبك ليس مجرد كلام أن تمسك المصحف وتقرا فيه وانتهى الأمر لاء ، أول شيء إنك تخاطب به القلب
الأمر الثاني: أن تحدد هدفك من القراءة .
أحيانا تبحث عن آفتك تشعر انك مبتلى بآفة عجب أو مبتلى بآفة خصلة من خصال النفاق أو رياء أو ...أو عندك إشكال فتحدد الهدف أن تبحث عن علاجك من هذه الآفات وهذا يندرج تحت مسألة الأمور الخاصة بهجر القران.
العلماء قالوا خمس أمور: قالوا هجر تلاوة ، وهجر سماع، هجر عمل وتحاكم، وهجر تدبر ، وهجر استشفاء هذه هي الاستشفاء أنه يحدد الهدف انه يستشفي بالقران فيبتدئ يجعله هكذا شفاء لما في قلبه من آفات .
الأمر الثالث : أن أفضل التدبر يكون في قراءة في صلاة
لاسيما الأمر الرابع : أن تكون صلاة ليل وان تكون القراءة ليلا إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) المزمل
فالقراءة في الليل أوقع لاسيما أن تكون في صلاة في قيام الليل ،وان يكون هذا من حفظ ، أن القراءة التي يتأملها يكون حافظ ، ويقرأ في صلاة فهذا من أوقع مايكون للتدبر ، وان يعيد محفوظاته كل أسبوع ، بمعنى أن الشخص يختم كل أسبوع شخص يحفظ عشرة أجزاء يراجع العشرة أجزاء كل أسبوع ، و هذه الطريقة مجربة لإحسان التدبر، أن يكون ذلك في أسبوع وأن يقرأه بترتيل على مكث ،يقرأه على مهل ، يقرأه كما كان يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم لايقرأ قراءة الحدر، قراءة الحدر هذه لجمع الحسنات هذه في المواسم الفاضلة أما القراءة التي نتكلم عنها هي قراءة التدبر والتأمل والوقوف على المعاني ولماذا قدم هنا ولماذا آخر هنا وانظر الآية قال العزيز الحكيم هنا ولماذا لم يقل عليم حكيم؟ وهكذا يبتدئ يخرج المعاني يكون بترتيل، وان يكرر الآية التي يقف عليها ، أنت تقرأ وتقرأ ثم جاءت آية ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(74)البقرة
نعيد مرة أخرى ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً يارب: القلب هذا ألن يشفى من قسوة القلب هذه وتعيدها مرة ثالثة ورابعة وخامسة وتأخذ بسنة الحبيب صلى الله عليه وسلم حين قام الليل كله بقوله: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(118)المائدة
فيقرأ بترتيل وبتكرار
الأمر التاسع: يربط بين واقعه وبين القرأن وهذا أصل أصيل ، ابن القيم أول فائدة في كتابه الفوائد هذه... قال: أنزل القرآن منزلة المخاطب وأنت تسمع القران تشعر أن الآية تتكلم بكذا أنت هذا حتى لو كانت تكلم كافرين حتى لو كانت تكلم منافقين لأنه قد لايخلو الإنسان من ذلك ، قد يجتمع في الإنسان شعبة نفاق وخصلة من خصال الكفر ويكون مؤمنا يجتمع في القلب كل هذا
الأمر العاشر : أن تكون هذه القراءة جهرا أن تقرأها بصوت تسمع قلبك من أجل جوارحه تخشع لكلام الله جل وعلا فهذا الأمر النافع المهم المتعلق بتدبر القران
هذا الأمر سيجعلنا نفتح فيما نحن في صدده وهو الأصل الثاني من أصول التفسير:
الأصل الأول وهو التفسير بالمأثور على أربعة محاور:
المحور الأول كان تفسير القرآن بالقرآن ،وقلنا هذا يندرج تحته نوعان: النوع الأول: تفسير الآية بالآية ،ثم تفسير القراءة بالقراءة، ثم بعد ذلك تفسير القرآن بالسنة قلنا "هذه وظيفة أساس للسنة بيان القرآن "،ثم تفسير القرآن بأقوال الصحابة، ثم تفسير القرآن بالمأثور عن التابعين .
الأصل الثاني وهو التفسير بالرأي :
مالمقصود بذلك ؟المقصود به الاجتهاد، وإعمال الفكر في تفسير كلام الله جل وعلا بحيث يكون هذا الاجتهاد موافقا لنصوص الشريعة ولقواعد اللغة العربية فهنا يراعي المفسر السباق واللحاق المقدم والمؤخر سياق الآيات ينظر في سياق الآيات ماتقدم عنها وما تأخر عنها وينظر في ذلك وفق قواعد اللغة العربية ، والتفسير بهذه الشاكلة متفق علي جوازه بين علماء المسلمين والدليل على ذلك الكتاب والسنة وكذلك ماقرره العقل من ضرورة المسير إلى مثل ذلك.
انتبهوا إلى ذلك لأن هناك إشكالية سنقولها
الآن التفسير هذا هو التفسير بالرأي المحمود ،ماذا سيفعل ؟ سيفسر القران وفق نصوص الشريعة مقاصد الشريعة الأساسية وفق قواعد اللغة ، سيراعي سياق الآيات حال النظر ،هذا لا اشكال فيه وعندنا أدلة من القرآن والسنة ومن العقل على أن هذا الأمر جائز شرعا .
أول هذه الأدلة : قول الله تعالى :أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا(24)محمد
وقوله : أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا(82)النساء
وقوله : كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)ص
فالتدبر لايكون إلا بعد اجتهاد ، وبعد إعمال للفكر للوصول إلى تفسير الآية فبالتالي إمعان النظر في الآيات والاجتهاد وفق الضوابط لا إشكال فيه ،وقد قال الله جل وعلا وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ(83)النساء
فالاستنباط ومعرفة الأحكام لاتكون إلا بعد تفهم لكلام الله جل وعلا .
أما الأدلة من السنة: فورد في مسند الإمام أحمد ومستدرك الحاكم ولم يتعقبه الذهبي، أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس فقال " اللهم فقِّهْهُ في الدينِ وعلِّمْهُ التأويلَ" اسناده صحيح
وقوله اللهم فقه في الدين هذه ثابتة في الصحيحين ، أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بأن يكون فقيه في الدين كونه علماً في تأويل القرآن .
إذا تأويل القرآن لو كان مسموعا كالتنزيل فلا يمكن الاجتهاد بمعنى لو كان القرآن نزل وكذلك السنة وضحت كل شيء فالمرويات التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم نتوقف عندها وانتهت المسألة ، لكن ستنظر ستجد هناك آيات كثيرة والنبي صلى الله عليه وسلم لم يتكلم عنها ،فماذا تصنع؟ وآيات لن تجد فيها قول فصل للصحابة ، ماذا تصنع ؟ ماهو معنى الآية؟ حينئذ لابد من الاجتهاد وإعمال الفكر.
يقول ابن القيم : الأحاديث التي رواها ابن عباس عن نبينا عليه الصلاة والسلام وصرح فيها بالسماع ماجاوزت العشرين حديثا ،لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبض وابن عباس عمره خمس عشرة سنة أي ناهز الاحتلام، أما الأحاديث الأخرى فهو من المكثرين فإنه سمعها من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم.
قال الغزالي في المستصفى غاية ماسمعه ابن عباس أربعة أحاديث، ماسمعه ابن عباس من النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أحاديث، وفي كلا الرأيين تساهل، والحق ماذكره الإمام السخاوي في""فتح المغيث"" ،قال : وقال شيخنا : قال شيخنا :أي ابن حجر وقفت أحصيت الأحاديث التي صرح فيها ابن عباس بسماعها عن النبي صلى الله عليه وسلم فبلغت الأربعين حديثا. وقد أحصى بعض الناس فقالوا أن غاية ماصرح به ابن عباس لم يبلغ المائة حديث .
المهم كل هذا الكلام من أجل أن نصل في الآخر أن ابن عباس دعا له النبي صلى الله عليه وسيلم بذلك وهو الجزء الذي تلقاه. والأحاديث جميعها الجزء الخاص منه في القران ماهو ممكن أن يكون أقل القليل الذي هو راويه النبي صلى الله عليه وسلم عن آية، والنبي صلى الله عليه وسلم فسرها له وممكن تجد هذا اقل مايكون.
إذاً هذا معناه أن هناك نوع من التأمل والتدبر في القرآن.
الأدلة العقلية على ذلك :لو لم ينقل جواز تفسير القران بالرأي للزم تعطيل كثير من الآيات عن معانيها، فليست جميع آيات القران نقل فيها تفسير مأثور .
والأمر الثاني: أن الصحابة الكرام خير هذه الأمة بشهادة النبي صلى الله علي وسلم وكلهم عدول بتعديل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في تفسير القرآن، وليس لجميع أقوالهم حكم الرفع فماذا نصنع حال ذلك؟
الأمر الثالث : أن الحوادث تَجِدّ وتتجدد ، وهذه الحوادث لابد أن تخضع لكليات وقواعد عامة في شريعة الله عز وجل ، من أجل ذلك القرآن تجده يجمل في أشياء وهذا الإجمال هو الذي يناسب كل زمان ومكان ، مثلاً : عندما يقول الله عز وجل: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (8)النحل
كلمة ((ما ))هذه مبهمة واقترنت بمركوبات اقترنت بالبغال والحمير والخيل، فالصحابي عندما يقرأ ذلك تمر عليه الآية ولا إشكال وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ
تأتي الأمور فيبتدئ الناس تخرج سيارات ويكون هناك طائرات وغواصات وهناك كذا وكذا من وسائل الانتقال في تل فريك في كذا وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ
فيستخدم القران بمثل ذلك فيأتي كل مفسر في زمانه فيقول :هذا مناسب جداً لما حدث كذا...وكذا... وكذا .. وغير ذلك،من لي للنص من أجل أن ينظر، أي شيء يخرج ، أي شيء تخطر ببالك أخرجها من القرآن ، واللعب والمزاح في هذا الكلام لا طبعا لايجوز مثل ذلك .
الشاهد هذه أدلة دليل عقلي ودليل من الكتاب والسنة على أن التفسير بالرأي لابد أن يوجد .
هنا مسألة تتعلق بهذا الأمر ألا وهي :
مسالة الإعجاز العلمي القرآن معجز من أي وجه نظرت إليه ومن جملة إعجازه :
صنيعه الغريب في القلوب.
ومن إعجازه أن قارءه لايمل من كثرة تلاوته .
وكما قال عثمان وروى أيضا عن علي رضي الله عنهما لو طهرت قلوبنا ماشبعت من كلام ربنا
ومن جملة ذلك انه جمع أنواع من العلوم بحيث يقرأه راعي الغنم ويقرأه الملوك ،وهذا يخاطبه وذاك يخاطبه، فالقرآن يحتوي على هذا، ففيه علوم كثيرة .
والناس الآن يقولون علم النفس في القرآن علم الاجتماع في القرآن كذا وكذا، يبتدئ يستخرج بعض الأمور بالذات هذه المسائل ، لكن المشكلة انه يأخذ نظريات علم النفس ويبتدئ يبحث عنها نحن نقول كلام كذا وكلام كذا وبعد ذلك نبحث فيه في القران لاء...
نظرة القرآن تجاه النفس البشرية يخاطبها كيف هذا مبحث مهم وجميل يخرج منه معاني طيبة.
النوع الثاني من العلوم: وهي العلوم التجريبية فالله ندبنا إلى أن نصل إليها ونحصلها في هذا الكون لنرى عجيب صنع الله:
قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ(101)يونس
ضوابط هذا النوع من العلم : نريد أن نضع ضوابط هنا
أول ضابط: أن لايكون هذا النوع من التفسير العلمي أن لايكون أو لايومىء إلى أن هذا محور بحث القران ، بمعنى أن الذي يقرا لايجلس يخرج همه أن يخرج النظريات في القران لأنه هناك أمور تأتينا عندما نتكلم على مناهج المفسرين، تجد بعض الناس بالغت مبالغات كبيرة في الموضوع هذا وكتبوا كتابات حديثة مثل آخر شيء نظرية الرقم في القرآن قصة كبيرة ويبتدئ يقول لك الإعجاز العددي في القرآن ،وعندما حدثت أحداث 11 سبتمبر جلس يقول نعد 11 سورة ونأتي إلى الآية القران قال أن هناك 11 سبتمبر لاحول ولاقوة إلا بالله، هي هكذا الناس تريد أن تبحث عن أي شيء نوع من الانهزام النفسي عند المسلمين وللأسف الشديد، فمثل هذا لايعول عليه لأن هذه ليست وظيفة القرآن ،ليس محور بحث القران الإعجاز العلمي.
إذا الضابط الأول: أن تعلم أن ليس محور بحث القرآن هذا الأمر الضابط الثاني: أن القران لم يحرم البحث فيه بل حثنا على التأمل والتفكر في هذا الشأن إذا هذا البحث ليس بمحرم.
فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ(24)عبس
الضابط الثالث: أن القرآن يشير إلى مايتعلق بواقع الناس نحو هذه الأمور ، بمعنى أنه يربط هذا الأمر بما فيه نفع للناس للذي يفكر بهذا الأمر، بمعنى أن القرآن يقول وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22)الحجر
وأخبرنا أن هذه الرياح تسوق السحب أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ ۖ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ(43)النور
وهكذا سائر الأمور فيلفتنا الله عز وجل إلى وجه العظة والاعتبار.
الضابط الرابع : إذا تحدث القران عنها فحديثه حديث العليم الخبير فإذا قال الله :
لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ(40) يس
فهذه ينبغي التعويل عليها ، ويشير القرآن عنها بأنها مربوبة وميسرة ومسخرة لهذا الإله العظيم، يدبرها فلم تخلق سدى ولا تسير بنفسها .
ماعدا هذا إذا لم ننضبط بهذه الأمور فإذا كانت هناك نظريات فرضية ظنية لم تصل بعد إلى حبل القطع واليقين فلا ينبغي أن يتلمس صدقها أو كذبها من القرآن .
شخص لديه نظرية لايعرف بالضبط ماهي فيجلس يبحث عنها في القران من اجل أن يتأكد هذه ليس من عمل القران، ليست وظيفة القرآن، فهذا مسلك ضال في حقيقته مبتعد عن الهدى الذي جاء القرآن ليحصله ، وهذا هو الوظيفة الأساس لهذا الكتاب.
بمعنى أننا نذكر بعض الضلالات التي حدثت في هذا الأمر
كتب أحدهم عبد العزيز ابن خلف رئيس المحاكم الشرعية بالجوف كتاب سماه "" دليل المستفيد على كل مستحدث جديد ""نُشر الكتاب سنة 1383 ذكر في هذا الكتاب مايلي : يقول في سورة الزلزلة: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) أي عندما تزلزل الأرض زلزالها فيخرج فيها الاكتشافات العلمية وتحصل التقدمات التكنولوجية، وأخبارها بمعنى الاكتشافات العلمية والتقدمات التكنولوجية، فيقول : يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) أي عن طريق السينما وشاشات التلفاز فأنت ترى أعمال الناس بواسطة هذا الجهاز بمعنى لو أن شاشات السينما في يوم القيامة حسننا ، لكن لاء يقول لك يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) الناس هذه يومئذ لم يجعلها يوم القيامة أبداً ،وإنما جعل المعنى يومئذ يوم تخرج الاكتشافات العلمية كل الناس سترى أعمالها في التلفاز، وقال هذا دليل على صحة القرآن وقد أثبتت السينما والتلفاز من أربعة عشر قرناً، لا حول ولا قوة إلا بالله.
تأويل آخر لمصطفى محمود في كتابه ""رحلة من الشك إلى الإيمان"" يقول : المراد من المسيح الدجال ليس رجلا كما فهم الناس تحدث منه فتنة ،وإنما المسيح الدجال هو العلم العصري وهو التكنولوجيا والتقدمات، لأن هذه العلوم عوراء، أعور من اجل ذلك هذه العلوم عوراء لاروح فيها فهي لاصلة لها بالله، هي علوم مادية بحتة.
يقول :وقد ظهر المسيح الدجال منذ زمن كما يقول الكاتب البولاندي وهذا المسخ ذو العين الواحدة هو التقدم المادي والقوى المادية ،وهي معبودات هذا الزمن التي تتقدم في اتجاه واحد وهي المادية ......الخ
فأول شيء اعتبر أن المسيح الدجال ليس هو الرجل .
إذا من غير الدخول في أي مشكلة الأحاديث المتواترة التي تقول أن المسيح الدجال لن يدخل مكة والمدينة فالتكنولوجيا لم تدخل مكة ولم تدخل المدينة ؟ لاحول ولاقوة إلا بالله
الكتاب الآخر كتاب آخر لأحمد ابن محمد ابن صديق الغماري اسمه مطابقة الاختراعات العصرية وفي هذا الكتاب غث كثير يقول في قول الله تعالى : وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3)الفيل
قال: في هذا دليل على وجود الطائرات النفاثة، وفي حديث الدجال وان سرعته كالغيث ، وإذا استدبرت الريح يقول: هذا دليل على أن الدجال سيركب الطائرات الحديثة، إذا موضوع الطائرات كان يتعبه ولذلك يجوب هذه الأرض بهذه السرعة في 40 يوما وهكذا، بمعنى أنهم يمسكون بمثل هذه الأمور ولايقرأون النصوص الشرعية وفق فهم مغلوط ومن هنا تأتي هذه الإشكاليات .
كان في قديم الزمان كان هناك أمور قريبة من ذلك الإمام الألوسي عند تفسير سورة لقمان يقول ۚ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ(19) لقمان
قال: وقد شاع بين الناس أن نهيق الحمار لعن للشيعة ،فرد فقال : وهذا كلام لايقبله إلا من كان طويل الأذنين ، نعم الشيعة مبتدعة وكذا لكن ليس معنى ذلك أننا نقول أن الأصل في أن أنكر الأصوات لصوت الحمير نهيق الحمير هذا يجلسون يلعنون الشيعة ، لاحول ولا قوة إلا بالله.
الشاهد من هذه التخاريف كثيرة جدا لكن أنا قلت سنمثل ببعض الأشياء المتعلقة بهذا حتى نبين كيف يكون الضلال في هذا .
عندنا وهذه المسألة هي الأساس انتبهوا لها : هذه محل سؤال عندنا إشكالية انه وردت آثار تحرم التفسير بالرأي ونحن قلنا أن التفسير بالرأي ليس فيه مشكلة.
الآثار الواردة في مثل ذلك :
أولها :ما رواه جرير في تفسيره وما رواه أبو يعلى والبزار كما ذكر ذلك الهيثمي في "مجمع الزوائد"
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت :."أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان لا يُفسِّرُ شيئًا من القرآنِ برأيِه إلا آيًا بعددٍ ؛علَّمَه إياهنُّ جبريلُ" رواه الهيثمى
عندنا الآن في الأثر كل النبي ما كان يعمل الأمر هذا فبالتالي النبي لم فصل شيء من القرآن إلا حاجة بسيطة جدااااً ..جداااااً جبريل عليه السلام بيّنها للنبي صلى الله عليه وسلم .
الجواب عن هذا: هذا الأثر شديد الضعف وهو أثر منكر قال ابن جرير وفي إسناده علة، فلا يجوز الاحتجاج بهذا الأثر من أجل هذه العلة وهذه العلة أن في بعض رواته من لا يعرف في حمله الآثار. فيه مجهول.
الثاني: روى الإمام الترمذي وأبو داوود والطبري في تفسيره والبغوي بسنده في" معالم تنزيل في التفسير" ورواه أيضا بسنده في شرح السنة :
عن جندب ابن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "منْ قال في القرآنِ برأيهِ، فأصابَ، فقدْ أخطأَ".
الجواب عن هذا الحديث أولا لم يثبت هذا الحديث عن النبي الله صلى الله عليه وسلم ففيه سهيل ابن أبي حزم ،قال البخاري: منكر حديث وقال ابن حجر: ضعيف
ولو ثبت على التنزل مع الخصم ولو ثبت فليس فيه دلاله على منع جواز التفسير بالرأي، وإنما معنى الحديث من قال في القرآن برأيه كما قال ابن عطية في مقدمة تفسيره "المحرر الوجيز" أن يسأل الإنسان عن آية من كتاب الله فيتصور عليها بعقله .
إذا المعنى من قال في القرآن برأيه أي هذا برأيه الذي تبع فيه هواه.
عقّب الإمام القرطبي على ذلك وقال: وهذا صحيح وهو الذي ذهب إليه غير واحد من العلماء .إذا برأيه هنا تحمل على هذا.
الأثر الثالث: روى الإمام أحمد في مسنده والترمذي في سننه والحديث في تفسير الطبري ورواه البغوي في "معالم التنزيل" وقد حسن الترمذي الحديث وصححه فقال: حسن صحيح.
حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: انظروا إلى ابن عباس ومكانة ابن عباس معلومة في التفسير، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول(( قال في القرآنِ برأيِّهِ ، فليتَبوَّأْ مَقعدَهُ مِن النَّارِ" حسنه الترمذى فى سننه
وجاء بلفظ من في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار الحديث على المعتمد مقبول ،وإن كان فيه نظر عند بعض أهل العلم فالحديث ضعفه الشيخ أحمد شاكر وضعفه عبد القادر الأرنئوط وشعيب الأرنئوط، والذي يبدو والعلم عند الله تعالى أن الحديث لا ينزل عن مرتبة الحُسن، يعني فيه خلاف ابتداءاً في تصحيحه وتضعيفه.
نتنزل مع الخصم ونقول حتى أنه هو لا ينزل عن مرتبة الحسن. فالمراد من الرأي هنا من دل عليه منطوق الحديث الأول، وهو بغير علم، أي أنه تكلم بجهل ،فإذا أصاب فهو في النار وإذا أخطأ فهو في النار، لأنه تسلق على شيء وشيء عظيم لا ينبغي لأحد أن يدخل فيه بغير علم ودراية، ليس أي شخص يدخل في القرآن ويتكلم بما تشتهيه نفسه.
إذا عندنا الرأي ينقسم إلى قسمين :
رأي يستند إلى أدلة ثابتة من لغة ونصوص شرعية فلا مانع جواز هذا التفسير.
ورأي هو الظن والهوى والتخرص فهذا تفسير بالرأي وهذا تفسير مذموم لا يجوز .
وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم من يصنع ذلك بأنه والعياذ بالله تعالى يتبوأ مقعده من النار.
يقول الغزالي: النهي عن تفسير القرآن بالرأي له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون في المفسر رأي واعتقاد وميل إلى قول من الأقوال فيُخضع كلام الله إلى ميله ورأيه الذي يرتئيه، ويدخل تحتها ثلاثة أنواع:
الأول أن يكون مع علم هو لن يكون دائما شخص جاهل لاء.. فاهم بس يريد أن يدلل على رأيه وعلى هواه رغم أنه يعرف وكيف يكون مبتدعه وأصحاب المناهج الفاسدة .
انظر القُمّي وهو من أئمة الشيعة الإمامية في تفسير قول الله جل وعلا وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)
لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)الفرقان
فروى بالسند المزور طبعا إلى الإمام الباقر وعن سائر أهل البيت المطهرين أنهم قالوا :يأتي أُناس يوم القيامة بنور بين أيديهم فيجعله الله هباءاً منثورا، أمّا والله ما كانوا يجهلون كانوا يعرفون لكن إذا عرض عليهم شيء من فضائل علي أنكروه وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ (أبو بكر) يقول يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ (علي) سَبِيلًا (أي دليلاً) يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (عمر خليلا) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي
فوالله الذي لا إله إلا هو إن هؤلاء لاسيما الأئمة أئمة الشيعة وعلمائهم يعرفون أن هذا كذب، ولكنهم أرادوا أن يخدعوا السذج وأن يُلبّسوا الأمر عليهم، وهذا الأمر نقله أئمتنا منذ القرن الرابع الهجري، ففي ""نكت الإنتصار في نقل القرآن إلى الأنصار"" للباقلاني يقول: وقال الشيعة: الظالم هو أبو بكر والخليل هو عمر والسبيل هو الطريق والذكر "لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ" قالوا هو علي، وهذا هو سبيل الباطنية الذين يتلاعبون بنصوص القرآن ويحملونها على معاني لا تدل عليها لغة العرب على أي وجه من الوجوه، وهذا يصنعه أيضاً غلاة الصوفية،
وقد زاد المتأخرون الأمر سوءاُ ،محمد حسين نور الطبّرسي المتوفى سنة 1320 وهذا رجل له شأنه في بلاد إيران، يقول في كتاب الاحتجاج على أهل اللجاج :لمّا توفي النبي صلى الله عليه وسلم جلس علي في بيت النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر لايخرج من البيت لا لجمعة ولا لجماعة، فلما خرج لقيه أبو بكر فقال: أين كنت ياأبا الحسن ؟ قال :رأيت كل شيء يزيد إلا كتاب الله فرأيته ينقص فعكفت على جمعه. فقال أبو بكر: أحسنت ياأبا الحسن فإذا انتهيت ائتنا به لننشره بين الناس. فأتاهم علي بهذا المصحف الذي جمعه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فكان عمر حاضراً فوثب وفتح المصحف فإذا أول صفحة فيها فضائح المهاجرين والأنصار. فقال عمر: أُردده لاحاجة لنا فيه ،فأخذ علي كتابه وانصرف، ففكر عمر في الأمر، لاحول ولاقوة إلا بالله، لأن هذه الطريقة فاشلة ، فعرض الأمر على أبي بكر فجمعه أبو بكر فقال أبو بكر: إذا جمعنا القران ونشر علي مصحفه يبطل مصحفنا المزور .وزيد ابن ثابت بعد ذلك شاركه في هذا الرأي ،فالحيلة أن نستدعي على ونأخذ مصحفه ثم نحرقه وننشر المصحف الآخر، فلما استدعى علي وأرادوا أن يأخذوا المصحف أبى وقال إنما فعلت هذا حتى لاتقولوا إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ(172) الأعراف ،أو تقولوا أَوْتَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) فقال له أبو بكر فهل له ميعاد معلوم قال نعم إذا أُخرج الفائد من ولدي ، وهذا هو الإمام المهدي المنتظر فاحتال عمر وخالد لكي يقتلوا علي ففشلت المحاولة وانتهى الأمر إلى ذلك.
فقال: ويعضد ذلك قول الله: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ أبو بكر على يديه
يقول يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ علي.يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)
لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)الخ هذا الكلام الذي يقسي القلوب ، حسبنا الله ونعم الوكيل.
أيضا عند الشيعة مثلا: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) علي وفاطمة يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ(22) الحسن والحسين ، ماهو الذي قرب اللؤلؤ والمرجان والبحرين في هذا الكلام ؟
قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (69) الأنبياء يقول حيدر جوادي النار هي الحسد وأما كون هناك نار فهذا هراء .
النار هذه نار الحسد قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (69) من هؤلاء أصحاب المدرسة العقلية اللذين لايؤمنون بأن هناك في القرآن شيء خارق للعادة ،وللأسف أسس هذه المدرسة الشيخ محمد عبده أراد أن يوفق بين القرآن والعقل ،فاخضع القرآن للعقل.
قال الله تعالى :اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ(1) القمر
قالوا : انشق القمر أي ظهر الحق من أجل أن ينفي أن القمر انشق.
يقول في عصا موسى التي انشق بها البحر: لا غرابة في هذا عن طريق المد والجزر وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3)تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ ِنْ سِجِّيلٍ (4)الفيل ،الطير جراثيم الحصبة والكوليرا وهكذا .
فهذه هي الحالة الأولى
الحالة الثانية: لديه ميل جاهل بمعنى اجتمع فيه الشر كما يفعل الكثير من الناس عندما يريد أن يستدل بما لا دليل فيه على ما يقول والذي أداه بأن يستدل بما لا دليل فيه على ما يقول فيقول مثلا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ(105)المائدة
بمعنى كن حيادي لاتتدخل بأحد ... طبعا هذا التفسير ضلال لأنه يتنافى مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعقائد الشرع
إنما الآية تحتمل أمرين :
أي قوموا بما أوجب الله عليكم ومن ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإذا فعلتم هذا وبعد هذا مكث من مكث على الضلال فلا يضركم هذا .
والأمر الثاني : إذا كنت مهتدي ليس عليك حرج وهذا هو الرأي الذي يركن إليه الناس حاليا وبالطبع قول خاطئ لأنه ليس عليه دليل بل هو معارض لنصوص القرآن .
الفيصل في هذا ماثبت في مسند الإمام احمد والترمذي وسنن أبي داوود وابن ماجة عن قيس ابن حازم قال : قام فينا أبو بكر فخطبنا فقال: يا آيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) وإنكم تضعونها في غير موضعها وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :"إنَّ النَّاسَ إذا رأَوُا المنْكرَ فلم يغيِّروهُ أوشَكَ أن يعمَّهم اللَّهُ بعقابِ من عندِهِ" صحيح
ليس معنى ذلك أن الناس لاتتناصح، ولايكون بينها أمر بالمعروف و نهي عن المنكر و أنكم تفهمونها فهما خاطئا ، فالفهم الثاني هذا خطأه أبو بكر.
الحالة الثالثة لهذا التفسير بالرأي المذموم: أن يكون للرجل مسلك صحيح ونية صحيحة فيستدل بالآية على مايعلم انه لايراد به ففي الحالة الأولى : كان مبتدع خبيث نيته سوداء ،أما هنا فليس كذلك هو ذو غرض صحيح لكن من باب إقناع الناس يقع في هذا الأمر ، وهذا هو مسلك الصوفية في تفسير كلام رب البرية .
مثلا يقول قائلهم اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ(24)طه
اذهب إلى فرعون فيشير إلى نفسه ، فيقول لك القلب أو النفس طغى كما هي حال طغيان النفس .
فيقول : الغرض هو ذكر مجاهدة النفس .
يقول أحدهم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ(123) التوبة ، أي نفوسكم .ويقول مثلا الشيخ احمد الرفاعي في تفسير قول الله تعالى: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ(12)طه
""نعليك نفسك وزوجتك "" لكن أنا أريد أن أعلق على شيء هنا هنا إذا فسر الآية هكذا أن فرعون هذا هو النفس هو المذموم إنما لكن لو انه استأنس بالأمر في تفسير حالة بحالة هو لا يفسر الآية هو يقول الكلام هذا كيف يفهم عنهم ؟ عندما يأتي ويقول اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ(24) طه ،ويشير إلى نفسيه ويريد أن يتكلم على مسألة طغيان النفس، فعندما يأتي ويقول والله أن الواحد نفسه طغت كما طغى فرعون فلا إشكال ، بمعنى عندما يتكلم بهذه الطريقة ويقول: والله نفسي طاغية مثلما طغى فرعون، فهي تحتاج إلى رسول ، فهي تحتاج إلى علم فهي تحتاج إلى هدىً كما بعث الله موسى إلى فرعون .
إذا هنا المعنى هكذا يستقيم، إنما الغلط انه يحذف فرعون بالكامل، ويقول: الآية ليس المقصود فيها أن نبينا موسى ذهب إلى فرعون لاء... هذا يكون تحريف بكلام الله لايجوز ، لكن الحالة الشعورية ممكن أن يستأنس بها لكن لايقال بأن الآية نزلت في هذا المعنى، بمعنى قول الله تعالى لموسى:...... لم تنزل في مجاهدة النفس ليس كذلك، إنما هو لو انه استأنس بالآية بإرادة الطغيان انه هو وفرعون اشترك في معنى، فهو يقول والله ربنا عالج مسألة طغيان فرعون بأنه يذهب إليه موسى عليه وعلى أنبياء صلاة ربهم والسلام حتى يوضح له الأمر فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَىٰ أَنْ تَزَكَّىٰ(18) النازعات
الحالة الثامنة: أن يتسارع لتفسير القران برأيه حسب لغة العرب وهنا لا يعول على النصوص الشرعية ،وعلى سبب نزول الآيات وكثير من الآيات لا يمكن أن تفسرها باللغة فقط لأنك لو صنعت مثل ذلك لوقعت في خطأ بيّن وهذا وقع فيه بعضهم فهذا أيضا يدخل تحت طائلة هذا الرأي المذموم انه هو يسرع ويفسر الآية يأتي بالقاموس ويفسر .
قال الله تعالى إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ(158) البقرة
إذا مباح نحن نطوف بهما كيف يكون ذلك وهذا من النسك كيف وهذا من الأركان الذي لايطوف فقد فسدت عمرته أليس ركن الذي لايسعى ما بين الصفا والمروة طبعا هذا الأمر بينته أُمنّا عائشة ووجهت إلى سبب نزوله والأمر انه كانت الأصنام عند الجبل الصفا وجبل المروة فتحرج الصحابة في ذلك فأنزل الله فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا.
مثلا خذوا هذا المثال فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَىٰ(9) الأعلى ،(( إن ))لها ثلاث معاني أنها شرطية فإذا كانت الذكرى نافعة فذكر وإلا فلا داعي للتذكير فإن هذا ضياع للوقت، أنها بمعنى(( قد)) أي فذكر قد نفعت الذكرى"" نفعت في المؤمن وأقامت الحجة على الكافر"" ويقول أهل اللغة قاطبة أي وإن لم تنفع فذكر إن نفعت الذكرى وإن لم تنفع من باب الاكتفاء بأحد المتماثلين إن نفعت أو إن لم تنفع فذكر، هذا التفسير على ظاهر اللغة والاحتمالات التي تحتملها لغة العرب دون دلالة النصوص الشرعية أهل اللغة قالوا ((إن)) هنا بمعنى إن نفعت وإن لم تنفع، حسنناً قالوا من باب وَاللَّهُ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ (81) النحل ، سكت عن البرد.
قال ابن تيمية: وما قالوه باطل، وما ادعوه من لزوم تذكر الكافر فهذا معلوم من الدين بالضرورة ،ولكن الذكر إن لم تنفع فلا نؤمر بها كحال من نزل فيه نص بأنه يخلد في نار جهنم فلا نذكره ،وحال من ذكرته وأصر على العناد وأقمت عليه الحجة وما اهتدى فلا داعي بأن تضيع الوقت والجهد معه وتمثيلهم بآية النحل هنا استدلال باطل، إن رد ابن تيمية العالم الحجة أولاً لا يوجد حرف شرط في آية النحل لا يوجد تقيكم الحر لا يوجد فيها حرف شرط مثل هذا الموضع في الأعلى فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَىٰ وإذا علق الحكم بحرف الشرط وكان الأمر معلق عليه لابد منه إن وجد الشرط أو لم يوجد فذكر الشرط من باب العبث وتطويل الكلام إذا لايصلح أنكم تقيسوا هذا على هذا هذا فيه شيء وهذا ليس فيه كذالك ماذا تروه حجه عليه سرابيل تقيهم الحر فقط أما البرد فقد سبق ذكره في أول السورة وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ(5) النحل ،ثم استطرد شيخ الإسلام في بيان هذا الأمر .
قال الإمام أحمد: كنت أحسب الفراء رجلاً صالحا حتى رأيت كتابه التفسير معاني القرآن هذه شدة من الإمام أحمد على الفراء وهو من أئمة اللغة لأنهم كانوا يرون أن تفسير كلام الله عز وجل بما ترتضيه اللغة فقط هذا أمر يدخل تحت التفسير الذي هو بالرأي المذموم، التفسير بالرأي المذموم الذي ينبغي علينا أن لا نعول عليه .إذا نحن درسنا التفسير بالرأي على نوعين أخذنا التفسير بالرأي المحمود وقلنا الأدلة على إثباته وأخذنا التفسير بالرأي المذموم وكيف نرد عليه ودرسنا الإعجاز العلمي والضوابط الخاصة به .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم سبحانك الله ربنا وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك
تفريغ ملخص لمحاضرة خصائص القرآن و التفسير بالرأى
لفضيلة الشيخ هاني حلمى
تعليق