![](http://graphics.way2allah.com/fawasel2/87.gif)
لماذا سرد تاريخ الأمم السابقة؟
اهتمَّ القرآن الكريم بسرد تاريخ الأمم السابقة؛ إمعانًا في تحديه للمعارضين له؛ فيُخْبِرُ عن حياة أُنَاس عاشوا من آلاف السنين بصورة مُوَثَّقة، وبِدِقَّة متناهية، لا يَصِلُ إليها المؤرِّخون مهما أُوتوا من أدلَّة مادِّيَّة.
![](http://dc05.arabsh.com/i/00619/3vaz9z226chy.gif)
وقد نوَّع القرآن الكريم في عرض تاريخ الأمم السابقة
وأوضح أن الحكمة من هذه القصص أكبر أَثَرًا، وأشمل حكمة من مجرَّد التسلية ومَلْءِ الفراغ؛ لذا قال تعالى:
{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف:111].
فالإعجاز التاريخي -كما ذكره السيوطي- هو ما انطوى عليه من أخبار القرون السالفة والأمم البائدة، والشرائع الدائرة ممَّا كان لا يَعْلَمُ منه القصَّة الواحدة إلاَّ الفذُّ من أحبار أهل الكتاب، الذي قطع عمره في تعلُّم ذلك، فيورده رسول الله
![](http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg)
فالإنسان هو الإنسان -من مائة قرن خَلَتْ إلى مائة قرن يلدها المستقبل المنظور أو أكثر- لن تتغيَّر طبيعته، ولن يتبدَّل جوهره؛ لذلك فقد حفظ القرآن قصص الأوَّلين مع أنبيائهم، وجدَّد على الناس ذكرها بعدما طَوَتِ الليالي أصحابَهَا؛ ليُدَاوِيَ بها عِلَلاً متشابهة، وقد كثرت القصص لتحصي جملة كبيرة من الأمراض الاجتماعيَّة، وتستأصل جرثومتها بصنوف العِبَر وشتَّى النُّذُر.
![](http://dc05.arabsh.com/i/00619/3vaz9z226chy.gif)
قصة نوح
فلنتأمَّل قصة نوح
![](http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/u2_20.jpg)
![](http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/u2_20.jpg)
![](http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg)
![](http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg)
![](http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/u2_20.jpg)
{تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}
[هود: 49].
![](http://dc05.arabsh.com/i/00619/3vaz9z226chy.gif)
فهذا التاريخ المُحْكَم في قصَّة من جملة قصص القرآن الكريم؛ يُدَلِّل على أنَّ القرآن الكريم مُعْجِزٌ في توثيقه التاريخي، ويُبنى عليه فائدة تقوم على تأديب النفوس، وسياسة الجماعات.
![](http://dc05.arabsh.com/i/00619/3vaz9z226chy.gif)
اسم هامان في القرآن
ومن الأمثلة الواضحة على الإعجاز التاريخي في القرآن ذِكْرُ اسم هامان في القرآن الكريم متَّصلاً باسم فرعون موسى، وكشخصٍ من المقرَّبين إليه، قال تعالى على لسان فرعون:
{فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ}
[القصص: 38]
وتُخَالِف صورة هامان في القرآن الكريم الصورة التي ظهر بها في أحد كتب العهد القديم
حيث ظهر كمساعد لملك بابل (في العراق)، وأوقع الضرر الكبير بالإسرائيليين، وقد حدث هذا بعد سيدنا موسى بحوالي ألف ومائة سنة، وقد أثبتت الاكتشافات الفرعونية صحَّة ما جاء به القرآن الكريم؛ فمن خلال الكتابات والنقوش الهيروغليفيَّة تمَّ التعرُّف على معلومة مهمَّة جدًّا، وهي أنَّ اسم هامان ورد فعلاً في الكتابات المصريَّة القديمة؛ حيث يوجد اسمه على حجر موجود حاليًا في متحف هوف بفيينا، كما ورد اسمه كذلك في
(معجم أسماء الأشخاص في الإمبراطورية الجديدة Dictionary of Personal names of the New Empire)
الذي تمت كتابته اعتمادًا على المعلومات الواردة في جميع الألواح والأحجار المصرية، وظهرت وظيفته وأنه كان مسئولاً عن عمال مقالع الأحجار.
![](http://dc05.arabsh.com/i/00619/3vaz9z226chy.gif)
لقب ملك على حاكم مصر في عهد يوسف
ومن إعجاز القرآن التاريخي كذلك أنه أَطلق لقب (مَلِك) على حاكم مصر في عهد يوسف
![](http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/u2_20.jpg)
فقال تعالى:
{وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ...}
[يوسف: 43].
بينما أطلقت التوراة على نفس الحاكم لقب فرعون، والسبب في عدم إطلاق القرآن لقب فرعون على حاكم في مصر في عهد يوسف
![](http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/u2_20.jpg)
![](http://dc05.arabsh.com/i/00619/3vaz9z226chy.gif)
ونختم بمقولة رائعة للفخر الرازي يقول فيها:
"إن هذه القصص دالَّةٌ على نُبُوَّة محمد عليه الصلاة والسلام؛ لأنه
![](http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/u2_20.jpg)
د. راغب السرجاني
تعليق