إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من الايات الكونيه في القران الكريم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من الايات الكونيه في القران الكريم

    من الآيات الكونيه

    في القرآن الكريم


    بقلم الدكتور : د - زغلول النجار

    في مطلع الحديث عن كتاب الله لابد من تحديد عدد من معالمه الثابته التي منها أنه كلام الله المعجز, الموحى به الى خاتم الأنبياء والمرسلين بلسان عربي مبين, والمنقول عنه ( صلوات الله وسلامه عليه) نقلا متواترا بلا أدنى شبهة, بنفس النص الذي نجده في المصاحف التي خطت او طبعت على مر العصور, ومسجلا في صدور الحفاظ جيلا بعد جيل, ومن ثم على مختلف صور الأشرطة والأسطوانات الممغنطة, والذي نزلت آياته منجمة على مدى ثلاث وعشرين سنة


    وكتبت في حياة رسول الله( صلى الله عليه وسلم) عقب الوحي بكل مجموعة منها مباشرة ثم رتبت تلك الآيات في مائة وأربع عشرة(114) سورة بتوفيق من الله( سبحانه وتعالى) الذي تعهد بحفظ آخر كتبه المنزلة فحفظه حفظا كاملا, بنفس اللغة التي نزل بها, كلمة كلمة, وحرفا حرفا, بينما تعرضت الكتب السماوية السابقة كلها إما للضياع التام, أو للتحريف والتبديل والتغيير, ولذلك فالقران الكريم هو الكتاب الوحيد الذي يتعبد بتلاوته, والذي لاتصلح الصلاة إلا بقراءة فاتحته وعدد من آياته, والذي لايغني عنه من الأحاديث أو الاذكار أو الأدعية شيء, لأنه الوحي السماوي الوحيد الموجود بين أيدي الناس اليوم محفوظا بحفظ الله كلمة كلمة وحرفا حرفا بنفس اللغة التي أوحي بها وقد تحدى ربنا تبارك وتعالى كلا من الإنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن مجتمعين متظاهرين فقال عز من قال:
    "قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً" الإسراء : 88

    كما سخر ربنا ( تبارك وتعالى ) ممن ادعى من المشركين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد افتراه, وهو النبي الأمي الذي لايعرف القراءة أو الكتابة لحكمة يعلمها الله, فقد تحدى الله تعالى العرب على ما كانوا عليه من علم بأسرار العربية وأسباب البلاغة أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات, أو حتى بسورة من مثله, ولايزال هذا التحدي قائما دون أن يستطيع بشر مجابهته على الرغم من مضي أكثر من أربعة عشر قرنا على مجيء التنزيل بقول الله تعالى:" أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ، فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ" هود : 13 ، 14


    وعلى قول الحق تبارك وتعالى:"وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" البقرة:23
    وقد عجزت القدرات البشرية, ولا تزال عاجزة عن أن تداني كتاب الله في روعة بيانه, أو في كمال صفاته, ودقة دلالاته, وصدق أنبائه, وسمو معانيه, وعدالة تشريعه, أو في نهجه وصياغته, وتمام إحاطته بطبائع النفس البشرية, وقدرته على التعامل معها وهدايتها, ودقة استعراضه لمسيرة البشرية من لدن أبينا آدم( عليه السلام) إلى بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين( عليه وعليهم أجمعين أفضل الصلاة وأزكى التسليم) ومن هنا كان القول( بإعجاز القرآن) أوجه الإعجاز في القران الكريم

    تتعدد اوجه الاعجاز في كتاب الله بتعدد جوانب النظر فيه, فكل آية من آياته فيها إعجاز لفظي وبياني ودلالي, وكل مجموعة من الآيات, وكل سورة من السور طالت أم قصرت, بما فيها من قواعد عقدية, أو أوامر تعبدية, أو قيم أخلاقية, أو ضوابط سلوكية, أو إشارات علمية, إلى شيء من أشياء هذا الكون الفسيح ومافيه من ظواهر وكائنات, وكل تشريع, وكل قصة, وكل واقعة تاريخية, وكل وسيلة تربوية, وكل نبوءه مستقبلية, كل ذلك يفيض بجلال الربوبية, ويتميز عن كل صياغة إنسانية ويشهد للقرآن بالتفرد كما يشهد بعجز الإنسان عن أن ياتي بشيء من مثله.

    وقد أفاض المتحدثون عن أوجه الإعجاز في كتاب الله, وكان منهم من رأى ذلك في جمال بيانه, ودقة نظمه, وكمال بلاغته, أو في روعة معانيه وشمولها واتساقها ودقه صياغتها, وقدرتها على مخاطبه الناس على اختلاف مداركهم وأزمانهم, وإشعاعها بجلال الربوبية في كل آيه من آياته.

    ومنهم من أدرك أن إعجاز القران في كمال تشريعه, ودقه تفاصيل ذلك التشريع وحكمته وشموله, أو في استعراضه الدقيق لمسيرة البشريه ولتاريخ عدد من الأمم السابقة من لدن أبينا آدم( عليه السلام) إلى خاتم الأنبياء والمرسلين(عليه وعليهم أجمعين افضل الصلاة وأزكى السلام), مما لم يكن يعلم تفاصيله احد من الناس.

    ومنهم من رأى إعجاز القرآن الكريم في منهجه التربوي الفريد, وأطره النفسية السامية والعلمية في نفس الوقت, والثابتة على مر الأيام, أو في إنبائه بالغيب مما تحقق بعد نزوله بسنوات طويلة, أو في إشاراته إلى العديد من حقائق الكون وسنن الله فيه مما لم يكن معروفا لأحد من البشر وقت نزول القرآن ولا لمئات من السنين بعد ذلك النزول,

    ومنهم من رأى إعجاز القرآن في صموده على مدى يزيد على أربعة عشر قرنا لكل محاولات التحريف التي قامت بها قوى الشر المتعددة متمثلة في الكفرة والمشركين والملاحدة على مدى تلك القرون العديدة وذلك لأن الله تعالى تعهد بحفظه فحفظه
    قال تعالى:"إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"الحجر : 9
    ومن العلماء من يرى إعجاز القرآن في ذلك كله وفي غيره مما يقصر الحديث دونه.

    الإعجاز النظمي للقرآن الكريم كانت الكثرة الكاثرة من القدامى والمعاصرين على حد سواء قد ركزوا اهتمامهم على ناحية نظم القرآن الكريم فهذا ابن عطية الاندلسي (ت546 ه) يذكر في مقدمه تفسيره(278/1) مانصه:أنّ الله قد احاط بكل شيء علما, فإذا ترتبت اللفظة من القرآن, علم بإحاطته أي لفظه تصلح ان تلي الاولى, وتبين المعنى بعد المعنى, ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره, والبشر يعمهم الجهل والنسيان والذهول, ومعلوم ضرورة أن أحدا من البشر لايحيط بذلك, فبهذا جاء نظم القران في الغاية القصوى من الفصاحة, وبهذا يبطل قول من قال: أن العرب كان في قدرتهم الاتيان بمثله فصرفوا عن ذلك, والصحيح أنه لم يكن في قدره أحد قط, ولهذا نرى البليغ ينقح القصيدة أو الخطبه حولا, ثم ينظر فيها فيغير منها, وهلم جرا, وكتاب الله لو نزعت منه لفظة, ثم أدير لسان العرب على لفظه احسن منها لم يوجد...

    وقامت الحجه على العالم بالعرب, إذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة.وهذا هو الأستاذ الدكتور عبد الصبور شاهين أحد العلماء المعاصرين يكتب فصلا في إعجاز القرآن ( كتقديم لترجمته لكتاب الظاهرة القرآنية للمفكر الإسلامي الأستاذ مالك بن نبي( يرحمه الله) يحدد فيه الإعجاز في دائرة البيان والنظم حيث يقول: أن الآيات القليلة من القرآن, ثم الآيات الكثيرة, ثم القرآن كله, أي ذلك كان في تلاوته على سامعيه من العرب, الدليل الذي يطالبه بأن يقطع بأن هذا الكلام مفارق لجنس كلام البشر, وذلك من وجه واحد, هو وجه البيان والنظم.

    وإذا صح أن قليل القرآن وكثيره سواء من هذا الوجه, ثبت أن ما في القرآن جملة, من حقائق الأخبار عن الأمم السابقة, ومن أنباء الغيب, ومن دقائق التشريع, ومن عجائب الدلالات على مالم يعرفه البشر من أسرار الكون إلا بعد القرون المتطاولة من تنزيله, كل ذلك بمعزل عن الذي طولب به العرب, وهو ان يستبينوا في نظمه وبيانه انفكاكه من نظم البشر وبيانهم, ومن وجه يحسم القضاء بانه كلام رب العالمين...

    ولكن اذا جاز هذا التحديد علي موقف التحدي من مشركي العرب علي الرغم من عدم وجود الدليل علي ذلك فانه بالقطع لايجوز علي اطلاقه, خاصه ان العرب اليوم في جملتهم قد فقدوا الحس اللغوي الذي تميز به اسلافهم, وان التحدي بالقرآن للانس والجن متظاهرين هو تحد مستمر قائم الي يوم الدين, مما يوكد ان ما في القرآن من امور الغيب, وحقائق التاريخ, ومن فهم دقيق لمكنون النفس البشريه وحسن الخطاب في هدايتها وارشادها وتربيتها, ومن مختلف الصور التي ضربت لعجائب ايات الله في خلقه, ومن غير ذلك مما اكتشفه ولايزال يكتشفه( في كتاب الله) متخصصون في كل حقل من حقول المعرفه, لايمكن ان يبقي بمعزل عن ذلك التحدي المفضي الي الاعجاز القراني, والدال علي ان القران كلام الله.نشاه منهج التفسير العلمي لكتاب الله يزخر القران الكريم بالعديد من الايات التي تشير الي الكون وما به من كائنات( احياء وجمادات), والي صور من نشاتها, ومراحل تكونها, والي العديد من الظواهر الكونيه التي تصاحبها, والسنن الالهيه التي تحكمها, وما يستتبعه كل ذلك من استخلاص للعبره, وتفهم للحكمه, وما يستوجبه من ايمان بالله, وشهاده بكمال صفاته وافعاله, وهو سبحانه وتعالى الخالق الباريء المصور الذي ابدع ذلك الخلق بعلم وقدره وحكمه لاتحدها حدود, ولايفيها حقها وصف.

    وقد احصي الدارسون من هذه الاشارات الكونيه في كتاب الله مايقدر بحوالي الالف ايه صريحه, بالاضافه الي ايات اخري عديده تقرب دلالاتها من الصراحه, وبدوام اتساع دائره المعرفه الانسانيه, وتكرار تامل المتاملين في كتاب الله, وتدبر المتدبرين لاياته جيلا بعد جيل, وعصرا بعد عصر لن ينفك العلماء والمتخصصون يكتشفون من حقائق الكون الثابته في كتاب الله مايوكد علي تحقق الوعد الالهي الذي يقول فيه ربنا( تبارك وتعالى):" سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ"فصلت : 53

    وبديهي ان يتباين موقف العلماء من تلك الاشارات الكونيه في كتاب الله بتباين الافراد وخلفياتهم الثقافيه وازمانهم, وباتساع دائره المعرفه الانسانيه في مجال الدراسات الكونيه( التي تعرف اليوم باسم دراسات العلوم البحته والتطبيقيه) من عصر الي عصر, واول من بسط القول في ذلك الامام الغزالي(ت505ه) في كتابيه احياء علوم الدين وجواهر القران والذي رفع فيهما شعارات عديده منها ان القران الكريم يشمل العلوم جميعاو ان من صور اعجاز القران اشتماله علي كل شيء, وان كل شيء, وان كل العلوم تشعبت من القران, حتي علم الهيئه, والنجوم, والطب الي اخر ماذكر.وتبع الامام الغزالي في ذلك كثيرون, كان من اشهرهم في القديم العلامه الشيخ الفخر الرازي( ت606 ه), وفي الحديث فضيله الشيخ طنطاوي جوهري( ت1359 ه), مما ادي الي بروز المنهج العلمي في تفسير القران الكريم, والذي يعتمد في تفسير الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله علي ضوء من معطيات العلوم الحديثه, مع تفاوت في ذلك من عصر الي عصر. ويعتبر تفسير الرازي المعنونمفاتيح الغيب اول تفسير يفيض في بيان المسائل العلميه والفلسفيه, خاصه مايتعلق منها بعلم الهيئه, وغير ذلك من العلوم والفنون التي كانت معروفه في زمانه, والتي كان هو علي معرفه بها.اما تفسير الشيخ طنطاوي جوهري والمعنون الجواهر في تفسير القران الكريم فيعتبر اضخم تفسير ينهج النهج العلمي, اذ يقع في خمسه وعشرين جزءا كبارا, حاول فيها الشيخ( يرحمه الله) تفسير القران الكريم تفسيرا يتجاوب مع روح العصر, وما وصلت اليه المعارف الانسانيه في مجال دراسات الكون ومافيه من اجرام سماويه, ومن عوالم الجمادات والاحياء, ومن الظواهر الكونيه التي تصاحبها, والسنن الالهيه التي تحكمها, ليبرهن للقاريء ان كتاب الله الخالد قد احاط بالكون في تفصيل وبيان وايضاح غفل عنه كثير من السابقين, وانه بحق ينطوي علي كل ما وصل, وماسيصل اليه البشر من معارف.هذا, وقد نعي الشيخ الجوهري( يرحمه الله) علي علماء المسلمين اهمالهم للجانب العلمي في القران الكريم, وتركيز جهودهم علي الجوانب البيانيه والفقهيه فقط بقوله:لماذا الف علماء الاسلام عشرات الالوف من الكتب في علم الفقه, وعلم الفقه ليس له في القران الا ايات قلائل لاتصل الي مائه وخمسين ايه ؟ فلماذا كثر التاليف في علم الفقه, وقل جدا في علوم الكائنات التي لاتكاد تخلو منها سوره؟.ولذا فاننا نجده في مطلع تفسيره يتوجه بنداء الي المسلمين يقول فيه: يا امه الاسلام, ايات معدودات في الفرائض( يقصد ايات الميراث) اجتذبت فرعا من علم الرياضيات, فما بالكم ايها الناس بسبعمائه ايه فيها عجائب الدنيا كلها... هذا زمان العلوم, وهذا زمان ظهور الاسلام... هذا زمان رقيه, ياليت شعري, لماذا لانعمل في ايات العلوم الكونيه مافعله اباونا في علوم الميراث؟ثم يضيف: ان نظام التعليم الاسلامي لابد من ارتقائه, فعلوم البلاغه ليست هي نهايه علوم القران بل هي علوم لفظه, وما نكتبها اليوم( يقصد في تفسيره), علوم معناه....ولم يكتف الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره بتتبع الايات واستنتاج معانيها وفق ما ارتاه فيها من اشارات الي مختلف الدراسات الحديثه, بل انه قد استعان في هذا التفسير الفريد من نوعه بكثير من صور النباتات والحيوانات والمظاهر الكونيه, والوسائل التجريبيه, كما استخدم الاراء الفلسفيه عند مختلف المدارس الفكريه, وكذلك الارقام العدديه التي ينظمها حساب الجمل المعروف.وقد اعتبر المفسرون من بني عصره ذلك المنهج العلمي في التفسير( كما اعتبر من قبل) جنوحا الي الاستطراد في تاويل بعض ايات القران الكريم علي غير مقاصدها التشريعيه والايمانيه, استنادا الي الحقيقه المسلمه ان القران لم يات لكي ينشر بين الناس القوانين العلميه ومعادلاتها, ولاجداول المواد وخصائصها, ولا قوائم باسماء الكائنات وصفاتها, وانما هو في الاصل كتاب هدايه, كتاب عقيده وعباده واخلاق ومعاملات, وهي ركائز الدين التي لا يستطيع الانسان ان يضع لنفسه فيها ضوابط صحيحه, والقران العظيم حين يلفت نظر الانسان الي مختلف مظاهر هذا الوجود انما يعرض لذلك من قبيل الاستدلال علي قدره الخالق العظيم وعلمه وحكمته وتدبيره ومن قبيل اقامه الحجه البينه علي الجاحدين من الكافرين والمشركين, ومن قبيل التاكيد علي احاطه القدره الالهيه بالكون وبكل مافيه وعلي حاجه الخلق في كل لحظه من لحظات الوجود الي رحمه ذلك الخالق العظيم.فهذا هو الشيخ محمد رشيد رضا( يرحمه الله) يكتب في مقدمه تفسيره المنار مانصه:..... وقد زاد الفخر الرازي صارخا اخر عن القران هو مايورده في تفسيره من العلوم الرياضيه والطبيعيه وغيرها من العلوم الحادثه في المله علي ماكانت عليه في عهده, كالهيئه الفلكيه اليونانيه وغيرها, وقلده بعض المعاصرين(ويقصد الشيخ طنطاوي جوهري) بايراد مثل هذا من علوم العصر وفنونه الكثيره الواسعه, فهو يذكر فيما يسميه تفسير الايه, فصولا طويله بمناسبه كلمه مفرده, كالسماء او الارض من علوم الفلك والنبات والحيوان, تصد القاريء عما انزل الله لاجله القران.وعلي الرغم من استنكار علماء التفسير لهذا المنهج العلمي قديما وحديثا, الا ان عددا كبيرا من العلماء المسلمين ظل مومنا بان الاشارات الكونيه في كتاب الله اي الايات المتعلقه ببعض اشياء هذا الكون علي اجمالها وتناثرها بين ايات الكتاب المجيد تبقي بيانا من الله, خالق الكون ومبدع الوجود, ومن ثم فهي حق مطلق, وصوره من صور الاعجاز في كتاب الله الذي لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وان ذلك قد لايتضح الا للراسخين في العلم من المتخصصين في مختلف مجالات العلوم البحته والتطبيقيه( كل في حقل تخصصه), وحتي هولاء يظل يتسع ادراكهم لذلك الاعجاز باتساع دائره المعرفه الانسانيه جيلا بعد جيل, وعصرا بعد عصر, مصداقا لقول الحق تبارك وتعالي:"إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ، وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ " ص : 87 ، 88

    ولقول رسول الله( صلى الله عليه وسلم) في وصفه للقران الكريم بانه لاتنقضي عجائبه, ولا يخلق من كثره الرد:.ومن هنا كان واجب المتخصصين من المسلمين في مختلف مجالات المعرفه الانسانيه في كل عصر وفي كل جيل ان تنفر منهم طائفه للتسلح بمستلزمات تفسير كتاب الله من المام بقدر كاف من علوم اللغه العربيه وادابها, ومن الحديث وعلومه, والفقه واصوله, وعلم الكلام وقواعده, مع معرفه بعادات المجتمع العربي الاول, واحاطه باسباب النزول, وبالماثور في التفسير, وبالسيره النبويه المطهره, وباجتهاد اعلام السابقين من ائمه المفسرين, وغير ذلك من الشروط التي حددها علماء التفسير واصوله, ثم تقوم تلك الطائفه علي شرح ايات الكتاب الحكيم كل فيما يخصه حتي تستبين للناس جوانب من الاعجاز في كتاب الله, لم يكن من السهل بيانها قبل عصر العلم الذي نعيشه. وحتي يتحقق قول الله تعالي في محكم كتابه:" لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ" الأنعام : 67

    وانطلاقا من ذلك الفهم, ظهرت مولفات عديده تعالج قضيه الاعجاز العلمي في كتاب الله من اشهرها في القديم كتاب كشف الاسرار النورانيه القرانيه فيما يتعلق بالاجرام السماويه والارضيه والحيوانات والنباتات والجواهر المعدنيه لمحمد بن احمد الاسكندراني الطبيب( وهو من علماء القرن الثالث عشر الهجري).ورساله عبد الله فكري( وهو من وزراء المعارف السابقين في مصر في مطلع هذا القرن) والتي يقارن فيها بين بعض مباحث علم الهيئه( الفلك) وبين الوارد من نصوص القران الكريم في ذلك, وكتاب الاسلام والطب الحديث لعبد العزيز اسماعيل, ورياض المختار لاحمد مختار( الغازي), وكتابا معجزه القران في وصف الكائنات و التفسير العلمي للايات الكونيه لحنفي احمد, وكتابا في سنن الله الكونيه و الاسلام في عصر العلم لمحمد احمد الغمراوي, واعجاز القران في علم طبقات الارض لمحمد محمود ابراهيم, و العلوم الطبيعيه في القران ليوسف مروه, وسلسله كتب كل من محمد جمال الدين الفندي وعبد الرزاق نوفل في نفس الموضوع, وكتاب اضواء من القران علي الانسان ونشاه الكون والحياه لعبد الغني الخطيب, والقران والعلم لاحمد محمود سليمان, ومن اشارات العلوم في القران الكريم لعبدالعزيز سيد الاهل, و محاوله لفهم عصري للقران لمصطفي محمود, وتفسير الايات الكونيه لعبد الله شحاته, والاسلام والعلم التجريبي ليوسف السويدي, والقران تفسير الكون والحياه لمحمد العفيفي, وكتاب الانجيل والقران والعلم لموريس بوكاي, وكتاب خلق الانسان بين الطب والقران لمحمد علي البار, هذا بالاضافه الي ماظهر موخرا من كتب ومجلات عديده وابواب كثيره عن الاعجاز العلمي في القران وردت مجمعه في كتب اسلاميه متعدده, او متناثره في كثير من التفاسير التي حررت في النصف الاخير من هذا القرن.هذا من جهه, ومن جهه اخري فقد تعرض هذا المنهج بحق احيانا, وبغير ذلك في احيان اخري كثيره للمزيد من النقد والتجريح الذي اسس علي ان معجزه القران هي في الاصل معجزه بيانه الذي ادرك اساطين اللغه العربيه فيه, ومنذ سماع اولي اياته, انه علامه فارقه بين كلام الله وكلام البشر, وان علينا ان نفهم الاسلام كما بينه نبي الاسلام( صلوات الله وسلامه عليه) وكان من شواهد ذلك ومبرراته حيود عدد من الذين تعرضوا للقضايا الكونيه في القران عن جاده الطريق اما عن قصور في فهم الحقائق العلميه, او انتفاء لشروط القدره علي الاجتهاد في التفسير, او لكليهما معا,وعلي الرغم من ذلك كله, فقد تمكن هذا السيل من الكتابات عن الاعجاز العلمي في اي القران الكريم من تهيئه النفوس لقبول ذلك المنهج, حتي قام المجلس الاعلي للشئون الاسلاميه في مصر بتشكيل عدد من اللجان العلميه التي ضمت الي علماء القران وتفسيره, والحديث ورجاله والفقه واصوله, والشريعه وعلومها, واللغه العربيه وادابها, والتاريخ الاسلامي وتفاصيله, عددا من كبار العلماء والباحثين والمفكرين في مختلف جنبات المعرفه الانسانيه, وقد قام كل هولاء بمدارسه كتاب الله في اجتماعات طالت لسنين كثيره, ثم تبلورت في تفسير موجز تحت اسم المنتخب في تفسير القران, كتب باسلوب عصري وجيز, سهل مبسط, واضح العباره, بعيد عن الخلافات المذهبيه, والتعقيدات اللفظيه والمصطلحات الفنيه, وقد اشير في هوامشه الي ماترشد اليه الايات القرانيه من نواميس الحياه واسرار الكون, ووقائعه العلميه التي لم تعرف الا في السنوات الاخيره, والتي خصها ذلك التفسير في مقدمته بانه لايمكن الا ان يكون القران قد اشار اليها لانه ليس من كلام البشر, ولكنه من كلام خلاق القوي والقدر, الذي وعد بذلك في محكم هذا الكتاب فقال: "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" فصلت : 53

    كما تمت الاشاره في مقدمه هذا التفسير الوجيز الي انه سيتلوه تفسير اخر وسيط في شيء من البسط والتفصيل يليه المفصل ان شاء الله تعالي.حجه المعارضين لتعبير الاعجاز العلمي في القران الكريموقبل استعراض مواقف المفسرين في عصرنا الحاضر من الايات الكونيه في كتاب الله( اي الايات التي تحتوي علي اشارات لبعض اشياء هذا الكون من مثل السماوات والارض, والشمس والقمر, والنجوم والكواكب, والجبال والاحجار, والانهار والبحار, والرياح والسحاب والمياه, والرعد والبرق, ومراحل الجنين في الانسان, وبعض صور الحيوان ومنتجاته والنبات, ومحاصيله وثماره وغير ذلك) لابد لنا من الاشاره الي ان بعض الكتاب من القدامي والمعاصرين علي حد سواء.. قد اعترض علي استخدام لفظ معجزه ومشتقاته في الاشاره الي عجز الانسان عن الاتيان بمثل هذا القران او بشئ من مثله, او الي استعصاء تقليد القران الكريم علي الجهد البشري واستعلائه عليه, لانه كلام الله تعالي, المغاير لكلام البشر جمله وتفصيلا, ولو انه انزل باسلوب يفهمه البشر وقت نزوله وفي كل عصر من العصور التاليه لنزوله الي ان يرث الله تعالي الارض ومن عليها.وحجه المعترضين علي لفظ معجزه ومشتقاته تقوم علي اساس من ان اللفظ لم يرد له ذكر في كتاب الله بالمعني الشائع اليوم, ولا في الصحيح من الاحاديث النبويه الشريفه وان وردت مشتقاته للدلاله علي عدد من المعاني القريبه او المغايره قليلا لذلك في سته وعشرين موضعا من القران الكريم بالفاظ اعجز, ومعجزين, ومعاجزين وعجوز واعجاز وتصريفاتها ودلالاتها في تلك المواضع قد تبعد قليلا عما اريد التعبير عنه بلفظ المعجزه عند علماء اللغه, خاصه ان القران الكريم قد اشار دوما الي مدلول المعجزه بلفظ ايه( بصيغه المفرد والمثني والجمع) في اكثر من380 موضعا منها قول الحق تبارك وتعالي:"وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ..." الأنعام : 37
    وقوله( عز من قال):"وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ ..." البقرة : 118
    وقوله تعالى:" وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ ..." البقرة : 145
    وقوله:" سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ..." البقرة : 211
    وقوله تعالى على لسان احد انبياء بني اسرائيل:" وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ"البقرة 248
    وقوله تعالى على لسان نبيه صالح( عليه السلام) مخاطبا قومه:"... هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ ... " الأعراف : 73
    وقوله على لسان فرعون وقومه وهم يعارضون سيدنا موسى( على نبينا وعليه افضل الصلاة وأزكى التسليم):"وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ" الأعراف : 132

    وهذه حجه مردوده لان التعبير عن اعجاز القران قد استخدم منذ القرون الهجريه الاولي, ولم يجد علماء المسلمين من الصحابه والتابعين غضاضه في استخدام هذا التعبير علي الرغم من عدم وروده بهذا المعني في كتاب الله.
    ==================================

    التعديل الأخير تم بواسطة palestine_son; الساعة 02-09-2013, 09:08 AM. سبب آخر: يرجى عدم وضع روابط لمنتديات أخرى*بارك الله فيكم* ، التنسيق

  • #2
    رد: من الايات الكونيه في القران الكريم

    بارك الله بكم وجزاكم خيرا
    جعله الله في ميزان حسناتكم


    يرجى الانتباه إلى بعض الأخطاء الإملائية ( ه ، ة ) ، ( ى ، ي ) ، ( ا ، أ ، إ ، آ )

    وبشكل أخص عندما يخص لفظ الجلالة أو الرسول صلى الله عليه وسلم

    فلا نكتب تعالي بل نكتب تعالى ، ولانكتب صلي الله عليه وسلم بل نكتب صلى الله عليه وسلم

    أما باقي الأخطاء الإملائية لا بأس بها ككتابة القران بدلا من القرآن وغيرها ...

    هذا وبارك الله بكم ...

    تعليق


    • #3
      رد: من الايات الكونيه في القران الكريم

      جزاكم الله خيرًا ... ونفع الله بكم ،،،

      تعليق


      • #4
        رد: من الايات الكونيه في القران الكريم

        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرا الجزاء
        وتقبل منكم صالح الأعمال
        والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

        تعليق

        يعمل...
        X