أهمية التربية الإيمانية لحملة القرآن
من يتأمل مقاصد القرآن الكريم يجد أن الله جعل الإيمان شرطا في الانتفاع بالقرآن الكريم، وهو سبب في كونه له هدى ورحمة وشفاء، وبين سبحانه أن ليس كذلك لغير المؤمنين، بل يكون عليهم عمى وخسارًا قال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً [الإسراء82]
وقال سبحانه : [قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى] [فصلت: 44].
ومن يتأمل حال السلف الصالح
يجد أنهم فهموا كيف يعيشون مع القرآن، فكانوا يحرصون على تحقيق الإيمان قبل القرآن بسلامة القصد والعقيدة ، والتخلق بخلق القرآن، والعمل بشرعه.
عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها )) رواه مسلم/223
وعن عبد الله بن عمر : بقول عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: " لَقَدْ عِشْنَا بُرْهَةً مِنْ دَهْرٍ وَأَحَدُنَا يَرَى الْإِيمَانَ قَبْلَ الْقُرْآنِ، وَتَنْزِلُ السُّورَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَتَعَلَّمُ حَلَالَهَا وَحَرَامَهَا، وَأَمْرَهَا وَزَاجِرَهَا، وَمَا يَنْبَغِي أَنْ نُوقَفَ عِنْدَهُ مِنْهَا، كَمَا تَعَلَّمُونَ أَنْتُمُ الْيَوْمَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ لَقَدْ رَأَيْتُ الْيَوْمَ رِجَالًا يُؤْتَى أَحَدُهُمُ الْقُرْآنَ قَبْلَ الْإِيمَانِ، فَيَقْرَأُ مَا بَيْنَ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ، وَلَا يَدْرِي مَا أَمْرُهُ وَلَا زَاجِرُهُ، وَلَا مَا يَنْبَغِي أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ مِنْهُ وَيَنْثُرُهُ نَثْرَ الدَّقْلِ " رواه الطبراني في الأوسط، قال الحاكم وقال : صحيح على شرط الشيخين، ولا أعلم له علة ووافقه الذهبي أنظر : المستدرك على الصحيحين 1/35
والدقل : بفتح الدال المهملة بعدها قاف مفتوحة وهو رديء التمر ويابسه ، انظر : (النهاية لابن الأثير 2/172
قال الحسن البصري: [ إن هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله، وما تدبُّر آياته إلا باتباعه، وما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول: لقد قرأت القرآن فما أسقطت منه حرفاً وقد - والله ! - أسقطه كله مايُرى القرآن له في خلق ولا عمل، حتى إن أحدهم ليقول: إني لأقرأ السورة في نَفَسٍ ! والله ! ما هؤلاء بالقراء ولا العلماء ولا الحكماء ولا الوَرَعة متى كانت القراء مثل هذا ؟ لا كثَّر الله في الناس أمثالهم]. الزهد (ص/276)
ولم يرزق الصحابة رضوان الله عليهم حفظ القرآن بقدر ما رزقوا حب العمل بالقرآن
عن ابن عمر - - قال: [ كان الفاضل من أصحاب رسول الله في صدر هذه الأمة لا يحفظ من القرآن إلا السورة ونحوها ورزقوا العمل بالقرآن، وإن آخر هذه الأمة يقرؤون القرآن، منهم الصبي والأعمى ولا يرزقون العمل به. الجامع لأحكام القرآن (1/39)
وقال ابن مسعود : إنا صعب علينا حفظ ألفاظ القرآن، وسهل علينا العمل به، وإن مَنْ بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به ]الجامع لأحكام القرآن (1/40)
م / ن
تعليق