أسئلة عن أسرار القرآن البيانية أجاب عنها د/فاضل السامرائي.
ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى ( هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ) سورة ابراهيم آية 52 و ( بَلَاغٌ) سورة الأحقاف آية 35؟
كلمة بلاغ في سورة الأحقاف، هي خبر لمبتدأ محذوف، وتقديره هذا بلاغ. ففي سورة الأحقاف سياق الآيات التي قبلها، والمقام هو مقام إيجاز لذا اقتضى حذف المبتدأ، فجاءت كلمة بلاغ، ولم يخبرنا الله تعالى هنا الغرض من البلاغ . أما في سورة إبراهيم فإن الآيات التي سبقت الآية ( هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ) فصّلت البلاغ والغرض منه من الآية (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ) آية 42.
سؤال: (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ )ص:21 ، ثم الآية (خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ)ص"22 وقوله تعالى ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ)الحج:19، لماذا جاءت الخصم مرة مفردة ومرة مثنى وجمع؟
الخصم تأتي للمفرد والجمع (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ )ص:21 ، مثل كلمة بشر والفلك وضيف وطفل، وربما تأتي للتثنية
( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ)الحج:19 يقول المفسرون هما فريقان كل فريق له جماعة، فلمّا جاءا يختصمان جاء من كل فريق شخص واحد يمثّل الفريق والمتحدثان هما أصحاب المسألة(خَصْمَانِ).
كما في قوله تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا )الحجرات:9، فكل طائفة لها جماعة عند الصلح، يأتي من كل طائفة من يفاوض باسمها، لكن إذا وقع القتال بينهما يقتتل كل الأفراد، فإذا اختصم الفريقان يقال اختصموا، وإذا اختصم أفراد الفريقين يقال اختصموا.
وكذلك في كلمة بشر (أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا )القمر:24، وقوله تعالى: ( بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ) المائدة:18.
وكلمة طفل قد تأتي للمفرد وجمع، وقد يكون لها جمع في اللغة (الأطفال)، وقد استعمل القرآن هاتين الكلمتين.
ما الفرق بين البأساء والضرّاء من حيث المعنى في القرآن الكريم؟
البأساء هي الشدّة عموماً، ولكن أكثر ما تُستعمل في الأموال والأنفس.
أما الضرّاء فتكون في الأبدان.
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) سورة الأنعام:117، والآية ( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ) سورة النحل:125، ما الفرق من الناحية البيانية بين ( بِمَنْ ضَلَّ) و( مَنْ يَضِلُّ)؟
من استفهامية وهي من باب التعليق ومعلّقة والجملة في محل نصب مفعول به لفعل مقدّر.
بمن: موصولة ومعناها هو أعلم بالذي ضلّ عن سبيله.
ما الفرق بين كلمتي عباد وعبيد في القرآن؟
كلمة عباد تضاف إلى لفظ الجلالة، فالذين يعبدون الله يضافون للفظ الجلالة؛ فيزدادون تشريفاً، فيقال عباد الله كما ورد في سورة الفرقان (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا {63}).
أما كلمة عبيد فهي تُطلق على عبيد الناس والله معاً، وعادة تضاف إلى الناس، والعبيد تشمل الكل محسنهم ومسيئهم، كما ورد في سورة ق (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ {29}).
ما اللمسة البيانية في استخدام كلمة (الله) و(الربّ) في الآيتين:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) سورة البقرة:278، وقوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ) سورة النساء:1؟
لفظ الجلالة الله هو اللفظ العامّ لله تعالى، ويُذكر هذا اللفظ دائماً في مقام التخويف الشديد، وفي مقام التكليف والتهديد.
أما كلمة الربّ فتأتي بصفة المالك والسيّد والمربي والهادي والمشد والمعلم، وتأتي عند ذكر فضل الله على الناس جميعاً مؤمنين وغير مؤمنين، فهو سبحانه المتفضّل عليهم، والذي أنشأهم وأوجدهم من عدم وأنعم عليهم.
والخطاب في الآية الثانية للناس جميعاً، وهو سبحانه يذكر النعمة عليهم بأن خلقهم والذين من قبلهم؛ ولذا جاءت كلمة (ربكم) بمعنى الربوبية . وعادة عندما تذكر الهداية في القرآن الكريم تأتي معها لفظ الربوبية (ربّ).
دلالة كلمة ( لِنُرِيَهُ) في سورة الإسراء:1؟
قد يحتمل المعنى أن الرسول أُعطي الرؤية الإلهية، وتعطلت الرؤية البشرية، وربما يكون سبحانه وتعالى قد أعطاه رؤية قوية أكثر من قدرة البشر، بدليل أنه رأى القافلة، ورأى موسى وهو يصلي في قبره، ورأى جبريل عليه السلام. والله أعلم.
لماذا الاستثناء في قوله تعالى في سورة هود:(خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ )؟
قال تعالى في سورة هود(فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ {106} خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ {107} وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ {108})
أولاً السموات والأرض في هذه الآية هي غير السموات والأرض في الدنيا بدليل قوله تعالى: ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ)إبراهيم:48.
أما الإستثناء فلأن الخلود ليس له أمد، والحساب لم ينته بعد، ولم يكن أهل الجنة في الجنة، ولا أهل النار في النّار، فاستثنى منهم من في الحساب.
وقول آخر أن أهل النار قد يُخرج بهم إلى عذاب آخر، أما أهل الجنة فهناك ما هو أكبر من الجنة ونعيمها، وهو رضوان الله تعالى والنظر إلى وجهه الكريم والله أعلم.
- قسم يقولون إن الاستثناء هو في مدة المكث في الحشر (مدته خمسين ألف سنة).
- وقسم من قال هذا حتى يقضي الله تعالى بين الخلائق.
وقسم قال هم من يخرجون من النار من عصاة المسلمين.
وقسم قال الاستثناء من بقائهم في القبر وخروجهم من الدنيا.
وقسم قال هو استثناء من البقاء في الدنيا.
وهذه المعاني كلها قد تكون مرادة وتفيد أنهم خالدين فيها إلا المدة التي قضاها الله تعالى قبل أن يدخلوا الجنة، أو قد تكون عامة، لكن قضى الله تعالى أن يكونوا خالدين.
لماذا ذكر ( شُعَيْبٌ) في سورة الشعراء بينما ذكر ( أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ) في سورة هود؟
شعيب أُرسل إلى قومين هما قوم مدين وهو منهم، فعندما ذهب إليهم قال تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ {84})، وأصحاب الأيكة ولم يكن منهم، وليسوا من أهله؛ فلم يذكر معهم أخوهم شعيب؛ لأنه ليس أخوهم (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ {176} إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ {177}).
وكذلك في القرآن الكريم لم يذكر في قصة عيسى - عليه السلام- أنه خاطب قومه بـ (يا قوم)، وإنما كان يخاطبهم بـ (بني إسرائيل)؛ لأنه ليس له نسب فيهم. أما في قصة موسى فالخطاب على لسان موسى جاء بـ (يا قوم)؛ لأنه منهم.
ما اللمسة البيانية في استخدام ( لَا أُقْسِمُ) في القسم في القرآن الكريم؟
( لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ )القيامة:1 (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ )البلد:1
لم يرد في القرآن كله كلمة (أقسم) قط، وإنما استخدم لفظ (لا أقسم) بمعنى أقسم، و(لا) لتأكيد القسم.
فقد يكون الشيء من الوضوح بمكان، بحيث لا يحتاج لقسم، وفسر هذا تعظيم للشيء نفسه. وقد تعني (لا أقسم) أحياناً أكثر من القسم (زيادة في القسم).
ما الفرق البياني بين قوله تعالى:(مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ) سورة ص:75، و (مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) سورة الأعراف:12؟
هناك قاعدة:
(لا) يمكن أن تُزاد إذا أُمن اللبس، وسُمّيت حرف صلة، وغرضها التوكيد وليس النفي.
ونلاحظ أن سياق الآيات مختلف في السورتين، ففي سورة الأعراف الآيات التي سبقت هذه الآية كانت توبيخية لإبليس، ومبنية على الشدة، والغضب، والمحاسبة الشديدة، وجو السورة عموماً فيه سجود كثير.
ما دلالة تكرار الآية (فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) في سورة الرحمن؟
تكرار الآيات قد يكون للتوكيد، ففي ذكر النار من قوله تعالى:(سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ ) تكررت الآية 7 مرات على عدد أبواب جهنم، أما في الجنة ( وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ) تكررت الآية 8 مرات على عدد أبواب الجنة.
وفي نفس الآية لمن يوجّه الله تعالى خطابه في قوله: (فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)؟
نلاحظ أول آية في سورة الرحمن ابتدأت فيها هذه الآية، ويقول المفسرون: إن المقصود بهما الثقلان أي الإنس والجنّ.
لكن السؤال لماذا جاءت أول مرة؟ ولمن الخطاب هنا؟
يقول عامة المفسرون: إنه ليس بالضرورة عندما تخاطب واحداً أو جماعة أن يسبقه كلام فمن الممكن مخاطبة جماعة لأول مرة بدون سابق خطاب.
(أين أنتم ذاهبون؟) ومع ذلك فقد ورد قبلها ما يدل على المخاطبين، فقد قال تعالى:( وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ )
والأنام من معانيها الثقلان أي الإنس والجنّ.
(وقسم من المفسرون يحصرونها بهذا المعنى)، ومن معانيها البشر، وقسم آخر يقول: إنها تعني كل المخلوقات على الأرض، لكن قطعاً من معانيها الثقلين مما يشمل الإنس والجنّ.
والأمر الثاني هو أنه قبل الآية الأولى فيها خطاب المكلفين، وهما الإنس والجن ( أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ )
والمكلفين هما الإنس والجنّ. وإذا أخذنا معنى الأنام المقصور على الثقلين انتهى الأمر، وإذا أخذنا المعنى أنه المخلوقات جميعاً، فالآيات تفيد التخصيص.
ثم قال تعالى ( الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ )
والقرآن هو للإنس والجنّ. إذن من الممكن أن يخاطب تعالى الثقلين مباشرة دون أن يسبقه كلام، وإنما الضمير في هذه الآيات سبقه كلام وأوامر ونواهي للثقلين والكتاب الذي أُنزل للإنس والجنّ، إذن هو خطاب عادي للثقلين في قوله تعالى:(فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ).
يبقى سؤال آخر: جاء الخطاب في الآية للثقلين (بالمثنّى)، وقال تعالى:( وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ)الرحمن:9 بالجمع لماذا؟ الخطاب للثقلين بالمثنى هو للفريقين عموماً، وهما فريقان اثنان: (فريق الإنس وفريق الجنّ) على غرار قوله تعالى: (قالوا خصمان) وقوله: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا)الحجرات:9 وصيغة الجمع تدل على أن الخطاب هو لكل فرد من أفراد هذين الفريقين.
في بداية السورة قال تعالى: (خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ )الرحمن 3: 4 الآية تدل على خلق الإنسان مع أن الأنام فيما بعد تدل على المخلوقات عامة، وذلك لأن الإنسان هو الذي أُنزل عليه الكتاب أو القرآن وبيّنه للثقلين.
وعلّمه البيان بمعنى؛ ليبيّن عن نفسه والبيان هو القدرة على التعبير عمّا في النفس، والله أعلم
ما الفرق بين كلمة (المخلَصين) بفتح اللام وكلمة (المخلِصين) بكسر اللام؟
المخلَصين بفتح اللام تعني من أخلصه الله لعبادته وطاعته، أما المخلِصين بكسر اللام فتعني من أخلص نفسه لعبادة الله وطاعته.
ما معنى قوله تعالى: ( وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ )الزمر:12 عن سيدنا محمد مع العلم أن الأنبياء قبله كانوا مسلمين؟
الإسلام هو دين الله، وهو الدين من أول الأنبياء إلى يوم الدين، وقد سبق في القرآن الكريم ذكر نوح وإبراهيم ولوط ومن اتبعهم بأنهم من المسلمين، لكن دين الإسلام كإسلام أُطلق على ديننا، وسيدنا محمد هو أول من أسلم.
ما اللمسة البيانية في استعمال صيغة المضارع مرة، وصيغة الماضي مرة أخرى، في قوله تعالى: ( وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ)آل عمران:152 و ( وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ ) الإسراء:19؟
استعمال الفعل المضارع مع الشرط يكون إذا كان مضمونه أن يتكرر، أما استعمال الفعل الماضي فالمضمون أن لا يتكرر، أو لا ينبغي أن يتكرر.
وكما نلاحظ أيضاً في قوله تعالى: (وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ )لقمان:12 ينبغي تكرار الشكر؛ لذا جاء بصيغة الفعل المضارع (يشكر)، أما الكفر فيكون مرة واحدة، وهو لا ينبغي أن يتكرر، فجاء بصيغة الماضي في قوله (كفر).
كذلك في قوله تعالى: ( وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً)النساء:92 المفروض أن القتل وقع خطاً والمفروض أن لا يتكرر، أما في قوله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا )النساء:93 هنا تكرار للفعل؛ لأنه قتل عمد.
ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ) سورة الإسراء:31، وقوله تعالى: ( وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ)الأنعام:151؟
في الآية الأولى في سورة الإسراء الأهل ليسوا فقراء أصلاً، وعندهم ما يكفيهم، وليسوا فقراء، ولكنهم يخشون الفقر في المستقبل إذا أنجبوا؛ بأن يأخذ المولود جزءاً من رزقهم، ويصبح الرزق لا يكفيهم هم وأولادهم، فيصبحوا فقراء؛ فخاطبهم الله تعالى بقوله:" نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ "الأنعام:151؛ ليطمئنهم على رزقهم أولاً، ثم رزق أولادهم؛ ولهذا قدّم الله تعالى رزقهم على (إياكم)؛ لأنه تعالى يرزق المولود غير رزق الأهل، ولا يأخذ أحد من رزق الآخر.
أما في الآية الثانية فهم فقراء في الأصل، وهمّهم أن يبحثوا عن طعامهم أولاً، ثم طعام من سيأتيهم من أولاد، فالله تعالى يطمئن الأهل أنه سيرزقهم هم أولاً، ثم يرزق أولادهم؛ لأن الأهل لهم رزقهم، والأولاد لهم رزقهم أيضاً.
ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى:(مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) سورة لقمان، وقوله تعالى:(لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) في سورة الشورى؟
لو لاحظنا الآيات قبل هذه لوجدنا أن في سورة لقمان جاءت الآية: ( وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) سورة لقمان آية 17، أما في الآية الأخرى في سورة الشورى (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) آية 43، وهنا ورد ذكر أمرين الصبر والغفران وهما أشدّ من الصبر وحده التي وردت في سورة لقمان، فكانت الحاجة لتوكيد الأمر باستخدام لام التوكيد، والقسم في كلمة (لمن)؛ لأنه أشقّ على النفس.
فالصبر قد يقدر عليه كثير من الناس، أما أن يصبر ويغفر هذا بالطبع لا يقدر عليه الكثيرون، ويحتاج إلى مشقة أكبر؛ لذا اقتضى توكيد الأمر بأنه من عزم الأمور مؤكداً بخلاف الصبر وحده الذي ورد في سورة لقمان.
ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى: ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ ) سورة الكهف، وقوله تعالى: ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا)سورة طه؟
اصطبر جاءت في الصلاة؛ لأنها مستمرة كل يوم، وزيادة المبنى تفيد زيادة المعنى، والصلاة كل يوم في أوقاتها، وتأديتها حق أدائها، وإتمامها يحتاج إلى صبر كبير؛ لذا جاءت كلمة (اصطبر) للدلالة على الزيادة في الصبر.
ما اللمسة البيانية في استخدام صيغة المذكر مرة، والمؤنث مرة أخرى في قوله تعالى: ( وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا ) سورة الأحزاب آية 31؟
ثم لماذا الخطاب مرة لجماعة الإناث ثم جماعة الذكور؟
القاعدة النحوية أن الفعل يؤنّث ويذّكر، فإذا كان الفعل مؤنثاً ووقع بين الفعل والفاعل فاصلاً، ثم إن الخطاب الموجه لنساء النبي في قوله:( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ)الأحزاب:32. هذا خطاب خاص بهن؛ فجاء بصيغة خطاب الإناث.
أما في الآية ( يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )الأحزاب:33 هذا الخطاب يشمل كل أهل بيت النبوة، وفيهم الإناث والذكور؛ لذا اقتضى أن يكون الخطاب بصيغة المذكر.
وكذلك نلاحظ الفرق بين سورة يوسف: (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ {30}) وآية سورة الأحزاب، الجمع الذي ليس له مفرد من نوعه يمكن معاملته معاملة المذكر والمؤنث. والتذكير يدلّ على القلة (قال نسوة)، والتأنيث يدل على الكثرة (قالت الأعراب آمنا).
وهكذا في القرآن كله كما في قوله تعالى: (جاءتهم رسلهم) المجتمعات أكثر من (جاءكم رسل منكم).
ما اللمسة البيانية في استعمال كلمة ( الْيَمِّ) في قصة سيدنا موسى مع فرعون؟
اليمّ كلمة عبرانية، وقد وردت في القرآن الكريم 8 مرات في قصة موسى وفرعون فقط؛ لأن قوم موسى كانوا عبرانيين، وكانوا يستعملون هذه الكلمة في لغتهم، ولا يعرفون كلمة البحر؛ ولهذا وردت كلمة اليمّ كما عرفوها في لغتهم آنذاك .
لماذا جاءت كلمة سيّد بدلا من زوج في القرآن الكريم في سورة يوسف: (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ )؟يوسف:25
أهل مصر كانوا يسمون الزوج سيداً، وقد وردت هذه الكلمة مرة واحدة في سورة يوسف، وفي القرآن كله؛ لأنها كانت معروفة في لغتهم آنذاك.
ما الفرق من الناحية البيانية بين كلمتي:(واللآئي) و(اللآتي) في القرآن الكريم ؟
لفظ اللآئي هي لفظة متخصصة، وهي مشتقة من اللآء أو التعب، وقد استخدم هذا اللفظ في الآيات التي تفيد التعب للنساء، كما في الحيض في قوله تعالى: ( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ)الطلاق:4.
أما لفظ اللآتي فهو لفظ عام.
ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى في سورة الأنعام: ( مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ )الأنعام:99، وقوله تعالى: ( مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ)الأنعام:141؟
قوله تعالى: (مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ) تفيد لفت النظر إلى قدرة الله تعالى، وهذا يفيد اللبس والالتباس.
أما في قوله تعالى: (مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ)الأنعام:141 فهذا للتشابه، وقد وردت الآيات في الإبل عامة، ولا داعي للفت النظر إلى القدرة الإلهية هنا.
فنفي التشابه ينفي الاشتباه من باب أولى، والتشابه قد يكون في جزئية معينة، والاشتباه هو الالتباس لشدة التشابه.
تعليق