الحمد لله رب العالمين
الحمد لله الذي تقدست صفاته وأسماءه والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أضاءت الوجود أضواءه وعلى آله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وعلى أصحابه الذين أصبح بهم روض الإسلام باسما نضيرا
التوبة والاستغفار في القرآن الكريم
أ. د. محمد أحمد محمود
لقد حفل القرآن الكريم بذِكر التوبة والاستغفار في آيات عديدة، وسور مختلفة، وبيان فضل الله - سبحانه - في قَبول توبة التائبين، ومغفرة ذنوب المستغفرين.
ومنذ بدأ الخليقة قد أخطأ أبو البشر جميعًا آدم - عليه السلام - فعصى أمر ربه، بإغواءٍ من الشيطان الرجيم، ثم تاب وأناب، فاجتباه الله - تعالى - وتاب عليه.
وهذا هو شأن كل البشر، يذنبون ساعة الغفلة والغواية، ثم يجدون باب رحمة الله أمامهم مفتوحًا لقبول توبتهم، فيستغفرون ويتوبون، فيَقبل الله - تعالى - منهم تلك التوبةَ؛ ليكبت الشيطان، ويرحم الإنسان.
وفي قبول التوبة رحمةٌ من الله - تعالى - تشمل جموعَ التائبين بصدق وإخلاص، ولولاها لفقَدَ الإنسان الأمل في رحمة الله، واستمرأ الذنوب، وظل سائرًا في غيِّه وطغيانه، حتى يوافيه الأجل المحتوم، وهو من رحمة الله محروم، وفي ذلك قنوط ويأسٌ من رحمة الله، لا يرضاهم الله، ومن ثم كانت الآية الجامعة
وهي قوله تعالى
{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }
الزمر 53
وكذلك آيات التوبة والاستغفار التي تهبُّ منها نسمات رحمة الله بعباده المذنبين، فاتحةً باب الأمل في قبول التوبة، وغفران الذنوب، بل وإبدال الذنوب حسنات للتائبين الصادقين في توبتهم
قال تعالى
{ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }
الفرقان 70
وقد أردتُ بهذا الجهد المتواضع أن ألقي الضوءَ على هذا الموضوع، من خلال آيات الكتاب العزيز، سائلاً اللهَ - عز وجل - المغفرةَ والتوفيق.
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
----------------
..:: فهرس الموضوع ::..
..:: فهرس الموضوع ::..
◙ التوبة
◙ حكم التوبة
◙ أنواع التــــــــــوًبة
◙ شروط التـــــــــــوبة
◙ فضـــــــــــــــــائل التـوبة
◙ حكم التوبة
◙ أنواع التــــــــــوًبة
◙ شروط التـــــــــــوبة
◙ فضـــــــــــــــــائل التـوبة
◙الاســـــــــتغفار
◙ أهميــة الاستغفــار
◙ ثمرات الاستغفـــــــــــــار ========================
التوبة
تعريف التوبة لغة
التَّوْبة - بفتح التاء وسكون الواو- مأخوذة من ( تَوبَ ) والتاء والواو والباء كلمة واحدة تدل على الرجوع
وتاب إلى الله - تعالى - من كذا وعن كذا، يتوب توبًا، وتوبة ومتابًا: أناب ورجع عن المعصية إلى الطاعة، فهو تائب وتواب
والتائب يقال لباذل التوبة، ولقابل التوبة؛ فالعبد تائب إلى الله، والله تائب على عبده، والتواب أيضًا: العبد الكثير التوبة، وذلك بتركه بعضَ الذنوب على الترتيب، حتى يصير تاركًا لجميعها، وقد يقال ذلك لله - تعالى - لكثرة قَبوله توبةَ العباد حالاً بعد حال،
وتيسيره التوبة لعباده مرة بعد أخرى، بما يُظهِر لهم من آياته، ويسوق إليهم من تنبيهاته، ويطلعهم عليه من تخويفاته وتحذيراته، حتى إذا اطلعوا بتعريفه على غوائل الذنوب، استشعروا الخوف بتخويفه، فرجعوا إلى التوبة، فرجع إليهم فضل الله - تعالى - بالقبول
حقيقة التوبة
التوبة في الحقيقة : الرجوع إلى الله - تعالى - بالتزام فعل ما يُحب ظاهرًا وباطنًا، وترك ما يَكره ظاهرًا وباطنًا.
فالتوبة - في حقيقتها إذًا - اسم لمجموع أمرين-
الرجوع إلى المحبوب، وهو جزء من مسماها
- والرجوع عن المكروه، وهو الجزء الآخر
فليست التوبة إذًا مجرد الترك، وإن كان هذا هو ما يظنه كثير من الناس، وهو قصور في فَهم حقيقة التوبة؛ لأنه وإن كان ترك المكروه من لوازم التوبة، إلا أنها تتضمن أيضًا فعلَ المأمور، فمَن تَرَك الذنب تركًا مجردًا، ولم يرجع منه إلى ما يحبه الله - تعالى - لم يكن تائبًا، إلا إذا رجع وأقبل وأناب إلى الله - عز وجل - وحل عقد الإصرار، وأثبت معنى التوبة في القلب قبل التلفظ باللسان، فندم بقلبه، واستغفر بلسانه، وأمسك ببدنه، وبهذا يكون قد حقق مدلول التوبة الكاملة.
وإذا كانت هذه هي حقيقة التوبة، فإن هذه الحقيقة يدخل في معناها الواسع: الإسلام والإيمان والإحسان، فيكون الدين داخلاً في مسمى التوبة
ورود التوبة في القرآن الكريم
وردَتِ التوبةُ في القرآن الكريم على ثلاثة أوجه
الأول بمعنى التجاوز والعفو، وهذا مقيد بـ"على"
ومنه قوله تعالى
{ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ }
البقرة 54
وقوله تعالى
{ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }
التوبة 15
الثاني بمعنى الرجوع والإنابة، وهذا مقيد بـ "إلى"
ومنه قوله تعالى
{ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ }
البقرة 54
وقوله تعالى
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا }
التحريم 8
الثالث بمعنى الندم على الزلَّة، وهذا غير مقيد لا بـ " إلى "، ولا بـ "على"
ومنه قوله عز وجل
{ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا }
البقرة 160
ومنه قوله تعالى
{ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ }
التوبة 3
وهذا ما نكمله في اللقاء القادم إن شاء الله تعالى
في أمان الله
اللهم إني ظلمت نفسى ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمنى إنك أنت الغفور الرحيم
تعليق