الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى لا سيما عبده المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
ثم اما بعد
الحمد لله الذي وهب لنا القرآن العظيم هدىً وشفاءً لما في الصدور ، الحمد لله العلي القدير الذي جعل منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ، الحمد لله الذي جعله لنا دستورا ، وجعله لنا منهج حياة ، وجعل به الصبر على المصائب ، والاستئناس في الوحشة ، ودليل في الطريق ، وهداية للضال والعاصي والمؤمن ...
إن فضل القرآن لا يخفى على أحد مسلما كان او كافرا ، وفضل تعلمه ايضا لا يخفى على أحد فضلا عن تعليمه فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ).
القرآن كله فضل .. في قراءته وفي تجويده وفي تعلمه وتعليمه فضلا عن حفظه وفهمه وتفسيره والالمام به وبأحكامه وتعاليمه وتبليغه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( بلغوا عني ولو آية).
وعلى هذا فكانت هذه الكلمات اليوم مني من باب ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) .. [الذاريات 55]
أتيت اليوم لأتكلم عن آية واحدة فقط فيها ما فيها من اعجاز الخالق الرازق سبحانه وتعالى ..
قال تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) ) سورة فاطر
أخبر الله عزوجل عن انواع ومكانة من أُوتي القرآن فقد افترقوا على ثلاثة فرق ..
أخبر الله عزوجل عن انواع ومكانة من أُوتي القرآن فقد افترقوا على ثلاثة فرق ..
1 - ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ .
2 - مُقْتَصِدٌ.
3 - سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ .
سأضع بين أيديكم أولا بعضا من التفاسير المهمة لهذه الآية الكريمة ... ونبدأ ببركة الله عزوجل
أولا : أيسر التفاسير ( أبو بكر الجزائري عليه رحمة الله )..
شرح الكلمات :
شرح الكلمات :
{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ} : أي الكتب التي سبقت القرآن إذ محصلها في القرآن الكريم .
{الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا} : أي اخترنا المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
{ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} : بارتكاب الذنوب .
{وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} : مؤدٍ للفرائض مجتنب للكبائر .
{وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} : مؤدٍ للفرائض والنوافل مجتنب للكبائر والصغائر .
{بِإِذْنِ اللَّهِ} : أي بتوفيقه وهدايته .
{ذَلِكَ} : أي إيرائهم الكتاب هو الفضل الكبير .
{ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} : بارتكاب الذنوب .
{وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} : مؤدٍ للفرائض مجتنب للكبائر .
{وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} : مؤدٍ للفرائض والنوافل مجتنب للكبائر والصغائر .
{بِإِذْنِ اللَّهِ} : أي بتوفيقه وهدايته .
{ذَلِكَ} : أي إيرائهم الكتاب هو الفضل الكبير .
معنى الآيات :
وقوله تعالى : {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا } يخبر تعالى أنه أورث أمة الإِسلام الكتاب السابق إذ كل ما في التوراة والإِنجيل من حق وهدى قد حواه القرآن الكريم فأُمة القرآن قد ورَّثها الله تعالى كل الكتاب الأول . وقوله تعالى : { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } بالتقصير في العمل وارتكاب بعض الكبائر ، {وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} وهو المؤدى للفرائض المجتنب للكبائر ، { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} وهو المؤدى للفرائض والنوافل المجتنب للكبائر والصغائر .
وقوله : {ذَلِكَ} اي الإِيراث للكتاب هو الفضل الإِلهي الكبير.
وقوله : {ذَلِكَ} اي الإِيراث للكتاب هو الفضل الإِلهي الكبير.
ثم تفسير ابن كثير – رحمه الله تعالى - ..
{ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) }.
يقول تعالى : ثم جعلنا القائمين بالكتاب العظيم ، المصدق لما بين يديه من الكتب ، الذين اصطفينا من عبادنا ، وهم هذه الأمة ، ثم قسمهم إلى ثلاثة أنواع ، فقال : { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } وهو : المفرط في فعل بعض الواجبات ، المرتكب لبعض المحرمات. { وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ } وهو : المؤدي للواجبات ، التارك للمحرمات ، وقد يترك بعض المستحبات ، ويفعل بعض المكروهات. { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ } وهو : الفاعل للواجبات والمستحبات ، التارك للمحرمات والمكروهات وبعض المباحات.
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ [ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ] } (4) ، قال : هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم وَرَّثهم الله كل كتاب أنزله ، فظالمهم يُغْفَر له ، ومقتصدهم يحاسب حسابا يسيرا ، وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب.
وهكذا رُوي عن غير واحد من السلف : أن الظالم لنفسه من هذه الأمة من المصطفين ، على ما فيه من عوج وتقصير.
وقال آخرون : بل الظالم لنفسه ليس من هذه الأمة ، ولا من المصطفين الوارثين الكتاب.
وقال مالك عن زيد بن أسلم ، والحسن ، وقتادة : هو المنافق.
ثم قد قال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة : وهذه الأقسام الثلاثة كالأقسام الثلاثة المذكورة في أول سورة "الواقعة" وآخرها.
ثم قد قال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة : وهذه الأقسام الثلاثة كالأقسام الثلاثة المذكورة في أول سورة "الواقعة" وآخرها.
والصحيح : أن الظالم لنفسه من هذه الأمة وهذا اختيار ابن جرير كما هو ظاهر الآية ، وكما جاءت به الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من طرق يشد بعضها بعضا ، ونحن نورد منها ما تيسر :
الحديث الأول : قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن الوليد بن العيزار ، أنه سمع رجلا من ثقيف يُحَدِّث عن رجل من كنانة ، عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في هذه الآية : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ } ، قال : "هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة وكلهم في الجنة". هذا حديث غريب من هذا الوجه وفي إسناده من لم يسمّ ، وقد رواه ابن جرير وابن أبي حاتم ، من حديث شعبة ، به نحوه.
ومعنى قوله : "بمنزلة واحدة" أي : في أنهم من هذه الأمة ، وأنهم من أهل الجنة ، وإن كان بينهم فرق في المنازل في الجنة.
الحديث الثاني : قال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن عيسى ، حدثنا أنس بن عياض الليثي أبو ضَمْرة ، عن موسى بن عقبة ، عن [علي] بن عبد الله الأزدي ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "قال الله : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ } ، فأما الذين سبقوا فأولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ، وأما الذين اقتصدوا فأولئك يحاسبون حسابا يسيرا ، وأما الذين ظلموا أنفسهم فأولئك الذين يحبسون في طول المحشر ، ثم هم الذين تلاقاهم برحمته ، فهم الذين يقولون : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ }.
الحديث الثالث : قال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا عبد الله بن محمد بن العباس ، حدثنا ابن مسعود ، أخبرنا سهل بن عبد ربه الرازي ، حدثنا عمرو بن أبي قيس ، عن ابن أبي ليلى ، عن أخيه ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أسامة بن زيد : { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ } الآية ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كلهم من هذه الأمة".
أثر آخر : قال أبو داود الطيالسي ، عن الصلت بن دينار أبو شُعيب ، عن عقبة بن صُهْبَان الهُنَائي قال : سألت عائشة ، رضي الله عنها ، عن قول الله : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} الآية ، فقالت لي : يا بني ، هؤلاء في الجنة ، أما السابق بالخيرات فمن مضى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحياة والرزق ، وأما المقتصد فمن اتبع أثره من أصحابه حتى لحق به ، وأما الظالم لنفسه فمثلي ومثلكم. قال : فجعلت نفسها معنا.
وهذا منها ، رضي الله عنها ، من باب الهَضْم والتواضع ، وإلا فهي من أكبر السابقين بالخيرات ؛ لأن فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام.
وقال عبد الله بن المبارك ، رحمه الله : قال أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، رضي الله عنه : في قوله تعالى : { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } قال : هي لأهل بدونا ، ومقتصدنا أهل حضرنا ، وسابقنا أهل الجهاد. رواه ابن أبي حاتم.
وقال عَوْف الأعرابي : حدثنا عبد الله بن الحارث بن نوفل قال :
حدثنا كعب الأحبار قال : إن الظالم لنفسه من هذه الأمة ، والمقتصد والسابق بالخيرات كلهم في الجنة ، ألم تر أن الله تعالى قال : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا } إلى قوله : { وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ } قال : فهؤلاء أهل النار.
[و] رواه ابن جرير من طرق ، عن عوف ، به. ثم قال :
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن عُلَيَّة ، أخبرنا حميد ، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث ، عن أبيه أن ابن عباس سأل كعبا عن قوله : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا } إلى قوله : { بِإِذْنِ اللَّهِ } قال : تماسَّت مناكبهم ورَب كعب ، ثم أعطوا الفضل بأعمالهم.
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن عُلَيَّة ، أخبرنا حميد ، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث ، عن أبيه أن ابن عباس سأل كعبا عن قوله : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا } إلى قوله : { بِإِذْنِ اللَّهِ } قال : تماسَّت مناكبهم ورَب كعب ، ثم أعطوا الفضل بأعمالهم.
ورواه الثوري ، عن إسماعيل بن سَمِيع ، عن رجل ، عن محمد بن الحنفية ، بنحوه.
وقال أبو الجارود : سألت محمد بن علي - يعني : الباقر - عن قوله : { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } فقال : هو الذي خلط عملا صالحا وآخر سيئا.
فهذا ما تيسر من إيراد الأحاديث والآثار المتعلقة بهذا المقام. وإذا تقرر هذا فإن الآية عامة في جميع الأقسام الثلاثة من هذه الأمة ، فالعلماء أغبط الناس بهذه النعمة ، وأولى الناس بهذه الرحمة ، فإنهم كما قال الإمام أحمد ، رحمه الله :
حدثنا محمد بن يزيد ، حدثنا عاصم بن رجاء بن حَيْوَة ، عن قيس بن كثير قال : قدم رجل من أهل المدينة إلى أبي الدرداء - وهو بدمشق - فقال : ما أقدمك أيْ أخي ؟ قال : حديث بلغني أنك تحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أما قدمت لتجارة ؟ قال : لا. قال : أما قدمت لحاجة ؟ قال : لا ؟ قال : أما قدمت إلا في طلب هذا الحديث ؟ قال : نعم. قال : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من سلك طريقا يطلب فيه علمًا ، سلك الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم ، وإنه ليستغفر للعالم مَنْ في السموات والأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب. إن العلماء هم ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، وإنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر".
حدثنا محمد بن يزيد ، حدثنا عاصم بن رجاء بن حَيْوَة ، عن قيس بن كثير قال : قدم رجل من أهل المدينة إلى أبي الدرداء - وهو بدمشق - فقال : ما أقدمك أيْ أخي ؟ قال : حديث بلغني أنك تحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أما قدمت لتجارة ؟ قال : لا. قال : أما قدمت لحاجة ؟ قال : لا ؟ قال : أما قدمت إلا في طلب هذا الحديث ؟ قال : نعم. قال : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من سلك طريقا يطلب فيه علمًا ، سلك الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم ، وإنه ليستغفر للعالم مَنْ في السموات والأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب. إن العلماء هم ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، وإنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر".
ثم تفسير الطبري – رحمه الله -
القول في تأويل قوله تعالى: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} اختلف أهل التأويل في معنى الكتاب الذي ذكر الله في هذه الآية أنه أورثه الذين اصطفاهم من عباده، ومن المصطفون من عباده، والظالم لنفسه، فقال بعضهم: الكتاب: هو الكتب التي أنزلها الله من قبل الفرقان، والمصطفون من عباده: أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، والظالم لنفسه: أهل الإجرام منهم.
22182- حدثنا سهل بن موسى، قال: ثنا عبد المجيد، عن ابن جريج، عن مجاهد، في قوله: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } قال: هم أصحاب المشأمة { وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} قال: هم أصحاب الميمنة { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} قال: هم السابقون من الناس كلهم.
22183- حدثنا الحسن بن عرفة قال: ثنا مروان بن معاوية، قال: قال عوف، قال الحسن: أما الظالم لنفسه فإنه هو المنافق، سقط هذا. وأما المقتصد والسابق بالخيرات، فهما صاحبا الجنة .
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن عوف، قال: قال الحسن: الظالم لنفسه: المنافق.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن عوف، قال: قال الحسن: الظالم لنفسه: المنافق.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن - الشهير بتفسير الطبري - للإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري
ثم تفسير القرطبي – رحمه الله تعالى - ...
هذه الآية مشكلة؛ لأنه قال جل وعز: «اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا» ثم قال: « فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ» وقد تكلم العلماء فيها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. قال النحاس: فإن أصح ما روي في ذلك ما روي عن ابن عباس « فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ» قال: الكافر؛ رواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس أيضا. وعن ابن عباس أيضا « فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ» قال: نجت فرقتان، ويكون التقدير في العربية: فمنهم من عبادنا ظالم لنفسه؛ أي كافر.
وقال الحسن: أي فاسق. ويكون الضمير الذي في «يَدْخُلُونَهَا» يعود على المقتصد والسابق لا على الظالم. وعن عكرمة وقتادة والضحاك والفراء أن المقتصد المؤمن العاصي، والسابق التقي على الإطلاق. قالوا: وهذه الآية نظير قوله تعالى في سورة الواقعة «وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً» «الواقعة: 7» الآية. قالوا وبعيد أن يكون ممن يصطفي ظالم. ورواه مجاهد عن ابن عباس.
قال مجاهد: « فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ» أصحاب المشاهدة، «وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ» أصحاب الميمنة، «وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ» السابقون من الناس كلهم. وقيل: الضمير في «يَدْخُلُونَهَا» يعود على الثلاثة الأصناف، على ألا يكون الظالم ها هنا كافرا ولا فاسقا. وممن روي عنه هذا القول عمر وعثمان وأبو الدرداء، وابن مسعود وعقبة بن عمرو ومنة، والتقدير على هذا القول: أن يكون الظالم لنفسه الذي عمل الصغائر. و «المقتصد» قال محمد بن يزيد: هو الذي يعطي الدنيا حقها والآخرة حقها؛ فيكون « جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا» عائدا على الجميع على هذا الشرح والتبيين؛ وروي عن أبي سعيد الخدري.
وقال كعب الأحبار: استوت مناكبهم ورب الكعبة وتفاضلوا بأعمالهم.
وقال أبو إسحاق السبيعي: أما الذي سمعت منذ ستين سنة فكلهم ناج. وروى أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية وقال: «كلهم في الجنة» .
وقرأ عمر بن الخطاب هذه الآية ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سابقنا سابق ومقصدنا ناج وظالمنا مغفور له» . فعلى هذا القول يقدر مفعول الاصطفاء من قوله: «أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا» مضافا حذف كما حذف المضاف في «وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ» «يوسف: 82» أي اصطفينا دينهم فبقى اصطفيناهم؛ فحذف العائد إلى الموصول كما حذف في قوله: «وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن» «هود: 31» أي تزدريهم، فالاصطفاء إذا موجه إلى دينهم، كما قال تعالى: «إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ» «البقرة: 132» .
قال النحاس: وقوله ثالث: يكون الظالم صاحب الكبائر، والمقتصد الذي لم يستحق الجنة زيادة حسناته على سيئاته؛ فيكون: «جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا» للذين سبقوا بالخيرات لا غير. وهذا قول جماعة من أهل النظر؛ لأن الضمير في حقيقة النظر بما يليه أولى.
قلت: القول الوسط أولاها وأصحها إن شاء الله؛ لأن الكافر والمنافق لم يصطفوا بحمد الله، ولا اصطفى دينهم. وهذا قول ستة من الصحابة، وحسبك. وسنزيده بيانا وإيضاحا في باقي الآية.قوله تعالى: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ» أي أعطينا. والميراث، عطاء حقيقة أو مجازا؛ فإنه يقال فيما صار للإنسان بعد موت آخر.
و «الْكِتَابَ» ها هنا يريد به معاني الكتاب وعلمه وأحكامه وعقائده، وكأن الله تعالى لما أعطى أمة محمد صلى الله عليه وسلم القرآن، وهو قد تضمن معاني الكتب المنزلة، فكأنه ورث أمة محمد عليه السلام الكتاب الذي كان في الأمم قبلنا.
«اصْطَفَيْنَا» أي اخترنا. واشتقاقه من الصفو، وهو الخلوص من شوائب الكدر. وأصله اصتفونا، فأبدلت التاء طاء والواو ياء.
«مِنْ عِبَادِنَا» قيل المراد أمة محمد صلى الله عليه وسلم، قال ابن عباس وغيره. وكان اللفظ يحتمل جميع المؤمنين من كل أمة، إلا أن عباره توريث الكتاب لم تكن إلا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وورث سليمان يرثوه.
وقيل: المصطفون الأنبياء، توارثوا الكتاب بمعنى أنه انتقل عن بعضهم إلى آخر، قال الله تعالى: «وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ» «النمل: 16» ، وقال: « يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ» «مريم: 6» فإذا جاز أن تكون النبوة موروثة فكذلك الكتاب.
«فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ» من وقع في صغيرة. قال ابن عطية: وهذا قول مردود من غير ما وجه. قال الضحاك: معنى «فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ» أي من ذريتهم ظالم لنفسه وهو المشرك. الحسن: من أممهم، على ما تقدم ذكره من الخلاف في الظالم. والآية في أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقد اختلفت عبارات أرباب القلوب في الظالم والمقتصد والسابق، فقال سهل بن عبدالله: السابق العالم، والمقتصد المعلم، والظالم الجاهل. وقال ذو النون المصري: الظالم الذاكر الله بلسانه فقط، والمقتصد الذاكر بقلبه، والسابق الذي لا ينساه.
و «الْكِتَابَ» ها هنا يريد به معاني الكتاب وعلمه وأحكامه وعقائده، وكأن الله تعالى لما أعطى أمة محمد صلى الله عليه وسلم القرآن، وهو قد تضمن معاني الكتب المنزلة، فكأنه ورث أمة محمد عليه السلام الكتاب الذي كان في الأمم قبلنا.
«اصْطَفَيْنَا» أي اخترنا. واشتقاقه من الصفو، وهو الخلوص من شوائب الكدر. وأصله اصتفونا، فأبدلت التاء طاء والواو ياء.
«مِنْ عِبَادِنَا» قيل المراد أمة محمد صلى الله عليه وسلم، قال ابن عباس وغيره. وكان اللفظ يحتمل جميع المؤمنين من كل أمة، إلا أن عباره توريث الكتاب لم تكن إلا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وورث سليمان يرثوه.
وقيل: المصطفون الأنبياء، توارثوا الكتاب بمعنى أنه انتقل عن بعضهم إلى آخر، قال الله تعالى: «وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ» «النمل: 16» ، وقال: « يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ» «مريم: 6» فإذا جاز أن تكون النبوة موروثة فكذلك الكتاب.
«فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ» من وقع في صغيرة. قال ابن عطية: وهذا قول مردود من غير ما وجه. قال الضحاك: معنى «فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ» أي من ذريتهم ظالم لنفسه وهو المشرك. الحسن: من أممهم، على ما تقدم ذكره من الخلاف في الظالم. والآية في أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقد اختلفت عبارات أرباب القلوب في الظالم والمقتصد والسابق، فقال سهل بن عبدالله: السابق العالم، والمقتصد المعلم، والظالم الجاهل. وقال ذو النون المصري: الظالم الذاكر الله بلسانه فقط، والمقتصد الذاكر بقلبه، والسابق الذي لا ينساه.
وقال الأنطاكي: الظالم صاحب الأقوال، والمقتصد صاحب الأفعال، والسابق صاحب الأحوال.
وقال ابن عطاء: الظالم الذي يحب الله من أجل الدنيا، والمقتصد الذي يحبه من أجل العقبى، والسابق الذي أسقط مراده بمراد الحق. وقيل: الظالم الذي يعبد الله خوفا من النار، والمقتصد الذي يعبد الله طمعا في الجنة، والسابق الذي يعبد الله لوجهه لا لسبب. وقيل: الظالم الزاهد في الدنيا، لأنه ظلم نفسه فترك لها حظا وهي المعرفة والمحبة، والمقتصد العارف، والسابق المحب. وقيل: الظالم الذي يجزع عند البلاء، والمقتصد الصابر على البلاء، والسابق المتلذذ بالبلاء. وقيل: الظالم الذي يعبد الله على الغفلة والعادة، والمقتصد الذي يعبده على الرغبة والرهبة، والسابق الذي يعبده على الهيبة. وقيل: الظالم الذي أعطي فمنع، والمقتصد الذي أعطي فبذل، والسابق الذي يمنع فشكر وآثر.يروى أن عابدين التقيا فقال: كيف حال إخوانكم بالبصرة؟ قال: بخير، إن أعطوا شكروا وإن منعوا صبروا. فقال: هذه حالة الكلاب عندنا ببلخ! عبادنا إن منعوا شكروا وإن أعطوا آثروا.
وقيل: الظالم من استغنى بماله، والمقتصد من استغنى بدينه، والسابق من استغنى بربه.
*** وقيل: الظالم التالي للقرآن ولا يعمل به، والمقتصد التالي للقرآن ويعمل به، والسابق القارئ للقرآن العامل به والعالم به.
وقيل: السابق الذي يدخل المسجد قبل تأذين المؤذن، والمقتصد الذي يدخل المسجد وقد أذن، والظالم الذي يدخل المسجد وقد أقيمت الصلاة؛ لأنه ظلم نفسه الأجر فلم يحصل لها ما حصله غيره.
وقيل: الظالم من استغنى بماله، والمقتصد من استغنى بدينه، والسابق من استغنى بربه.
*** وقيل: الظالم التالي للقرآن ولا يعمل به، والمقتصد التالي للقرآن ويعمل به، والسابق القارئ للقرآن العامل به والعالم به.
وقيل: السابق الذي يدخل المسجد قبل تأذين المؤذن، والمقتصد الذي يدخل المسجد وقد أذن، والظالم الذي يدخل المسجد وقد أقيمت الصلاة؛ لأنه ظلم نفسه الأجر فلم يحصل لها ما حصله غيره.
وقال بعض أهل المسجد في هذا: بل السابق الذي يدرك الوقت والجماعة فيدرك الفضيلتين، والمقتصد الذي إن فاتته الجماعة لم يفرط في الوقت، والظالم الغافل عن الصلاة حتى يفوت الوقت والجماعة، فهو أولى بالظلم.
وقيل: الظالم الذي يحب نفسه، والمقتصد الذي يحب دينه، والسابق الذي يحب ربه.
وقيل: الظالم الذي ينتصف ولا ينصف، والمقتصد الذي ينتصف وينصف، والسابق الذي ينصف ولا ينصف.
وقالت عائشة رضي الله عنها: السابق الذي أسلم قبل الهجرة، والمقتصد من أسلم بعد الهجرة، والظالم من لم يسلم إلا بالسيف؛ وهم كلهم مغفور لهم.
قلت: ذكر هذه الأقوال وزيادة عليها الثعلبي في تفسيره.
وقيل: الظالم الذي يحب نفسه، والمقتصد الذي يحب دينه، والسابق الذي يحب ربه.
وقيل: الظالم الذي ينتصف ولا ينصف، والمقتصد الذي ينتصف وينصف، والسابق الذي ينصف ولا ينصف.
وقالت عائشة رضي الله عنها: السابق الذي أسلم قبل الهجرة، والمقتصد من أسلم بعد الهجرة، والظالم من لم يسلم إلا بالسيف؛ وهم كلهم مغفور لهم.
قلت: ذكر هذه الأقوال وزيادة عليها الثعلبي في تفسيره.
وبالجملة فهم طرفان وواسطة، وهو المقتصد الملازم للقصد وهو ترك الميل؛ ومنه قول جابر بن حُنَي التغلبي:نعاطي الملوك السلم ما قصدوا لنا وليس علينا قتلهم بمحرم أي نعاطيهم الصلح ما ركبوا بنا القصد، أي ما لم يجوروا، وليس قتلهم بمحرم علينا إن جاروا؛ فلذلك كان المقتصد منزلة بين المنزلتين، فهو فوق الظالم لنفسه ودون السابق بالخيرات.
*** وقيل: قدم الظالم لئلا ييأس من رحمة الله، وأخر السابق لئلا يعجب بعمله.
وقال جعفر بن محمد بن علي الصادق رضي الله عنه: قدم الظالم ليدبر أنه لا يتقرب إليه إلا بصرف رحمته وكرمه، وأن الظلم لا يؤثر في الاصطفائية إذا كانت ثم عناية، ثم ثنى بالمقتصدين لأنهم بين الخوف والرجاء، ثم ختم بالسابقين لئلا يأمن أحد مكر الله، وكلهم في الجنة بحرمة كلمة الإخلاص: «لا إله إلا الله محمد رسول الله» . وقال محمد بن علي الترمذي: جمعهم في الاصطفاء إزالة للعلل عن العطاء؛ لأن الاصطفاء يوجب الإرث، لا الإرث يوجب الاصطفاء، ولذلك قيل في الحكمة: صحح النسبة ثم النسبة ادع في الميراث.
*** وقيل: أخر السابق ليكون أقرب إلى الجنات والثواب، كما قدم الصوامع والبيع في سورة الحج « على المساجد، لتكون الصوامع أقرب إلى الهدم والخراب، وتكون المساجد أقرب إلى ذكر الله.
وقيل: إن الملوك إذا أرادوا الجمع بين الأشياء بالذكر قدموا الأدنى؛ كقوله تعالى: »لَسَرِيعُ الْعِقَابِ ۖ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ« الأعراف: 167]، وقوله: » يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ« [الشورى: 49]، وقوله: » لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ« [الحشر: 20]
وقال جعفر بن محمد بن علي الصادق رضي الله عنه: قدم الظالم ليدبر أنه لا يتقرب إليه إلا بصرف رحمته وكرمه، وأن الظلم لا يؤثر في الاصطفائية إذا كانت ثم عناية، ثم ثنى بالمقتصدين لأنهم بين الخوف والرجاء، ثم ختم بالسابقين لئلا يأمن أحد مكر الله، وكلهم في الجنة بحرمة كلمة الإخلاص: «لا إله إلا الله محمد رسول الله» . وقال محمد بن علي الترمذي: جمعهم في الاصطفاء إزالة للعلل عن العطاء؛ لأن الاصطفاء يوجب الإرث، لا الإرث يوجب الاصطفاء، ولذلك قيل في الحكمة: صحح النسبة ثم النسبة ادع في الميراث.
*** وقيل: أخر السابق ليكون أقرب إلى الجنات والثواب، كما قدم الصوامع والبيع في سورة الحج « على المساجد، لتكون الصوامع أقرب إلى الهدم والخراب، وتكون المساجد أقرب إلى ذكر الله.
وقيل: إن الملوك إذا أرادوا الجمع بين الأشياء بالذكر قدموا الأدنى؛ كقوله تعالى: »لَسَرِيعُ الْعِقَابِ ۖ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ« الأعراف: 167]، وقوله: » يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ« [الشورى: 49]، وقوله: » لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ« [الحشر: 20]
قلت: ولقد أحسن من قال:وغاية هذا الجود أنت وإنما يوافي إلى الغايات في آخر الأمرقوله تعالى: »جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا« جمعهم في الدخول لأنه ميراث، والعاق والبار في الميراث سواء إذا كانوا معترفين بالنسب؛ فالعاصي والمطيع مقرّون بالرب.
ثم تفسير الجلالين للامامين جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي _ رحمهما الله تعالى - ....
ثم تفسير الجلالين للامامين جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي _ رحمهما الله تعالى - ....
«ثُمَّ أَوْرَثْنَا» أعطينا «الْكِتَابَ» القرآن «الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا» وهم أمتك «فمنهم ظالم لنفسه» بالتقصير في العمل به «وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ » يعمل به أغلب الأوقات «وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ» يضم إلى العلم الى التعليم والإرشاد إلى العمل «بِإِذْنِ اللَّهِ» بإرادته «ذَلِكَ» أي إيراثهم الكتاب «هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ».
" ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ"
ثم أعطينا -بعد هلاك الأمم- القرآن من اخترناهم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم: فمنهم ظالم لنفسه بفعل بعض المعاصي, ومنهم مقتصد, وهو المؤدي للواجبات المجتنب للمحرمات, ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله, أي مسارع مجتهد في الأعمال الصالحة, فرضها ونفلها, ذلك الإعطاء للكتاب واصطفاء هذه الأمة هو الفضل الكبير.
ثم أعطينا -بعد هلاك الأمم- القرآن من اخترناهم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم: فمنهم ظالم لنفسه بفعل بعض المعاصي, ومنهم مقتصد, وهو المؤدي للواجبات المجتنب للمحرمات, ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله, أي مسارع مجتهد في الأعمال الصالحة, فرضها ونفلها, ذلك الإعطاء للكتاب واصطفاء هذه الأمة هو الفضل الكبير.
والآن حقيقة اجد هذه التفاسير جدا رااائعة اللهم بارك وسبحان الملك الذي فهم القرآن لعباده واصطفى منهم من يأوله على مراد الله عزوجل ...
وخلاصة القول في هذه الاية :
ان الامة على ثلاثة اثلاث ....
1 – الظالم لنفسه : وخلاصة القول فيه انه هو الظالم لنفسه بفعل بعض المعاصي.
2 – المقتصد : وهو المؤدي للواجبات المجتنب للمحرمات.
3 – سابق بالخيرات : أي مسارع مجتهد في الأعمال الصالحة, فرضها ونفلها.
2 – المقتصد : وهو المؤدي للواجبات المجتنب للمحرمات.
3 – سابق بالخيرات : أي مسارع مجتهد في الأعمال الصالحة, فرضها ونفلها.
وايضا من اجمل ما قرأت من ضمن ما وضعته لكم فيما تقدم :::
*** وقيل: الظالم التالي للقرآن ولا يعمل به، والمقتصد التالي للقرآن ويعمل به، والسابق القارئ للقرآن العامل به والعالم به.
وهذا مربط الفرس ومحك كتابتي لهذا الموضوع ..
وهذه الثلاثة انواع هي التي نراها الآن ...
نرى الذي يتلوا القرآن ولا يعمل به ولا يحتكم لأمره ولا يجتنب نواهيه ولا يأتمر بأوامره ولا يستشفي به ولا يديم سماعه وحفظه ، وقد قال علي إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه وإذا حدثتكم فيما بيني و بينكم فإن الحرب خدعة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (يخرج قوم من أمتي في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية يقرؤون القرآن لا يتجاوز حناجرهم قال عبد الرحمن لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قاتلهم عند الله يوم القيامة ).أصل القصة صحيح
نرى الذي يتلوا القرآن ولا يعمل به ولا يحتكم لأمره ولا يجتنب نواهيه ولا يأتمر بأوامره ولا يستشفي به ولا يديم سماعه وحفظه ، وقد قال علي إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه وإذا حدثتكم فيما بيني و بينكم فإن الحرب خدعة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (يخرج قوم من أمتي في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية يقرؤون القرآن لا يتجاوز حناجرهم قال عبد الرحمن لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قاتلهم عند الله يوم القيامة ).أصل القصة صحيح
والشاهد : لا يتجاوز حناجرهم ( قال عبد الرحمن لا يجاوز ايمانهم حناجرهم )...
فهؤلاء والله هم الظالمون لأنفسهم ... فقد حرموا أنفسهم من خير عظيم وفضل كبير .. فهل أنت منهم ؟؟؟!!
ونرى المقتصد الذي يتلوا القرآن لنفسه ويعمل به لنفسه ايضا ... فلا يكاد يبلغ عن ربه ولا عن نبيه صلى الله عليه وسلم ( بلغوا عني ولو آية ) ...
فهذا إنما حصَّل كثير خير ولكنه ايضا حُرم كثير خير ... اكتسب خير تلاوة القرآن وتعلمه والعمل به ... ولكنه حرم خير تبليغه للناس وتعليمه لهم ...
فهو وحده آخذ أجره على نفسه .... وبالناس آخذ أجره وأجورهم ، كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها ، وأجر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ، ووزر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ).صحيح
فهذا إنما حصَّل كثير خير ولكنه ايضا حُرم كثير خير ... اكتسب خير تلاوة القرآن وتعلمه والعمل به ... ولكنه حرم خير تبليغه للناس وتعليمه لهم ...
فهو وحده آخذ أجره على نفسه .... وبالناس آخذ أجره وأجورهم ، كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها ، وأجر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ، ووزر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ).صحيح
فكيف ان كانت هذه السنة الحسنة هي قراءة القرآن وتعلمه وتعليمه وتبليغه ؟؟!!فهل أنت منهم ..؟؟!!!
ونرى أخيرا الذين يسبقون ويتسابقون في الخيرات ... الذي لا يريد خسارة العمل ولا العلم ... فهو جمع بين العلم والعمل فعلم وعلَّم وعمل بعلمه وعلم الناس كيف يعملون به ... قال الله في العلماء ( وغالبا ما يكون العالم عامل بفضل الله عزوجل ) ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "يقول الله تعالى يوم القيامة للعلماء : إني لم أضع علمي وحكمي فيكم إلا وأنا أريد [أن] أغفر لكم ، على ما كان منكم ، ولا أبالي"..
وقال صلى الله عليه وسلم ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ).
وقال صلى الله عليه وسلم ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ).
فهل أنت منهم ...؟؟؟!!!
وكان من أعجب ما سمعت تفسير أحد المشايخ لهذه الآية ( ولكني لا اتذكر من الشيخ حقيقة والله المستعان) ...
قال : أن الآية تنطبق على حملة القرآن ...
فكلهم آتاهم الله القرآن حملا في صدورهم ... ولكن أولهم كان ظالم لنفسه ... فحمل القرآن ولم يراجعه ولم يعمل به ...فنسيه ولم يعد له مكان ولا حول ولا قوة الا بالله ..
وأما الآخر : فهو مقتصد : حمل القرآن و وهبه الله عزوجل هذا الفضل العظيم ولكنه اقتصر فقط على أنه حفظ ويقصر في المراجعة وتعليم الناس القرآن وتعلم احكامه والعمل به .
وأما الاخير : فهو السابق بالخيرات .. الذي حمل القرآن وأتقنه وداوم على معاهدته ولم يكتفِ بذلك ، بل عمل به وعن عائشة رضي الله عنها لما سألت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت (كان خلقه القرآن ).صحيح
ولم يكتف بالعلم والعمل ولكنه سابق بالخيرات فذهب يعلم هذا تجويد القرآن ، وذهب يشجع هذا على الحفظ ، وذهب يعلم التفسير وييسر على الناس في عمل مخططات لسهولة الحفظ والاتقان ..فهو يعلم يقينا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه . قال : وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان حتى كان الحجاج ، قال : وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا ). [صحيح]
فهل أنت منهم ...؟؟؟!!!
وأما الفائدة الاخرى التي زادت من عجبي ...
هي القول في التفاسير في تقديم الظالم وتأخير السابق ..
*** وقيل: قدم الظالم لئلا ييأس من رحمة الله، وأخر السابق لئلا يعجب بعمله.
والله تفسير رااائع سبحان الملك اللطيف الرحيم ...
فهذه هي القاعدة ...
حتى لا ييأس الظالم ولا يعجب السابق بعمله ..
قاعدة في غاية الخطورة ..
وهنا على هذا التفسير مازال الله عزوجل الرحيم يرحم عباده حتى الظالمين منهم وهو الغني عنهم سبحانه ،،، ومازال يذكر السابق بمكانته وان يخلص لله لأن لا يعجب بعمله فيضيع ثوابه ...
سبحان المولى القدير الغني الحليم واللطيف الخبير الرحيم الودود .. والله من تفكر فيها أحبه وعاد اليه وما فارق كتابه ...
*** وقيل: أخر السابق ليكون أقرب إلى الجنات والثواب، كما قدم الصوامع والبيع في سورة الحج « على المساجد، لتكون الصوامع أقرب إلى الهدم والخراب، وتكون المساجد أقرب إلى ذكر الله.
سبحان المولى القدير الغني الحليم واللطيف الخبير الرحيم الودود .. والله من تفكر فيها أحبه وعاد اليه وما فارق كتابه ...
*** وقيل: أخر السابق ليكون أقرب إلى الجنات والثواب، كما قدم الصوامع والبيع في سورة الحج « على المساجد، لتكون الصوامع أقرب إلى الهدم والخراب، وتكون المساجد أقرب إلى ذكر الله.
وهنا أيضا كله خير .. فقد أخر السابق ليكون أقرب للثواب وهو جنات عدن سبحان الله العظيم ... وهذا انما يحث الله به العباد على العمل والمسابقة في الخيرات .. قال تعالى ( وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ )..
وبعد كل هذا ... جعل الجنات للجميع بتفاوت منازلهم فيها ... أرأيتم مثل هذا الكرم والحلم والجود ؟؟!! سبحان الملك الجليل .
ولو أنَّا جعلنا نتكلم عن مافي هذه الآية من عبر وفوائد ما انتهينا ولكني ذكرت اهم مافيها لانها ذكرى لابد منها ..
لابد أن يقف كل منا مع نفسه ...
ولو أنَّا جعلنا نتكلم عن مافي هذه الآية من عبر وفوائد ما انتهينا ولكني ذكرت اهم مافيها لانها ذكرى لابد منها ..
لابد أن يقف كل منا مع نفسه ...
فمن تلى القرآن ولم يعمل به قد ظلم نفسه .. ومن لم يحفظه وكان قادرا على ذلك ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ... فكلنا قادر على حفظه بإذن الرحمن) فهو ظالم لنفسه .
ومن تلى القرآن وعمل به واقتصد على ذلك ... فهو مقتصد قد فقد خيرا عظيما ..
ومن تلى القرآن وعمل به وبلغه وعلَّمه ... فهذا الذي سبق وحاز الخير كله بإخلاص لله عزوجل ..
كتبت تلك الكلمات على قدر علمي الضئيل جدا( ان كنت املكه اصلا) ... ولكن قدر حبي الخير للناس احسبه بفضل الله كبير وأسأل الله الاخلاص فيه والصدق ...
أريد أن يقف كل أخ وكل أخت منا ... ويسأل نفسه بعد أن يقرأ التفاسير جميعها ..
ومن تلى القرآن وعمل به وبلغه وعلَّمه ... فهذا الذي سبق وحاز الخير كله بإخلاص لله عزوجل ..
كتبت تلك الكلمات على قدر علمي الضئيل جدا( ان كنت املكه اصلا) ... ولكن قدر حبي الخير للناس احسبه بفضل الله كبير وأسأل الله الاخلاص فيه والصدق ...
أريد أن يقف كل أخ وكل أخت منا ... ويسأل نفسه بعد أن يقرأ التفاسير جميعها ..
أيهم أنا الآن ؟؟
وأيهم أريد أن أكون بعد أن قرأت تأويل هذه الآية المعجزة .؟؟؟
أسأل الله تبارك وتعالى أن يغفر لنا تقصيرنا وأن يجعل القرآن دستورنا وأن يجعله أنيسا لنا في الدنيا والاخرة ...
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
يُتبع ان شاء الرحمن
وكتبته / المشتاقة لله
تعليق