إن المنهج والمخرج لهذه الأمة الإسلامية في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، إن الذين فقِهوا وفهموا، والذين عملوا والتزموا استطاعوا أن يقودوا الأمة وأن يكونوا رواد الأمم .
وإن أمتنا اليوم أحوج ما تكون إلى هذه المنهجية التي تتحرك بها، وإلى تلك المرجعية التي تنظر إليها إذا ادلهمت الخطوب واشتبكت واختلطت الآراء والرؤى ؛ فالمؤمن يتسلح بقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26]، هو مالك الملك، مالك مُلك الدنيا والآخرة؛ كما قال أهل التفسير. والمُلك اسم جنس أي كل أنواع الملك هو مالكها سبحانه وتعالى؛ والعالم بكل شيء: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: 22، 23].
أين سكرة الهوى وغفلة الحياة الدنيا؟ ما بالنا مع كل هذا الذي نقرأه؟ كل يوم آيات تنزلت على سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم - ، جاءتنا عبر القرون ونُفذت واحتذى بها المسلمون في كل آن ومصر وعصر.
ثم نحن اليوم أمة الإسلام؛ لا نرجع إليها، لا نهتدي بها، لا نحتكم إليها، لا ندرك تماماً أنه لا بد لنا قبل أن نخطو خطوة وقبل أن نقول كلمة وقبل أن نرفع راية أن ننظر هل هذا هو شرع الله؟ هل هذه هي المصلحة التي تتحقق لأمة الإسلام والمسلمين؟ هنا ينبغي أن تكون العصمة من الفتنة في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - .
فالمؤمن القرآني يتقلب دائماً بين المنهج الرباني والمخرج القرآني والهدي النبوي؛ لا يخرج عن ذلك، لا يغفل عنه، لا يرفع شعارات ولا رايات، ولا يأخذ مناهج ولا خطط، إلا وهو يسترشد بكتاب الله وبهدي رسوله صلى الله عليه وسلم ، فلا بد لكل أحد أن يغير وأن يصلح؛ ولم لا يبادر حكامنا في بلادنا العربية والإسلامية أن يمدوا أيديهم إلى شعوبهم ومواطنيهم، أن يصدقوا ولا يكذبوا، أن يفعلوا ولا يخادعوا، أن يعطوا الحقوق ولا يمنعوها؛ ماذا سيضرهم؟ سيكونون ملء الأعين والأبصار، سيكونون في سويداء القلوب وسواد العيون، لا أحد يريد لهذه الأوطان أن تتمزق، لا أحد يريد لهذه الشعوب أن تتصارع وتختلف، لا أحد يريد لأمتنا وبلادنا أن ينزع عنها الأمن والاستقرار؛ ولكن لا أحد يريد أن يبقى الاستبداد ، وأن يستشري الفساد ، وأن يعم الظلم ، وأن تنتهك المحارم ، وأن تُسلب الحقوق ، وأن تضيع الكرامة ؛ لماذا؟ لماذا وكل بلاد الدنيا تتغير وهي ليس عندها كتاب ولا سنة؟
تتغير من الناحية الإنسانية إلى صور أفضل وأحسن وأكثر إيجابية؟ لماذا لا نبادر نحن جميعاً بذلك؟ هذا واجبنا ، وهذه هي الفرائض التي شرعها الله سبحانه وتعالى وأوجبها علينا ، فلا بد لأهل الإسلام رعية من العلماء والدعاة والخبراء والمتخصصين وعموم الناس أجمعين أن يسهموا في التغيير والإصلاح، لا بد أن يقولوا كلمة حق بمنهج سديد وقول حكيم ورؤية واضحة، لا بد أن يطلبوا ما لهم من الحق بجرأة وبقوة وبأدب وبمنهجية. ونحن نوقن ونعلم أنه كما تكونوا يولّى عليكم ، وأن ما عندنا من خلل نعرفه ولا نحتاج أن نعرف به ، وما لدينا من تقصير ولا يحتاج أن يشار إليه ، وما نعرفه عن أنفسنا من تعدٍ وظلم وانتهاك للمحارم أو وقوعٍ في المعاصي ؛ كلنا بهذا نكون سبباً في أن يحرمنا الله سبحانه وتعالى من كثير من الخير وأن يحل بنا بسنته وقدره ما يجري به وما يقدره من البلاء والفتنة، أعاذنا الله وإياكم.
ارجعوا ولنرجع إلى الله سبحانه وتعالى فلنكن كما يريد الله سبحانه وتعالى لنا ، ولنترسم خطى نبينا صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح.
تعليق