يوم تكون النظرة (إليه) أمنية!!
هذه الحياة بكل ما فيها شريط أحداث سريع الدوران، لا يمكننا بحال الضغط على زر لإيقافه أو الرجوع به إلى الوراء!! حتى صار كل فعلٍ أو قولٍ يصدر منا وليد لحظته فقط!! ومن ثم يلقى مباشرة به في صحيفة الماضي من الأعمال، فإن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر!!
والقوى الخفية وراء عدم استشعار الإنسان بهذا المرور السريع للزمن، هي الغفلة!! وهي بمثابة العصا السحرية التي يستخدمها الشيطان في سرقة أعمارنا، حيث يركز مشاعرنا وأحاسيسنا على الزمن الحاضر ويوسع لنا إطاره؛ بحيث يسيطر علينا شعور وكأن عقارب الساعة قد توقفت عن الدوران، وبالتالي لا خوف على ما سوف يضيع من الأوقات التي سوف نبذلها من أجل تحقيق رغباتنا العاجلة، أما عن المستقبل، فلا ينبغي حمل همه مطلقاً!! إذ أن العمر ممدود بلا نهاية (هكذا يواصل الشيطان إلقاء الأماني الزائفة في شعورنا الباطن) حتى ينجح بهذه الخدع في استثمار كل لحظة من حياتنا في الغفلات والملذات!! كي يجني ثمار سعيه الخبيث أمواجًا من البشر تموج بين زفرات جهنم، وهو يصرخ فيهم قائلاً :" . . .مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 22 ) . " إبراهيم
وهنا وقفة . . ألـم يجعل الله لنا وقايـة من كيد الشيطان؟ ألم يخبرنا أن كيده كان ضعيفاً عند ذكر الرحمن؟ أليس بين أيدينا نور من الله حذرنا فيه من الغفلة وكيد الشيطان؟ . . هذه الكلمات التي نطمئن لوجودها بين دفتي المصحف الذي زينا به مكتبات منازلنا دون ملامسته!! سيأتي علينا وقت نتمنى النظر ولو إلى حرف من حروفه!!
إن بغتة الموت. . ستجعل تلك الكلمات التي طالما قرأناها بقلوبٍ غافلةٍ لاهيةٍ!! تتجلى أمام أعيننا في ظلمة القبر، وكأن الله لم يقل غيرها!! (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ (1) الأنبياء . . ( إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ ( 7 ) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ( 8 ) يونس . . (قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ (126)) طه. . (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100))سورة المؤمنون.
أخي الحبيب . . لا يزال القرآن بين يديك طالما لا تزال أنفاسك تتردد، لذا يمكنك النظر فيه الآن وقراءته قراءة متأنية . . تستشعر فيها نفسك في تلك اللحظات . . بعد انقضاء الآجال . . وانتهاء المهلة . . وكن على يقين من أنك لو استشعرت ذلك بالفعل . . ستكون قراءتك له أعمق . . واستشعارك لمعانيه أقوى . . وذلك قبلما تكون . .
النظرة (إليه) أمنية!!
بقلم : أبو مهند القمري
تعليق