الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده. وبعد
إن اليقين بأنَ الله لا يُخلف الميعاد, وأنَ وعدَه حقٌ وصدق , لا بُدَ أن يتحققَ , يرتبطُ بقاعدة إيمانية أساسية , نتعامل مع نصوص القرآن على أساسها .
هذه القاعدة:: تُقرر وجوب الثقة المطلقة بالنصَ القرآنى , والتسليم التامَ بدلالته , وإخضاع الواقع المُخالف له , والتوفيق بين النصَ القرأنى الجازم وبين الواقع المُخالف فى الظاهر له .
وهذه القاعدة القرآنية ترتبط بنظرتنا إلى القرآن , وتدبُرنا له, وتعاملنا معه وإيماننا بالله الذى أنزله.
كل ما فى القرآن حقٌ وصدقٌ:-
من التعظيم والتقدير لله يكون التعظيم لكتابه , ومن التعظيم للقرآن يكون حُسنُ الفهم لنصوصه , ومن حُسن الفهم لنصوصه تكون الثقة المطلقة بها , واليقين التام بدلالاتها.
إنَ ما قاله الله فى القرآن هو "الحق والصدق والصواب" , وإنَ ما قرَره هو الصحيح , ولا يجوز أن يتطرق إلينا فى ذلك شكٌ أو ريب.
تجب الثقة الكاملة فى حقائق القرآن التاريخية, والتشريعية , والعلمية , والإنسانية , والأخلاقية , والجهادية....... وغير ذلك .
ولنذكر بعض الآيات التى قد لا يثق بعض الناس بها, ولا يُسلَمون بمدلولها بزعم مخالفتها لمنطق العقل أو لحركة التاريخ أو للتقدم المعاصر.
أولاً:: النار بردٌ وسلامٌ على إبراهيم _صلى الله عليه وسلم_:::
قال الله تعالى (( قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ﴿٦٨﴾ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ﴿٦٩﴾))
فتخبرنا هذه الآيات أنَ قوم إبراهيم_صلى الله عليه وسلم_ أوقدوا له ناراً ضخمة وألقوه فيها ليموت حرقاً ولكنَ الله أنقذه منها حيث أمرها أن لا تُحرقه وإنما تكون برداً وسلاماً عليه , فكانت كما أمرها الله , وبذلك خسر أعداؤه الكافرون.
وأصحاب التفكير المادى لا يُصدقون بهذا , إذ كيف يكون رجل داخل نار مشتعلة ولا تُحرقه ؟؟!! والنار من طبيعتها الإحراق.
عندما ننظر للمسألة من زاوية قدرة الله وإرادته فلا نستغرب هذا , بل يكون آية من آيات الله الدالة على طلاقة قدرته سبحانه .
وبما أن الله تعالى أراد ذلك فهو مُتحققٌ بدون شك .
وبما أنه أخبرنا عن ذلك بصريح القرآن فإنه حصل عملياً كما أخبر الله.
وما أحسن ما قاله صاحب الظلال _عفا الله عنه_::
((فلا نسأل: كيف لم تحرق النار إبراهيم _عليه السلام_ والمشهود المعروف أن النار تحرق الأجسام الحية؟؟
فالذى قال للنار : كونى حارقة هو سبحانه الذى قال لها :: كونى برداً وسلاماً . وهى الكلمة الواحدة التى تُنشىء مدلولها عند قولها كيفما كان هذا المدلول . مألوفاً للبشر أو غير مألوف .
وكيف أمكن أن يكون؟؟
إن الذين يقيسون أعمال الله سبحانه إلى أعمال البشر هم الذين يسألون :: كيف كان هذا ؟؟
فأما الذين يدركون إختلاف الطبيعتين وإختلاف الأداتين , فإنهم لا يسألون أصلاً ولا يحاولون أن يختلقوا تعليلاً علمياً أو غير علمى .
فالمسألة ليست فى هذا الميدان أصلاً . ليست فى ميدان التعليل والتحليل بموازين البشر ومقاييس البشر , وكل منهج فى تصور مثل هذه المعجزات غير منهج الإحالة إلى القدرة المطلقة هو منهج فاسد من أساسه لأن أعمال الله غير خاضعة لمقاييس البشر))أ.هــــ كلامه
والحمد لله رب العالمين
يتبع إن شاء الله تعالـــــى
تعليق