""
وبه نستعين
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين النبى الأمى الأمين
_صلى الله عليه وسلم_
أما بعد؛
نسر أن نقدم لكم هذه المقالة
حصرياً على
الطريق إلى الله
لماذا هَجَرْتَه؟!
بقلم : د/شريف طه
أحببتَ أولادك أعظم ما يكون الحب ، بذلتَ لأجلهم ما لا بذل بعده من الرعاية والحَدْب ، وتقربتَ إليهم بكل صنوف المودة والقُرْب .. باختصار : كنتَ والداً مثالياً بكل ما تحمله الكلمة من المعاني .. وبعد كل ذلك هجرك أبناؤك..
ياتُرَى كيف هو شعورك حِيَال هجرهم لك؟! ألا تُعِد ذلك التصرف جرماً شنيعاً؟! لا شك تنكر ذلك التصرف وتُزري على من فعله.. رغم أنك للأسف تفعل ماهو أشنعمنه حين تهجر كلام الله ..
إنك لا تقبل أن تهجر إنسانا أحبك وأسدى إليك معروفا بل لاتقبل والله فعل ذلك أحيانا مع حيوان لايعقل ..
وتقول : " نفسي لا تطاوعني على هجره إنك لاتدري قدر حرصه على ما ينفعني،إنك لاتدري كمَّ المعروف الذي أسداه لي إنك لاتدري قدر حاجتي إليه"..
عجباً لك! لاتطاوعك نفسك على هجران أي شيء وكلشيء ولاتجد أدنى غضاضة في هجران كلام ربك .. ألا تستحيي؟! .. هل يستأهل ربك منك هذا؟! هل يستحق كلام الله الهجران؟!
لَهؤلاء - دون أدنى ريب - هم من المعنيين بقول الله :" مَا لَكُمْ لَاتَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا"، وقوله:" مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ"، وقوله : "وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ"، وقوله :" فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ "
وحُقَّ لرسول الله أن يشكوهم وأمثالهم إلى الله : " وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا"
لذا لا نستغرب أن يدنس أعداؤنا كلام ربنا وأن يمزقوه وأن يحرقوه ؛ فقد وجدوا أن أهله قد هجروه ، وقد هان عليهم فنحوه عن حياتهم وغيبوه..
أتحزن لأن الكفرة من اليهود والنصارى قد أهانوا القرآن؟! ..لإن حزنتَ لأجل ما فعلوه مرة فاحزن لأجل ما فعلتَه أنت ملايين المرات فقد أهنتَه قبلهم حين هجرته.. قد أهنتَه قبلهم حين كان غاية حظك منه إقامة الحروف فقط أو الحفظ فقط أو السماع والاستمتاع والتبرك فقط .. قد أهنته حين قدمت عليه غيره وأهملته .. قد أهنته حين فرطت في أن تكون نسخة عملية من القرآن"قرآنا يمشي على الأرض" كما كان رسولنا وقدوتنا – صلى الله عليه وسلم.
دعونا من صب جل إنكارنا وإزرائنا وغضبنا علي الكفار فقط .. واجعلوا لأنفسنا وأفعالنا نحن من ذلك النصيب الأكبر .. فلو نصرنا ربنا وقمنا بحقوق كتابنا، لنصرنا وأعزنا وملأ قلوب أعدائنا رهبة منا وهيبة لنا.
كم مرة تعرض القرآن للتدنيس والإهانة، ونحاول تسكين غضبنا بالشجب والاستنكار والتظاهر ونفرغ كل طاقاتنا بذلك وتهدأ العاصفة وتسكن الزوبعة دون أدنى عمل إيجابي نصلح به حالنا مع القرآن ونعود مرة أخرى إلى حالنا الأول وتعود الإساءات وتتكرر ذات التفاعلات والتصرفات.. فمتى ياقوم نعقل؟! لم لاتكون أفعالهم المشينة دافعا لنا لتعظيم القرآن ونصرته وإعزازه بتعلمهوالعمل به، فتصبح جهودهم كما قال الله:" فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ"
ولعل مِن حِكَم تقدير مثل هذه الحملة الشعواء على كلام الله أن يفيق المسلمون من غفلتهم وينظروا أين هم من كتاب الله علما وعملا..فيعرفواعظمة كتاب الله وقدر حاجتهم إليه ويدركوا مغبة هجرانه والإعراض عنه .. وتكون هذه الأزمة نقطة الانطلاق لعهد جديد من العناية بكتاب الله علماً وعملاً.
والله لحاجتنا إلى كتاب الله أفراداً ومجتمعات لتفوق حاجتنا لعامة ما يشغلنا عنه من ضروريات حياتنا..وإن المحروم على الحقيقة من حرم القرآن علما وعملا .. وكل خسارة للإنسان دون خسارة القرآن أمر يهون.
وما وقع المسلمون فيما هم فيه من الهجران للقرآن وإهماله إلا بسبب جهلهم بقدره وعدم إدراكهم لحاجتهم له ودوره في حياتهم كمعين لا ينضب للسعادة والفلاح في الدنيا والآخرة..أخطأ من ظن أن القرآن مجرد كتاب عادي وأن كلماته مجرد كلمات عادية .. إنه كتاب الله.. إنه كلام الله.. إنه من عند الله.. هلا استشعرت ذلك المعنى جيدا..ولو تقرر عندك حقا لما هجرت القرآن أوأهملته أبدا.
أيها المسلمون ماذا تنتظرون؟ ألا تخشون أن يحرمكم الله من كلامه المعجز؟ وحينها والله لن يعوض أي شيء في الدنيا خسارتكم للقرآن .. اللهم إنا نتوسل إليك ألا تحرمنا من القرآن وألا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
ويعلم الله أني ما كتبت إلا حبا لله وغيرة له ولكلامه، وإشفاقاً على إخواني المسلمين وأخواتي المسلمات، ورغبة في أن أنصر ربي وديني وكتابي بأي شيء، ففضل الله علي عظيم ولا أفتر عن شكره على نعمتي الإسلام والقرآن فإنني لا أتصور كَمَّ شقائي وإخفاقي إن لم أعرفهما.
لذا فأرى أن أهم ما ننشغل به هذه الآونة وأبلغ رد على أولئك الحاقدين الفجرة من الكافرين أن يعاهد كل واحد منا ربه أن يقوم بحقوق القرآن عليه علماً وعملاً وأن يكون قرآنا يمشي على الأرض .. باختصار أن يكون نسخة عملية من القرآن ..
فإذا نجحوا في حرق الآية أو محوها من السطور فأنَّى لهم بفعل مثل ذلك مع الآيات المنقوشة حفظاً وعلماً في القلوب التي في الصدور..أنَّى لهم بمثل ذلك مع أفعال المسلم وأخلاقه وآثاره التي أدخلت تلك الآيات حيز التنفيذ وأخرجتها إلى النور..
ما أكثر الحفاظ فينا! ما أكثر من يعلمون! لكن أين أهل القرآن الذين يتدبرون ويعملون..أين مَن يجعلون القرآن منهج حياة أين من يحفظونه ويدعون إليه بتطبيقه.. وغير العاملين ليسوا من أهله وإن أقاموا حروفه إقامة السهم كما قال ابن القيم.
فإذا أردنا أن ننصر ربنا وديننا وقرآننا فلنحرص على أن نؤدي حقوق القرآن علينا فإذا أدينا حقوقه صرنا من أهله ولن نكون من أهله إلا بالعلم والعمل معا..
لست أريد منكم أمرا صعبا ولن أسترسل في الحديث عن كيفية التعامل مع القرآن وطرق الانتفاع به .. أنا فقط أدعوكم لتصرفوالله ولكتابه نصيبا مما تصرفونه للدنيا وشهواتها ..أنتم تقرأون كثيرا ، وتسمعون كثيرا ، وتتعلمون الكثير وتحفظون الكثير ، وتتدبرون في الكثير مما تقرأون ، وتطبقون العديد مما تقرأون ، وتدعون لكثير مما قرأتموه..
أريدكم فقط أن تصرفوا هذه الطاقات والقدرات للقرآن وتتحروا من العلل التي تعلنون بها عجزكم حين يُطلَب منكم صرف هذه الطاقات والقدرات للقرآن..فلستم بعجزة بل أنتم في تمام القدرة ، فلا تخدعوا أنفسكم ، واصدقوا مع ربكم ،فليس شيء أحق من القرآن بصرف طاقاتكم وقدراتكم لأجله، القرآن أولى بذلك بلاشك..وحينها ستندمون على ماكان منكم من إعراض عن حقوق القرآن ، وستدركون أن ليس كتاب ولا منهاج أنفع لكم منه.
ولكي نكون من أهل القرآن القائمين بحقه غير الهاجرين له علينا بالآتي (واجباتنا تجاه القرآن):
(وحقوق القرآن وواجباتنا تجاهه عشرة واجبات ، خمسة منها علمية ، وخمسة أخرى عملية .. أذكرها باختصار بصورة عملية مرتبة تمهد فيها كل خطوة لتاليتها)
أولا : الواجبات العلمية:
1- الإكثار من التلاوة.
2- الإكثار من السماع.
3- التجويد والقراءة بصورة صحيحة.
4- الحفظ.
5- تعلم المعاني والمباني والأحكام وفهم الآيات.
ثانيا: الواجبات العملية:
1- استخراج الوصايا والواجبات والرسائل الموجهة إلينا.
2- التدبر وإسقاط هذه الواجبات على النفس وتقييم النفس في ضوئها.
3- التطبيق وامتثال ما دعت إليه الآيات.
4- تعليم الناس ما تعلمناه من العلم والعمل.
5- الدعوة إلى القيام بحقوق القرآن وإلى ما دعى إليه القرآن.
وباستقراء نصوص الوحي نجد أن هذا هو المنهجا لذي علم النبي الصحابة أن يتعاملوا به مع القرآن فنصروه ونصرهم وحفظوه وحفظهم وأعزوه وأعزهم وكانوا أسعد الناس به.
وختاما : فالقرآن منصور محفوظ بنا أو بغيرنا ونحن إن لم نُنْصَر ونُحْفَظ به فلن نُنْصَر ونُحْفَظ بغيره .. والله يُقَدِّر أمثال هذه الأمور لتكون فرصة لمن أراد أن يُثبِت لله معدنه النفيسة وحبه له وحرصه على مرضاته..فمن تعامل معها وفق مراد ربه الحكيم العليم ، كان ما فعله معراجا للقرب وجنات النعيم..ومن لم يعبأ بها ولم تحرك فيه ساكنا ربما كان تفاعله العقيم سبباً في أن يصلى نار الإبعاد وعذاب الجحيم..والمحن والأزمات تُمَحِّص الناس وتُظهِر الملكات والعورات..
فمَن ستكون؟ وماذا ستُظهِر منك هذه الأزمة؟
إن من براهين حبك لربك وتعظيمك لكلامه العمل بما في هذه الورقة والدعوة إلى ما فيها وبذل الوسع في نشرها.
وأستحلفكم بالله ألا تحرموني من صالح دعواتكم وسديد توجيهاتكم .. أسأل الله أن يرضى عني وعنكم.
كتبها
د/ شريف طه
أبوعبدالملك المصري
حصرياً على موقع الطريق إلى الله
وبه نستعين
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين النبى الأمى الأمين
_صلى الله عليه وسلم_
أما بعد؛
نسر أن نقدم لكم هذه المقالة
حصرياً على
الطريق إلى الله
لماذا هَجَرْتَه؟!
بقلم : د/شريف طه
أحببتَ أولادك أعظم ما يكون الحب ، بذلتَ لأجلهم ما لا بذل بعده من الرعاية والحَدْب ، وتقربتَ إليهم بكل صنوف المودة والقُرْب .. باختصار : كنتَ والداً مثالياً بكل ما تحمله الكلمة من المعاني .. وبعد كل ذلك هجرك أبناؤك..
ياتُرَى كيف هو شعورك حِيَال هجرهم لك؟! ألا تُعِد ذلك التصرف جرماً شنيعاً؟! لا شك تنكر ذلك التصرف وتُزري على من فعله.. رغم أنك للأسف تفعل ماهو أشنعمنه حين تهجر كلام الله ..
إنك لا تقبل أن تهجر إنسانا أحبك وأسدى إليك معروفا بل لاتقبل والله فعل ذلك أحيانا مع حيوان لايعقل ..
وتقول : " نفسي لا تطاوعني على هجره إنك لاتدري قدر حرصه على ما ينفعني،إنك لاتدري كمَّ المعروف الذي أسداه لي إنك لاتدري قدر حاجتي إليه"..
عجباً لك! لاتطاوعك نفسك على هجران أي شيء وكلشيء ولاتجد أدنى غضاضة في هجران كلام ربك .. ألا تستحيي؟! .. هل يستأهل ربك منك هذا؟! هل يستحق كلام الله الهجران؟!
لَهؤلاء - دون أدنى ريب - هم من المعنيين بقول الله :" مَا لَكُمْ لَاتَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا"، وقوله:" مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ"، وقوله : "وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ"، وقوله :" فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ "
وحُقَّ لرسول الله أن يشكوهم وأمثالهم إلى الله : " وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا"
لذا لا نستغرب أن يدنس أعداؤنا كلام ربنا وأن يمزقوه وأن يحرقوه ؛ فقد وجدوا أن أهله قد هجروه ، وقد هان عليهم فنحوه عن حياتهم وغيبوه..
أتحزن لأن الكفرة من اليهود والنصارى قد أهانوا القرآن؟! ..لإن حزنتَ لأجل ما فعلوه مرة فاحزن لأجل ما فعلتَه أنت ملايين المرات فقد أهنتَه قبلهم حين هجرته.. قد أهنتَه قبلهم حين كان غاية حظك منه إقامة الحروف فقط أو الحفظ فقط أو السماع والاستمتاع والتبرك فقط .. قد أهنته حين قدمت عليه غيره وأهملته .. قد أهنته حين فرطت في أن تكون نسخة عملية من القرآن"قرآنا يمشي على الأرض" كما كان رسولنا وقدوتنا – صلى الله عليه وسلم.
دعونا من صب جل إنكارنا وإزرائنا وغضبنا علي الكفار فقط .. واجعلوا لأنفسنا وأفعالنا نحن من ذلك النصيب الأكبر .. فلو نصرنا ربنا وقمنا بحقوق كتابنا، لنصرنا وأعزنا وملأ قلوب أعدائنا رهبة منا وهيبة لنا.
كم مرة تعرض القرآن للتدنيس والإهانة، ونحاول تسكين غضبنا بالشجب والاستنكار والتظاهر ونفرغ كل طاقاتنا بذلك وتهدأ العاصفة وتسكن الزوبعة دون أدنى عمل إيجابي نصلح به حالنا مع القرآن ونعود مرة أخرى إلى حالنا الأول وتعود الإساءات وتتكرر ذات التفاعلات والتصرفات.. فمتى ياقوم نعقل؟! لم لاتكون أفعالهم المشينة دافعا لنا لتعظيم القرآن ونصرته وإعزازه بتعلمهوالعمل به، فتصبح جهودهم كما قال الله:" فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ"
ولعل مِن حِكَم تقدير مثل هذه الحملة الشعواء على كلام الله أن يفيق المسلمون من غفلتهم وينظروا أين هم من كتاب الله علما وعملا..فيعرفواعظمة كتاب الله وقدر حاجتهم إليه ويدركوا مغبة هجرانه والإعراض عنه .. وتكون هذه الأزمة نقطة الانطلاق لعهد جديد من العناية بكتاب الله علماً وعملاً.
والله لحاجتنا إلى كتاب الله أفراداً ومجتمعات لتفوق حاجتنا لعامة ما يشغلنا عنه من ضروريات حياتنا..وإن المحروم على الحقيقة من حرم القرآن علما وعملا .. وكل خسارة للإنسان دون خسارة القرآن أمر يهون.
وما وقع المسلمون فيما هم فيه من الهجران للقرآن وإهماله إلا بسبب جهلهم بقدره وعدم إدراكهم لحاجتهم له ودوره في حياتهم كمعين لا ينضب للسعادة والفلاح في الدنيا والآخرة..أخطأ من ظن أن القرآن مجرد كتاب عادي وأن كلماته مجرد كلمات عادية .. إنه كتاب الله.. إنه كلام الله.. إنه من عند الله.. هلا استشعرت ذلك المعنى جيدا..ولو تقرر عندك حقا لما هجرت القرآن أوأهملته أبدا.
أيها المسلمون ماذا تنتظرون؟ ألا تخشون أن يحرمكم الله من كلامه المعجز؟ وحينها والله لن يعوض أي شيء في الدنيا خسارتكم للقرآن .. اللهم إنا نتوسل إليك ألا تحرمنا من القرآن وألا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
ويعلم الله أني ما كتبت إلا حبا لله وغيرة له ولكلامه، وإشفاقاً على إخواني المسلمين وأخواتي المسلمات، ورغبة في أن أنصر ربي وديني وكتابي بأي شيء، ففضل الله علي عظيم ولا أفتر عن شكره على نعمتي الإسلام والقرآن فإنني لا أتصور كَمَّ شقائي وإخفاقي إن لم أعرفهما.
لذا فأرى أن أهم ما ننشغل به هذه الآونة وأبلغ رد على أولئك الحاقدين الفجرة من الكافرين أن يعاهد كل واحد منا ربه أن يقوم بحقوق القرآن عليه علماً وعملاً وأن يكون قرآنا يمشي على الأرض .. باختصار أن يكون نسخة عملية من القرآن ..
فإذا نجحوا في حرق الآية أو محوها من السطور فأنَّى لهم بفعل مثل ذلك مع الآيات المنقوشة حفظاً وعلماً في القلوب التي في الصدور..أنَّى لهم بمثل ذلك مع أفعال المسلم وأخلاقه وآثاره التي أدخلت تلك الآيات حيز التنفيذ وأخرجتها إلى النور..
ما أكثر الحفاظ فينا! ما أكثر من يعلمون! لكن أين أهل القرآن الذين يتدبرون ويعملون..أين مَن يجعلون القرآن منهج حياة أين من يحفظونه ويدعون إليه بتطبيقه.. وغير العاملين ليسوا من أهله وإن أقاموا حروفه إقامة السهم كما قال ابن القيم.
فإذا أردنا أن ننصر ربنا وديننا وقرآننا فلنحرص على أن نؤدي حقوق القرآن علينا فإذا أدينا حقوقه صرنا من أهله ولن نكون من أهله إلا بالعلم والعمل معا..
لست أريد منكم أمرا صعبا ولن أسترسل في الحديث عن كيفية التعامل مع القرآن وطرق الانتفاع به .. أنا فقط أدعوكم لتصرفوالله ولكتابه نصيبا مما تصرفونه للدنيا وشهواتها ..أنتم تقرأون كثيرا ، وتسمعون كثيرا ، وتتعلمون الكثير وتحفظون الكثير ، وتتدبرون في الكثير مما تقرأون ، وتطبقون العديد مما تقرأون ، وتدعون لكثير مما قرأتموه..
أريدكم فقط أن تصرفوا هذه الطاقات والقدرات للقرآن وتتحروا من العلل التي تعلنون بها عجزكم حين يُطلَب منكم صرف هذه الطاقات والقدرات للقرآن..فلستم بعجزة بل أنتم في تمام القدرة ، فلا تخدعوا أنفسكم ، واصدقوا مع ربكم ،فليس شيء أحق من القرآن بصرف طاقاتكم وقدراتكم لأجله، القرآن أولى بذلك بلاشك..وحينها ستندمون على ماكان منكم من إعراض عن حقوق القرآن ، وستدركون أن ليس كتاب ولا منهاج أنفع لكم منه.
ولكي نكون من أهل القرآن القائمين بحقه غير الهاجرين له علينا بالآتي (واجباتنا تجاه القرآن):
(وحقوق القرآن وواجباتنا تجاهه عشرة واجبات ، خمسة منها علمية ، وخمسة أخرى عملية .. أذكرها باختصار بصورة عملية مرتبة تمهد فيها كل خطوة لتاليتها)
أولا : الواجبات العلمية:
1- الإكثار من التلاوة.
2- الإكثار من السماع.
3- التجويد والقراءة بصورة صحيحة.
4- الحفظ.
5- تعلم المعاني والمباني والأحكام وفهم الآيات.
ثانيا: الواجبات العملية:
1- استخراج الوصايا والواجبات والرسائل الموجهة إلينا.
2- التدبر وإسقاط هذه الواجبات على النفس وتقييم النفس في ضوئها.
3- التطبيق وامتثال ما دعت إليه الآيات.
4- تعليم الناس ما تعلمناه من العلم والعمل.
5- الدعوة إلى القيام بحقوق القرآن وإلى ما دعى إليه القرآن.
وباستقراء نصوص الوحي نجد أن هذا هو المنهجا لذي علم النبي الصحابة أن يتعاملوا به مع القرآن فنصروه ونصرهم وحفظوه وحفظهم وأعزوه وأعزهم وكانوا أسعد الناس به.
وختاما : فالقرآن منصور محفوظ بنا أو بغيرنا ونحن إن لم نُنْصَر ونُحْفَظ به فلن نُنْصَر ونُحْفَظ بغيره .. والله يُقَدِّر أمثال هذه الأمور لتكون فرصة لمن أراد أن يُثبِت لله معدنه النفيسة وحبه له وحرصه على مرضاته..فمن تعامل معها وفق مراد ربه الحكيم العليم ، كان ما فعله معراجا للقرب وجنات النعيم..ومن لم يعبأ بها ولم تحرك فيه ساكنا ربما كان تفاعله العقيم سبباً في أن يصلى نار الإبعاد وعذاب الجحيم..والمحن والأزمات تُمَحِّص الناس وتُظهِر الملكات والعورات..
فمَن ستكون؟ وماذا ستُظهِر منك هذه الأزمة؟
إن من براهين حبك لربك وتعظيمك لكلامه العمل بما في هذه الورقة والدعوة إلى ما فيها وبذل الوسع في نشرها.
وأستحلفكم بالله ألا تحرموني من صالح دعواتكم وسديد توجيهاتكم .. أسأل الله أن يرضى عني وعنكم.
كتبها
د/ شريف طه
أبوعبدالملك المصري
حصرياً على موقع الطريق إلى الله
تعليق