جعفر بن أبي طالب
جعفر بن أبي طالب، أبو عبد الله، ابن عم رسـول الله -صلى الله عليه وسلم-، أخو علي بن أبي طالب، وأكبر منه بعشر سنين، أسلم قبل دخول النبـي -صلى الله عليه وسلم- دار الأرقم، آخذا مكانه العالي بين المؤمنين المبكرين بعد واحد وثلاثين انساناً وأسلمـت معه في نفس اليوم زوجته أسماء بنت عميـس.
وحملا نصيبهما من الأذى والاضطهاد في شجاعة وغبطة... فلما أذن الرسـول -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين بالهجرة الى الحبشـة خرج جعفر وزوجـه حيث لبثا بها سنين عدة، رزقـا خلالها بأولادهما الثلاث
أبو المساكين
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لجعفر: (أشبهتَ خلقي وخُلُقي)... وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُسميه (أبا المساكين).
يقول أبو هريرة: (إن كنتُ لألصق بطني بالحصباء من الجوع، وإن كنت لاستقرىء الرجل الآية وهي معي كي ينقلب بي فيُطعمني، وكان أخيرُ الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب، كان ينقلب بنا فيُطعمنا ما كان في بيته حتى إن كان ليُخرج إلينا العكّة التي ليس فيها شيء فنشقها فنلعَقُ ما فيها).
الشهادة
وفي غزوة مؤتة في جمادي الأول سنة ثمان كان لجعفر -رضي الله عنه- موعدا مع الشهادة، فقد استشهد زيد بن حارثة -رضي الله عنه- وأخذ جعفر الراية بيمينه وقاتل بها حتى اذا ألحمه القتال رمى بنفسه عن فرسه وعقرها ثم قاتل الروم حتى قتل وهو يقول:
يا حبذا الجنة واقترابها ... طيبة وباردا شرابها
والروم روم قد دنا عذابها ... كافرة بعيدة أنسابها
علي اذ لاقيتها ضرابها
أن جعفر -رضي الله عنه- أخذ الراية بيمينه فقطعت، فأخذها بشماله فقطعت، فاحتضنها بعضديه حتى قتل، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء.
الحزن على جعفر
تقول السيدة عائشة: (لمّا أتى وفاة جعفر عرفنا في وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحزن)... فعندما أتاه نعي جعفر دخل الرسول الكريم على امرأته أسماء بنت عُميس وقال لها: (ائتني ببني جعفر).
فأتت بهم فشمّهم ودمعت عيناه فقالت: (يا رسول الله بأبي وأمي ما يبكيك؟ أبلغك عن جعفر وأصحابـه شيء؟)... فقال: (نعم أصيبـوا هذا اليوم)... فقامت تصيحُ.
ودخلت فاطمـة وهي تبكي وتقول: (وَاعمّاه!!)... فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (على مثل جعفر فلتبكِ البواكي)... ورجع الرسول إلى أهله فقال: (لا تغفلوا آلَ جعفر، فإنّهم قد شُغِلوا).
وقد دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- من ذلك همٌّ شديد حتى أتاه جبريل عليه السلام فأخبره أن الله تعالى قد جعل لجعفر جَناحَين مضرّجَيْنِ بالدم، يطير بهما مع الملائكة.
فضله
قال أبو هريرة: (ما احتذى النِّعَال ولا ركب المطَايا بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضل من جعفر).
كما قال عبد الله بن جعفر: (كنت إذا سألت علياً شيئاً فمنعني وقلت له: بحقِّ جعفر؟! إلا أعطاني)... وكان عمر بن الخطاب إذا رأى عبد الله بن جعفر قال: (السلام عليك يا ابن ذي الجناحين).
تعليق