إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رحلتى الى النور مع مالك الرحبى والشيخ ابن عثيمين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16

    الحلقة الثالثة عشر


    دخلت لسكن الطلاب وهي عمارة ذات أربع طوابق..
    تبرع بها الملك خالد رحمه الله وأوقفها لطلبة العلم في الجامع الكبير..
    صعدت للطابق الثاني فوجدت الطلبة مجتمعين على الغداء..
    وعن يمين الصالة علقت لوحة مكتوب عليها ( المكتبة)
    سألت عن محمد بن بجاد.. فقال محدثي : أنا هو..!!
    وكان واقفا بجوار براد الماء على مدخل صالة الطعام..
    قلت له لقد بعثني الشيخ محمد إليك لكي توفر لي سكنا مؤقتا ..
    قال : لماذا مؤقت؟؟
    قلت : لم استكمل التوصيات ..
    قال : ما اسمك؟؟
    هل سأقول لهم اسما غير الذي أنادى به من شهر؟؟؟
    أنا فلان الشمري؟؟
    قال: ولكن لهجتك؟؟
    قلت له: أنا عايش طوال حياتي في الطائف؟؟؟
    انتهيت من تحقيق الأخ محمد الظريف ثم قال تفضل استرح في المطبخ!!!
    دخلت لصالة الطعام .. وهي صالة مفروشة بزل قديم ..
    كانت أشكال الطلبة مختلفة ومتباينة !!
    فتسمع اللهجة الحجازية وكذلك لهجة نجد طبعا..وترى الأفغاني والأفريقي..
    جاؤا من أصقاع الأرض ليثنوا ركبهم عند ذلك الحبر ..
    يجلس الطلبة حلقا على سفر الطعام..
    كانت رائحة الأكل تثير الشهية فانتظرت الأخ محمد ليدعوني أو غيره من الطلاب ..!
    فلقد كنت خجلا فأنا غريب بينهم ولا اعرف أحدا منهم..
    غربة ما بعدها غربة والله المستعان!!
    تكرم احد الطلبة بعد أن لمحني أتلمض دجاجة مشوية لا احد حولها..
    قال : تفضل كل معنا يا أخي ؟؟
    كدت أن أتمنع!!
    ولكن الجوع أبصر ..!!
    فانقضضت على طريدتي.. ولم يزاحمني عليها احد.. فظن شرا ولا تسأل عن الخبر!!
    حينما شبعت وغسلت يدي ..
    وخلت الصالة بعد أن ذهب جلهم لغرفهم وبعضهم يقيم خارج السكن!!
    بجوار المطبخ ثلاجة ذات بابين فيها مالذ من شراب وعصير وحلويات!! توجد
    ولكن بجوارها يجلس رجل أفغاني كأضخم رجل تراه!!
    وله لحية كثة وسمعت الطلبة يسمونه علاء الدين...
    قلت له : ياعلاء الدين ؟؟ هل ممكن اشتري من هذه الثلاجة؟؟
    ظننته سيقول هذا بالمجان تفضل خذ ما تريد!!
    قال : ايش تشرب ؟
    فطلبت البارد .. فقال : بس واحد ريال!!
    دفعته طبعا ومن ذا يجرؤ يزعل مثل هذا المخلوق الضخم!!
    لكن هذه الضخامة والسعة في الجسم تخفي في داخلها قلبا كبيرا ..
    إن علاء الدين هذا رجل لا كالرجال !!
    ولا اعرف أحدا في سكن الطلاب قد اشتكى منه طوال إقامتي في السكن..
    ويكفي ثقة شيخنا محمد به ..
    دعونا من علاء الدين الآن .. ولنكمل قصتنا..!!
    توسدت حقيبتي فنمت ...
    استيقظت على أذان عبد الرحمن وما أجمله من نداء..
    لم يكن في الحقيبة شيء يخاف عليه فتركتها غير عابئ بما يصير لها!!
    صلى بنا شيخنا صلاة العصر ثم قرأ عليه قارئ من كتاب رياض الصالحين ( أظن)
    فعلق عليه الشيخ تعليقا مبسطا ميسرا..
    والملاحظ كثرة المصلين في صلاة العصر عن صلاة الظهر ..
    حينما كان الشيخ يتحدث تذكرت رجلا يعمل في هيئة الأمر بالمعروف في حائل
    وهو من أقرباء سعود وذكر لي أنه من تلاميذ الشيخ محمد القدامى..
    اسمه عباس المعاشي( أو الشمري الشك مني).. بعد انتهاء الدرس تحلق حول الشيخ حشد من الناس منهم السائل ومنهم المستفتي وصاحب الحاجة ولقد رايت ما يعانيه الشيخ من صلف الناس وجفاءهم فرحمه الله وعفا عنه
    لحقت الشيخ وسألته...
    هل تقبل توصية عباس الشمري....؟؟
    قال : أنعم به وأكرم ...
    كنت احتفظ برقم عباس ..
    فتوجهت لكابينة الهاتف واتصلت عليه..
    رد علي عباس بصوت غير الذي عهدته؟؟
    كلمته في الموضوع..!!
    قال : أنا مريض ولكن سوف اتصل على الشيخ وابلغه بما تريد إن شاء الله..
    رجعت للسكن وبحثت عن محمد بن بجاد..
    فطلبت منه غرفة بسرير مريح لكي أضع متاعي فيها!!
    ضحك وقال : تعال اريك غرفتك!!
    صعدنا للدور الثالث .. ففتح لي الباب ..
    فرأيت غرفتي المريحة!!
    غرفة صغيرة ملقى فيها طراحة مهترئة ولحاف بالي ووسادة مهترة!!
    قد فرشت ببساط أقرب حاله أن أسميه أنه هالك!!!
    ركز بجدرانها رفوف فارغة لوضع الكتب .. فكانت أشبه بعجوز فاغرة ولا أسنان لها..
    قال تفضل هذه غرفتك..!!
    وقال : أنا لست مشرف السكن!!
    إن أردت شيء فكلم الأخ محمد زين العابدين !!
    قلت له: وأين أجد محمد زين العابدين هذا؟؟
    قال هو مسافر وسيأتي اليوم من شرورة ..و هو ينزل في غرفة في الدور الثاني ..
    مع شخص اسمه نافع الشمري!!
    حينما سمعت كلمة (شمري) جمد الدم في عروقي !!
    فهاأنذا أجاور شمريا حقيقيا !!
    ثم انصرف .. وتركني في الغرفة..
    وأظنه قال في نفسه : يالهذا الأحمق هل يظن نفسه سينزل في غرفة خمس نجوم!!
    جلست على طراحتي البالية ..
    أنظر لجدران الغرفة المتسخة !!
    سبحان الله .. كيف يرضى الشيخ محمد بهذا الحال؟؟
    ولم أكن اعلم إلا بعد حين أن غرفتي تلك هي غرفة الضيافة!!
    ولكن بعد فترة والشهادة لله فقد تحسنت الأوضاع بشكل ملفت..
    وجدد السكن تجديدا يليق بمقام شيخنا رحمه الله رحمة واسعة..
    وقفت على نافذة الغرفة حيث تشرف نافذتي على الشارع العام..
    أراقب الرائح والجاي كما يقولون!!
    لمحت نسوة كثرا متلفعات بالسواد .. وجالسات على الرصيف ..
    وبعد لحظات جاء الباص فحملهن ومكتوب عليه ( مستشفى الملك سعود)
    إذا ،هن ممرضات!! ومتسترات بهذا الستر؟؟ .. بل وسمعت ان كثيرا منهن غير مسلمات!!
    فالسفور كما سبق نادر أو معدوم ...
    تركت الممرضات اللاتي يذكرنني بالمرض والهم فنزلت للمسجد..
    سألت عن الدرس في تلك الليلة ..
    فقالوا لي :الدرس الليلة في كتاب زاد المستنقع ..
    سألت أحد الطلاب عن مكتبة قريبة..
    فأشار لمكتبة مجاورة لجنوب المسجد مكتوب عليها مكتبة الإمام الذهبي..
    دخلت للمكتبة وطلبت من البائع أن يعطيني متن الزاد..
    فاشتريته ثم توجهت للمسجد..
    رأيت مجموعة من الكتب موضوعة للحجز أمام الشيخ ..
    ولم تكن تلك العادة غريبة علي فقد كنت افعلها في دروس مشائخنا في الطائف..
    تقدمت وبكل جرأة وصفاقة !!
    فالتفت حولي هل يراني من احد !!
    فأزحت كتابين عن بعضهما وفرقت بينهما في المجالس ووضعت كتابي بينهما..!!
    ولقد اخترت الصف الأول بل وأمام الشيخ مباشرة!!
    لقد كانت تلك الجرأة والصفاقة سببا هيئه الله تعالى لي لكي يفتح قلب شيخنا الكبير
    لشخص مغمور ضائع مثلي...


    الحلقة الرابعة عشر


    توافد الطلبة على الجامع زرافات ووحدانا وذلك قبل الأذان..
    وحينما أذن المغرب ازدادت وتيرة الحضور حتى غص بهم الجامع..
    ولقد تأخر الشيخ كعادته للحضور حتى إنك إن خرجت خارج الجامع
    سترى في الأسواق المحيطة بالجامع جلبة بعد خروجهم من صلاة المغرب من المساجد الأخرى!!
    وأخيرا دخل شيخنا بهي الطلعة رحمة الله عليه..
    صلى بنا المغرب وكنت أول مرة أسمع تلاوة الشيخ ..
    تلاوته شبيهة بقراءة الشيخ السبيل إمام الحرم لمن يعرفه !!
    إلا أن شيخنا يسرع قليلا في القراءة...
    وفي قراءته نبرة حزن .....
    صليت بجوار المؤذن عن يساره منذ ذلك اليوم..
    وحينما سلم الشيخ انتظرت قليلا ثم تخطيت الصفوف والأرتال..
    وللمسجد ضجة هائلة بالتسبيح والتكبير .. كما هي السنة..
    توجهت لمكاني الذي حجزته ورفعت كتابي وجلست ..
    قدم مجموعة من الطلاب ، وجلسوا حولي وقال أحدهم لي..
    هذا مكان فلان .. قم وابحث لك عن مكان آخر!!
    قلت له : وهل المكان ملك أبيه !!
    هذا بيت الله والمكان لمن سبق!!
    أعتدت على ذلك النقاش من قبل في الطائف!!
    ابتسم محدثي وأطرق يقرأ في كتابه!!
    كنت غرا ولا أدرك عواقب أفعالي..
    استكملت الصفوف وبقي مكاني الذي أنا فيه فرجة صغيرة !!
    كان كل من حولي يرقبني بنظرة إشفاق كأن عيونهم تقول لي:
    انتظر قليلا وسترى!!!
    جاء شاب آدم اللون مستوي البنية ولحيته خفيفة!!
    وقد خرج من غرفة بجوار مكان الدرس ويظهر أنه من كبار الطلبة!!
    ويحمل حقيبة صغيرة وضعها على مقعد الشيخ ثم استدار وجاء نحوي..!!
    اقترب مني .. وقال:
    هذا مكاني !!
    قلت له : أهلا بك وزحزحت الذي بجواري حتى حشرته !!!
    وقلت له: تفضل!!
    فجلس الرجل وهو غير راض!!
    تأخر الشيخ حتى يتسنن الراتبه .. ثم تخطى الصفوف ودخل حتى صار أمامنا..
    وعلا فوق منصة الدرس المصنوعة من القطيفة المحشوة بالقطن أو ألأسفنج الخشن، لا أدري!!
    ثم جلس وألقى عباءته خلفه ..
    واتكئ على الجدار ..
    نظر إلي فرأى وجها جديدا لم يعهده!!
    فنظر لمن بجواري وأرخى رموش عينيه ليركز النظر ..
    وهو يقلب في أوراق منشورة في حجره كأنه يتساءل من هذا؟؟
    ثم قال الشيخ: أليس المكان ضيق عليكم؟؟
    أما أنا فلم أنطق حرفا واحدا ولم أتحرك كأنني لا أسمع وخيرا فعلت!!
    وأما جاري فاستوى في جلسته وأصلح من مكانه فصار فسيحا بقدرة قادر!!
    ثم هز رأسه بعلامة تفيد برضاه !!
    انتهى الحال على هذا ولكن يظهر أن الشيخ قال في نفسه :
    ستدفع ثمن جرأتك ...!! فهذا المكان له ثمن!! وأي ثمن!!
    ابتدأ الشيخ بالحمد والصلاة على رسول الله ..
    وقال : درسنا في الفصل الماضي .. كذا وكذا ..
    ثم بدأ بمراجعة الطلبة عما تلقوه في الدرس السابق...
    كان الطلبة حولي يرفعون أيديهم لكي يجيبوا... أيهم يختار..
    أما أنا فليس لي في ذلك النقاش ناقة ولا جمل!!
    الشيخ محمد سهل وبسيط في كل أموره ..
    في أخلاقه في سمته ، في لباسه ، في حديثه ،
    أما حينما يتعلق الأمر بالسؤال والنقاش .. فليحمد الله كل من سلم من ذلك!!
    يقولون إن علم الرجل يظهر من سؤال الناس له ..
    حيث يسهل على كل واحد أن يحضر من كتاب فيفرغه كاملا بين يدي الناس!!
    لكن حينما تتوارد عليه الأسئلة ويحيطه المناقشون الأذكياء..
    فحينها يظهر علم العالم من جهله..
    وهذا هو منهج الشيخ في السؤال والنقاش ..
    يعود الطلبة على قوة الحجة وتحمل الجدال دونما خوف أو تردد..
    ولذلك يتعمد حشر الطالب بأسئلة صعبة ويورد عليه الإشكالات ..
    فلا يفلت منها إلا الأذكياء والنبهاء..
    أما من يرى في نفسه عدم الأهلية أو يعرف من حاله انشغال فكره بمصالحه وولده
    فخير له أن ينصرف للصفوف البعيدة وليدس رأسه خلف زاوية أو عمود!!
    استمرت المناقشة والمراجعة وقت لا بأس به ..
    ثم ابتدأ الشيخ بالدرس الجديد...
    شيخنا رحمه الله فنان في التدريس قل نظيره ..
    أسلوبه يسير لا يشق على المبتديء ولا يحتقره الطالب المجد القديم..
    فكل يجد حاجته وكل يخرج وهو راض وفاهم ومستوعب لكلام الشيخ..
    الشيخ محمد ليس صاحب كم ولكنه إمام في الكيف!!
    من الأمثال المشهورة :
    علمني صنعة ولا تقرضني مالا!!
    شيخنا يعلمك صنعة العلم بحيث يمرس الطالب على كيفية
    البحث والمناقشة والاستدلال والتأصيل ، والجدال وكيفية ترتيب الدليل والحجة ..
    ولذلك يستمر الطالب عند الشيخ سنوات عديدة ولم يكمل كتابا واحدا عنده..
    ولكنه يخرج بفهم ثاقب وقدرة هائلة على الطلب والبحث والاستمرار في التحصيل..


    الحلقة الخامسة عشر


    في دروس شيخنا في عنيزة من النادر أن يسال الشيخ الطالب خلال الدرس..
    فغالبهم قد جاء له من أماكن بعيده بقصد العلم والتحصيل ..
    وفيهم من الطاقة والحيوية ما يجعلهم حريصين ومتنبهين لكل فائدة ومسألة.
    ولكن الوضع ذلك اليوم مختلف ..!!
    سألني الشيخ في ذلك الدرس ثلاث مرات كأنه يختبرني أو سيقول لي : طس !!
    وبحمد الله بلعت الطعم ولم أقع في المصيدة!!
    فقد أجبته بما فتحه الله علي مما حصلته عند مشائخنا في الطائف..
    فكان ذلك فأل خير لي بحمد الله تعالى..
    انتهى الدرس الأول بعد الأذان ..
    ثم تقدم شاب من الصف الخلفي وجلس بيني وبين جاري الغاضب مني!!
    وعلق الميكرفون على صدره .. ثم أخذ يقرأ من نونية ابن القيم..
    بصوت جمع بين العذوبة والرقة ، وجمال الأبيات التي نظمها ابن القيم رحمه الله..
    لقد كانت تلك المنظومة مع أنها تحوي ردودا علمية رصينة إلا أنها...
    حوت حكما ومواعظ وطرائف لا يتقن نظم قلائدها سوى مثل ابن القيم وكفى به !!
    لاحظت رجلا أفغانيا ذو عمامة عريضة ويلبس المرآة يجلس عن يمين الشيخ..
    و لاحظت الشيخ يستأنس كثيرا بالحديث معه أو مناقشته ..
    وكانت أسئلته وركاكة لسانه الأعجمي تثير ضحك الطلاب ..
    كنا نستأنس ونفرح حينما يسأل هداية الله لأن شيخنا يسر بذلك ..
    ومع عجمته وصعوبة النطق بالعربية لديه حيث انه لا يتكلم سوى بالفصحى المكسرة..!!
    إلا أن الرجل قد أتقن علوم الآلة من نحو وأصول وأصول تفسير ، بشكل شبه كامل..
    أذكر في درس الفرائض من متن البرهانية المسألة العنقودية والتي لم يستطع حلها سوى
    هداية الله !!
    وهي مسألة شائكة ومعقده لا يقدر عليها سوى الراسخين في الحساب والفرائض..
    كان هداية الله هذا يسجل دروس الشيخ في مسجل صغير..
    ثم يرجع لغرفته فيغلق الباب على نفسه ..
    فلا ينام حتى ينسخ ذلك الشريط على دفتر خاص ثم يترجمه من فوره للغته الأفغانية!!
    و هذا ما يفعله كل ليلة طوال ست سنوات جاورته وخبرت حاله..!!
    انتهى الدرس وتوجهنا للمصلى وكنت وضعت كتابا بجوار المؤذن لكي أصلي مكانه..
    صليت خلف شيخنا .. وبعد السلام ..تحلق مجموعة من الناس حول الشيخ ..
    كما هي العادة في كل صلاة سوى صلاة الفجر والمغرب..
    ثم قام الشيخ وخرج من المسجد لحقته مع الناس وذلك بقصد الفضول فقط ..
    كنت أسير بمحاذاة الشيخ واستمع لأسئلة الطلبة والمستفتين..
    ولقد فاجأني الشيخ حينما التفت إلي وقال:
    يبدوا أنك تريد العلم والتحصيل !!
    كانت غير متوقعة والله ..
    ثم قال الشيخ .. هل نزلت في السكن؟
    قلت : نعم..
    كان الطلبة يراقبون هذا الموقف وقلوب بعضهم تخفق من الغيرة من هذا الحوار
    الخاص!! والنموذجي!!
    قال : إذا عجل بالتزكية حتى نسمح لك بالبقاء ..!!
    قلت له : لقد اتصلت على عباس وهو مريض وقال سيتصل عليك!!
    قال : خيرا إن شاء الله .. ثم عدت أدراجي للسكن..
    استبشرت بهذا النجاح الذي لم ارتب له شيئا بل توفيق الخالق سبحانه وتعالى..
    دخلت لغرفتي فوجدت زائرا ينتظرني!!
    وجدت شخصا جالسا في غرفتي..
    سلمت عليه .. فرد وقال : هل أنت تسكن في هذه الغرفة؟؟
    قلت : اليوم نزلت فيها..
    قال : إذا سنكون سوية هنا .. أنا أخوك بندر الحربي ..
    تعارفنا .. قليلا ثم نزلنا للعشاء.. وهذه المرة لم أنتظر أحدا يدعوني!!
    حقيقة أن تنام في غرفة صغيرة وضيقة مع شخص لا تعرفه شيء مزعج..لمن لم يعتد عليه
    خصوصا انه لم يستأذنني احد في اختيار زميل السكن..
    ولكن لا خيار لي فإما مع بندر أو الشارع!!
    ولكن بندرا هذا رجل ظريف وحلو المعشر ..
    وبعد حديث طويل معه اكتشفت طيبته ..
    ومع انه رجل انعزالي ولا يحب مخالطة الناس ونظراته غير محببة ، لعمقها وحدتها!!!
    إلا أنني حينما عاشرته وخالطته تبين انه رجل طيب وفاضل..
    استأمنته على بعض أموري وكنت أستشيره فيصدق المشورة!!
    كنت أخرج للتنزه مع بندر على سيارته الوانيت في الطعوس المحيطة بعنيزة
    وما أكثرها!!
    في اليوم التالي .. حضرت درس الصباح ..
    والذي يستمر من الساعة الثامنة وحتى العاشرة والنصف..
    ويدرس فيه الشيخ خمسة كتب ..
    والحضور في تلك الدروس ليس بالكثرة التي كانت بالأمس..
    حيث أن هذه الدروس فقط في موسم الصيف والعطل الدراسية..
    كانت الدروس صعبة علي لمستواها العالي عني..
    ومع ذلك فلم انقطع عنها طوال الفترة المتبقية من الصيف والتي لم تطل كثيرا..
    بخصوص المكان فقد تمسكت بالمكان الذي جلست فيه بالأمس ..
    وذلك لسنوات عديدة بفضل الله تعالى..
    وذلك على رغم عدم رضى جاري سامحه الله!!
    والذي ستكون لي معه مواقف ستصطدم كثيرا من قراء هذه الحلقات..
    ولست اقصد من روايتها الشماتة به أو النيل منه..
    فأنا لن اسميه ولا احد من القراء يعرفه أو يعرفني ..
    ولا يخلوا ذكر القصة من فائدة وحكم وطرفة !!
    ومع أن تلك المواقف حصلت قبل سنوات عديدة إلا أنها لن تمر دون اعتبار وتمحيص..
    والموعد عند رب العالمين سبحانه وتعالى هو حسبنا ونعم الوكيل..


    والحمد لله..!!


    يتبع إن شاء الله..

    تعليق


    • #17
      يتبع إن شاء الله ,

      تعليق


      • #18
        جزاكِ ربى خيرا يا يمامتى
        وبارك ربى فيك
        ___
        أه نسيت
        أحبك كثيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــرًا فى الله
        وأشهد الله أنى أحب عائـــــــــــــــــــــده كثيراً فيه
        اللهم عيّش بطيبة فقد بلغ الشوق مداه
        سبحان الله عدد ماكان وعدد مايكون سبحان الله عددالحركات وعددالسكنات
        سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر
        الحياةُ تستمرُّ رغم مَن فقدنا وما فقدنا، ولن تتوقف دورة الأيام ولو لحظة لتنتظرَنا حتى نألف مصابَنا!

        تعليق


        • #19
          رد: رحلتى الى النور مع مالك الرحبى والشيخ ابن عثيمين

          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

          جزاك الله خيرا كثيرا اختي في الله يمامة المسجد

          اسال الله ان يجعل هذه القصه في ميزان حسنات الشيخ ابن عثيمين ووالشيخ كاتب القصه وفي ميزان حسناتك

          وان شاء الله سوف يتم النقل الى القسم المناسب

          وارجو ان تسمحي لي باكمالها سيرا على خطاك ان شاء الله

          وذلك لعلمي لمدى انشغالك

          وفقك الله لما يحبه ويرضاه
          امل لا ينقطع = حاملة الرايه
          انتظروا قسم القصص الدعويه في ثوبه الجديد قريبا ان شاء الله

          تعليق


          • #20
            رد: رحلتى الى النور مع مالك الرحبى والشيخ ابن عثيمين


            الحلقة الرابعة عشر

            توافد الطلبة على الجامع زرافات ووحدانا وذلك قبل الأذان..
            وحينما أذن المغرب ازدادت وتيرة الحضور حتى غص بهم الجامع..
            ولقد تأخر الشيخ كعادته للحضور حتى إنك إن خرجت خارج الجامع
            سترى في الأسواق المحيطة بالجامع جلبة بعد خروجهم من صلاة المغرب من المساجد الأخرى!!

            وأخيرا دخل شيخنا بهي الطلعة رحمة الله عليه..
            صلى بنا المغرب وكنت أول مرة أسمع تلاوة الشيخ ..
            تلاوته شبيهة بقراءة الشيخ السبيل إمام الحرم لمن يعرفه !!
            إلا أن شيخنا يسرع قليلا في القراءة...
            وفي قراءته نبرة حزن .....

            صليت بجوار المؤذن عن يساره منذ ذلك اليوم..
            وحينما سلم الشيخ انتظرت قليلا ثم تخطيت الصفوف والأرتال..
            وللمسجد ضجة هائلة بالتسبيح والتكبير .. كما هي السنة..
            توجهت لمكاني الذي حجزته ورفعت كتابي وجلست ..
            قدم مجموعة من الطلاب ، وجلسوا حولي وقال أحدهم لي..
            هذا مكان فلان .. قم وابحث لك عن مكان آخر!!
            قلت له : وهل المكان ملك أبيه !!
            هذا بيت الله والمكان لمن سبق!!
            أعتدت على ذلك النقاش من قبل في الطائف!!
            ابتسم محدثي وأطرق يقرأ في كتابه!!
            كنت غرا ولا أدرك عواقب أفعالي..
            استكملت الصفوف وبقي مكاني الذي أنا فيه فرجة صغيرة !!
            كان كل من حولي يرقبني بنظرة إشفاق كأن عيونهم تقول لي:
            انتظر قليلا وسترى!!!
            جاء شاب آدم اللون مستوي البنية ولحيته خفيفة!!
            وقد خرج من غرفة بجوار مكان الدرس ويظهر أنه من كبار الطلبة!!
            ويحمل حقيبة صغيرة وضعها على مقعد الشيخ ثم استدار وجاء نحوي..!!
            اقترب مني .. وقال:
            هذا مكاني !!
            قلت له : أهلا بك وزحزحت الذي بجواري حتى حشرته !!!
            وقلت له: تفضل!!
            فجلس الرجل وهو غير راض!!
            تأخر الشيخ حتى يتسنن الراتبه .. ثم تخطى الصفوف ودخل حتى صار أمامنا..
            وعلا فوق منصة الدرس المصنوعة من القطيفة المحشوة بالقطن أو ألأسفنج الخشن، لا أدري!!
            ثم جلس وألقى عباءته خلفه ..
            واتكئ على الجدار ..
            نظر إلي فرأى وجها جديدا لم يعهده!!
            فنظر لمن بجواري وأرخى رموش عينيه ليركز النظر ..
            وهو يقلب في أوراق منشورة في حجره كأنه يتساءل من هذا؟؟
            ثم قال الشيخ: أليس المكان ضيق عليكم؟؟
            أما أنا فلم أنطق حرفا واحدا ولم أتحرك كأنني لا أسمع وخيرا فعلت!!
            وأما جاري فاستوى في جلسته وأصلح من مكانه فصار فسيحا بقدرة قادر!!
            ثم هز رأسه بعلامة تفيد برضاه !!
            انتهى الحال على هذا ولكن يظهر أن الشيخ قال في نفسه :
            ستدفع ثمن جرأتك ...!! فهذا المكان له ثمن!! وأي ثمن!!
            ابتدأ الشيخ بالحمد والصلاة على رسول الله ..
            وقال : درسنا في الفصل الماضي .. كذا وكذا ..
            ثم بدأ بمراجعة الطلبة عما تلقوه في الدرس السابق...
            كان الطلبة حولي يرفعون أيديهم لكي يجيبوا... أيهم يختار..
            أما أنا فليس لي في ذلك النقاش ناقة ولا جمل!!
            الشيخ محمد سهل وبسيط في كل أموره ..
            في أخلاقه في سمته ، في لباسه ، في حديثه ،
            أما حينما يتعلق الأمر بالسؤال والنقاش .. فليحمد الله كل من سلم من ذلك!!
            يقولون إن علم الرجل يظهر من سؤال الناس له ..
            حيث يسهل على كل واحد أن يحضر من كتاب فيفرغه كاملا بين يدي الناس!!
            لكن حينما تتوارد عليه الأسئلة ويحيطه المناقشون الأذكياء..
            فحينها يظهر علم العالم من جهله..
            وهذا هو منهج الشيخ في السؤال والنقاش ..
            يعود الطلبة على قوة الحجة وتحمل الجدال دونما خوف أو تردد..
            ولذلك يتعمد حشر الطالب بأسئلة صعبة ويورد عليه الإشكالات ..
            فلا يفلت منها إلا الأذكياء والنبهاء..
            أما من يرى في نفسه عدم الأهلية أو يعرف من حاله انشغال فكره بمصالحه وولده
            فخير له أن ينصرف للصفوف البعيدة وليدس رأسه خلف زاوية أو عمود!!
            استمرت المناقشة والمراجعة وقت لا بأس به ..
            ثم ابتدأ الشيخ بالدرس الجديد...
            شيخنا رحمه الله فنان في التدريس قل نظيره ..
            أسلوبه يسير لا يشق على المبتديء ولا يحتقره الطالب المجد القديم..
            فكل يجد حاجته وكل يخرج وهو راض وفاهم ومستوعب لكلام الشيخ..
            الشيخ محمد ليس صاحب كم ولكنه إمام في الكيف!!
            من الأمثال المشهورة :
            علمني صنعة ولا تقرضني مالا!!
            شيخنا يعلمك صنعة العلم بحيث يمرس الطالب على كيفية
            البحث والمناقشة والاستدلال والتأصيل ، والجدال وكيفية ترتيب الدليل والحجة ..
            ولذلك يستمر الطالب عند الشيخ سنوات عديدة ولم يكمل كتابا واحدا عنده..
            ولكنه يخرج بفهم ثاقب وقدرة هائلة على الطلب والبحث والاستمرار في التحصيل..

            يتبع ان شاء الله
            امل لا ينقطع = حاملة الرايه
            انتظروا قسم القصص الدعويه في ثوبه الجديد قريبا ان شاء الله

            تعليق


            • #21
              رد: رحلتى الى النور مع مالك الرحبى والشيخ ابن عثيمين

              بارك الله في الجميع و رحم الله الشيخ العلامة ابن عثيمين
              مات قوم و ما ماتت مكارمهم...و عاش قوم و هم في الناس أموات
              قال وكيع:اذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يديك منه

              تعليق


              • #22
                رد: رحلتى الى النور مع مالك الرحبى والشيخ ابن عثيمين

                عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                جزاكم الله خيرا
                وجعله الله في موازين أعمالكم


                تعليق

                يعمل...
                X