حياكم الله أخوتنا الكرام وشرح صدوركم لما يحبه ويرضاه، وبعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه
أما بعد:
فهذه ترجمة مختصرة جدا للأئمة الأربعة - رحمهم الله تعالى وجزاهم كل الخير عن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وهم على الترتيب
1) الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطا التميمي مولاهم الكوفي وينسب إليه المذهب الحنفي ولد سنة 80هـ
وقيل:
أنه رأى من الصحابة أنس بن مالك، حدثًّ عن عطاء ونافع وعبد الرحمن بن هُرمز وغيرهم،
وتفقه على يديه زُفر بن الهذيل وصاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن،
يقول الشافعي:
الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة، ويقول يزيد بن هارون: أبو حنيفة أفقه الناس.
وكان ثقة زاهدا ورعاً، أراده المنصور على القضاء وضُرب عليه فأبى ورعاً،
اعتزل الوظائف واشتغل بالتجارة حتى لا يتمندل به أحد،
توفي سنة 150 هـ.
2) الإمام مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي أبو عبد الله الإمام الفقيه والمحدث الحافظ إمام دار الهجرة و ينسب إليه المذهب المالكي
روى عن كثير من التابعين، وروى عنه خلق كثير من الحفاظ،
كان رحمه الله في غاية الدقة والثقة في الحديث معظماً له حتى إنه لا يحُدث في مجلس حديثه إلا بعد أن يتوضأ ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه،
يقول البخاري :
"أصح الأسانيد : مالك عن نافع عن ابن عمر".
ويقول الشافعي:
" إذا ذكر العلماء فمالك النجم"،
وقال أيضاً:
"لولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز".
ويقول الذهبي :
"اتفق لمالك مناقب ما علمتُها لغيره:
أحدها طول العمر (مات وعمره 85 عاماً) وعلو الرواية،
وثانيها: الذهن الثاقب والفهم الواسع ،
وثالثها: اتفاق الأئمة على أنه حُجة صحيح الرواية،
ورابعها: تجمعهم على دينه وعدالته واتباعه السنن ،
وخامسها: تقدمه في الفقه وصحة قواعده.
توفي رحمه الله سنة 179هـ ، انظر لترجمته تذكرة الحفاظ 1/207- 213
3) الإمام الشافعي : هو أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المطلبي المكي..
وُلد سنة 150هـ بغزة، ثم حٌمل إلى مكة ونشأ بها وقرأ القرآن ورحل إلى مالك في المدينة وعرض عليه الموطأ بعد أن حفظه،
ثم رجع إلى مكة ورحل إلى اليمن ثم إلى العراق 184هـ ثم عاد إلى مكة ثلاث مرات ثم رحل العراق إلى مصر واستقر بها حتى توفي سنة 204هـ.
أقبل على العلم و الفقه فبرع فيه حتى صار إمام المذهب الشافعي الذي ينسب إليه.
4) الإمام أحمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني ، أبو عبد الله ،
ولد سنة 164هـ ببغداد وطلب العلم وهو صغير، ورحل إلى سائر الأقطار وأخذ عن علمائها حتى اشتهر بالحفظ والإتقان
إلى أن صار إماماً من أئمة الحديث والفقة مع التقى والصلاح والقوة في الحق واتباع السنة،
وبلغت شهرته الآفاق خاصة بعد ما وقف وقفته المشهورة فيما عُرف بعد بفتنة القرآن، ينسب إليه المذهب الحنبلي في الفقه، له مؤلفات كثيرة في السنة والتوحيد والفقة والتفسير، ومن أشهر مؤلفاته "المسند" في الحديث توفي يوم الجمعة 241هـ.
يقول عنه هلال بن العلاء:
" مَنَّ الله على هذه الأمة بأربعة في زمانهم،
بالشافعي في الفقة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وبأحمد ثبت في المحنة..
لولا ذلك لكفر الناس..."
فهذا إخوتي الكرام قدر الأئمة العاملين الأعلام فسيروا على نهجهم واقتفوا أثرهم وعليكم بهدي من مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة
ولله در الدكتور عبدالعزيز الحميدي في كتابه براءة الأئمة الأربعة من مسائل المتكلمين المُبتدعة
والذي بين و شرح فيه التطور والأبعاد الاعتقادية والمسالك التي سلكها المتكلمون فيما نسبوه إلى الأئمة الأربعة من مسائل ثم موقفهم من الأئمة أنفسهم .
فكانت خلاصة بحثه و النتائج التي خرج بها:
أولاً : أن الأئمة الأربعة رحمهم الله من كبار أئمة أهل السنة والجماعة وهم جميعاً على عقيدة وطريقة السلف الصالح وعنها مدافعون ولما خالفها مجانبون .
اللهم إلا ما نقل عن أبي حنيفة في مسألة الإيمان ولذلك ظروفه الخاصة .
ثانياً : إن المتكلمين قد ألفوا في جميع فنون العلم كالتفسير وشرح الحديث والفقه وأصوله مما ساعد على نشر كثير من المسائل المنسوبة إلى الأئمة ، فإن عدداً ليس بالقليل من المسائل قد استخرجتها من كتب أصول الفقه ومن بعض التفاسير .
ثالثاً : أن كثيراً من المسائل المنسوبة إلى الأئمة إنما حدثت بعدهم بزمن طويل مما يدل على شدة التلفيق الذي مارسه أهل الكلام في هذا الجانب .
رابعاً : أن كثيراً من الكتب والرسائل المنسوبة إلى الأئمة الأربعة لا تصح نسبتها إليهم
لذلك ينبغي عدم اعتمادها مصادر تؤخذ منها عقائد الأئمة .
وفيما نقل بالأسانيد الثابتة عن الأئمة كفاية ، ولله الحمد .
هذا ما تيسر ولله الحمد والمنة أن جعلنا على نهج أهل السنة ، ونسأله سبحانه أن يثبتنا على هداهم ... آمين
تعليق