لما احتضر عمرو بن قيس الملائي بكى، فقال أصحابه: على ما تبكي من الدنيا؟ فوالله لقد كنت تبغض العيش أيام حياتك، فقال: والله ما أبكي على الدنيا إنما أبكي خوفا أن أحرم خوف الآخرة.
قال سفيان: عمرو بن قيس هو الذي أدبني، وكنت أطلبه في سوقه فإن لم أجده في سوقه وجدته في بيته إما يصلي وإما يقرأ في المصحف، كأنه يبادر أمورا تفوته، فإن لم أجده في بيته وجدته في بعض مساجد الكوفة في زاوية من زوايا المسجد كأنه سارق قاعدا يبكي. فإن لم أجده وجدته في المقبرة قاعدا ينوح على نفسه.
عن محمد بن السماك قال: ما رأيت أحدا أشد حذرا للموت من عطوان بن عمرو. وعن داود الطائي قال: سألت عطوان بن عمرو التميمي قلت: ما قصر الأمل؟ قال: ما بين تردد النفس. قال رستم: فحدثت به الفضيل بن عياض فبكى وقال: يقول: يتنفس فيخاف أن يموت قبل أن ينقطع نفسه، لقد كان عطوان من الموت على حذر.
قال سفيان: كان قيس بن مسلم يصلي حتى السحر، ثم يجلس فيمسح البكاء ساعة بعد ساعة، وهو يقول: لأمر ما خلقنا، لئن لم نعن الآخرة بخير لنهلكن.
زار قيس بن مسلم محمد بن جحادة ذات ليلة فأتاه وهو في المسجد بعد صلاة العشاء، قال: ومحمد قائم يصلي، فقام قيس بن مسلم في الناحية الأخرى يصلي. فلم يزالا على ذلك حتى طلع الفجر. وكان قيس بن مسلم إمام مسجده. قال فرجع إلى الحي فأمهم ولم يلتقيا. ولم يعلم محمد مكانه. قال: فقال له بعض أهل المسجد: زارك أخوك قيس بن مسلم البارحة فلم تنفتل إليه. قال: ما علمت بمكانه. قال: فغدا عليه فلما رآه قيس بن مسلم مقبلا قام إليه فاعتنقه ثم خلوا جميعا فجعلا يبكيان.
منقول من موقع الكلم الطيب
يتبع إن شاء الله
تعليق