· قيل لابن عمر - رضي الله عنهما -: إن أسماء بنت أبي بكر في ناحية المسجد وذلك حين صُلب ابن الزبير فمال إليها فقال: إن هذه الجثث ليست بشيء، وإنما الأرواح عند الله فاتقي الله واصبري. فقالت: ما يمنعني؟ وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بَغي من بغايا إسرائيل.
· كتب أبو الدرداء لأبي مسلمة بن مخلد: سلام عليك أما بعد، فإن العبدَ إذا عَمِل بمعصية الله أبغضه الله فإذا أبغضه الله بغضه إلى عباده.
· جاء رجل إلى صلة بن أشيم بنعي أخيه فقال له: ادنُ فَكُلْ فقد نُعي إلي أخي منذ حين قال - تعالى -: {إنك ميت وإنهم ميتون}
· قال المغيرة: ذهبتْ عينُ الأحنفِ فقال: ذهبت من أربعين سنة، ما شكوتها إلى أحد.
· عن صدقة بن يزيد قال: كان الحجاج يعذب معبداً الجهني بأصناف العذاب ولا يجزع حتى قتله.
· الربيع بن أبي صالح قال: دخلت على سعيد بن جبير حين جيء به إلى الحجاج فبكى رجل فقال سعيد: ما يُبكيك؟ قال: لما أصابك. قال: فلا تبك، كان في علم الله أن يكون هذا، ثم تلا: {ما أصاب من مصيبةٍ في الأرضِ ولا في أنفُسِكُم إلا في كِتابٍ مِن قبلِ أن نبرأها}.
· عن الزهري قال: لما وقعت الآكلةُ في رجل عروة بن الزبير فصعدت في ساقه فبعث إليه ودعا الأطباء فقالوا: ليس له دواء إلا القطع، فقُطِعَتْ فما تَضَور وجهه.
· عن هشام بن عروة بن الزبير أن أباه لما وقعت في رجله الآكلة فقليل: ألا ندعو لك طبيباً؟ قال: إن شئتم. فقالوا: نسقيك شراباً يزول فيه عقلك؟ فقال امضِ لشأنك ما كنت أضن أن خلقاً يشرب ما يزيل عقله، حتى لا يعرف به، فوضع المنشار على ركبته اليسرى، فما سمعنا له حساً، فلما قطعها جعل يقول: لئن أخذتَ لقد أبقيتَ، ولئن ابتليت لقد عافيت، وما ترك جزءه بالقرآن تلك الليلة.
· عن هشام بن عروة بن الزبير أن أباه خرج إلى الوليد بن عبد الملك حتى إذا بوادي القرى، وجد في رجله شيئاً، فظهرت به قرحة، ثم تَرَق به الوجع، وقدم على الوليد وهو في محمل فقال: يا أبا عبد الله اقطعها قال: دونك فدعا له الطبيب وقال: اشربْ النرقد، فلم يفعل، فقطعها من نصف الساق فما أراد أن يقول: حسن حسن فقال والوليد: ما رأيت شيخاً قط أصبر من هذا، وأصيبَ عُروة بابنه محمد في ذلك السفر، ركضته بغلة في إصطبل، فلم يسمع منه ذلك كلمة، فلما كان بوادي القرى قال: {لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} اللهم كان لي بنون سبعة، فأخذت واحداً وأبقيت لي ستة، وكان لي أطراف أربعة، فأخذت واحداً، وأبقيت ثلاثة، لئن ابتليت لقد عافيت، ولئن أخذت لقد أبقيت.
· عن هشام بن عروة قال: سقط أخي محمد وأمه بنت الحكم بن أبي العاص من أعلى سطح في إصطبل الوليد فضربته الدواب بقوائمها قال: بل أعزيك بمحمد ابنك قال: وما له؟ فأخبره فقال: اللهم أخذت عضواً، وتركت أعضاء، وأخذت ابناً، وتركت أبناء، فلما قدم المدينة أتاه ابن المنكدر فقال: كيف كنت؟ قال: لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا.
· كتب عبيد الله بن عبد الله بن عتيبة إلى عمر بن عبد العزيز:
بسم الذي أُنزلت من عنده السٌورُ *** والحمدُ لله أما بعدُ يا عُمرُ
إنْ كُنتَ تَعْلَمُ ما تَأْتي وما تَدَرُ *** فكن على حذرٍ قد ينفعُ الحذرُ
واصبرْ على القَدَرِ المحتومِ وارضَ به *** وإنْ أتَاك بما لا تَشْتَهي القدرُ
فما صفا لامرئٍ عيش يُسَرُ به *** إلا سيتبعُ يوماً صفوَه كدرُ
· عن وهب أن عيسى - عليه السلام - قال للحواريين: أشدكُم جزعاً على المصيبة، أشدكم حباً للدنيا.
· عن ميمون بن مهران قال: ما نالَ رجل من جسيم الخير نَبِي ولا غيرُه إلا بالصبر.
· عن مالك بن دينار: ما من أعمالِ البر شيء إلا ودونَه عُقَيْبة، فإن صَبَر صاحبُها أفضت به إلى رَوْحٍ، وإنْ جَزَعَ رَجع
· قال شقيق البلْخي: ذهب بصرُ عبد العزيز بن أبي رواد عشرين سنة ولم يعلم به أهلُه ولا ولدُه.
· عن سفيان الثوري قال: ليس بفقيه من لم يعد البلاءَ نعمةَ، والرخاءَ مُصيبة.
· عن الحسن بن صالح قال: لما احتضر أخي (علي) رفع بصره ثم قال: {مع الذين أنعم الله عليهم من النبِيين والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا}ثم خرجت نفسُه، فنظرْنا فإذا ثُقْب في جنبه قد وَصَل إلى جوفه وما علم به أحد.
· وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني ثابت بن أحمد بن شيويه، قال: كان يخيل إلي أن لأبي فضيلة على أحمد بن حنبل أرجح، فلم أقنع، فأُرِيتُ شيخاً حوله الناس، يسألونه، ويسمعون منه، فسألته عنهما، فقال: سبحان الله!! إن أحمد بن حنبل ابتُلي فصبر، وإن ابن شبويه عوفي، المُبتلى الصابر كالمعافى؟! هيهات.
· وقيل: إن أبا حفص النيسابوري دخل على مريض، فقال المريض: آه فقال أبو حفص: ممن؟ فسكت. فقال أبو حفص: مع من؟ قال: فكيف أقول؟ قال: لا يكن أنينك شكوى، ولا سكوتك تجلدا، ولكن بين ذلك.
· وقيل إن هذا الشعر للربيع بن سليمان:
صبراً جميلاً ما أسرعَ الفرجا *** مَنْ صَدَقَ الله في الأمورِ نَجَا
مَنْ خشي الله لم ينله أذى *** ومن رجا الله كان حيثُ رجا.
· ومن كلام الفضيل، قال: لا يجزع من المصيبة، إلا من اتهم ربه
· نظر الفضيل إلى رجل يشكو إلى رجل فقال: يا هذا تشكو مَنْ يرحمُك إلى من لا يرحمُك.
· قال بشر الحافي: كان المُعافى في الفرح والحزن واحداً، فقلت الخوارجُ له ولدين، فما تبين عليه شيء، وجَمع أصحابَه، وأطعمهم، ثم قال لهم: آجركم الله في فلان وفلان. رواها جماعة عن بشر.
· وعن شقيق البلخي: من شكا مصيبة إلى غير الله لم يَجِدْ حلاوةَ الطاعة.
· قال أبو حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: ما رأيت أحداً لقي من السُقم ما لقي الشافعي، فدخلت عليه، فقال: اقرأ بعد العشرين والمائة من آل عمران، فقرأت، فلما قمت قال: لا تغفل عني فإني مكروب. قال يونس: غَنَى بقراءتي ما لاقى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أو نحوه.
· قيل لفتح الموصولي: إن هذا صُدِع رأسه، فَسُر، وقال: ابتلاني ببلاء الأنبياء، فَشُكْرُ هذا أن أصلي أربع مئة ركعة.
· وكان فتح الموصلي يقول: رب أفقرتني، وأفقرت عيالي، بأي وسيلة هذا؟ وإنما تفعل هذا بأوليائك.
· وقال رُويم بن أحمد الزاحق: الصبرُ تَرك الشكوى والرضى استلذاذ البلوى.
· قال علي بن عيسى الوزير يُعزي ولدي القاضي عمر بن أبي عمر القاضي في أبيهما: مصيبة قد وجب أجرها خير من نعمة لا يُؤدى شُكرها.
· قال الذهبي: مرض الأشرف صاحب دمشق مرضين مختلفين في أعلاه وأسفله، فقيل: كان الجرائحي يخرج من رأسه عظاماً، وهو يحمد الله.
· قال ابن واصل: عمل عزاؤه بدمشق في جمادي ألأولى سنة تسع، قال: وصورة ذلك ما تواتر أن هولاكو لما بلغته كسرة جيشه بعين جالوت وحمص، أحضر الناصر وأخاه وقال للترجمان: قل أنت زعمت البلاد ما فيها أحد وهم في طاعتك حتى غررت بي، فقال الناصر: هم في طاعتي لو كنت هناك، وما كان يُشهر أحد سيفاً، أما من هو بتويز كيف يحكم على الشام؟ فرماه هولاكو بسهم أصابه، فاستغاث، فقال أخوه: أسكت ولا تطلب من هذا الكلب عفواً، فقد حضرت، ثم رماه بسهم آخر أتلفه وضربت عنق الظاهر وأتباعهما.
· تلف ابن العجمي المثنى (أبو طالب عبد الرحمن بن عبد الرحيم) بعذاب التتار على المال في صفر سنة ثمان وخمسين وست مئة، وله تسع وثمانون سنة، ضربوه وصبوا عليه في الشتاء ماء باردً فتشنج ومات - رحمه الله -.
· قال السمعاني: وقال لي القاضي أبو بكر النصري: أسرتني الروم، وكانوا يقولون لي: قل: المسيح ابن الله حتى نفعل ونصنع في حقك، فما قلت، وتعلمت خطهم، وكان لا يعرف علم النحو، سمعته يقول: الذباب إذا وقع على البياض سوده، وعلى السواد بيضه، وعلى التراب برغثه، وعلى الجرح قيحه.
· وقدم عطاء بن أبي سعد الهروي بأصبهان ليصلب بعد أن حبسوه مدة، فقال له الجلاد، صل ركعتين. قال: ليس ذا وقت صلاة اشتغل أمرت به، فإني سمعت شيخي يقول: إذا علقت الشعير على الدابة في أسفل العقبة، لا توصلك في الحال إلى أعلاها، الصلاة نافعة في الرخاء لا في حالة اليأس. فوصل مسرع من السلطان ومعه الخاتم بتسريحه، كانت الخاتون معنية في حقه، فلما أطلق، رجع إلى التظلم والتشنيع.
· قال الذهبي: بلغني أن القاضي عياض قُتل بالرماح لكونه أنكر عصمة ابن تومرت.
· أن أبا طالب العلوي أنشدهم لنفسه:
لا تَشْكُون دهراً سطا *** شكواكُه عينُ الخطا
واصبر على حَدَثانِه *** إنْ جاء يوماً وامتطى
الدهرُ دهر قُلبُ *** يوماه بُؤْس أو عطا
· قال ابن ظفر الصقلي:
على قدرِ فضلِ المرء تأتي خطوبُه *** ويُعرفُ عند الصبر فيما يُصيبُه
ومَنْ قل فيما يتقيه اصطبارُه *** فقد قل فيما يرتجيه نصيبه
تعليق