![](http://graphics.way2allah.com/fawasel2/103.gif)
سلسلة كن صحابياً جيل فريد
اختار الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أصحاباً كراماً بررة، فأخذوا عنه الدين وبلغوه لمن بعدهم من الأجيال، وزكاهم الله في كثير من آي القرآن الكريم، واستحقوا بذلك أن يكونوا أفضل جيل على الإطلاق، وقد أمرنا باتباعهم والسير على نهجهم، فهم أبر قلوباً، وأعمق علماً، وأقل تكلفاً، والطعن فيهم طعن في الدين، وتكريمهم وتعظيمهم تعظيم للدين.
![](https://archive.org/download/Yahoo_42/5.gif)
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فهذه المجموعة هي مجموعة من المحاضرات، وقد أطلقت عليها اسم: (كن صحابياً)، وهي محاولة للاقتراب جداً من جيل الصحابة، هذا الجيل الراقي رفيع المستوى، الذي ما تكرر مثله في التاريخ، سواء في السابق لجيل الصحابة أو بعده، وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لن يأتي جيل مثله إلى يوم القيامة، فعظمة هذا الجيل وقيمته تأتي من كون هذا الجيل بأكمله يتصف بصفات معينة، من سلامة العقيدة، وكمال الأخلاق، وأمانة النقل، وصفاء القلب، وقوة العزيمة، وحب الجهاد، فكان بأكمله جيلاً على هذه الدرجة الراقية من الأخلاق والصفات. وقد يظهر إنسان نابغة في زمان من الأزمان، أو تظهر مجموعة من الأمناء الصادقين الأبرار في جيل من الأجيال، أما أن يكون جيل الصحابة بكامله على صورة معينة من النقاء والبهاء فهذا هو الغريب حقاً، وهذا هو الأمر الملفت للنظر، فلو أنه في زمن من الأزمان ظهر رجل كـعمر بن الخطاب مثلاً، فهذا من سعادة هذا الجيل، ومن سعادة هذا الزمن، وكذلك لو ظهر شخص مثل أبي بكر الصديق ، أو مثل طلحة بن عبيد الله ، أو مثل خالد بن الوليد ، أو مثل أبي هريرة وهكذا، لكن أن يظهر كل هؤلاء في زمن واحد فهذا هو الأمر العجيب حقاً، والأمر الفريد حقاً، ولذلك فليس الغرض من هذه المجموعة من المحاضرات أن نسرد الأقوال والأفعال التي قام بها الصحابة، يعني: ليس مجرد سيرة ذاتية للصحابة، وكذلك ليس الغرض أن نتعرض إلى كل الأحداث التي مر بها الصحابة، ولكن الغرض أن نتعلم: كيف نقلد جيل الصحابة؟ كيف نكون كجيل الصحابة؟ كيف نسير في طريق الصحابة؟ كيف نصل إلى ما وصل إليه الصحابة، سواء في الدنيا أو في الآخرة؟ وقبل أن نتعلم كيفية وصول الصحابة إلى هذا المستوى الراقي، وكيف وصلوا إلى ما وصلوا إليه؟ وقبل أن نتعلم كيف يمكن أن نسير في طريقهم؟ أريد في هذه المحاضرة أن أتحدث عن قيمة هذا الجيل في ميزان الإسلام، وقيمة هذا الجيل في ميزان التاريخ، بل وقيمة هذا الجيل في ميزان الله عز وجل، فهو الجيل الوحيد في الإسلام الذي تستطيع أن تعرف قيمته في ميزان الله عز وجل؛ لأن هذا لا يتأتى ولا يمكن معرفته أبداً على وجه اليقين إلا بإخبار من الله عز وجل في كتابه أو عن طريق رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، أما عموم البشر بعد هذا الجيل فلا يمكن الجزم أبداً بأن هذا الجيل جيل ثقيل في ميزان الله عز وجل، أو يمكن أن نرجح أن هذا الإنسان إنسان فاضل أو إنسان يسير على طريق الهدى، لكن لا يمكن الجزم بأنه فعلاً على طريق الله عز وجل؛ لأن التقييم الإلهي للفرد لا يعتمد فقط على ظاهر الأعمال التي نراها نحن بأعيننا، وإنما يعتمد أيضاً على القلب وعلى النوايا، وهذا ما لا يمكن للبشر أن يتيقنوا منه أبداً، نعم قد يكون هناك شواهد تشير إلى فضائل الرجال والنساء، لكن هذا كما ذكرنا لا يمكن أن يكون على وجه اليقين، فنحن يمكن أن نرى رجلاً حسناً من ظاهره، لكن من داخله مختلف تماماً، ولا يعلم ذلك إلا الله عز وجل. لكن تعالوا نرى جيل الصحابة، وماذا قال الله عنهم، يقول الله عز وجل عن أصحاب بيعة الرضوان:
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](https://archive.org/download/Yahoo_42/5.gif)
السبب الأول: أن هذا الجيل جيل مختار من الله عز وجل، أي: أن هؤلاء الصحابة بأعيانهم خلقوا ليكونوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فكان لازماً أن يكون أبا بكر موجود رضي الله عنه، لأن له دوراً لا بد أن يقوم به، ولن يستطيع أن يقوم به غيره، وكذلك عمر يكون موجوداً، و عثمان و علي و طلحة و الزبيرو بلال و خالد والسيدة خديجة و السيدة عائشة ، فكل الصحابة لا بد أن يكونوا موجودين بأعيانهم، وكما يصطفي الله عز وجل رسله من الملائكة ومن البشر فكذلك يصطفي أصحاب رسله عليهم الصلاة والسلام:
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
من أسباب رقي الصحابة: مرورهم بتجربة فريدة من نوعها
السبب الثاني: أن هذا الجيل قد مر بتجربة فريدة تماماً، فوجدت عنده خبرات لم يرها أحد من المسلمين وتعالوا لنرى تجربة هذا الجيل الفريد فيما يأتي: ......
![](http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif)
رؤية الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم عند إخباره بالغي
ثالثاً: أن الصحابة رأوا إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغيب، ونحن أيضاً نسمع عن ذلك، ولكن ليس من رأى كمن سمع، فالذين يعيشون في الحدث ويتشوقون لمعرفة ما يحدث على بعد مئات أو آلاف الأميال، غير الذي يسمعه بعد مائة سنة أو مائتين أو ألف. ولنتأمل الصحابة الكرام وهم واقفون في المدينة المنورة حول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصف لهم ما يحدث في غزوة مؤتة على بعد مئات الأميال من المدينة المنورة، وهو يقول: (أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر الراية فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة الراية فأصيب، وعيناه صلى الله عليه وسلم تذرفان الدمع، ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله عز وجل ففتح الله عليهم)، والمراد بسيف الله هو: خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه، وبعد ذلك يرجع الجيش المسلم إلى المدينة، ويعرف المسلمون في المدينة المنورة أن كل كلمة قالها النبي صلى الله عليه وسلم كانت كلمة صدق وحق، عند ذلك قدر ماذا يكون إيمان الصحابة بهذا الرسول وبهذا الدين؟ لا شك أنه عظيم جداً، ونحن أيضاً نسمع فنصدق ونؤمن بذلك، لكن هم عاشوا إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغيب. وتأملوا أيضاً عندما يأتي رسولا عامل كسرى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطلبان منه أن يذهب معهما إلى كسرى فارس، فيقول لهما النبي صلى الله عليه وسلم: (إن ربي قد قتل ربكما هذه الليلة)، والكلام هذا كان في ليلة الثلاثاء في العاشر من جمادى الأولى للسنة السابعة للهجرة، ومرت مرت الأيام وعينوا الليلة، وعُلِم فعلاً أن كسرى فارس كان قد قُتِل في تلك الليلة، فنحن نسمع في هذا الوقت عن ذلك الحدث، لكن الصحابة عاشوا فيه، وانتظروا الأيام تمر حتى عرفوا أن كسرى فارس قد قُتل تلك الليلة المحدودة، وهذا أمر يرفع الإيمان العظيم في قلوب الصحابة. والصحابة أيضاً شاهدوا المعجزات الحسية التي نسمع عنها في هذا الوقت، نعم القرآن أعظم معجزة بين أيدينا، لكن هم فوق ذلك شاهدوا مثلاً انشقاق القمر، وحُكي ذلك من روايات عدة، ففي البخاريوغيره عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: (انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار فرقتين: فرقة على هذا الجبل، وفرقة على هذا الجبل، فقالوا: سحرنا محمد، فقالوا: إن كان سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فقالوا: انظروا السفار -يعني: الناس المسافرة التي تأتي من خارج مكة- فإن كانوا رأوا ما رأيتم فقد صدق صلى الله عليه وسلم، وإن كانوا لم يروا مثل ما رأيتم فهو سحر سحركم به، فسألوا السفار وكانوا قد قدموا من كل جهة -يعني: أكثر من مكان- فقالوا: رأينا -أي: شاهدوا انشقاق القمر- فأنزل الله عز وجل:
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif)
تبشير النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة بالجنة
رابعاً: أن الصحابة بشروا بالجنة بأسمائهم، فالواحد منهم كان يمشي على الأرض وهو يعلم علم اليقين أنه من أهل الجنة، فكيف يصبر على الحياة؟! وهذا ليس فقط في حق العشرة المبشرين بالجنة، أبو بكرو عمر و عثمان و علي و الزبير و طلحة و سعد و عبد الرحمن و أبو عبيدة و سعيد بن زيد ، بل كثير من صحابته صلى الله عليه وسلم بشروا بالجنة وهم أحياء، فمثلاً روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـبلال عند صلاة الفجر: (يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة) ودف نعليك، يعني: تحريك نعليك أو صوت نعليك في الجنة، قال بلال : ما عملت عملاً أرجى عندي من أني لم أتطهر طهوراً في ساعة ليل أو نهار -يعني: لم أتوضأ أي مرة- إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي، يعني: أن بلالاً كان يعيش في الدنيا وهو يعرف أنه من أهل الجنة، ولذلك من أجل هذا عند موته كانت زوجة بلال تبكي وتصرخ وتولول فقال لها: لماذا تبكين؟ غداً ألقى الأحبة محمداً وصحبه، وانظروا كيف حال بلال وهو مقبل على الموت! إنه إقبال بفرحة؛ لأنه على يقين أنه ذاهب إلى الجنة، فقد أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم. وهذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه عندما رآه الصحابة وهو يصعد شجرة للإتيان بعود أراك أو تمر من نخلة على اختلاف في الروايات فضحك الصحابة من دقة ساقيه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده، لهما أثقل في الميزان من أحد)، فتخيل عبد الله بن مسعود وكيف يكون حاله في الدنيا وهو عارف أنه أثقل في ميزان الله عز وجل من جبل أحد؟ وكذلك:الحسن و الحسين رضي الله عنهما، ففي الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة)، وأيضاً هنا: كيف تكون قيمة الدنيا في عين الحسن أو الحسين وقد علما أنهما سيدا شباب أهل الجنة؟ وأيضاً: السيدة خديجةرضي الله عنها، ففي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: (جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: اقرأ عليها السلام -أي: اقرأ على خديجة السلام- من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب -والقصب هو: اللؤلؤ- لا صخب فيه ولا نصب)، أي: لا ضوضاء ولا تعب في هذا البيت، فالسيدة خديجة تعرف أنها من أهل الجنة، وليس فقط ذلك، بل إن ربها قد أقرأها السلام، ومن جبريل أيضاً، وبشرها بقصر في الجنة من لؤلؤ لا صخب فيه ولا نصب، إذاً فكيف يمكن أن تكون متعلقة بالدنيا! وكيف يمكن ألا تخشع في الصلاة! وكيف يمكن ألا تجاهد بمالها! وكيف يمكن ألا تشتاق إلى جنات الرحمن! وأيضاً عندما تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب قال له عكاشة بن محصن - عكاشة : بتشديد الكاف أو تخفيفها-: (ادع الله لي يا رسول الله أن يجعلني منهم، قال: اللهم اجعله منهم، فقام رجل آخر يطلب نفسه الطلب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبقك بها عكاشة)، لذلك نفهم كيف جاهد عكاشة حياته كلها، وجاهد كل حياته، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها، واستمر على ذلك بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استشهد في اليمامة في حرب المرتدين، وهو عارف أنه من أهل الجنة، فكيف يصبر على حياة الدنيا؟! وكل هذه التجارب نقلت الصحابة من المرتبة الإيمانية المسماة بعلم اليقين إلى المرتبة الإيمانية الأعلى المسماة بمرتبة عين اليقين:
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif)
رؤية الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعاملهم معه
أولاً: أنهم قد رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعينهم، واجتمعوا به وتعاملوا معه وصلوا خلفه، واستمعوا لحديثه، وهذا أمر عظيم في حد ذاته، فالمؤمن منا بعد جيل رسول الله صلى الله وإلى جيلنا الآن، بل وإلى يوم القيامة إذا رأى رسول الله صلى الله في المنام اعتبر ذلك حدثاً عظيماً، وهو بالفعل كذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم يهتم جداً بهذا الحدث، ففي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي)، وأعظم من ذلك ما رواه البخاري أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بي)، وفي رواية: (فكأنما رآني في اليقظة)، وهذا أمر جميل جداً، فما بالكم بمن كان يره بعينه وفي كل يوم وفي كل لحظة؟ وليس فقط في المنام بل في الحقيقة، وليس فقط ساعة أو ساعتين بل العمر كله. وتخيل معي هذا الأمر: فلو أن إنساناً وصف لك شخصاً آخر بأنه قد فعل فعلاً حميداً في فلان، فإنك تحبه بمجرد ذلك الإخبار والوصف عنه، ويزرع في قلبك حب هذا الشخص، فماذا لو كان الفعل معك أنت شخصياً؟! وأنا لا أقول لك: فلان عمل كذا وكذا مع فلان، بل أنت ذاتك مر عليك هذا الأمر، إذاً فكيف يكون حالك معه؟ فمثلاً: عندما تسمع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، فهذا أمر يزرع المحبة له في قلبك، فما بالك لو أنت ذاتك كنت الذي تأخذ منه، وأنت الذي كان يعطيك صلى الله عليه وسلم بنفسه؟! واسمع إلى قول عبد الله بن الحارث رضي الله عنه وأرضاه كما عند الترمذي : ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذا الأمر عندما تعرفه تزرع محبته صلى الله عليه وسلم في قلبك، فما بالك أيضاً لو أنك أنت الذي يبتسم الرسول صلى الله عليه وسلم في وجهه، وأنت الذي ترى وجهه صلى الله عليه وسلم وهو يبتسم إليك؟! وعندما أقول لك: إن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يعود المرضى ويشهد الجنائز، فما بالك لو كنت أنت المريض الذي يعودك صلى الله عليه وسلم في بيتك؟! أو لك قريب مات فجاء صلى الله عليه سلم وشهد جنازة هذا القريب؟! فكيف تكون علاقتك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وكيف تكون درجة إيمانك به؟ وهذا غير النظر في وجه الرسول صلى الله عليه وسلم، أما مجرد النظر إليه فله تأثير خاص جداً، واسمعوا لكلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه وأرضاه عند الترمذي وقال: صحيح، قال: (فلما استثبت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجهه هذا ليس بوجه كذاب)، يعني: مجرد رؤية وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تترك في القلب أثراً لا ينسى، وغير رؤية خاتم النبوة مثلاً، فكثير من الصحابة قد رأوا بأعينهم خاتم النبوة بين كتفيه صلى الله عليه وسلم، ومنهم: سلمان الفارسي و عبد الله بن سرجس و عمرو بن أخطب وغيرهم كثير، فالذي رأى خاتم النبوة ترك في قلبه أثراً لم يتركه من سمع فقط عن خاتم النبوة.
![](http://audio.islamweb.net/audio/fasil.gif)
معايشة الصحابة الكرام للقرآن الكريم
ثانياً: أنهم كانوا يعايشون القرآن، فنحن نقرأ القرآن ونسمع عن أسباب النزول، أما الصحابة فقد عاشوا أسباب النزول، ورأوا القرآن ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحوادث المختلفة، وهذا لا شك أنه يرفع من درجات إيمانهم إلى أكبر درجة يمكن أن تتخيلها، وتأمل وتخيل معي تلك المرأة التي جاءت تجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر زوجها الذي ظاهر منها، وتخيل تفاعل هذه المرأة مع الآيات التي نزلت في حقها شخصياً، وتخيل أنها تصلى بسورة المجادلة، أو تسمع سورة المجادلة، أو تقرأ سورة المجادلة:
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
![](https://archive.org/download/Yahoo_42/5.gif)
السبب الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صرح بأن هذا الجيل هو خير الأجيال على الإطلاق، فقد روى البخاري و مسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه وأرضاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) فهذه شهادة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقضي الأمر بذلك، قال عمران : فلا أدري أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قرنه مرتين أو ثلاثاً؟ يعني: هل قال: ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم مرتين أو ثلاث؟ لكن المهم أن خير الأجيال وخير الناس هو قرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو جيل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروى البخاري و مسلمأيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، قالها مرتين، ثم قال: فوالذي نفسي بيده لو أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه)، وتخيل لو أنك تملك ذهباًَ كجبل أحد، ثم أنفقته كله في سبيل الله، فإن ذلك لا يساوي ما أنفقه الصحابي، وإن كان ما أنفقه كمقدار المد، أي: مد الكفين، وتخيل واحداً من الصحابة ينفق ملء الكفين فقط يساوي قدر جبل أحد من الإنفاق، لأن لهم أجر السبق في الإسلام، فهم الذين علمونا الإنفاق، وهم الذين علمونا الجهاد في سبيل الله، وكيف يمكن أن نقهر النفس ونصرف الأموال في سبيل الله عز وجل، وهذا يعطيهم الأجر العظيم والدرجة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتصريح أنهم خير الناس وخير القرون وخير الأجيال. من كل ما سبق يتضح لنا أننا نتعامل في هذه المجموعة مع أرقى جيل في الوجود، مع الجيل الذي يصلح تماماً أن يتخذ قدوة كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه: من كان مستناً فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة. يعني: نحن نرى أناساً كثيرين وعظماء يعيشون بيننا، لكن الله أعلم بمن سيثبت منهم على الحق، ومن فيهم الذي سيغير ويبدل، لكن الذي قد مات علمنا أنه قد مات على الحق وبالذات جيل الصحابة، ثم قال عبد الله بن مسعود : أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا أفضل هذه الأمة. ولا أحد يقول: إن هذا يزكي أو يُعظِّم نفسه، لا، فهو يذكر حقيقة لا بد أن يعلمها كل المسلمين، وإذا علموها استفادوا منها استفادة جمة؛ لذلك وجب عليه أن يذكر بهذا الأمر، وكتمان هذه الحقيقة كتمان لعلم مهم جداً، ألا وهو علم تقدير الصحابة وتعظيم الصحابة وتكريم هذا الجيل بأكمله؛ لأنهم جيل القدوة، ثم يقول عبد الله بن مسعود : أبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم. لذلك في هذه المجموعة سنجعل هدفنا إن شاء الله أن نتعلم كيف نكون مثل الصحابة؟ كيف أننا نريد أن نتعلم مثلهم؟ كيف أننا نكون مسلمين حق الإسلام؟ كيف نؤمن بالله عز وجل حق الإيمان؟ كيف نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حق الحب؟ كيف نفهم هذا الدين حق الفهم؟ دراسة حياة الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم هي دراسة الإسلام، والسير في طريق الصحابة هو السير في طريق الجنة. نسأل الله عز وجل أن يلحقنا بهم في أعلى عليين، في صحبة نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم:
![](http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gif)
![](http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif)
الدكتور/راغب السرجاني
![](http://graphics.way2allah.com/fawasel2/106.gif)
تعليق