إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مواقف من حياة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مواقف من حياة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

    مواقف ساخنة


    الموقف الثاني : أسامة ولا إله إلا الله

    أرسل الرسول ( صل الله عليه وسلم ) جيشاً ، قائده أسامة بن زيد ( وعمره آنذاك قيل : قبل الرابعة عشر والثالثة عشر ، إلى الخامسة عشر ) إلى الحرقات من جهينة على البحر الأحمر .
    أتدرون من في قيادة أسامة ؟ ومن هم الجيش ؟ أبو بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وعلى بن أبي طالب ، والزبير بن العوام ، والقائد : أسامة عبد مولى ، وكلنا عبيد لله .
    وبعض شبابنا اليوم ، عمره : ثلاث عشر سنة ، ولا يعرف شيئاً ؛ لأن من يتربى على جمع الطوابع ، والمراسلة ، يأتي بعقلية مثل هذه العقلية .
    أما أسامة فتربى على لا إله إلا الله ، وتربى على الصلوات الخمس، وعلى قيام الليل ، وعلى تدبر القرآن .
    ذهب أسامة ، وقاد الجيوش ، فوصل إلى هناك في جهينة ، فخرجت جهينة تقاتل الصحابة ، فخرج رجل من الكفار فأتى للمسلمين ، لا يقصد مسلماً إلا قتله ، فانطلق إليه أسامة فهرب الرجل من أسامة واختفى وراء شجرة فخرج عليه فلما رفع السيف لقتله قال الرجل : لا إله إلا الله محمد رسول الله .
    فكأن لسان حال أسامة أن قال : ( آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ) (يونس: 91- 92) فضربه فقتله .
    لمن ترفع القضية هذه ؟ قضية شائكة .. إنسان يقاتل ، ثم تذهب إليه فتطارده ، ثم يقول : لا إله إلا الله ، فتقتله .
    رفعت للمصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأتى الصحابة ، فأخبروا الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فتغير لونه ، واحمر وجهه ، ورعد أمره ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأشرف أسامة ، فقال ( صلى الله عليه وسلم ) قبل أن يسلم : ( يا أسامة ، أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله ) ؟.
    قال : يا رسول الله إنه قالها مستجيراً بعد أن قتل المسلمين .
    قال : ( ماذا تصنع بلا إله إلا الله ) ؟
    قال : يا رسول الله قالها مستجيراً .
    قال : ( يا أسامة ما تصنع بلا إله إلا الله إذا أتت يوم القيامة )(1) .
    موقف تشيب له الولدان .
    فقال أسامة : يا ليتني ما أسلمت إلا هذه الساعة ، أجاهد ، وأقتل مسلماً يا ليتني ما أسلمت إلا الآن ، يا ليتني ما ذهبت في الجيش .
    ( ماذا تصنع بلا إله إلا الله ) ؟ تأتى لا إله إلا الله في بطاقة فتنزل فتدافع عن صاحبها .
    لا إله إلا الله ، من أجلها أقيمت الأرض .
    لا إله إلا الله ، أثقل كلمة قالها الناس .
    لا إله إلا الله : مفتاح الجنة .
    ( ماذا تصنع بلا إله إلا الله ) ؟
    قال : ليتني ما أسلمت إلا الآن .
    حنانيك يا أسامة ، وغفر الله ذنبك يا أسامة ، وعطف الله عليك القلوب ، وقد فعل .
    أما الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقد توقف ، وما أفتاه ، بل قال : ( ماذا تصنع بلا إله إلا الله ) ؟ يعني : احتكم أنت وإياه يوم العرض الأكبر .
    وفيه دليل على أن لا إله إلا الله محمد رسول الله مفتاح الجنة .
    وعلى أنها تنقذ العبد من القتل في الدنيا ، إن لم يترك الصلاة .
    وعلى أنها من أحسن الكلمات .
    وعلى أنها عظيمة ، دمرت الأرض من أجل لا إله إلا الله خمس مرات .




    الموقف الثالث : الصحابة يبحثون عن الرسول ( صلى الله عليه وسلم )


    يقول أبو هريرة : جلسنا في مجلس ، ثم بحثنا عن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ، فلم نجده .
    فهم معه كل أمسية ، فبحثوا عنه ، فلم يجدوه ، فانطلقوا يبحثون .
    قالوا : يا أبو هريرة ، أنت عليك بمزرعة فلان ، وعمر هنا ، وأبو بكر هناك ، وكل في مكان .
    أبو هريرة وفق في البحث ، فهو الذي وجده ( صلى الله عليه وسلم ) ، وجده أين ؟
    وجده في مزرعة أحد الأنصار ، أتى إلى الباب ، فسأل ، فقالوا : الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وسط المزرعة .
    تخيل أنت بنفسك أن تذهب إلى مزرعة ، وتفاجأ بمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، ليس زعيماً ، بل سيد الزعماء ، وليس عالماً ، بل سيد العلماء ، فدخل ، فقال أبو هريرة : فتحفزت ( أبو هريرة : دعوب ، خفيف الدم ، دوسي ، زهراني ، من أهل الجبال ) قال : فتحفزت ، وجمعت ثيابي ، ثم دخلت ( وفي بعض الروايات كما يتخفز الثعلب ) .
    فدخل ، فإذا الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يراه قال : ( من أين أتيت يا أبا هر ) ؟ ( مداعبة لطيفة ، رواية الإسلام يقول له الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) : ( يا أبا هر ) لأنه كان له هرة يلعب بها فسماه أهله أبا هريرة ) .
    قال : يا رسول الله ، فقدناك فأتينا نلتمسك .
    قال : ( يا أبو هريرة عد إلى الناس وأخبرهم أن من شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله مخلصاً من قلبه دخل الجنة ، وهذا حذائي تصدق به ما تقول ) ( يعني : هذا علامة الصدق ) ، فأخذ الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) الحذاء ، وأعطاه أبا هريرة (1).
    فخرج أبو هريرة فرحاً مسروراً بهذا الخبر العجيب ، ولأنه سوف يكون مبشراً للناس أجمعين ، ثم تحفز والحذاء معه ، فخرج ، فلما خرج في الطريق لقيه عمر ، الله أكبر ، عمر واقف أمامه .
    قال : من أين أتيت ، يا أبا هريرة ؟
    قال : وجدت الرسول ( صلى الله عليه وسلم )في هذه المزرعة ، وقد قال لي أخبر من لقيته أن من شهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله مخلصاً من قلبه دخل الجنة وهذا حذاؤه علامة ذلك .
    فأخذه عمر بيده وضربه في صدره .
    قال : فخررت على قفاي ( يعني على مؤخرتي ) .
    قال : عد إلى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) إني أخشى أن يتكل الناس .
    فدخل أبو هريرة بالحذاء ، ودخل على الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ووراءه حصن الإسلام : عمر .
    لو كان غير عمر ما عاد ، لكن عمر الذي أخرج عفاريت الجن والشياطين من رؤوس بعض الناس .
    أنـا لا أحـب الـســـيـر إلا مـصـعــداً ولا الـبـرق إلا أن يـكـون يـمـانــيــاً
    فعاد أبو هريرة يبكي عند الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ، قال : ( ما لك ؟ ) .
    قال : ضربني عمر ، يا رسول الله .
    قال : ( ما له ) ؟
    قال : يقول لا أخبر الناس .
    وما هي إلا لحظات ، وقد وقف عمر عند الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) : ( ما لك ضربته ) ؟
    قال : يا رسول الله ، أخشى أن يخبر الناس فيتكلوا ، دعهم يعملوا ، يا رسول الله .
    فتبسم ( صلى الله عليه وسلم ) وقال : ( دعهم يعملوا ) .
    فأقره لأنه ذكي ، فإن لم تكن العبقرية هكذا ، وإلا ما كانت .
    وفي هذا الموقف أمور :
    أولاً : مكانة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) في قلوب الصحابة .
    ثانياً : حرص أبي هريرة على الحديث .
    ثالثاً : موقف عمر القوي ، والذي جعله يراجع الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فيصدق فيه قول الشاعر :
    وإذا الـحـبـيـب أتـى بـذنـب واحـــد مـحــاســنـه بـألـف شــفـــيــع
    ولذلك يقول ابن تيمية : موسى لما أخذ الألواح ، فيها كلام الله ، والله كتبها بيده ، وأتى إلى بني إسرائيل ، غضب على أخيه ، وألقى الألواح ، كما في سورة الأعراف ، وجر أخاه ، وهو نبي مثله ، ومع ذلك سامحه الله ، بينما المنافق لا يسمح له بنقطة ؛ لأنه عدو .
    ولذلك يقال للأستاذ : إذا علمت الطالب مجداً ، مثابراً ن متقياً ذكياً، متوقداً، وأخطأ مرة ، فينبغي أن تقول : عفا الله عنك .
    لكن طالباً إذا حضر في الفصل نام ، ككيس الفحم ، وإن غاب فشارد ، فلا واجب ، ولا مذاكرة ، ولا التزام ، فهذا أكثر من التشديد عليه ، فهو الأولى في معالجته وأمثاله .وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين ولا حول ولا قوة الا بالله
    اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات
    التعديل الأخير تم بواسطة الأمير قطز; الساعة 06-10-2011, 10:05 PM. سبب آخر: حذف رابط... وتعديل العنوان ليوافق المحتوى.... لا إله إلا الله

  • #2
    رد: مواقف ساخنة (2)

    راااااااااااااائع أخيتى الفاضلة نعمة اسماعيل
    فعلاً مواقف راااائعة من الصحابة الكرام
    جعلنا الله ممن يقتدى بهم فى العمل والحال
    اسمحى لى بنقله للقسم المناسب بارك الرحمن فيكِ ونفع الله بكِ



    تعليق


    • #3
      مواقف ساخنة(3)

      مواقف ساخنة


      الموقف الخامس : أبو هريرة يكلم الشيطان


      الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يجمع الحب ، الذي يجمع من الصدقة ، والتمر ، والرطب ، يجمعه في جرين ( حوش ) ويجعل له حارساً ، فجعل أبا هريرة يحرس هذا المال .
      قال أبو هريرة : فأتيت أول ليلة أحرس في ظل القمر ، فأتى شيخ كبير ( الشيطان عليه لعنة الله ) ، فأقبل على عصا ، ومعه كيس ، فتكلم مع أبو هريرة ، فقال : أريد من مال الله ، أنا ذو عيال ، وأنا شيخ ( وفي لفظ البخاري أنه حثا دون استئذان ) فقبضه أبو هريرة ، وقال : والله لأرفعنك إلى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
      قال : اتركني ( وشكا العيال وشكا الحاجة ) فأطلقه .
      وفي الليلة الثانية أتى ، وأخذ يحثو من التمر ، فقبض عليه ثم تركه .
      وفي الليلة الثالثة قال أبو هريرة : والله لأرفعنك إلى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
      قال : يا أبو هريرة ، أخبرك بشيء إذا قلته في ليلة لا يقربك الشيطان .
      قال : ما هو ؟
      قال : آية الكرسي ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (البقرة: من الآية255) سبحان الله ! فأخذها أبو هريرة ، وذهب إلى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وقال : يا رسول الله أتاني رجل كيت وكيت وكيت .
      فتبسم ( صلى الله عليه وسلم ) وقال : ( تدري من تكلم من ثلاث يا أبا هريرة ) .
      قال : لا .
      قال : ( ذاك الشيطان ، أما إنه صدقك وهو كذوب )(1).
      صدقك مرة ، ولكن كل مرة كذب ، إلا هذه المرة .
      وفي الحديث قضايا :
      أولها : المسلم لا يأنف من الفائدة ، والحكمة ضالة المؤمن ، يأخذها أنى وجدها ، يأخذها من الكافر ، ومن غيره ما دامت فائدة ؛ لأن لشيطان علم أبا هريرة آية الكرسي ، فما قال : لا آخذها لأنها من الشيطان .
      ثانيها : أن الشيطان يتمثل بما يمثله الله فيه .
      ثالثها : فضل آية الكرسي ، وأنها تقال عند النوم ، وأن من قالها لا يقربه شيطان بإذن الله .

      الموقف السادس : مناظرة بين الصديق والفاروق

      مات ( صلى الله عليه وسلم ) فانقسم الناس إلى مؤمنين صادقين ، وإلى منكرين للزكاة ، وإلى مرتدين عن الإسلام .
      المرتدون بالإجماع يقتلون ، أما تارك الزكاة فاختلف الصحابة فيه ، فقد وقف أبو بكر على المنبر ، فحلف، وأقسم ليقاتلن تارك الزكاة ، فقام عمر في المسجد ، وقال : يا أبا بكر ، كيف تقاتل الناس ، وقد سمعنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا إلا إله إلا وأني رسول الله فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم )(2) .
      وهذا حوار بعد صلاة الجمعة ، بين لشيخين ، العظيمين ، الجليلين ، بين الشيخ الأول أبي بكر ، وبين عمر بن الخطاب الفاروق ، والناس ساكتون ، وفي الناس : علماء ، وشهداء ، وصادقون ، وبررة ، فسكتوا .
      أبو بكر يقول نقاتلهم .
      وعمر ، يحتج عليه في الحديث ، ويقول : هم يشهدون أن لا إله إلا الله .
      فرفع أبو بكر صوته ، وقال : والله ، الذي لا إله إلا هو ، لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والذي نفسي بيده لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لقاتلتهم عليه بالسيف .
      فأجمع الصحابة مع أبي بكر .
      قال عمر : فلما رأيت الله شرح صدر أبي بكر لقتالهم سكت .
      أبو بكر مصدق ، أبو بكر رجل ملهم يلهمه الله ، أبو بكر أفضل من جميع الجالسين في المسجد ، هو في كفة وهم في كفة .
      قال ابن حجر : لماذا لم يستدل أبو بكر على عمر بحديث في الصحيحين ) عن ابن عمر قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله )(1) أليس هذا دليل صريح ؟
      فلا الشيخ أبو بكر تذكره ولا الشيخ عمره تذكره .
      والجواب : أن يقال نسي أبو بكر الحديث، نسي عمر، ولا يلزم في المجتهد أن يحفظ كل دليل في المسألة .
      والجواب الثاني : قالوا : لا ، ما نسيا لكن ، ما سمعا بالحديث من أصله ، فهو من رواية ابن عمر ، فلا سمع به أبو بكر ولا عمر ، وإنما سمع به ابن عمر .
      ولكن ، لماذا لم يتكلم ابن عمر ، وهو حاضر في المسجد ؟.
      الجواب : قيل : يمكن أنه كان يتذكر لكن استحيا من تلاطم البحران في المسجد ، فأبو بكر : صديق الإسلام ، وعمر : فاروق الإسلام ، فهل يتدخل بينهما ؟
      وقيل : يمكن أنه نسي ، حتى هو ، وما رواه إلا فيما بعد ، فالله أعلم .
      إنما وقعت هذه المسالة وكان الحق مع أبي بكر ، وهو مصدق بهذا الحديث .
      فقاتل المتمردين .
      وفي الحديث أمور :
      أولها : جلالة أبي بكر الصديق .
      الأمر الثاني : أن المجتهد قد يخفى عليه بعض الأمور ، ولا يلزم من العالم أن يحفظ كل جزئية .
      الأمر الثالث : أن الحكم شورى ، ومن عنده كلمة ، أو دليل فليتحدث به .
      الأمر الرابع : أن القياس يؤخذ به إذا خفي النص ، وقد أخذ به أبو بكر .
      الأمر الخامس : أن الله شرح صدر أبي بكر لقتال المرتدين .


      الموقف السابع : الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يعاتب أبا ذر


      اجتمع الصحابة في مجلس ، لك يكن معهم الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ، فجلس خالد بن الوليد ، وجلس ابن عوف ، وجلس بلال ، وجلس أبو ذر ، وكان أبو ذر فيه حدة وحرارة .
      فتكلم الناس في موضوع ما ، فتكلم أبو ذر بكلمة اقتراح : أنا أقترح في الجيش أن يفعل به كذا وكذا .
      قال بلال : لا هذا الاقتراح خطأ .
      فقال أبو ذر : حتى أنت يا ابن السوداء تخطئني .
      لا إله إلا الله ! أين أنت ؟
      فقام بلال مدهوشاً ، مرعوباً ، غضبان أسفاً ، وقال : والله لأرفعنك إلى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) (أكبر هيئة ) فاندفع بلال ماضياً إلى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
      ومن هو بلال ؟ إنه روح الإسلام منادي السماء .
      فـاسـتـفـاقـت عـلـى أذان جـــديــد مــلــؤ آذانـهــــا أذان بــــــلال
      بلال : الصوت الحبيب إلى القلوب .
      بلال : الذي سحب على الرمل ، وهو يقول أحد .. أحد .
      وصل للرسول ( صلى الله عليه وسلم )، وقال : يا رسول الله ، أما سمعت أبا ذر ماذا يقول في ؟
      قال ( صلى الله عليه وسلم ) : ( ماذا يقول فيك ؟ )
      قال : يقول كيت وكيت وكيت .
      فتغير وجه الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأتى أبو ذر ، وقد سمع بالخبر ، فاندفع مسرعاً إلى المسجد فقال : يا رسول الله ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
      فغضب ( صلى الله عليه وسلم ) حتى قيل : ما ندري أرد أم لا ؟
      قال : ( يا أبا ذر أعيرته بأمه ، إنك امرؤ فيك جاهلية )(1) .
      هذه الكلمة ، كأنها صاعقة على أبي ذر .
      فبكى أبو ذر ، وأتى إلى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ، وجلس ، وقال : يا رسول الله ، استغفر لي ، سل الله لي المغفرة .
      ثم خرج أبو ذر من المسجد باكياً .
      إن كـان سـركـم مـا قـال حــاســـدنـا فـمـا لـجــرح إذا أرضـاكـمـو ألـــم
      ذهب ، فطرح رأسه في طريق بلال ، وأقبل بلال ، العبد ، الذي ما كانت تقيم له الجاهلية قيمة بالتميز العنصري ، الذي سحقه الإسلام .
      يقول عمر : أبو بكر سيدنا ، وأعتق سيدنا ـ أي : بلالاً ـ .
      أتى أبو ذر فطرح خده على التراب ، وقال : والله يا بلال لا أرفع خذي عن التراب حتى تطأه برجلك ، أنت الكريم وأنا المهان .
      رفع الله منزلتك يا أبا ذر إلى هذا الحد .
      إنه تأديب الإسلام ، وحياة القرآن ( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (لأنفال:63).
      فأخذ بلال يبكي من هذا الموقف ، من الذي يستطيع أن يقف هذا الموقف ، ولا ينقطع قلبه ؟
      إن بعضنا يسيء للبعض في اليوم عشرات المرات ، فلا يقول عفواً ، يا أخي ، أو سامحنا .
      إن بعضنا يجرح بعضاً جرحاً عظيماً ن في عقيدته ، ومبادئه ، وأغلى شيء في حياته ولا يقول: سامحني .
      إن البعض قد يتعدى بيده على زميله ، وأخيه ، ولا يقول : عفواً ، يا أخي .
      قال : والله لا أرفع خدي ، حتى تطأه بقدمك ، فبكى بلال ، واقترب ، وقبل ذاك الخد لا يصلح للقدم بل يصلح للقبلة .
      ذاك الخد ، أكرم عند الله ، من أن يضع عليه القدم ؟
      ثم قاما وتعانقا ونباكيا .
      إذا اقـتـتـلـت يـومـاً فـفـاضـت دمـاؤهـا تـذكــرت الـقـربى فـفـاضـت دمـوعها
      هذه هي حياتهم ، يوم تعاملوا مع الإسلام .
      ( أعيرته بأمه ، إنك امرؤ فيك جاهلية ) فليس عندنا معامل ألوان ، ولا عندنا أبيض ، ولا أحمر ، ولا أسود ، ولا من آل فلان ، أو من آل فلان .. لا عندنا تقوى ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات: من الآية13) ، لذلك إذا رأيت إنساناً يمتدح بآبائه وأجداده وهو صفر فاعرف أنه لا قيمة له عند الله .
      إذا فـخـرت بـآبـائـهـم لـهـم شـــرف نـعـم صـدقـت ولـكـن بـئـس ما ولـدوا
      طرق طارق على عمر ، قال : من ؟
      قال : أنا الكريم ابن الكريم ابن الكريم .
      تدرون من هو هذا الرجل ؟ إنه عيينة بن حصن بن بدر ، وهو : صادق ، فأسرة بنو بدر ، هؤلاء أسرة من أربع أسر ، من أكبر أسر العرب ، فحاتم الطائي على كرمه كان يمدحهم ويقول : هم أكرم مني .
      يقول حاتم لامرأته لما تغاضبا :
      إن كـنـت كـارهــة مـعـيـشـتـنـا هــذا فـحـــلـي مـن بـنـي بــــدر
      الضـاربـون فـي كـل مـعـــتــرك والـطــاعـنـون وخــيـلـهـم تـجـري
      فأسرة بني بدر من أعظم الأسر .
      فقال عمر : بل أنت الأخس ، ابن الأخس ، ابن الأخس الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم : يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم .
      وفي موقف أبي ذر ، وبلال دروس :
      منها : الإعتذار من الأخ إذا سألت إليه بالهدية ، والبسمة الحانية ، والمعانقة ، وألا تحمل ضغينة على أخيك .
      فأنا وإياكم نشجب كل هذا العداء ، والبغضاء بين الأحبة ، والتفلت على أوامر الله ، والضغينة من أجل أمور نسبية ، يختلف فيها الناس ، وقد تختلف فيها وجهات النظر .
      ألا إن من يفعل ذلك ، أو يحمل على أخيه المسلم ، فقد أساء وظلم .
      ومنها : أن الفضل في الإسلام للتقوى ، لا للون ، ولا للحسب والنسب .وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين
      ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات
      د.عائض القرني
      التعديل الأخير تم بواسطة الروح والريحان; الساعة 30-09-2011, 09:43 PM. سبب آخر: روابط مخالفه

      تعليق


      • #4
        مواقف ساخنة(4)

        مواقف ساخنة

        مواقف ساخنة




        الموقف الثامن : مواقف لأبي بن كعب


        أبي بن كعب كان أبيض الجسم ، أبيض اللحية ، أبيض الرأي ، أبيض القلب ، أبيض المصحف ( نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ) (النور: من الآية35) ، لماذا ابيضت لحيته ، وابيض رأيه ، وابيض جسمه ؟
        قيل : أصابته الحمى ثلاثين سنة ، وكان قد قال : يا رسول الله ن أيخفف عنا بما نصاب به ؟
        قال الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) : ( والذي نفسي بيده يا أبا المنذر لا تصاب بمرض أو هم أو غم إلا كان كفارة أو حط الله بها من سيئاتك ) .
        فراح إلى بيته ، وسأل الله حمى ، لا تعطله ‘ن صلاة ، ولا عن جهاد ، ولا عن غزوة ، فأصابته الحمى ، حتى يقولون ، ما يقترب منه إنسان إلا وكان يجد منه حرارة ، رضي الله عنه ، يا سيد القراء .
        قال الذهبي في ( السير ) : أكسبته الحمى قوة ، لذلك ما كان يوافق عمر إلا أبي ، فكل الصحابة يحجمون عند عمر ، إلا أبي .
        وله مواقف رضي الله عنه :
        الموقف الأول : أتى جبريل بسورة البينة من عند الله ، عز وجل ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) (البينة:1).
        فقال جبريل : يا رسول الله ، إن الله يأمرك أن تقرأ هذه السورة على أبي بن كعب .
        فقام ( صلى الله عليه وسلم ) فطرق على أبي ، ففتح الباب : يا رسول الله ، أهلاً وسهلاً ما أسعدني هذا اليوم .
        قال : ( إن الله أمرني أن أقرأ عليك سورة البينة ) .
        قال : وسماني في الملأ الأعلى ؟
        قال : ( نعم ، سماك ) .
        فبكى أبي ، وجلس ( صلى الله عليه وسلم ) يقرأ عليه البينة حتى ختمها . متفق عليه .
        ولذلك يسأل أهل الحديث بطرافة ، يقولون : من شيخ الرسول ( صلى الله عليه وسلم )في القراءة .
        قالوا : هو : أبي بن كعب .
        حياك الله يا أبي ورفع الله منزلتك ، وأكرمك الله ، يا سيد القراء .
        الموقف الثاني : أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) تجاوز آية في الصلاة ، فما رد عليه الناس ، فلما سلم قال له أحد الصحابة : يا رسول الله ، إنك تجاوزت آية في الصلاة أنسيتها أم نسخت ؟ فترك الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) الناس جميعاً ، وقال : ( يا أبا المنذر ( يعني أبياً ) أكما يقول الناس ؟ )
        قال نعم : ، ( أعطوا القوس باريها ) .
        ولذلك قال ( صلى الله عليه وسلم ) : ( أقرؤكم أبي ) .
        الموقف الثالث : يأتي ( صلى الله عليه وسلم ) فيقول : ( يا أبا المنذر أي آية في كتاب الله أعظم ) ؟
        قال : الله ورسوله أعلم .
        قال : ( أي آية في كتاب الله أعظم ) ؟
        قال : ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ )(البقرة: من الآية255) .
        فأخذ ( صلى الله عليه وسلم ) كفه ، وضرب به صدر أبي ، وقال : ( لهينك العلم أبا المنذر )(1) .
        ليهنك الذكاء في كتاب الله ، فهو سيد القراء ، ونحبه كثيراً حتى يقول أحد أهل العراق : وفدت المدينة وإذا عمر جالس في مجمع من الناس من الصحابة ، وحوله شيخ أبيض اللحية ، أبيض الرأس ، أبيض الثياب ، أبيض الجسم ، وكان عمر إذا تكلم نظر إليه كالمهاب ـ أي : يهابه ـ قلت : يا أمير المؤمنين ، من هذا الرجل ؟
        قال : ثكلتك أمك ، ما عرفته ؟
        قال : لا .
        قال : هذا سيد المسلمين : أبي بن كعب ، أبو المنذر ، رفع الله منزلته ، وجمعنا به في مقعد صدق عند مليك مقتدر .


        الموقف التاسع : صوت جميل من أبي محذورة


        أنشد بعضهم :
        أمــا ورب الـكــعـبـة الـمـعـمـور والـنـغـــمــات مـن أبـي مـحــذور
        ومــا تـلا مـحـمـد مـن ســــوره لأفـعـلـن فـعــلـة مــنـكــــور (1)
        ما أحسن الأبيات ، فأبو محذورة هذا : كان من أحسن الناس صوتاً ، خرج من مكة ، والرسول ( صلى الله عليه وسلم ) خرج من المدينة يريد غزوة ( صلى الله عليه وسلم ) وأبو محذورة ، عنده : غنم ، وكان مشركاً مع صبية من المشركين ، وأطفال من أطفال قريش .
        فنزل ( صلى الله عليه وسلم ) في وادي ، وأبو محذورة وزملاؤه في وادٍ أخر .
        فأتت صلاة الظهر ، فقام بلال يؤذن لصلاة الظهر .
        فقام أبو محذورة يستهزئ بأذان بلال وراء الجبال .
        يؤذن بلال ، فيقول : الله أكبر .
        فيقول أبو محذورة : الله أكبر .
        بلال يؤذن في المسلمين ، وذلك يؤذن في غنمه .
        فطلب ( صلى الله عليه وسلم ) من علي والزبير أن يأتيا بصاحب الصوت ، فانطلقا من وراء الجبل ، وطوقاه وأتوا بهم إلى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
        فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : ( من أذن منكم آنفاً ) .
        فخجلوا .
        قال : ( أذنوا ) .
        فأذن الأول ، فإذا صوته ليس الصوت الجميل .
        وأذن الثاني ، فكذلك .
        وأذن الثالث ، فإذا هو أبو محذورة .
        قال : ( أنت من أذن آنفاً ) .
        قال : نعم .
        فتقدم ( صلى الله عليه وسلم ) بيده الشريفة ، فخلع عمامة أبي محذورة ثم قال : ( اللهم بارك فيه واهده إلى الإسلام ـ فمسح رأسه ـ اللهم بارك فيه وأهده إلى الإسلام ).
        فقال أبو محذورة : أشهد أن لا إله إلا الله ,انك رسول الله .
        قال : ( أذهب مؤذناً في أهل مكة ، أنت مؤذن أهل مكة )(2) .
        فذهب يؤذن .
        قال أبو محذورة : والله لا أحلق هذا الشعر حتى أموت .
        شعر مسه ذاك الكف ، والله ، لا أحلقه حتى أموت ، فوصل شعره إلى نصف جسمه ، ولذلك كان يرده جدائل .
        عليك السلام ، يا رسول الله ، ورضي الله عنك ، يا أبا محذورة .
        عاد مؤذناً في وظيفة شرعية ، بقيت في ذريته ، قيل : ما يقارب ثلاثمائة سنة .
        أبو محذورة في حياته دروس .
        أولاً : الهداية من الله .
        الثاني : جمال الصوت .
        الثالث : بركة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وتلك الكف .
        الرابع : أن آثاره مباركة ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأنه يتبرك بها ، وليس ذلك لأحد غيره .
        هذه حفظكم الله ( مواقف ساخنة ) مع ذاك الجيل الذي أسأل الله أن يجمعنا ، وإياهم في جنته ، بعد عمر ، في طاعته .
        وصلى الله على محمد ، وعلى آله ، وصحبه ، وسلم تسليماً كثيراً .والحمد لله رب العالمين ولاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
        اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات


        تعليق


        • #5
          رد: مواقف من حياة صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم

          بارك الله فيكم على هذه التذكرة النافعة المباركة
          جعلها الله فى ميزان حسناتكم

          تعليق


          • #6
            رد: مواقف من حياة صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم

            جزاكم الله خيرا أختنا

            تعليق


            • #7
              رد: مواقف من حياة صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم

              ماشاء الله مواقف رائعه
              اتمنى الرجوع

              تعليق


              • #8
                رد: مواقف من حياة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                جزاكم الله خيرالجزاء
                [/quote]
                [[ يا أيها الذِينَ آمنوا هل أَدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لّكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم ]] اللهم إرحم أبي .

                تعليق

                يعمل...
                X