إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وكما أن في الرجال أبطال .. يصبرون على القيد والأغلال .. والرمي بالنبال .. ففي النساء كذلك .. صالحات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وكما أن في الرجال أبطال .. يصبرون على القيد والأغلال .. والرمي بالنبال .. ففي النساء كذلك .. صالحات

    وكما أن في الرجال أبطال .. يصبرون على القيد والأغلال .. والرمي بالنبال ..
    ففي النساء كذلك .. صالحات قانتات .. منيبات صابرات .. علقن أنفسهن بالجنات .. وأحبهن رب الأرض والسموات ..
    منهن أم عمار بن ياسر .. سميةَ بنتِ خياط ..
    لها خبر عجب ..
    كانت أمة مملوكة لأبي جهل .. فلما جاء الله بالإسلام .. أسلمت هي وزوجها وولدها ..
    فجعل أبو جهل يفتنهم .. ويعذبهم .. ويربطهم في الشمس حتى يشرفوا على الهلاك حراً وعطشاً ..
    فكان صلى الله عليه وسلم يمر بهم وهم يعذبون .. ودماؤهم تسيل على أجسادهم .. وقد تشققت من العطش شفاههم .. وتقرحت من السياط جلودهم .. وحر الشمس يصهرهم من فوقهم ..
    فيتألم صلى الله عليه وسلم لحالهم .. ويقول : صبراً آل ياسر .. صبراً آل ياسر .. فإن موعدكم الجنة ..
    فتلامس هذه الكلمات أسماعهم .. فترقص أفئدتهم .. وتطير قلوبهم .. فرحاً بهذه البشرى ..
    وفجأة .. إذا بفرعون هذه الأمة .. أبي جهل يأتيهم .. فيزداد غيظه عليهم .. فيسومهم عذاباً ..
    ويقول : سبوا محمداً وربه .. فلا يزدادون إلا ثباتاً وصبراً .. عندها يندفع الخبيث إلى سمية .. ثم يستل حربته .. ويطعن بها في فرجها .. فتتفجر دماؤها .. ويتناثر لحمها .. فتصيح وتستغيث .. وزوجها وولدها على جانبيها .. مربوطان يلتفتان إليها ..
    وأبو جهل يسب ويكفر .. وهي تحتضر وتكبر .. فلم يزل يقطع جسدها المتهالك بحربته .. حتى تقطعت أشلاءً .. وماتت رضي الله عنها ..
    نعم .. ماتت .. فلله درها ما أحسن مشهد موتها ..
    ماتت .. وقد أرضت ربها .. وثبتت على دينها ..
    ماتت .. ولم تعبأ بجلد جلاد .. ولا إغراء فساد ..

    * * * * * * * * * *

    أما أم شريك غزيةُ الأنصارية ..
    أسلمت مع أول من أسلم في مكة البلد الأمين .. فلما رأت تمكن الكافرين .. وضعف المؤمنين ..
    حملت هم الدعوة إلى الدين .. فقوي إيمانها .. وارتفع شأن ربها عندها ..
    ثم جعلت تدخل على نساء قريش سراً فتدعوهن إلى الإسلام .. وتحذرهن من عبادة ألأصنام ..
    حتى ظهر أمرها لكفار مكة .. فاشتد غضبهم عليها .. ولم تكن قرشية يمنعها قومها ..
    فأخذها الكفار وقالوا : لولا أن قومك حلفاء لنا لفعلنا بك وفعلنا .. لكنا نخرجك من مكة إلى قومك ..
    فتلتلوها .. ثم حملوها على بعير .. ولم يجعلوها تحتها رحلاً .. ولا كساءً .. تعذيباً لها ..
    ثم ساروا بها ثلاثة أيام .. لا يطعمونها ولا يسقونها .. حتى كادت أن تهلك ظمئاً وجوعاً ..
    وكانوا من حقدهم عليها .. إذا نزلوا منزلاً أوثقوها .. ثم ألقوها تحت حر الشمس .. واستظلوا هم تحت الشجر ..
    فبينما هم في طريقهم .. نزلوا منزلاً .. وأنزلوها من على البعير .. وأثقوها في الشمس ..
    فاستسقتهم فلم يسقوها ..
    فبينما هي تتلمظ عطشاً .. إذ بشيء بارد على صدرها .. فتناولته بيدها فإذا هو دلو من ماء ..
    فشربت منه قليلاً .. ثم نزع منها فرفع .. ثم عاد فتناولته فشربت منه ثم رفع .. ثم عاد فتناولته ثم رفع مراراً ..
    فشربت حتى رويت .. ثم أفاضت منه على جسدها وثيابها ..
    فلما استيقظ الكفار .. وأرادوا الارتحال .. أقبلوا إليها .. فإذا هم بأثر الماء على جسدها وثيابها ..
    ورأوها في هيئة حسنة .. فعجبوا .. كيف وصلت إلى الماء وهي مقيدة ..
    فقالوا لها : حللت قيودك .. فأخذت سقائنا فشربت منه ؟
    قلت : لا والله .. ولكنه نزل علي دلو من السماء فشربت حتى رويت ..
    فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا : لئن كانت صادقة لدينها خير من ديننا ..
    فتفقدوا قربهم وأسقيتهم .. فوجدوها كما تركوها .. فأسلموا عند ذلك .. كلهم .. وأطلقوها من عقالها وأحسنوا إليها ..
    أسلموا كلهم بسبب صبرها وثباتها .. وتأتي أم شريك يوم القيامة وفي صحيفتها .. رجال ونساء .. أسلموا على يدها ..
    * * * * * * * * * *
    نعم .. أقوام هانت عليهم أنفسهم في سبيل الله .. فلم يلتفتوا إلى أجسادهم .. وإنما اهتموا بأرواحهم ..
    وإذا كانت النفوس كباراً ** تعبت في مرادها الأجسام
    لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وارتدت قبائل من العرب عن الإسلام ..
    وظهر أمر مسيلمة الكذاب .. وكثر أتباعه ..
    انطلق جيش المسلمين لقتال مسيلمة في اليمامة في نجد من جزيرة العرب ..
    مضى الجيش من المدينة إلى اليمامة .. فقطع أكثر من ألف كيل حتى وصل اليمامة ..
    فإذا مسيلمة قد جمع أكثر من مائة ألف لقتال المسلمين ..
    فما كاد المسلمون يستقرون .. حتى قام مسيلمة خطيباً في قومه فقال : اليوم يوم الغيرة .. فقاتلوا عن أحسابكم وامنعوا نساءكم .. ولم يزل يحثهم .. حتى ثاروا ..
    وابتدأ القتال .. وتنازل الأبطال ..
    وقعقعت السيوف .. وتتابعت الـحُتوف ..
    ورميت الرماح .. وارتفع الصياح ..
    وغبرت خيل الرحمن .. وعلت أصوات الفرسان .. وفتحت أبواب الجنان .. وطارت أرواح الشهداء .. واشتاق الأولياء ..
    وكان من أول من أصيب أبو عقيل الأنصاري ..أصابه في كتفه الأيسر سهم شل حركته .. فأخرج السهم .. فجرّوه إلى الخيام ..
    فلما حمي القتال .. وظهر قوم مسيلمة .. وبدأ بعض المسلمين يفرون ..
    وأبو عقيل على فراشه لا يقوى على الحركة ..
    سمع صائحاً يقول : يا معاشر الأنصار ! الله الله والكرة على عدوكم ..
    قال عبد الله بن عمر : فنهض أبو عقيل .. يتكئ على يمينه .. ويريد سيفه ..
    فقلت : ما تريد ؟ ما فيك قتال ..
    قال : قد نوه المنادي باسمي ..
    قلت له : إنما يقول : يا للأنصار .. و لا يعني الجرحى ..
    قال أبو عقيل : أنا من الأنصار وأنا أجيبه والله ولو حبواً ..
    قال ابن عمر : فتحزم أبو عقيل .. وأخذ السيف بيده اليمنى ..
    ثم خرج وهو ينادي : يا للأنصار ! كرةٌ كيوم حنين .. فاجتمِعوا رحمكم الله .. وجعل يصيح بهم .. ويضرب من رأى من الكفار بسيفه ..
    قال ابن عمر : فنظرت إلى أبي عقيل .. وقد قطعت يده المجروحة من المنكب .. فوقعت إلى الأرض .. وجراحه تنزف ..
    فلما انتهى القتال .. أقبلت ألتمسه .. فإذا هو صريع بآخر رمق ..
    فقلت : أبا عقيل .. فقال ـ بلسان ملتاث ـ: لبيك لمن الدّبَرة ؟
    قلت : أبشر .. قد قتل عدو الله ..
    فرفع إصبعه إلى السماء وقال : الحمد لله .. ثم مات ..
    وهزم الله قوم مسيلمة .. وهربوا وأخذوا يتفرقون في الشعاب ..
    ولم يزل الصحابة يسوقونهم أمامهم .. ويضعون السيوف في رقابهم .. وهم مضطربون لا يدرون إلى أين يلجئون ..
    حتى وقف حكم بن الطفيل من قوم مسيلمة ثم صاح بقومه :
    تحصنوا بالحديقة ..
    فتسابقوا إليها .. وقام هو على مرتفع يناديهم .. ويشير لهم .. فرماه عبد الله بن أبي بكر بسهم في عنقه وهو يخطب فقتله ..
    ودخل جيش مسيلمة الحديقة .. وكانت حديقة عظيمة .. طويلةٌ جدرانها .. محصنةٌ أطرافها ..
    وأغلقوا بابها .. فجعل الصحابة يطوفون بجدرانها .. ويدفعون أبوابها ..
    وقد اشتد حنقهم على الكفار ..
    فأقبل البراء بن مالك .. هل رأيت البراء بن مالك ..؟؟ لم تره !!
    كان نحيل الجسم .. دقيق الساقين .. صغير اليدين .. قصير القامة .. لكنه كان بطلاً قتل مائة مشرك مبارزة وحده .. فضلاً عمن قتلهم أثناء المعارك ..
    أخذ البراء يطوف بالحصن كالأسد .. يزار من حرّ ما يجد .. كيف ينجو الكفار بهذه السهولة .. ثم أخذ ينظر إلى جدار الحديقة فإذا هو رفيع ..
    فأقبل إلى باب الحديقة فإذا عنده عدد من الأصحاب ..
    فقال لهم : يا معشر المسلمين .. احملوني في ترس .. وألقوني عليهم في الحديقة ..
    فعجبوا .. كيف نلقيك وأنت واحد وهم مائة ألف ..
    فلا زال بهم .. حتى حملوه في ترس .. ورفعوها بالرماح .. حتى بلغ أعلى الجدار .. فقفز وحده داخل الحديقة ..
    فلم يرُعِ الكفار .. إلا وهو بين أيديهم .. فاجتمعوا عليه .. هذا يضربه بسيف .. وذاك يطعنه بخنجر .. والثالث يضربه بعصا ..
    وهو يتقي هذا بترسه .. والآخرَ بسيفه .. ويدفع الثالث بيده .. ويزحف جهة الباب ليفتح للمسلمين .. ودماؤه تسيل .. ولحمه يتساقط ..
    حتى اتكأ على الباب ففتحه .. وتدافع المسلمون كالسيل إلى الحديقة .. واشتد فيها القتال .. حتى سميت بحديقة الموت ..
    وهزم الله جند الكافرين .. أما البراء فقد مضى شهيداً مع المؤمنين ..

    * * * * * * * * *

    فسبحان من أغرى المنايا بأهله * كأن لها ثأراً .. وليس لها ثأر
    ليختار من يختارُ منهم ويصطفي * له الحكمة العُلياْ .. له النهي والأمر
    دعتهم ثغور العز من كل موطن * فطاروا سراعاً ما لهم دونها صبر
    نفى عنهمُ همًّ التنعم هـمُّهم * فأبدانهم شعث .. وأثوابهم غُبْر
    نحافاً وسمراً كالرماح تراهمُ * وتحمد عند الطعن شُعثَ القنا السمر
    مضوا يشربون الموت كأساً شهية * ولو أن طعم الموت مستثقل مر
    ولكنَّ في ذات الإله ودينه * لمن أُشْرب الإيمانَ .. يُسْتعذب الصِّبر
    أبوا أن يعيشوا كالعبيد بعالم * تحَكمَ فيه الظلم .. واستحكم الكفر
    ففي الأرض منأى للكريم عن الأذى * وفي الموت منأى عنه إن لزم الأمر
    فما عاش من عاش الحياة بذلة * ولو طال ذاك العيش ما بقي الدهر

    * * * * * * * * * *



  • #2
    رد: وكما أن في الرجال أبطال .. يصبرون على القيد والأغلال .. والرمي بالنبال .. ففي النساء كذلك .. صا

    جزاكم الله خيرا ونفع بكم وأسكنكم الجنة

    تعليق

    يعمل...
    X