خلافة الصديق
الصديق خلف الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أحق بخلافته ([1])
الخليفة:
الخليفة هو الذي يخلف غيره، وإن لم يستخلفه هذا هو المعروف في اللغة وقول الجمهور. وقد يكون بمعنى من استخلفه غيره.
والخليفة لا يصير خليفة إلا مع مغيب المستخلف أو موته. ولهذا لا يصلح أن يقال: إن الله يستخلف أحدًا عنه؛ فإنه حي قيوم، مدبر لعباده، منزه عن الموت والنوم والغيبة. والله يوصف بأنه يخلف العبد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل»([2]). وقال في حديث الدجال: «والله خليفتي على كل مسلم»([3]). وكل من وصفه الله بالخلافة في القرآن فهو خليفة عن مخلوق كان قبله، كقوله: }ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ{([4]). }وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ{([5]).
}وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ{([6]). وكذلك قوله: }إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً{([7]). أي عن خلق كان في الأرض قبل ذلك: كما ذكره المفسرون وغيرهم. وأما ما يظنه طائفة من الاتحادية وغيرهم: أن الإنسان خليفة الله فهذا جهل وضلال، ولهذا لما قالوا لأبي بكر: يا خليفة الله! قال: لست خليفة الله؛ بل خليفة رسول الله، وحسبي ذلك ([8]).
الخليفة:
الخليفة هو الذي يخلف غيره، وإن لم يستخلفه هذا هو المعروف في اللغة وقول الجمهور. وقد يكون بمعنى من استخلفه غيره.
والخليفة لا يصير خليفة إلا مع مغيب المستخلف أو موته. ولهذا لا يصلح أن يقال: إن الله يستخلف أحدًا عنه؛ فإنه حي قيوم، مدبر لعباده، منزه عن الموت والنوم والغيبة. والله يوصف بأنه يخلف العبد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل»([2]). وقال في حديث الدجال: «والله خليفتي على كل مسلم»([3]). وكل من وصفه الله بالخلافة في القرآن فهو خليفة عن مخلوق كان قبله، كقوله: }ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ{([4]). }وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ{([5]).
}وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ{([6]). وكذلك قوله: }إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً{([7]). أي عن خلق كان في الأرض قبل ذلك: كما ذكره المفسرون وغيرهم. وأما ما يظنه طائفة من الاتحادية وغيرهم: أن الإنسان خليفة الله فهذا جهل وضلال، ولهذا لما قالوا لأبي بكر: يا خليفة الله! قال: لست خليفة الله؛ بل خليفة رسول الله، وحسبي ذلك ([8]).
خلافة الصديق حق وصواب بالنصوص والإجماع
خلافة الصديق: دلت النصوص الكثيرة على أنها حق وصواب، وهذا مما لم يختلف العلماء فيه. واختلفوا: هل انعقدت بالنص الذي هو العهد كخلافة عمر، أو بالإجماع والاختيار؟([9]).
التحقيق في خلافة أبي بكر، وهو الذي يدل عليه كلام أحمد: أنها انعقدت باختيار الصحابة ومبايعتهم له، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بوقوعها على سبيل الحمد لها، والرضا بها، وأنه أمر بطاعته وتفويض الأمر إليه، وأنه دل الأمة وأرشدهم إلى بيعته. فهذه الوجوه الثلاثة -الخبر، والأمر، والإرشاد- ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الوجوه الثلاثة الثابتة بالسنة دل عليها القرآن ([10])([11]).
خلافة الصديق: دلت النصوص الكثيرة على أنها حق وصواب، وهذا مما لم يختلف العلماء فيه. واختلفوا: هل انعقدت بالنص الذي هو العهد كخلافة عمر، أو بالإجماع والاختيار؟([9]).
التحقيق في خلافة أبي بكر، وهو الذي يدل عليه كلام أحمد: أنها انعقدت باختيار الصحابة ومبايعتهم له، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بوقوعها على سبيل الحمد لها، والرضا بها، وأنه أمر بطاعته وتفويض الأمر إليه، وأنه دل الأمة وأرشدهم إلى بيعته. فهذه الوجوه الثلاثة -الخبر، والأمر، والإرشاد- ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الوجوه الثلاثة الثابتة بالسنة دل عليها القرآن ([10])([11]).
الوجه الأول: الخبر بوقوعها على سبيل
الحمد لها والرضا بها
1- قوله في الحديث الصحيح: «رأيت كأني أنزع على قليب فأخذها ابن أبي قحافة فنزع ذنوبًا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف ([12]) والله يغفر له؛ ثم أخذها ابن الخطاب فاستحالت غربًا، فلم أر عبقريًا من الناس يفري فرية حتى ضرب الناس بطعن»([13]) فأخبر بأمور تستلزم صلاح الولاة، وهذه وقعت في خلافة أبي بكر وعمر ([14]).
2- وفي سنن أبي داود وغيره من حديث الأشعث، عن الحسن، عن أبي بكرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من رأى منكم رؤيا. فقال رجل: أنا رأيت كأن ميزانًا أنزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت بأبي بكر، ثم وزن عمر وأبي بكر، فرجح أبو بكر، ووزن عمر وعثمان فرجح عمر، ثم رفع الميزان، فرأيت الكراهية في وجه النبي صلى الله عليه وسلم ([15]).
ورواه أيضًا من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جعدان، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه مثله. ولم يذكر الكراهية «فاستاء لها النبي صلى الله عليه وسلم » يعني فساءه ذلك فقال: «خلافة نبوة، ثم يؤتي الله الملك من يشاء»([16]). فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن ولاية هؤلاء خلافة نبوة، ثم بعد ذلك ملك، وليس فيه ذكر علي؛ لأنه لم يجتمع الناس في زمانه، بل كانوا مختلفين لم ينتظم فيه خلافة النبوة ولا الملك ([17]).
3- ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: «ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابًا، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر»([18]). فبين صلى الله عليه وسلم أنه يريد أن يكتب كتابًا خوفًا، ثم علم أن الأمر واضح ظاهر ليس مما يقبل النزاع فيه فترك ذلك، لعلمه بأن ظهور فضيلة أبي بكر واستحقاقه لهذا الأمر يغني عن العهد.
4- وفي صحيح البخاري: «أنَّ عائشة رضي الله عنها لما قالت: وا رأساه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل أنا وا رأساه، لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه وأعهد أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون، ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون، أو يدفع الله ويأبى المؤمنون»([19]).
وهذا الحديث الصحيح فيه همه بأن يكتب لأبي بكر كتابًا بالخلافة لئلا يقول قائل: أنا أولى. ثم قال: «يأبى الله ذلك والمؤمنون» فلما علم الرسول أن الله تعالى لا يختار إلا أبا بكر والمؤمنون لا يختارون إلا إياه اكتفى بذلك عن الكتاب، ولم تكن كتابة الكتاب مما أوجبه الله عليه أن يكتبه أو يبلغه في ذلك الوقت، لأن أمته إذا ولته طوعًا بغير إلزام وكان هو الذي يرضاه الله ورسوله كان أفضل للأمة، ودل على علمها ودينها؛ فإنها لو ألزمت به لربما قيل إنها أكرهت على الحق وهي لا تختاره، كما كان يجري ذلك لبني إسرائيل، ويظن الظان أنه كان في الأمة بقايا جاهلية من التقديم بالأنساب، فكان ما اختاره الله لنبيه أفضل، ولهم أفضل، فالحمد لله الذي هدى هذه الأمة، وعلى أن جعلنا من أتباعهم، وأبعد الله من لا يختار ما اختاره الله ورسوله والمؤمنون ([20]).
5- روى أبو داود أيضًا من حديث ابن شهاب، عن عمرو بن أبان، عن جابر أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أري الليلة رجل صالح كأنا أبا بكر نيط برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونيط عمر بأبي بكر، ونيط عثمان بعمر» قال جابر: فلما قمنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: أما الرجل الصالح فرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأما تنوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم ([21]).
6- وروى أيضًا من حديث حماد بن سلمة، عن أشعث بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن سمرة بن جندب «أن رجلاً قال يا رسول الله إني رأيت كأن دلوًا دلي من السماء فجاء أبو بكر فأخذ بعراقيها فشرب شربًا ضعيفًا، ثم جاء عمر فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع، ثم جاء عثمان، فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع، ثم جاء علي فأخذ بعراقيها فانتشطت وانتضح عليه منها شيء»([22]).
7- وعن سعيد بن جهمان، عن سفينة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله الملك من يشاء، أو ملكه من يشاء»([23]). قال سعيد: ثم قال لي سفينة: أمسك خلافة أبي بكر سنتين، وخلافة عمر عشر، وخلافة عثمان اثنتي عشرة، وخلافة علي ست سنين. قال سعيد: قلت لسفينة: إن هؤلاء يزعمون أن عليًا ليس بخليفة. فقال: كذبت إستاه بني الزرقاء -يعني: بني مروان-([24]).
1- قوله في الحديث الصحيح: «رأيت كأني أنزع على قليب فأخذها ابن أبي قحافة فنزع ذنوبًا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف ([12]) والله يغفر له؛ ثم أخذها ابن الخطاب فاستحالت غربًا، فلم أر عبقريًا من الناس يفري فرية حتى ضرب الناس بطعن»([13]) فأخبر بأمور تستلزم صلاح الولاة، وهذه وقعت في خلافة أبي بكر وعمر ([14]).
2- وفي سنن أبي داود وغيره من حديث الأشعث، عن الحسن، عن أبي بكرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من رأى منكم رؤيا. فقال رجل: أنا رأيت كأن ميزانًا أنزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت بأبي بكر، ثم وزن عمر وأبي بكر، فرجح أبو بكر، ووزن عمر وعثمان فرجح عمر، ثم رفع الميزان، فرأيت الكراهية في وجه النبي صلى الله عليه وسلم ([15]).
ورواه أيضًا من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جعدان، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه مثله. ولم يذكر الكراهية «فاستاء لها النبي صلى الله عليه وسلم » يعني فساءه ذلك فقال: «خلافة نبوة، ثم يؤتي الله الملك من يشاء»([16]). فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن ولاية هؤلاء خلافة نبوة، ثم بعد ذلك ملك، وليس فيه ذكر علي؛ لأنه لم يجتمع الناس في زمانه، بل كانوا مختلفين لم ينتظم فيه خلافة النبوة ولا الملك ([17]).
3- ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: «ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابًا، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر»([18]). فبين صلى الله عليه وسلم أنه يريد أن يكتب كتابًا خوفًا، ثم علم أن الأمر واضح ظاهر ليس مما يقبل النزاع فيه فترك ذلك، لعلمه بأن ظهور فضيلة أبي بكر واستحقاقه لهذا الأمر يغني عن العهد.
4- وفي صحيح البخاري: «أنَّ عائشة رضي الله عنها لما قالت: وا رأساه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل أنا وا رأساه، لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه وأعهد أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون، ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون، أو يدفع الله ويأبى المؤمنون»([19]).
وهذا الحديث الصحيح فيه همه بأن يكتب لأبي بكر كتابًا بالخلافة لئلا يقول قائل: أنا أولى. ثم قال: «يأبى الله ذلك والمؤمنون» فلما علم الرسول أن الله تعالى لا يختار إلا أبا بكر والمؤمنون لا يختارون إلا إياه اكتفى بذلك عن الكتاب، ولم تكن كتابة الكتاب مما أوجبه الله عليه أن يكتبه أو يبلغه في ذلك الوقت، لأن أمته إذا ولته طوعًا بغير إلزام وكان هو الذي يرضاه الله ورسوله كان أفضل للأمة، ودل على علمها ودينها؛ فإنها لو ألزمت به لربما قيل إنها أكرهت على الحق وهي لا تختاره، كما كان يجري ذلك لبني إسرائيل، ويظن الظان أنه كان في الأمة بقايا جاهلية من التقديم بالأنساب، فكان ما اختاره الله لنبيه أفضل، ولهم أفضل، فالحمد لله الذي هدى هذه الأمة، وعلى أن جعلنا من أتباعهم، وأبعد الله من لا يختار ما اختاره الله ورسوله والمؤمنون ([20]).
5- روى أبو داود أيضًا من حديث ابن شهاب، عن عمرو بن أبان، عن جابر أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أري الليلة رجل صالح كأنا أبا بكر نيط برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونيط عمر بأبي بكر، ونيط عثمان بعمر» قال جابر: فلما قمنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: أما الرجل الصالح فرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأما تنوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم ([21]).
6- وروى أيضًا من حديث حماد بن سلمة، عن أشعث بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن سمرة بن جندب «أن رجلاً قال يا رسول الله إني رأيت كأن دلوًا دلي من السماء فجاء أبو بكر فأخذ بعراقيها فشرب شربًا ضعيفًا، ثم جاء عمر فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع، ثم جاء عثمان، فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع، ثم جاء علي فأخذ بعراقيها فانتشطت وانتضح عليه منها شيء»([22]).
7- وعن سعيد بن جهمان، عن سفينة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله الملك من يشاء، أو ملكه من يشاء»([23]). قال سعيد: ثم قال لي سفينة: أمسك خلافة أبي بكر سنتين، وخلافة عمر عشر، وخلافة عثمان اثنتي عشرة، وخلافة علي ست سنين. قال سعيد: قلت لسفينة: إن هؤلاء يزعمون أن عليًا ليس بخليفة. فقال: كذبت إستاه بني الزرقاء -يعني: بني مروان-([24]).
الوجه الثاني: الأمر بطاعته وتفويض الأمر إليه
1- في السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر، وعمر»([25]).
فأمره بالاقتداء بعده بأبي بكر وعمر دليل على خلافتهما بعده، ولهذا كان أحد قولي العلماء وهو إحدى الروايتين عن أحمد أن قولهما إذا اتفقا حجة لا يجوز العدول عنها. ولو كانا ظالمين لم يأمر بالاقتداء بهما، فإنه لا يأمر بالاقتداء بالظالم، فإن الظالم لا يكون قدوة يؤتم به بدليل قوله تعالى: }لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ{([26]) فلما أمر بالاقتداء بمن بعده والاقتداء هو الائتمام مع إخباره أنهما يكونان بعده دل على أنهما إمامان بعده، وهذا هو المطلوب. ومرتبة المقتدي به في أفعاله وفي سنته للمسلمين فوق مرتبة المتبع فيما سنه فقط. والفرق بينه وبين أصحابي كالنجوم مع أنه لا يصح، ليس فيه لفظ بعدي وليس فيه الأمر بالاقتداء بهم ([27]).
2- «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي»([28])، فأمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، وجعل خلافتهم إلى مدة معينة، فدل ذلك على أن المتولي في تلك المدة هم الخلفاء الراشدون، فإنهم خلفوه في ذلك، فانتفى عنهم بالهدى الضلال، وبالرشد الغي، وهذا هو الكمال في العلم والعمل.
فإن الضلال عدم العلم، والغي اتباع الهوى، ولهذا الأظهر أن اتفاق الخلفاء الأربعة حجة لا يجوز خلافه لأمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم ([29]).
3- في الصحيحين عن جبير بن مطعم، عن أبيه، أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا فأمرها أن ترجع إليه، فقالت: يا رسول الله أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ - قال أبي: كأنها تعني الموت - قال فإن لم تجديني فأتي أبا بكر([30]).
4- وحديث «إذا لم تجدوه أعطوها أبا بكر»([31]) فأمره من يأتيه أن يأتي بعد موته شخصًا يقوم مقامه يدل على أنه خليفة بعده. وهذا وقع لأبي بكر ([32]).
1- في السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر، وعمر»([25]).
فأمره بالاقتداء بعده بأبي بكر وعمر دليل على خلافتهما بعده، ولهذا كان أحد قولي العلماء وهو إحدى الروايتين عن أحمد أن قولهما إذا اتفقا حجة لا يجوز العدول عنها. ولو كانا ظالمين لم يأمر بالاقتداء بهما، فإنه لا يأمر بالاقتداء بالظالم، فإن الظالم لا يكون قدوة يؤتم به بدليل قوله تعالى: }لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ{([26]) فلما أمر بالاقتداء بمن بعده والاقتداء هو الائتمام مع إخباره أنهما يكونان بعده دل على أنهما إمامان بعده، وهذا هو المطلوب. ومرتبة المقتدي به في أفعاله وفي سنته للمسلمين فوق مرتبة المتبع فيما سنه فقط. والفرق بينه وبين أصحابي كالنجوم مع أنه لا يصح، ليس فيه لفظ بعدي وليس فيه الأمر بالاقتداء بهم ([27]).
2- «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي»([28])، فأمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، وجعل خلافتهم إلى مدة معينة، فدل ذلك على أن المتولي في تلك المدة هم الخلفاء الراشدون، فإنهم خلفوه في ذلك، فانتفى عنهم بالهدى الضلال، وبالرشد الغي، وهذا هو الكمال في العلم والعمل.
فإن الضلال عدم العلم، والغي اتباع الهوى، ولهذا الأظهر أن اتفاق الخلفاء الأربعة حجة لا يجوز خلافه لأمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم ([29]).
3- في الصحيحين عن جبير بن مطعم، عن أبيه، أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا فأمرها أن ترجع إليه، فقالت: يا رسول الله أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ - قال أبي: كأنها تعني الموت - قال فإن لم تجديني فأتي أبا بكر([30]).
4- وحديث «إذا لم تجدوه أعطوها أبا بكر»([31]) فأمره من يأتيه أن يأتي بعد موته شخصًا يقوم مقامه يدل على أنه خليفة بعده. وهذا وقع لأبي بكر ([32]).
الوجه الثالث: دلالته الأمة وإرشادها إلى بيعته
1- في صحيح مسلم: أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا معه في سفر فذكر الحديث وفيه: «إن يطع القوم أبا بكر وعمر يرشدوا»([33]).
2- استخلافه في الصلاة، وهو متواتر ثابت في الصحاح والسنن والمسانيد من غير وجه كما أخرج البخاري ومسلم، وابن خزيمة، وابن حبان وغيرهم من أهل الصحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال : « مرض النبي صلى الله عليه وسلم فاشتد مرضه ، فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس، قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق متى يقوم مقامك لا يستطيع أن يصلي بالناس. قال: مري أبا بكر فليصل بالناس، فعادوت، فقال: مري أبا بكر فليصل بالناس فإنكن صواحب يوسف، فأتاه الرسول فصلى بالناس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم »([34]) وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال: «مروا أبا بكر فليصل بالناس» فقلت يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف ([35]) وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس. قالت فقلت لحفصة: قولي له إن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر. فقالت له: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس. قالت: فأمروا أبا بكر يصلي بالناس»([36]).
فصلى بهم مدة مرضه صلى الله عليه وسلم من يوم الخميس إلى يوم الخميس إلى يوم الاثنين، فكان مدة مرضه فيما قيل اثني عشر يومًا، وكانت حجرته صلى الله عليه وسلم إلى جانب المسجد. ففي هذا أنها راجعته، وأمرت حفصة بمراجعته، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لامهن على هذه المراودة، وجعلها من المراودة على الباطل، كمراودة صواحب يوسف ليوسف، فدل هذا على تقديم غير أبي بكر في الصلاة من الباطل الذي يذم من يراود عليه، هذا مع أن أبا بكر قد قال لعمر يصلي فلم يتقدم عمر، وقال: أنت أحق بذلك، فكان في هذا اعتراف عمر له أنه أحق بذلك منه، كما اعترف له أنه أحق بالخلافة منه ومن سائر الصحابة. وأنه أفضلهم ([37]).
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وما حملني على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحب الناس بعده رجلاً قام مقامه أبدًا، فأردت أن يعدل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر ([38]).
وكشف الستارة يوم مات وهم يصلون خلف أبي بكر فسر بذلك ففي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن أبا بكر كان يصلي لهم في وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه، حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة فنظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف([39])، ثم تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكًا، قال فبهتنا ونحن في الصلاة من فرح بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف، وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خارج للصلاة، فأشار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده أن أتموا صلاتكم. ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرخى الستر، قال: فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه ذلك([40]).
وخرج النبي صلى الله عليه وسلم مرة فصلى بهم جالسًا وبقي أبو بكر يصلي بأمره سائر الصلوات ففي الصحيح عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: «دخلت على عائشة، فقلت لها: ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: بلى، ثقل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا وهم ينتظرونك يا رسول الله. قال: ضعوا لي الماء في المخضب([41]) ففعلنا، فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا ينتظرونك يا رسول الله. قالت: والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة، قالت: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر أن يصلي بالناس، فأتاه الرسول، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس. فقال: أبو بكر وكان رجلاً رقيقًا: يا عمر صل بالناس. قال فقال عمر: أنت أحق بذلك. قالت: فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يتأخر، وقال لهما: أجلساني إلى جنبه، فأجلساه إلى جنب أبي بكر، وكان أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والناس يصلون بصلاة أبي بكر، والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد. قال عبيد الله: فدخلت على عبد الله بن عباس فقلت له: ألا أعرض عليك ما حدثتني عائشة عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: هات. فعرضت حديثها عليه، فما أنكر منه شيئًا، غير أنه قال: أسمت لك الرجل الذي كان مع العباس؟ قلت: لا. قال: هو علي»([42]).
فهذا حديث اتفقت فيه عائشة وابن عباس كلاهما يخبران بمرض النبي صلى الله عليه وسلم واستخلاف أبي بكر في الصلاة، وأنه صلى بالناس قبل خروج النبي صلى الله عليه وسلم أيامًا، وأنه لما خرج لصلاة الظهر أمره أن لا يتأخر بل يقيم مكانه وجلس النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنبه، والناس يصلون بصلاة أبي بكر، وأبي وبكر يصلي بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، والعلماء كلهم متفقون على تصديق هذا الحديث وتلقيه بالقبول، وتفقهوا في مسائل فيه. وكان قد استخلفه في الصلاة قبل ذلك لما ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم. ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف في غيبته على الصلاة في حال سفره وفي حال غيبته في مرضه إلا أبا بكر، ولكن عبد الرحمن بن عوف صلى بالمسلمين مرة صلاة الفجر في السفر عام تبوك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذهب ليقضي حاجته فتأخر ([43])([44]).
3- وفي الترمذي مرفوعًا: «لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يؤمهم غيره»([45]).
4- ومثل قوله في الحديث الصحيح على منبره: «لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، لا يبقى في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر»([46]).
والقائلون بالنص الجلي استدلوا على ذلك باتفاق الصحابة على تسميته خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ([47]), قالوا: والخليفة إنما يقال لمن استخلفه غيره، واعقدوا بأن الفعيل بمعنى المفعول فدل ذلك على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلفه على أمته، وقالت طائفة: الخليفة يقال لمن استخلفه غيره ولمن خلف غيره فهي فعيل بمعنى فاعل. وهذان الوصفان لم يثبتا إلا لأبي بكر، فكان هو الخليفة.
قال الشيخ رحمه الله: وأهل السنة يقولون خلفه، وكان هو أحق بخلافته ([48]).
([1]) الأدلة الكثيرة الآتي ذكرها تبين ذلك.
([2]) الترمذي 5/ 161.
([3]) صحيح مسلم (ك 51/ ب 57، جـ 2/ 978) والترمذي (5/ 161) والمسند (2/ 433).
([4]) سورة يونس: 14.
([5]) سورة الأعراف: 69.
([6]) سورة النور: 55.
([7]) سورة البقرة: 30.
([8]) منهاج جـ4/ 94. جـ2/ 222.
([9]) وأما قول الإمامية: إنها ثبتت بالنص الجلي على علي، وقول الزيدية والجارودية: إنها بالنص الخفي عليه، وقول الراوندية: إنها بالنص على العباس فهذه أقوال ظاهرة الفساد عند أهل العلم والدين، وإنما يدين بها إما جاهل، وإما ظالم، وكثير ممن يدين بها زنديق.
([10]) منهاج جـ4/ 234، ومجموعة الفتاوى جـ35/ 47.
([11]) ويأتي ذكر الآيات الدالة على هذه الوجوه الثلاثة بعد ذكر الأحاديث الدالة عليها.
([12]) هذا إشارة إلى قلة سني خلافته.
([13]) العطن مبرك الإبل. يقول: حتى رويت الإبل، فأناخت. قاله وهب. وهذا الحديث أخرجه البخاري ك62 ب5 ص197 و ك 91 ب28-30.
([14]) جـ 1/184 جـ 3/ 267.
([15]) أخرجه أبو داود رقم (4634)، والترمذي رقم (2288) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
([16]) رواه أبو داود (رقم 4635).
([17]) منهاج جـ1/185.
([18]) صحيح مسلم (ك 44 ح 11) ويأتي ما في صحيح البخاري.
([19]) صحيح البخاري ك 75 ب16 جـ7 ص8. وقد اتفقا على «ويأبى الله والمؤمنون» وفي المسند جـ6/106 قالت عائشة رضي الله عنها: «فأبى الله والمؤمنون إلا أن يكون أبي، فكان أبي».
([20]) منهاج جـ1/188 جـ 4/ 294 جـ3/268، 212، 269، 270 وقول ابن عباس: إن الرزية كل الرزية ما حال بين الرسول وبين أن يكتب الكتاب. يقتضي أن هذا الحائل كان رزية، وهو رزية في حق من شك في خلافة الصديق إذ اشتبه عليه الأمر فإنه لو كان هناك كتاب لزال الشك، فأما من علم أن خلافته حق فلا رزية في حقه، ولله الحمد (منهاج جـ3/ 135.
([21]) أخرجه أبو داود (جـ1/ 513).
([22]) أخرجه أبو داود في باب الخلفاء جـ1/ 515.
([23]) أخرجه أبو داود في باب الخلفاء جـ1/ 515.
([24]) أخرجه أبو داود جـ2/ 515 والإمام أحمد في المسند جـ5/ 220، 221 بزيادة قال سعيد قال لي سفينة... قال ابن كثير رحمه الله: وهذا الحديث فيه رد صريح على الروافض المنكرين لخلافة الثلاثة، وعلى النواصب من بني أمية ومن تبعهم من أهل الشام في إنكار خلافة علي. اهـ ومعنى: «كذبت إستاه بني الزرقاء» الإستاة جمع إست، وهي العجيزة، وتطلق على حلقة الدبر، والمراد أنها كلمة كاذبة خرجت من أدبارهم كالظرطة فلا قيمة لها، والزرقاء امرأة من أمهات بني أمية.
([25]) أخرجه ابن ماجه جـ1/97 والترمذي 5/ 3744، والحاكم في المستدرك جـ3/75، وأحمد في المسند جـ5/ 385، 399، 402 وأبو داود في سننه.
([26]) سورة البقرة: 124.
([27]) منهاج جـ1/184، 185، جـ3/162، جـ4/238، وانظر مجموع الفتاوى جـ24/400.
([28]) أخرجه أبو داود جـ2/506 وابن ماجه جـ1/42، 43، والمسند جـ4/126، 127، وذكره ابن رجب واستقصى من رواه وشرحه شرحًا وافيًا في كتابه جامع العلوم والحكم.
([29]) منهاج جـ3/ 267، 268.
([30]) أخرجه البخاري ك 62 ب5، ك96، ب24، مسلم ص1856، 1857.
([31]) أخرجه الحاكم عن أنس بن مالك قال: بعثني بنو المصطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: سل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من ندفع صدقاتنا بعدك: فقال: إلى أبي بكر، وصححه الحاكم وأورده الطبراني أيضًا عن عصمة بن مالك (فتح الباري جـ7/ 24).
([32]) منهاج جـ4/295، جـ1/184 جـ3/267.
([33]) صحيح مسلم 681، وفيه ثم قال: «ما ترون الناس صنعوا. قال: ثم قال: أصبح الناس فقدوا نبيهم، فقال أبو بكر، وعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدكم لم يكن ليخلفكم. وقال الناس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيديكم، فإن يطيعوا أبا بكر، وعمر يرشدوا» الحديث، وفي المسند جـ5/298 حديث أبي قتادة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فقال إنكم إن لا تدركوا الماء غدًا تعطشوا، وانطلق الناس يريدون الماء، ولزمت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث، وفيه فقال: «أصبح الناس وقد فقدوا نبيهم، فقال بعضهم لبعض إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالماء وفي القوم أبو بكر، وعمر فقالا: أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن ليسبقكم إلى الماء ويخلفكم وإن يطع الناس أبا بكر، وعمر يرشدوا قالها ثلاثًَا» الحديث.
([34]) ابن خزيمة جـ3/60.
([35]) سريع الحزن والبكاء.
([36]) البخاري ك 10 ب 46، 39، 67، 68، 70 ك 96 ب 5، مسلم (ك 4 ب 21). قال ابن كثير رحمه الله في «البداية والنهاية» جـ5/ 244: لما مات النبي صلى الله عليه وسلم كان الصديق رضي الله عنه قد صلى بالمسلمين صلاة الصبح، وكان إذ ذاك قد أفاق رسول الله صلى الله عليه وسلم إفاقة من غمرة ما كان فيه من الوجع وكشف ستر الحجرة، ونظر إلى المسلمين وهم صفوف في الصلاة خلف أبي بكر، فأعجبه ذلك وتبسم صلوات الله وسلامه عليه، حتى هم المسلمون أن يتركوا ما هم فيه من الصلاة لفرحهم به، وحتى أراد أبو بكر أن يتأخر ليصل الصف، فأشار إليهم أن يمكثوا كما هم وأرخى الستارة وكان آخر العهد به عليه الصلاة والسلام. فلما انصرف أبو بكر من الصلاة دخل عليه، وقال لعائشة: ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قد أقلع عنه الوجع، وهذا يوم بنت خارجة وكانت ساكنة بالسنح، فلما مات واختلف الصحابة فيما بينهم فمن قائل يقول: مات الرسول، ذهب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن قائل: لم يمت، فذهب سالم بن عبيد إلى الصديق...
([37]) كما يأتي.
([38]) البخاري ك 64 ب83 مسلم ك 4 ح 93 رقم 313.
([39]) عبارة عن الجمال البارع وحسن البشرة وصفاء الوجه واستنارته.
([40]) البخاري ك 21 ب 6 مسلم ك 4 رقم 419.
([41]) المخضب: إناء نحو المركن الذي يغتسل فيه.
([42]) البخاري ك 10 ب47، 51، 67 ك 64 ب 83 مسلم رقم (311) قلت: وممن أخرج أحاديث استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في الصلاة مالك في الموطأ (1/170، 171) والترمذي رقم (3673) والنسائي (2/89-100) ، 4/7.
([43]) روى ذلك مسلم عن سهل بن سعد الساعدي ك4 ح 102-104 والبخاري ك 10 ب 48.
([44]) منهاج السنة جـ4/290-296 جـ1/184.
([45]) منهاج جـ4/45 والحديث أخرجه الترمذي في أبواب المناقب رقم 3755 وقال: هذا حديث غريب.
([46]) وتقدم. قال بعضهم: إنما استثنى باب أبي بكر لعلمه بأنه يصير خليفة يحتاج إلى ملازمة المسجد.
([47]) قال الحاكم في المستدرك: ذكر الروايات الصحيحة عن الصحابة رضي الله عنهم بإجماعهم في مخاطبتهم إياه بيا خليفة رسول الله وساقها ص79، 80.
أما حديث عمرو بن ميمون «وسدوا الأبواب كلها إلا باب علي» فإن هذا مما وضعه الشيعة على طريق المقابلة. (منهاج جـ3/8، 9، وقد ذكره ابن الجوزي في الموضوعات).
([48]) منهاج جـ1/183، 184. جـ2/223.
1- في صحيح مسلم: أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا معه في سفر فذكر الحديث وفيه: «إن يطع القوم أبا بكر وعمر يرشدوا»([33]).
2- استخلافه في الصلاة، وهو متواتر ثابت في الصحاح والسنن والمسانيد من غير وجه كما أخرج البخاري ومسلم، وابن خزيمة، وابن حبان وغيرهم من أهل الصحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال : « مرض النبي صلى الله عليه وسلم فاشتد مرضه ، فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس، قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق متى يقوم مقامك لا يستطيع أن يصلي بالناس. قال: مري أبا بكر فليصل بالناس، فعادوت، فقال: مري أبا بكر فليصل بالناس فإنكن صواحب يوسف، فأتاه الرسول فصلى بالناس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم »([34]) وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال: «مروا أبا بكر فليصل بالناس» فقلت يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف ([35]) وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس. قالت فقلت لحفصة: قولي له إن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر. فقالت له: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس. قالت: فأمروا أبا بكر يصلي بالناس»([36]).
فصلى بهم مدة مرضه صلى الله عليه وسلم من يوم الخميس إلى يوم الخميس إلى يوم الاثنين، فكان مدة مرضه فيما قيل اثني عشر يومًا، وكانت حجرته صلى الله عليه وسلم إلى جانب المسجد. ففي هذا أنها راجعته، وأمرت حفصة بمراجعته، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لامهن على هذه المراودة، وجعلها من المراودة على الباطل، كمراودة صواحب يوسف ليوسف، فدل هذا على تقديم غير أبي بكر في الصلاة من الباطل الذي يذم من يراود عليه، هذا مع أن أبا بكر قد قال لعمر يصلي فلم يتقدم عمر، وقال: أنت أحق بذلك، فكان في هذا اعتراف عمر له أنه أحق بذلك منه، كما اعترف له أنه أحق بالخلافة منه ومن سائر الصحابة. وأنه أفضلهم ([37]).
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وما حملني على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحب الناس بعده رجلاً قام مقامه أبدًا، فأردت أن يعدل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر ([38]).
وكشف الستارة يوم مات وهم يصلون خلف أبي بكر فسر بذلك ففي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن أبا بكر كان يصلي لهم في وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه، حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة فنظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف([39])، ثم تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكًا، قال فبهتنا ونحن في الصلاة من فرح بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف، وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خارج للصلاة، فأشار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده أن أتموا صلاتكم. ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرخى الستر، قال: فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه ذلك([40]).
وخرج النبي صلى الله عليه وسلم مرة فصلى بهم جالسًا وبقي أبو بكر يصلي بأمره سائر الصلوات ففي الصحيح عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: «دخلت على عائشة، فقلت لها: ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: بلى، ثقل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا وهم ينتظرونك يا رسول الله. قال: ضعوا لي الماء في المخضب([41]) ففعلنا، فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا ينتظرونك يا رسول الله. قالت: والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة، قالت: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر أن يصلي بالناس، فأتاه الرسول، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس. فقال: أبو بكر وكان رجلاً رقيقًا: يا عمر صل بالناس. قال فقال عمر: أنت أحق بذلك. قالت: فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يتأخر، وقال لهما: أجلساني إلى جنبه، فأجلساه إلى جنب أبي بكر، وكان أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والناس يصلون بصلاة أبي بكر، والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد. قال عبيد الله: فدخلت على عبد الله بن عباس فقلت له: ألا أعرض عليك ما حدثتني عائشة عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: هات. فعرضت حديثها عليه، فما أنكر منه شيئًا، غير أنه قال: أسمت لك الرجل الذي كان مع العباس؟ قلت: لا. قال: هو علي»([42]).
فهذا حديث اتفقت فيه عائشة وابن عباس كلاهما يخبران بمرض النبي صلى الله عليه وسلم واستخلاف أبي بكر في الصلاة، وأنه صلى بالناس قبل خروج النبي صلى الله عليه وسلم أيامًا، وأنه لما خرج لصلاة الظهر أمره أن لا يتأخر بل يقيم مكانه وجلس النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنبه، والناس يصلون بصلاة أبي بكر، وأبي وبكر يصلي بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، والعلماء كلهم متفقون على تصديق هذا الحديث وتلقيه بالقبول، وتفقهوا في مسائل فيه. وكان قد استخلفه في الصلاة قبل ذلك لما ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم. ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف في غيبته على الصلاة في حال سفره وفي حال غيبته في مرضه إلا أبا بكر، ولكن عبد الرحمن بن عوف صلى بالمسلمين مرة صلاة الفجر في السفر عام تبوك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذهب ليقضي حاجته فتأخر ([43])([44]).
3- وفي الترمذي مرفوعًا: «لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يؤمهم غيره»([45]).
4- ومثل قوله في الحديث الصحيح على منبره: «لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، لا يبقى في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر»([46]).
والقائلون بالنص الجلي استدلوا على ذلك باتفاق الصحابة على تسميته خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ([47]), قالوا: والخليفة إنما يقال لمن استخلفه غيره، واعقدوا بأن الفعيل بمعنى المفعول فدل ذلك على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلفه على أمته، وقالت طائفة: الخليفة يقال لمن استخلفه غيره ولمن خلف غيره فهي فعيل بمعنى فاعل. وهذان الوصفان لم يثبتا إلا لأبي بكر، فكان هو الخليفة.
قال الشيخ رحمه الله: وأهل السنة يقولون خلفه، وكان هو أحق بخلافته ([48]).
([1]) الأدلة الكثيرة الآتي ذكرها تبين ذلك.
([2]) الترمذي 5/ 161.
([3]) صحيح مسلم (ك 51/ ب 57، جـ 2/ 978) والترمذي (5/ 161) والمسند (2/ 433).
([4]) سورة يونس: 14.
([5]) سورة الأعراف: 69.
([6]) سورة النور: 55.
([7]) سورة البقرة: 30.
([8]) منهاج جـ4/ 94. جـ2/ 222.
([9]) وأما قول الإمامية: إنها ثبتت بالنص الجلي على علي، وقول الزيدية والجارودية: إنها بالنص الخفي عليه، وقول الراوندية: إنها بالنص على العباس فهذه أقوال ظاهرة الفساد عند أهل العلم والدين، وإنما يدين بها إما جاهل، وإما ظالم، وكثير ممن يدين بها زنديق.
([10]) منهاج جـ4/ 234، ومجموعة الفتاوى جـ35/ 47.
([11]) ويأتي ذكر الآيات الدالة على هذه الوجوه الثلاثة بعد ذكر الأحاديث الدالة عليها.
([12]) هذا إشارة إلى قلة سني خلافته.
([13]) العطن مبرك الإبل. يقول: حتى رويت الإبل، فأناخت. قاله وهب. وهذا الحديث أخرجه البخاري ك62 ب5 ص197 و ك 91 ب28-30.
([14]) جـ 1/184 جـ 3/ 267.
([15]) أخرجه أبو داود رقم (4634)، والترمذي رقم (2288) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
([16]) رواه أبو داود (رقم 4635).
([17]) منهاج جـ1/185.
([18]) صحيح مسلم (ك 44 ح 11) ويأتي ما في صحيح البخاري.
([19]) صحيح البخاري ك 75 ب16 جـ7 ص8. وقد اتفقا على «ويأبى الله والمؤمنون» وفي المسند جـ6/106 قالت عائشة رضي الله عنها: «فأبى الله والمؤمنون إلا أن يكون أبي، فكان أبي».
([20]) منهاج جـ1/188 جـ 4/ 294 جـ3/268، 212، 269، 270 وقول ابن عباس: إن الرزية كل الرزية ما حال بين الرسول وبين أن يكتب الكتاب. يقتضي أن هذا الحائل كان رزية، وهو رزية في حق من شك في خلافة الصديق إذ اشتبه عليه الأمر فإنه لو كان هناك كتاب لزال الشك، فأما من علم أن خلافته حق فلا رزية في حقه، ولله الحمد (منهاج جـ3/ 135.
([21]) أخرجه أبو داود (جـ1/ 513).
([22]) أخرجه أبو داود في باب الخلفاء جـ1/ 515.
([23]) أخرجه أبو داود في باب الخلفاء جـ1/ 515.
([24]) أخرجه أبو داود جـ2/ 515 والإمام أحمد في المسند جـ5/ 220، 221 بزيادة قال سعيد قال لي سفينة... قال ابن كثير رحمه الله: وهذا الحديث فيه رد صريح على الروافض المنكرين لخلافة الثلاثة، وعلى النواصب من بني أمية ومن تبعهم من أهل الشام في إنكار خلافة علي. اهـ ومعنى: «كذبت إستاه بني الزرقاء» الإستاة جمع إست، وهي العجيزة، وتطلق على حلقة الدبر، والمراد أنها كلمة كاذبة خرجت من أدبارهم كالظرطة فلا قيمة لها، والزرقاء امرأة من أمهات بني أمية.
([25]) أخرجه ابن ماجه جـ1/97 والترمذي 5/ 3744، والحاكم في المستدرك جـ3/75، وأحمد في المسند جـ5/ 385، 399، 402 وأبو داود في سننه.
([26]) سورة البقرة: 124.
([27]) منهاج جـ1/184، 185، جـ3/162، جـ4/238، وانظر مجموع الفتاوى جـ24/400.
([28]) أخرجه أبو داود جـ2/506 وابن ماجه جـ1/42، 43، والمسند جـ4/126، 127، وذكره ابن رجب واستقصى من رواه وشرحه شرحًا وافيًا في كتابه جامع العلوم والحكم.
([29]) منهاج جـ3/ 267، 268.
([30]) أخرجه البخاري ك 62 ب5، ك96، ب24، مسلم ص1856، 1857.
([31]) أخرجه الحاكم عن أنس بن مالك قال: بعثني بنو المصطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: سل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من ندفع صدقاتنا بعدك: فقال: إلى أبي بكر، وصححه الحاكم وأورده الطبراني أيضًا عن عصمة بن مالك (فتح الباري جـ7/ 24).
([32]) منهاج جـ4/295، جـ1/184 جـ3/267.
([33]) صحيح مسلم 681، وفيه ثم قال: «ما ترون الناس صنعوا. قال: ثم قال: أصبح الناس فقدوا نبيهم، فقال أبو بكر، وعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدكم لم يكن ليخلفكم. وقال الناس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيديكم، فإن يطيعوا أبا بكر، وعمر يرشدوا» الحديث، وفي المسند جـ5/298 حديث أبي قتادة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فقال إنكم إن لا تدركوا الماء غدًا تعطشوا، وانطلق الناس يريدون الماء، ولزمت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث، وفيه فقال: «أصبح الناس وقد فقدوا نبيهم، فقال بعضهم لبعض إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالماء وفي القوم أبو بكر، وعمر فقالا: أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن ليسبقكم إلى الماء ويخلفكم وإن يطع الناس أبا بكر، وعمر يرشدوا قالها ثلاثًَا» الحديث.
([34]) ابن خزيمة جـ3/60.
([35]) سريع الحزن والبكاء.
([36]) البخاري ك 10 ب 46، 39، 67، 68، 70 ك 96 ب 5، مسلم (ك 4 ب 21). قال ابن كثير رحمه الله في «البداية والنهاية» جـ5/ 244: لما مات النبي صلى الله عليه وسلم كان الصديق رضي الله عنه قد صلى بالمسلمين صلاة الصبح، وكان إذ ذاك قد أفاق رسول الله صلى الله عليه وسلم إفاقة من غمرة ما كان فيه من الوجع وكشف ستر الحجرة، ونظر إلى المسلمين وهم صفوف في الصلاة خلف أبي بكر، فأعجبه ذلك وتبسم صلوات الله وسلامه عليه، حتى هم المسلمون أن يتركوا ما هم فيه من الصلاة لفرحهم به، وحتى أراد أبو بكر أن يتأخر ليصل الصف، فأشار إليهم أن يمكثوا كما هم وأرخى الستارة وكان آخر العهد به عليه الصلاة والسلام. فلما انصرف أبو بكر من الصلاة دخل عليه، وقال لعائشة: ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قد أقلع عنه الوجع، وهذا يوم بنت خارجة وكانت ساكنة بالسنح، فلما مات واختلف الصحابة فيما بينهم فمن قائل يقول: مات الرسول، ذهب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن قائل: لم يمت، فذهب سالم بن عبيد إلى الصديق...
([37]) كما يأتي.
([38]) البخاري ك 64 ب83 مسلم ك 4 ح 93 رقم 313.
([39]) عبارة عن الجمال البارع وحسن البشرة وصفاء الوجه واستنارته.
([40]) البخاري ك 21 ب 6 مسلم ك 4 رقم 419.
([41]) المخضب: إناء نحو المركن الذي يغتسل فيه.
([42]) البخاري ك 10 ب47، 51، 67 ك 64 ب 83 مسلم رقم (311) قلت: وممن أخرج أحاديث استخلاف النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في الصلاة مالك في الموطأ (1/170، 171) والترمذي رقم (3673) والنسائي (2/89-100) ، 4/7.
([43]) روى ذلك مسلم عن سهل بن سعد الساعدي ك4 ح 102-104 والبخاري ك 10 ب 48.
([44]) منهاج السنة جـ4/290-296 جـ1/184.
([45]) منهاج جـ4/45 والحديث أخرجه الترمذي في أبواب المناقب رقم 3755 وقال: هذا حديث غريب.
([46]) وتقدم. قال بعضهم: إنما استثنى باب أبي بكر لعلمه بأنه يصير خليفة يحتاج إلى ملازمة المسجد.
([47]) قال الحاكم في المستدرك: ذكر الروايات الصحيحة عن الصحابة رضي الله عنهم بإجماعهم في مخاطبتهم إياه بيا خليفة رسول الله وساقها ص79، 80.
أما حديث عمرو بن ميمون «وسدوا الأبواب كلها إلا باب علي» فإن هذا مما وضعه الشيعة على طريق المقابلة. (منهاج جـ3/8، 9، وقد ذكره ابن الجوزي في الموضوعات).
([48]) منهاج جـ1/183، 184. جـ2/223.
تعليق