إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قصة سفر أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة سفر أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة

    قصة سفر أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة أبو بكر أتقى الأمة
    روى البخاري في صحيحه عن عروة عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «هاجر إلى الحبشة رجال من المسلمين، وتجهز أبو بكر مهاجرًا ([1]) فقال له النبي صلى الله عليه وسلم على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي. فقال أبو بكر: أو ترجوه بأبي أنت؟ قال: نعم. فحبس أبو بكر نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم ولصحبته، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر، قال عروة: قالت عائشة: فبينما نحن يومًا جلوس في بيتنا في نحر الظهيرة فقال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلاً متقنعًا ([2]) في ساعة لم يكن يأتينا فيها. قال أبو بكر: فدًا له أبي وأمي، والله إن جاء به في هذه الساعة إلا لأمر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له فدخل، فقال حين دخل لأبي بكر: أخرج من عندك. قال: إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله. قال: نعم. قال: فإني قد أذن لي في الخروج. قال: فالصحبة بأبي أنت وأمي يا رسول الله. قال: نعم. قال فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين. قال النبي صلى الله عليه وسلم بالثمن» الحديث([3]).
    قال ابن إسحاق: فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج أتى أبا بكر بن أبي قحافة، فخرجا من خوخة لأبي بكر في ظهر بيته ([4]). وفي رواية للبخاري: «فركبا فانطلقا حتى أتيا الغار وهو بثور فتواريا فيه» الحديث ([5]). وفي الصحيحين عن البراء بن عازب قال: اشترى أبو بكر رضي الله عنه من عازب رحلاً ([6]) بثلاثة عشر درهمًا. فقال أبو بكر لعازب: مر البراء فليحمل إلي رحلي. فقال عازب: لا، حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما من مكة والمشركون يطلبونكم. قال: ارتحلنا من مكة فأحيينا -أو سرينا- ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا، وقام قائم الظهيرة، وخلا الطريق فلا يمر فيه أحد، حتى رفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليه الشمس بعد، فنزلنا عندها، فأتيت الصخرة فسويت بيدي مكانًا ينام فيه النبي صلى الله عليه وسلم في ظلها، ثم بسطت عليه فروة، ثم قلت: نم يا رسول الله وأنا أنفض لك ما حولك ([7])، وخرجت أنفض ما حوله فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أردنا، فلقيته فقلت: لمن أنت يا غلام؟ قال لرجل من قريش سماه فعرفته، فقلت له: أفي غنمك لبن؟ قال: نعم. قلت: أفتحلب لي؟ قال: نعم فأخذ شاة، فقلت: انفض الضرع من الشعر والتراب والقذى، فحلب لي في قعب معه كثبة من لبن. قال ومعي إداوة أرتوي فيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب منها ويتوضأ ([8]). قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وكرهت أن أوقظه من نومه، فوافيته قد استيقظ، فصببت على اللبن الماء حتى برد أسفله، فقلت يا رسول الله: اشرب من هذا اللبن. قال: فشرب حتى رضيت. ثم قال: ألم يأن الرحيل؟ قلت: بلى. فارتحلنا بعد ما زالت الشمس، واتبعنا سراقة بن مالك، قال: ونحن في جلد من الأرض، فقلت يا رسول الله: أتينا. فقال: لا تحزن إن الله معنا، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتطمت فرسه إلى بطنها. فقال: إني قد علمت أنكما دعوتما علي، فادعوا الله لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب، فدعا الله فنجا، فرجع لا يلقى أحدًا إلا قال: قد كفيتم من هنا، فلا يلقى أحدًا إلا رده. قال: ووفا لنا. إلى أن قال: قال ابن شهاب: فأخبرني عبد الرحمن بن مالك المدجلي وهو ابن أخي سراقة قال: جاءنا رسول كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية كل منهما لمن قتله أول أسره ([9]).
    ففي الليلة التي خرج فيها عرفوا في صبيحتها أنه خرج وانتشر ذلك وأرسلوا إلى أهل الطرق يبذلون الدية فيه وفي أبي بكر. وكون المشركين بذلوا الدية لمن يأتي بأبي بكر دليل على أنهم يعلمون موالاته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه كان عدوهم ([10]).

    أبو بكر أتقى الأمة
    الصديق أتقى الأمة بالكتاب والسنة، قال تعالى: }وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى{([11]) وذكر غير واحد من أهل العلم أنها نزلت في قصة أبي بكر فذكر ابن جرير في تفسيره بإسناده عن عبد الله بن الزبير وغيره: أنها نزلت في أبي بكر. وكذلك ذكر ابن أبي حاتم والثعلبي أنها نزلت في أبي بكر عن عبد الله وعن سعيد بن المسيب. وذكر ابن أبي حاتم في تفسيره: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن أبي عمر العدني، حدثنا سفيان، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، قال: أعتق أبو بكر سبعة كلهم يعذب في الله: بلالاً، وعامر بن فهيرة، والنهدية، وابنتها، وزنيرة، وأم عبيس، وأمة بني المؤمل. قال سفيان: فأما زنيرة فكانت رومية وكانت بني عبد الدار، فلما أسلمت عميت، فقالوا أعمتها اللات والعزى، قالت: فهي كافرة باللات والعزى. فرد الله إليها بصرها، وأما بلال فاشتراه وهو مدفون في الحجارة، فقالوا: لو أبيت إلا أوقية لبعناكه فقال أبو بكر: لو أبيتم إلا مائة أوقية لأخذته. قال: وفيه نزلت }وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى{ إلى آخر السورة ([12]).
    وإذا قدر أن هذه الآية دخل فيها من دخل من الصحابة فأبو بكر أحق الأمة بالدخول فيها، فيكون هو الأتقى من هذه الأمة، فيكون هو أفضلهم، وذلك أن الله وصف الأتقى بصفات أبو بكر أكمل فيها من جميع الأمة، وهو قوله: }الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى{ وقوله: }وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى{. أما إيتاء المال فقد ثبت في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن إنفاق أبي بكر أفضل من إنفاق غيره، وأن معاونته له بنفسه وماله أكمل من معاونة غيره ففي الصحيح عن النبي أنه قال: «ما نفعني مال قط كمال أبي بكر»([13]). فقد نفى عن جميع مال الأمة أن ينفعه كنفع مال أبي بكر فكيف تكون تلك الأموال المفضولة دخلت في الآية والمال الذي هو أنفع الأموال له لم يدخل فيها؟! ولم يكن يأكل من أحد صدقة ولا صلة ولا نذرًا؛ بل كان يتجر ويأكل من كسبه، ولما ولي الناس واشتغل عن التجارة بعمل المسلمين أكل من مال الله ورسوله الذي جعله الله له؛ لم يأكل من مال مخلوق. ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يعطيه شيئًا من الدنيا يخصه به؛ بل كان في المغازي كواحد من المسلمين؛ بل يأخذ من ماله ما ينفقه على المسلمين. وقد استعمله النبي صلى الله عليه وسلم وما عرف له أنه أعطاه عمالة. ولم يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم مالاً قط ولا حاجة دنيوية، وإنما كان يطلب منه العلم. وفي صلح الحديبية لما قال لعروة بن مسعود: امصص بظر اللات، أنحن نفر وندعه؟! قال لأبي بكر: لولا يد لك عندي لما أجزك بها لأجبتك. وفي المسند لأحمد: «أنا أبا بكر رضي الله عنه كان يسقط السوط من يده فلا يقول لأحد ناولني إياه، ويقول: إن خليلي أمرني أن لا أسأل الناس شيئًا»([14]). فكان أبعد الناس عن النعمة التي تجزي، وأولاهم بالنعمة التي لا تجزى فهو أحق الناس بالدخول في هذه الآية.
    وأما إخلاصه في ابتغاء وجه ربه الأعلى فهو أكمل الأمة في ذلك؛ لأنه لم يكن بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم سبب يواليه لأجله ويخرج ماله إلا الإيمان. ولم ينصره كما نصره أبو طالب لأجل القرابة، وكان عمله كاملاً في إخلاصه لله تعالى ([15]).
    ([1]) وفي لفظ: «استأذن أبو بكر ...».

    ([2]) متقنعًا: متغشيًا بثوب أو نحوه.

    ([3]) أخرجه البخاري ك 77 ب 16 وك 64 ب28.

    ([4]) البداية والنهاية جـ3/ 177.

    ([5]) البخاري ك77 ب16.

    ([6]) الرحل: سرج البعير وهو الكور. وقدر يراد به القتب والحداجة.

    ([7]) أي أفتش لئلا يكون عدو.

    ([8]) الإداوة: إناء صغير من جلد.

    ([9]) صحيح مسلم ك53 ح75. صحيح البخاري ك 61 ب25، ك62 ب2، ك63 ب45.
    قلت: وقصة الهجرة مبسوطة في كتب التفسير والحديث والسير، والقصد من سياقها هنا أنها من فضائل أبي بكر الخاصة.

    ([10]) منهاج جـ4/ 257-259.

    ([11]) سورة الليل: 17-20.

    ([12]) قال ابن الجوزي: أجمعوا على أنها نزلت في أبي بكر (تاريخ الخلفاء للسيوطي ص38.
    قلت: وتقدم أنه أسلم وله أربعون ألف درهم فأنفقها في سبيل الله.

    ([13]) أخرجه أحمد، وتقدم أيضًا حديث: «إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر».

    ([14]) عن ابن أبي مليكة قال: «كان ربما سقط الخطام من يد أبي بكر قال: فيضرب بذراع ناقته فينيخها فيأخذه. قال: فقالوا له: أفلا أمرتنا نناولكه. فقال: إن حبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني ألا أسأل الناس شيئًا» (المسند جـ5/159 جـ 1 ص11).

    ([15]) جـ 4/ 275، 274- 276، 101، 376.



  • #2
    رد: قصة سفر أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة

    جزاكم الله خيرا ونفع بكم

    تعليق

    يعمل...
    X