
الإمام الحسين .. في قلوبنا
السؤال: أنا من الشيعة، أريد أن أسألكم
ماذا تعرفون عن الإمام الحسين ويوم عاشوراء؟
أجاب عن السؤال الشيخ: د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري(المشرف العلمي على موقع الإسلام اليوم)
الجواب:
نعرف عن سيدنا الحسين بن علي -رضي الله عنه وأرضاه- أنه سبط رسول الله

وكان فمه الطيب مهوى شفتي رسول الله

الذي يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله،
والذي حبه إيمان وبغضه نفاق، وأنه ابن البتول المطهرة سيدة نساء العالمين،
والبضعة النبوية فاطمة الزهراء، وأنه من خير آل بيت نبينا الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا،
وقال فيهم نبينا يوم غدير خم: " أُذكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي".صحيح مسلم
فهو سيدنا وابن نبينا، نحبه ونتولاه، ونعتقد أن حبه -رضي الله عنه وعن أبيه- من أوثق عُرا الإيمان،
وأعظم ما يتقرب به إلى الرحمن، مصداقًا لقول جده

وأنه من أحبه فقد أحب النبي


عمر بن الخطاب له:"وهل أنبت الشعر على رءوسنا إلا الله ثم أنتم".

ونعتقد أنه قتل مظلومًا مبغيًّا عليه، فنبرأ إلى الله من كل فاجر شقي قاتله أو أعان على قتله أو رضي به،
ونعتقد أن ما أصابه فمن كرامة الله له، وأنه رفعة لقدره، وإعلاء لمنـزلته رضي الله عنه،
مصداقًا لقول جده

فبلغه الله بهذا البلاء منازل الشهداء، وألحقه بالسابقين من أهل بيته الذين ابتلوا بأصناف البلاء في أول الدعوة النبوية فصبروا،
وهكذا الإمام الحسين ابتلى بعد وصبر، فأتم الله عليه نعمته بالشهادة؛ لأن عند الله في دار كرامته من المنازل العلية
ما لا ينالها إلا أهل البلاء والصبر فكان الإمام الحسين منهم.
ونعلم أن المسلمين لم يصابوا منذ استشهاد الحسين إلى اليوم بمصيبة أعظم منها
فنقول: " إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ"
رجاء أن نكون ممن قال الله فيهم: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ *
أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155- 157].

ومع ذلك فلا نتجاوز في حبنا له حدود ما حدَّه لنا جده

ابنَ مريمَ ولَكِن قولوا عبدُ اللَّهِ ورسولُهُ"صححه الألباني.
فلا نعظمه بأنواع التعظيم التي لا تصرف إلا لله كالدعاء والاستغاثة، ولا نشرك بنبينا وآله كما أشركت النصارى بعيسى
بن مريم وأمه حيث جعلوهما في مرتبة الألوهية. ولا نجعل له ولا لغيره من آل البيت الطيبين
ما هو من خصائص المرسلين كالعصمة والتشريع،
بل هم -رضوان الله عليهم- أصدق المبلغين عن رسول الله وأعظم المتبعين لهداه، ونعلم أنهم بشر من البشر،
ولكنهم أفضلهم مكانة وأعلاهم قدرًا، ومع ذلك فلم يتكلوا على قرابتهم من رسول الله

ولكن كانوا أعظم اتّباعًا لدينه وقيامًا بشريعته، كما قال الإمام زين العابدين وقرة عين الإسلام علي بن الحسين -
رضي الله عنه وعن آبائه-: "إني لأرجو أن يعطي الله للمحسن منا أجرين، وأخاف أن يجعل على المسيء منا وزرين".
كما أننا لا نعصي جده

وقد استشهد عمه حمزة ومُثِّل بجثمانه ولم يُصَب النبي

ولم يفعل ذلك عليٌّ رضي الله عنه في يوم وفاة النبي

وكذلك نحن لا نجعل يوم استشهاد الحسين يوم نياحة ولطم اقتداء بهذا الهدي النبوي الذي تتابع عليه عمل الإمام علي
وابنيه الحسن والحسين ، {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90].

وأما يوم عاشوراء
فهو يوم أنجى الله فيه موسى وقومه فصامه نبينا محمد

وهو يوم استشهد فيه ابن نبينا الحسين بن علي رضي الله عنه، فنحن نصبر ونحتسب عند الله مصابنا فيه، فاجتمع لنا أهل الإسلام
في هذا اليوم مقام الشكر؛ لأنه اليوم الذي أنجى الله فيه موسى، ومقام الصبر لأنه اليوم الذي أصبنا فيه باستشهاد ابن نبينا.
كما اجتمع في يوم السابع عشر من رمضان يوم الفرقان ببدر، واستشهاد أمير المؤمنين علي .
وفي يوم الاثنين من ربيع الأول مولد النبي

فيكون المقام مقام شكر ومقام صبر، فنصوم شكرًا لله بنجاة نبي الله موسى اقتداء برسول الله

ونسترجع لما أصابنا فيه ونقول كما قال أولو البشرى من الصابرين: " إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ".
وفي الختام فإني أرى في سؤالك بحثًا عن الحق وتتبعًا له فاعتبر -وفقك الله- بالإمام العبقري علي بن أبي طالب الذي كان في
سن الفتوة
واليفاع، ومع ذلك تخلى عما كان عليه أهل الجاهلية،
واتبع هدى الله ونوره المنـزل على محمد

وقلة الناصر والمعين، وكانت فتوته وشبابه -بل حياته كلها مع رسول الله


واعلم -وفقك الله- أن العمر أقصر من أن يضيع في الحيرة والتردد، فليبحث كل منا عن الحق جهده،
ويستغيث بالله ويدعوه ويلح عليه أن يهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه، وأن يدله على طريق مرضاته،
وأن يسلك به صراطه المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.
ولنعلم جميعًا أنه ما لم تدركنا رحمة من الله يهدي بها قلوبنا،
فإنا سنظل في حيرة وضلال {ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِه}
[الأنعام: 88].
اللهم إنا نسألك بحبنا لنبيك

المصدر: موقع الإسلام اليوم.

تعليق