فى عام 371هـ خرج الامير ابا القاسم امير صقلية من المدينه يريد الجهاد و سبب خــــــــــروجه للجهاد هو ان ملك الصلبيين بردويل اغار بجيشه على جزيرة صقليه و استولى على قلعة ملطة فسار ابو القاسم بعساكرة ليدفعهم عن القلعه فلما اقترب من الصليبيين و راى كثرتهم خـــــ افهم وجبن عن لقائهم و العياذ بالله من الخذلان و كانه قد نسى قول الله تعالى " كم من فئة قليله غلبت فئة كثيرة باذن الله" لقد خاف ابو القاسم من الموت فقال لجنوده " انى راجع من مكانى هذا فلا تكسروا على رايى " فرجع بالجيش و علم ملك الصليبيين بردويل ان ابا القاسم خاف من مواجهته فزحف إلية فى الحال وهجم على جيش المسلمين فى حين غفلة منهم فانهزم المسلمون و قتل امير الجيش ابا القاسم و قتل معه مئات من الابطال وولى المسلمون منهزمين .
و لكن هل انتهت المعركة ؟؟؟؟ لا انها لم تنتهى بعد
فلقد اجتمع المسلمون المنهزمون بقيادة جابر بن الامير ابى القاسم و قرروا اعادة الكرة على عدوهم و رفعوا شعار الثبات حتى الممات او النصر ؛ و اعاد المسلمون الكرة و لكن ...........
بقلوب غير القــــــــــلوب
بقلوب تعلــــــــــــــــقت بالله
بقلوب احبت الموت فى سبيل الله
فعندما تعلقت القلوب بالله انزل الله عليهم النصر ، فنصرهم الله من بعد هزيمتهم و اعزهم من بعد زلهم و قواهم من بعد ضعفهم ، و كان النصر حليف لهم .
و قتل من عباد الصليب اربعة الاف و اسر من بطارقهم عدد كبير و غنم المسلمون امولا كثيرة ، فسبحان الواحد الاحد ، عندما خاف ابو القاسم الموت قتل ، و عندما قاتل ابنه طالبا للموت نجا ، و الجبن لا يؤخر الاجل و الشجاعه لا تقربه و لكل اجل كتاب .
اخى فى الله :
من الغريب فى هذه القصة ان نفس الجيش المهزوم هو الذى انتصر بعد ساعات معدوده ، فيا ترى ما السبب ؟!!!
ان كان الجيش هو الجيش و العدو هو العدو ، بل فى المرة الثانيه كان النصر مستحيل بمقياس الخبراء العسكريين لان الجيش بكامل قوته هزم و قتل ملكهم و قتل كثير من الابطال و لم يبقى من الجيش الا عدد يسير ، فما سبب النصر ؟؟؟؟؟؟؟؟
اعلم اخى فى الله ان الاجساد التى دخلت المعركة المرة الثانية هى نفسها الاجساد التى دخلت فى المرة الاولى و لكن القلوب التى دخلت فى المعركة الثانية ليست كالقلوب التى دخلت فى المعركة الاولى لان القلوب التى دخلت فى المعركة فى المرة الاولى قلوب تعلقت بالدنيا فكانت الهزيمة ، اما فى المرة الثانية فالقلوب تعلقت بالله و احبت لقائه فأنزل الله عليهم النصر ، و ما النصر الا من عند الله .
اخى فى الله ان من اعظم فوائد هذه القصة ان تعلم ان قائد الجيش لابد ان يكون مثل الاسد فــــــى شجاعته ، و اذا لم تكن اسدا فلا تقد جيشا ؛وكما قال احد القادة العسكريين جيـــش من الأرانـــــب
يقوده أسد أفضل من جيش من الاسود يقوده ارنب .
قال ابو اسحاق احمد بن إسحاق فى سير اعلام النبلاء " ينبغى لقائد الغزاه ان يكون فيه عشر خصال ، ان يكون فى قلب الاسد فلا يجبن ، و فى كبر النمر فلا يتواضع ، و فى شجاعة الدب يقتل بكل جوارحه ، و فى حملة الخنزير لا يولى دبره ، و فى غارة الذئب إذا يئس من وجه اغر من وجه اخر ، و فى حمل السلاح كالنملة تحمل اكثر من وزنها ، و فى الثبات كالصخر ، و فى الصبر كالحمار ، و فى الوقاحة كالكلب لو دخل صيده النار دخل خلفه ، و فى التماس الفرصة كالديك .
بتصرف من كتاب الكامل لابن الأثير
المصدر كتاب صفحات من العزة واخري من الذل