إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لن يغلب ذل اليهود عز العرب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لن يغلب ذل اليهود عز العرب




    لن يغلب ذلُّ اليهود عزَّ العرب

    أ. شوقي الكيلاني

    إن من السخرية والهزء أن يتظاهر أضعف الناس وأذلهم بمظهر القوة والعزة، ويحاول إذلال أعز الخلق نفسًا، وأصلبهم عودًا، وأقواهم جنانًا ويدًا، ذلك هم حثالة اليهود ومتشرِّدوهم، الذين لفظتهم البلدان ومَجَّتهم الأُمم، وطردهم الناس، وقال الله تعالى في حقهم: ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 61].

    قد جاؤوا إلى بلادنا؛ ليَسكنوها عَنوةً، ويسلبونا أقدس شيء عندنا وأعزه علينا، ويكونوا قذًى في عيوننا، وشجًّا في حُلوقنا.
    لقد أُوصِدت أمامهم الأبواب، وسُدَّت دونهم السبل، وطُرِدوا من كل مكان، وقُتِّلوا تقتيلاً، فغرَّهم سكوننا وهدوؤنا، وأطمعهم ضَعفنا وفقرنا، فجاؤونا من كل فج عميق بأيديهم الأموال الطائلة، يُلوِّحون بها ويَنثرونها؛ ليغرونا ويشتروا ديننا وبلادنا ورقابنا.

    إن هذا بعيد بُعد السماء عن الأرض؛ لأن الكريم لا يبيع نفسه، والشريف لا يرخص عرضه، والعزيز لا يخون وطنه، والمسلم لا يخذل دينه، ولن يستطيع أحد أن يشتري بالمال نفس الكريم، وعرض الشريف، ووطن العزيز، ودين المسلم، فليس بمقدور اليهود مهما أُوتوا من مال وعزم وحزم - أن يذلوا من أذل الفرس والروم، ويعتدوا على من غلبت جيوشهم الأكاسرة والقياصرة، ويحتلوا بلاد من خضع لهم المشرق والمغرب، فالزمان - مهما كان مُتقلبًا - ليس باستطاعته أن يجعل من اليهود أُمة تذل العرب وتُخضعهم لمشيئتها.

    إن العرب يحرصون على الشرف والمروءة والعزة، أكثر مما يحرص اليهود على المال، فلن يستطيعوا بالأبيض والأحمر أن يربطوا الألسن، ويشلوا الأعمال، ولئن قَبِلَ منهم بعضُ الناس الرشوة، وقاموا يُبرمون ويحكمون، ويَصِلون ويَفصِلون بما لم ينزل الله به سلطانًا - فإن العرب لا تقبل بوجه من الوجوه حُكمًا أُسِّس على الرشوة والغايات الدنيئة.

    إن نفوس المسلمين لم تمت، حتى يستطيع اليهود أن يؤسسوا على أنقاضها صروح عزهم الموهوم، وليذكروا جيدًا أن المسلمين لا يزالون يحملون نفس القلوب التي أذاقوهم بها جزاء فسادهم وشرهم منذ ألف وثلاثمائة وبضع وخمسين سنة، سُنَّة الله في خلقه، ﴿ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 62].

    اليهود لا يستطيعون أن يُضمروا بُغضهم، ويتناسوا حقدهم للعرب والمسلمين، فكلما رأوا فرصة سانحة، مدُّوا أعناقهم ليوقدوا نار الفتنة؛ قال الله تعالى فيهم: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [المائدة: 82].

    وهم أكثر الناس خيانة ونفاقًا وتقلبًا وتدليسًا، حتى إن التاريخ لا يذكرهم إلا ويذكر هذه الخصال معهم، فمنهم كعب بن أسد سيد بني قريظة الذي نقض ما بينه وبين الرسول من عهد في أدق الظروف وأحرج الأوقات؛ ليساعد المشركين في غزوة الخندق الذين جاؤوا ليُبيدوا - على حد زعمهم) - ما بَقِيَ من المسلمين بعد غزوة أُحد.

    وبنو النضير الذي جاءهم الرسول صلى الله عليه وسلم يَستعينهم على دِيَةِ قتيلين قتلهما المسلمون خطأً، وكان بينهما عهد يقضي بذلك، فقالوا له: (نعم يا أبا القاسم، نُعينك على ما أحببت مما استعنتَ بنا عليه)، ثم خَلَوْا إلى شياطينهم، فقال بعضهم إلى بعض: (إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه)، وكان الرسول قد جلس إلى جنب جدار من بيوتهم مع نفر من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعلي، فقرَّ رأيهم أن يرموه بحجر من فوق الجدار، ولكن ما كاد يهم أحدهم بذلك، حتى أخبر الله نبيَّه، فعاد ومَن معه إلى المدينة، وأنزل الله تعالى قوله: ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال: 30].

    وكذلك فعل بنو قريظة؛ إذ أجلسوه وأصحابه إلى جدار، وصعد أحدهم ليطرح عليه رحاءه، فأخبره جبريل عليهما السلام، فقاموا وانصرفوا، وأنزل الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المائدة: 11].

    وقد حاولوا كثيرًا اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنَّ الله حفِظه من مكرهم، ومنعه من شرهم، وقد سوَّلت لأحدهم يومًا نفسه اغتياله، فما إن اقترَب منه حتى طمَس الله على بصره، فلم يَرَه، وصار يسأل عنه والنبي يراه ويسمع كلامه، فناداه أصحابه وكانوا ينتظرونه: ما بالك يا فلان؟! فقال: لا أدري ما هذا، فأنزل الله تعالى فيهم: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ﴾ [يس: 9].

    وقد لعنَهم الله تعالى بكفرهم وفسادهم، فقال: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79].

    أفيظن قَتَلَةُ الأنبياء، ومُبغضو الرسل، وأعداء الله - أنهم يجدون في جوف الأقطار العربية وقلب البلاد الإسلامية وطنًا لهم؟ إن هذا لا يكون حتى يزول الإسلام ويُمحى اسم العرب من الوجود، وإلا ما دام في الوجود عرب، وفي الناس إسلام، فلا يستطيع اليهود أن يتخذوا الأرض المقدسة لهم وطنًا.

    إننا لم نَنسهم، أَفَنَسُونا هم؟ ألسنا أصحابهم بالأمس وجيرانهم في المدينة؟ فهل رأونا ننام على ضيم ونصبر على مكروه؟ أغاب عنهم يوم الأحزاب، يوم ناصَبونا العداء، فنكثوا العهد، وأعانوا علينا الأعداء، كيف بدَّدنا شملهم، وفَّرقنا كلمتهم، وأذقناهم العذاب الأليم بما كانوا يصنعون، وذلك في أول فرصة ممكنة، فلم تستقر راية الحرب بعد تفرُّق الأعداء وتشتُّت الأحزاب، إلا في حصونهم[1].

    أيها المسلمون، إنكم لن تستطيعوا أن تحفظوا دينكم ما دام اليهود بينكم، فكونوا في جميع الأقطار صفًّا واحدًا، ونفسًا واحدة، لصد هذا الخطر المداهم، وإيقاف هذا السيل الذي إن لم تقم السدود في وجهه، يكن سببًا للوباء والبلاء.

    ويا أيها العرب، إنكم لن تتمكنوا من ضم شملكم، وجمع كلمتكم، ما دام اليهود بين ظهرانيكم، فاختيار فلسطين لهم وطنًا - وهي في قلب البلاد الإسلامية العربية - نية سيئة، يقصدون بها تفريق كلمة المسلمين، وتشتيت شمل العرب، ولم يطردهم الألمان من بلادهم، ويحرم عليهم الأتراك دخول حدودهم، إلا لِما رأوه فيهم من الفساد والخبث والدناءة والتذبذب، وهذه هي صفتهم التي وصفهم الله عز وجل بها؛ حيث قال: ﴿ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [المائدة: 64].

    ولم نَنسَ كيف كانوا يسعون جهدهم لإخماد نور الإسلام في فجر ظهوره، وإبادة المسلمين، وذلك بمحاولتهم قتل الرسول صلى الله عليه وسلم تارة، وتأليب سائر العرب على المسلمين تارة أخرى، وتحزيب الأحزاب ضدهم، ثم خيانة عهودهم ونقضها في أدق الأوقات وأحرجها، وممالأة الأعداء عليهم؛ ليكيدوا لهم، ويستأصلوا شأفتهم.

    وليعلم العالم أجمع أن المسلمين لن يتخلوا عن الأرض التي تضم بقعة من أشرف البقاع في نظرهم، وأقدسها في اعتقادهم، ذلك هو بيت المقدس، قِبلتهم الأولى التي اتجهوا إليها قبل أن يتجهوا إلى الكعبة، ووَلَّوْا وجوههم شطرها قبل أن يُوَلُّوها شطر القبلة، وهو بيت إبراهيم جد المؤمنين، وأول مَن سماهم المسلمين، منه عُرِج بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ورُفِع عيسى عليه السلام إلى السماء، فلن يترك ذلك لليهود يسيطرون عليه، ويحتلون جواره بأمان وسلام، وقد جرَّب ذلك قبلهم مَن هم أشد بأسًا، وأعظم قوة، فرجعوا خاسئين خاسرين، وجدير بمن يظهر لليهود العطف والتودد والخير من الدول، أن تَمنحهم مسكنًا من بلادها الواسعة أو ممتلكاتها الشاسعة، وإلا فنحن لا نشقى ونموت ليسعد غيرنا ويَحيا، ثم إن السلم والأمن لا يكونان إلا إذا كانت الأراضي المقدسة بيد المسلمين، وقد اعترف بذلك العاقلون المنصفون من جميع الأمم، والمقسطون من أكثر الدول، وأقره الواقع والتاريخ، فإن دماء ضحايا الحروب الصليبية التي لم يجف منها الثرى بعدُ، تشهد بذلك وتعترف، فلا يَغُرَّنَّ اليهود ضَعفنا اليوم، فإن مع اليوم غدًا، والله في عوننا ما دمنا على الحق، وهو خصم أعدائنا ما داموا على الباطل والضلال.

    [1] عاد الرسول من حرب الخندق (الأحزاب) إلى المدينة ظهرًا، فأمر بلالاً أن يؤذن: من كان سميعًا مطيعًا، فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة، وكانت الراية مع علي لم تَسطُ بعدُ.

    موقع الألوكة


    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 31-01-2018, 07:11 PM.


  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم

    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة بذور الزهور مشاهدة المشاركة
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم
      وجزاكم وبارك فيكم على مروركم الطيب

      تعليق


      • #4
        للنفع

        تعليق


        • #5
          للنفع
          جعل الله كل ما قدمتيه فى ميزان حسناتك يارب
          أسأل الله أن يرحمك ويغفر لك ويعفو عنك ويسكنك جنة الفردوس الأعلى من غير حساب ولا سابقة عذاب يارب وجميع موتى المسلمين
          سبحان الله ....الحمدلله ....الله أكبر ....لا اله الا الله
          غــرفة العنــاية الإيمــانية المركـزة ’’ بادرى بالـدخــول ’’



          تعليق

          يعمل...
          X