إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أسس بناء الأمة الإسلامية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أسس بناء الأمة الإسلامية




    أسس بناء الأمة الإسلامية

    د/راغب السرجاني
    موقع قصة الإسلام


    هناك أسس ثلاثة لبناء الأمة الإسلامية وضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم،
    وحرص على تقويتها في فترة مكّة المكرَّمة، فما هي؟



    الأساس الأول: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ

    هذه الكلمات تمثل الأساس الأول، الإيمان الصادق الكامل برب العالمين، الإيمان به وتعظيمه، واليقين الكامل في قدرته وحكمته وأحقيته بالطاعة
    والخضوع، فهذه الكلمة (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)، عاش لها الرسول فترة طويلة من الزمان من أول البعثة
    وإلى أن مات ، يزرع في الناس هذه الكلمة
    الموجزة جدًّا التي توضح للناس معنى عبادتهم لرب العالمين (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ).


    كان يمشي وسط المشركين في مكّة المكرّمة يقول لهم: "قُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تفلحوا، قولوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَمْلِكُوا بِهَا الْعَرَبَ وَالْعَجَمَ"[1]،
    وتفلحوا في الدنيا والآخرة؛ فنجاة البشر بصفة عامة في الدنيا بقول لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، ونجاة البشر يوم القيامة بقول لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ.
    ومن الواضح أنه ليس المقصود قولها باللسان فحسب، فكلنا نقول لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، لكن كم منا يطبّق لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ في حياته.



    إن العرب لم يكونوا ينكرون أن الله هو خالق السموات والأرض وخالق البشر {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ
    خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}
    [الزُّخرف:9]، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [الزُّخرف:87].



    فهذا الأمر معترف به من الجميع، لكن المشكلة الرئيسية تكمن في أنهم حكّموا غير الله في حياتهم، وعبدوا الله ظاهرًا وطبّقوا شرع
    غيره في حياتهم، وفي كل جزئية من جزئيات حياتهم خالفوا شرع الله؛ ولذلك كانوا من الكافرين، وخسروا الخسران المبين،
    والتقوا مع المسلمين في مواقع شتى -بعد ذلك- من أجل عدم تطبيق كلمة لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ في حياتهم.
    والذين قالوها -وهم الصحابة - ملكوا العرب والعجم،
    كما قال لهم رسول الله
    : "قولوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تفلحوا، قولوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تملكوا العرب والعجم".



    يقول ربنا تبرك وتعالى في كتابه الكريم: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:54].
    فالناس جميعًا يعترفون أن لله الخلق، ولم يدَّعِ بشرٌ قبل ذلك وإلى الآن، بل وإلى قيام الساعة أنه يخلق، الجميع يعلم أن لله الخلق،
    الجميع يعترف أن الخلق هذا قوة خارجة عن قدرة البشر، وأن الله هو الذي يخلق {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف:54].

    فالآية تقتضي أن تطيع الله ، وهذا الكلام ليس سهلاً بل ربما تعارض مع مصلحتك في الظاهر فحسب؛
    لأن الشرع كله لا يتعارض مع المصالح، بل هو يحققها، فاتباع شرع الله يحقق لك المصالح في الدنيا والآخرة، لكن عين الإنسان القاصرة أحيانًا
    لا ترى الخير، ولا ترى الحق، ولا ترى الصواب في أمر من الأمور، تظن أن اختيارها أفضل من اختيار رب العالمين،
    فهذا ضعف في الإيمان، بل يجب عليك أن تؤمن إيمانًا يقينيًّا بقدرة رب العالمين على أنه يختار الاختيار الأفضل، سواءٌ في زمان الرسول أو في
    زماننا أو إلى يوم القيامة، في كل مكان في الأرض فهذه حقائق ثابتة.


    والإنسان إذا كان عنده أي تردد في هذا المعنى فهذا ضعف في الإيمان، ومن ثَمَّ ظلّ رسول الله مدة ثلاث عشرة سنة كاملة
    من مجمل 23 سنة هي مدة الرسالة، ظل 13 سنة منها يزرع هذا المعنى فقط، وعمل الرسول بتركيز كامل على تأكيد معنى لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ.


    فهذا هو الأصل الأول الذي لا تُبنى أمة إسلاميّة إلا به: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ.







    الأساس الثاني: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ

    هذا هو الأساس الثاني وهو في منتهى الأهمية، الإيمان الكامل والجازم أن محمدًا رسولٌ بعثه الله ربُّ العالمين برسالة منه سبحانه
    إلى البشر عامَّة {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].

    يقول : "أَلاَ وَإِنَّ مَا حَرَّمْتُ مِثْلُ الَّذِي حَرَّمَ اللَّهُ"[2] تمامًا بتمام؛ لأنه وحيٌ منه عز وجل.


    القرآن بوحي منه عز وجل، والسُّنَّة المطهرة وحي من عند الله عز وجل أيضًا، فهما الكتاب والسنة، فلو أن الناس لم تفهم أنه الرسول ،
    رسول من عند رب العالمين عز وجل، وظنت أنه رجل حكيم، أو عبقري أو سياسي قدير أو مثل هذه الأمور،
    فيمكن حينها أن تأخذ من كلامه وتردّ حسب ما أرادت، لكن الذي أراد أن يغرسه في العهد المكّيِّ
    هو أن ما يقوله إنما هو وحيٌ أُوحي إليه من الله عز وجل، سواء كان كلام ربِّ العالمين القرآن، أو كان وحيًا وعُبِّر عنه
    بالمعنى (الحديث النبوي، والحديث القدسي).


    فهذا أساس مهم جدًّا في بناء الأمة الإسلاميّة.







    الأساس الثالث: الإيماَنُ باليَومِ الآخرِ

    هذا هو الأساس الثالث، وهو أيضًا في غاية الأهمية، ولن تُبنى الأمة الإسلاميّة إلا بهذا الأساس أيضًا، وهو الإيمان الجازم بأن بعد الموت بعثًا
    يوم القيامة، وهناك حسابٌ من إله عظيم كبير قدير عليم حكيم يثيب المحسن بالجنة ويعاقب المسيء بالنار، هذا ما قاله النبي منذ أول يوم
    وقف على جبل الصفا ينادي الناس جميعًا بالإيمان برب العالمين:


    1- لا إله إلا الله.
    2- محمد رسول الله.
    3- قال: "والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن على ما تعملون، وإنها لجنة أبدًا، أو نار أبدًا"[3].



    واستمرّ ثلاث عشرة سنة في مكّة يغرس هذه الأصول الثلاثة، لا شك أن النبي كان يربِّي أصحابه على أمور أخرى كثيرة حول هذه الأصول
    الثلاثة من تقويةٍ للأواصر بين المسلمين وزرع ٍللأخلاق الحميدة، وتنميةٍ لروح الأخوة والتضحية والتسامي والبذل والعطاء ومثل هذه الأمور.

    لكن لن تتحقق هذه الأمور كلها إلا إذا آمنتَ أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله،
    وأن هناك بعثًا يوم القيامة إيمانًا يقينيًّا جازمًا، هنا نستطيع أن نقول
    : {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ} [الأنعام: 57].
    لن أستطيع أن أفهم تطبيق شرع الله في حياتنا إلا عندما أفهم هذا الأصول الثلاثة.



    ومن ثَمَّ كان في العهد المدني تشريعاتٍ وقوانين كثيرة، لم يستطع أن يطبق هذه القوانين وهذه التشريعات إلا من تربى تربية إسلامية
    صحيحة صادقة صالحة في فترة مكّة، أو تربى بعد ذلك في المدينة المنوّرة، لكن على هذه الأصول الثلاثة المهمة.

    فإذا كان الإيمان ضعيفًا كان الانسياق للقانون الذي أتى من عند رب العالمين -عن طريق رسول الله - ضعيفًا، ومن ثَمَّ سيكون بناء الأمة الإسلاميّة ضعيفًا.



    فلسفة الحكم في الإسلام

    مع أن الدستور الإسلامي هو أحكم قانونٍ عرفته الأرض؛ لأنه من عند رب العالمين عز وجل الذي يعلم
    ما يصلح العباد ويعلم ما ينفع البشر -ومن أجل هذا كان اختياره عز وجل لنا دائمًا هو الأفضل من اختيارنا لأنفسنا؛ لأن المسألة مسألة يقين
    ليس أكثر ولا أقل- إلا أن فلسفة الحكم في الإسلام لا تعتمد فقط على دقة القوانين وإحكامها، لا تعتمد فقط على مهارة الحاكم
    وحسن إدارته، إنما تعتمد أيضًا على الشعور الدائم من المسلم أنه مراقبٌ من قبل الله عز وجل ليس فقط رقابة ظاهرية،
    ولكن رقابة للباطن أيضًا
    {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ} [آل عمران: 29].

    ويصف ربنا نفسه عز وجل في قوله: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19].
    ونتيجة هذه المراقبة سيكون الحساب يوم القيامة، ثم الجنة أو النار، ومن ثَمَّ فإن الأمة التي تؤمن بالله لا تخالف الدستور أو القانون الإلهي،
    حتى في غياب عين الحاكم، حتى في غياب المدير أو الشرطي، لماذا؟ لأنها تعلم أن الله يراقبها، هذه هي فلسفة الحكم في الإسلام،
    فلو أحسن المسلمون فقه هذه الفلسفة، لكانت أمة الإسلام هي أكثر الأمم انضباطًا في تنفيذ قوانينها،
    فلو أضفت إلى ذلك حقيقةَ أن القانون الإسلامي هو أفضل قانون في الأرض بلا منازع، فإن هذا يفرز أفضل أمة بكل المقاييس.




    لأجل هذا يقول الله عز وجل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110].

    خير أمة لأن قانونكم هو خير القوانين، واتباعكم للقوانين هو خير الاتّباع، هذا إذا فهم الناس الحقيقة جيدًا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله،
    وأن هناك بعثًا وحسابًا يوم القيامة، فإذا رأيت أمة الإسلام في أي فترة من فترات الزمن أو في أي مكان ليست هي خير الأمم،

    فاعلم أن هذا قد نتج من مخالفة المسلمين، إما بترك أجزاء من القانون، وإما بسوء التربية الذي يفرّغ القانون من روحه ومعناه،
    فيتحايل عليه المسلم ناسيًا أن الله يراقبه نظرًا لضعف الإيمان، فلو حدث هذا ستجد فسادًا في أمة الإسلام، وستجد الرشوة والتزوير لإرادة الشعوب،
    والتدليس على الناس والكذب والبهتان والفواحش والمنكرات.

    بلا شك انهيار كامل لكل فضيلة وخلق ومعروف، لماذا؟


    لأن القانون قد فُرِّغ من روحه، ولم يَعُدِ الناس يستشعرون أن هذا وحي من الله رب العالمين، وأن الله يراقب الجميع في كل صغيرة وكبيرة.
    وإجمالاً لما سبق، لن تكون للمسلمين أمة ودولة بغير تربية مكّة، تربية الإيمان بالله ، وبرسوله الكريم ، والإيمان باليوم الآخر، تربية الصبر
    والثبات والتضحية والتجرُّد والإخلاص الكامل لله رب العالمين.





    [1] ابن القيم: زاد المعاد 3/ 38. الصالحي الشامي: سبل الهدى والرشاد 2/ 451.
    [2] رواه ابن ماجه (12)، وأحمد (17233). قال الشيخ الألباني: صحيح. انظر حديث رقم (8186) في صحيح الجامع.
    [3] الصالحي الشامي: سبل الهدى والرشاد 2/ 323. صفي الرحمن المباركفوري: الرحيق المختوم ص83




    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36


  • #2
    رد: أسس بناء الأمة الإسلامية

    جزاكم الله خيرا

    ونفع الله بكم

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ


    تعليق


    • #3
      رد: أسس بناء الأمة الإسلامية

      عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا أختنا على طيب نقلكم
      وبارك الله فيكم

      تعليق


      • #4
        رد: أسس بناء الأمة الإسلامية

        اثابكم الله العلي القدير
        ووفقكم لما يحبه ويرضاه
        من العمل الصالح المتقبل


        تعليق


        • #5
          رد: أسس بناء الأمة الإسلامية

          اللهم آمين وإياكم
          وبارك الله فيكم على مروركم الكريم جميعًا


          "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
          وتولني فيمن توليت"

          "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

          تعليق


          • #6
            جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم
            سبحان الله ....الحمدلله ....الله أكبر ....لا اله الا الله
            غــرفة العنــاية الإيمــانية المركـزة ’’ بادرى بالـدخــول ’’



            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة لؤلؤة باسلامى 2 مشاهدة المشاركة
              جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم
              اللهم آمين وإياكم

              "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
              وتولني فيمن توليت"

              "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

              تعليق

              يعمل...
              X